هُزِّي بجذعِكِ منْ ثَنَا عينَيَّا
و اسَّاقطِيْ رطبًا علَى خَدّيَّا
*****
رَجعُ المخَاضِ علَى السَّحابِ وَ دمعهِ
و البدرُ ظَلَّ علَى الرُّبَى منفِيَّا
*****
نبضِي هَواجسُ وَ الحروفُ تَمائمٌ
و الجُوعُ مثلُ الذِّئبِ عضَّ يدَيَّا
*****
و الفقرُ يأكُلنِي ، وَ إنِّي مُوسَرٌ
و الجَهلُ يَسعَى كالرَّصاصِ إليَّا
*****
وحرائرُ الأوطانِ تُوهِنُ مِعصَمِي
ترمِيْ بآهاتِ الثُّكالِ علَيَّا
*****
حتَّى كأَنِّي كالرَّذَاذِ بموجةٍ
أو كالرَّمادِ طَفَى ، و لمْ أكُ حيَّا
*****
بئسَ الرّجالُ كمَا الغُثاءُ بموطنِي
باعُوا الدِّيارَ وَ ضَيَّعُوا سُورِيَّا
*****
سَلبُوا رُفَاةَ الأتقياءِ فَويحَهمْ
لمْ يُبقِ هذا الرَّهطُ بعدُ وَلِيَّا
*****
فالحُزنُ ضَجَّ علَى شِفاهِ سَمائنَا
وَ الدَّمعُ قرَّحَ بالنَّوى جَفنيَّا
*****
و الوردُ لهفِي باتَ يُنكرُ عِطرَهُ
والعُهرُ عَربَدَ فِي البِلادِ عَتِيَّا
*****
و مغَرَّبُونَ ببَيتِنَا يا لؤمَهُمْ
شَاهتْ وجُوهٌ ، ماعرفتُ مُحيَّا
*****
سَمُّوا الإلهَ وقطَّعُوا أرحَامُنَا
لِتُباعَ فِي سُوقِ النُخَاسِ سَبِيَّا
*****
أَرثِي لحَالِي أمْ لحَالِ سَنابِلي
ماعادَ حَرثِي يَشتَهِي كفَّيَّا
*****
أينَ البتُولُ وَ مَا دَهاهُ صَبيَّها
حَتَّامَ نَصَلِبَ بالنِّفاقِ نبيَّا
*****
قَابيلُ قَدْ سَفكَ الدِّماءَ مُعَاودًا
و قميصَ يوسُفَ أرجَعُوهُ نَديَّا
*****
عمرٌ تمزقَّ ضِلعُهُ منْ غَادِرٍ
وَهُنَا يُمَزِّقُ غَدرَهُمْ ضِلعَيَّا
*****
عثمانُ فِي عطشٍ يُوَدِّعُ صَائمًا
نجمٌ تهاوَى منْ علٍ عُلويَّا
*****
أمَّا الفجيعَةُ جلُّهَا فِي حيدَرٍ
كانَ المُؤَمَّلَ في الوغَى مَرجِيّا
*****
فَهمُ الخوارجُ ظلَّ رَهْقُ سُيوفِهِم
بِدمِ الورَى خَيرِ العبادِ مَضِيَّا
*****
وَ اليَومَ عادُوا ألفَ ألفِ خوارجٍ
لِيَظلََّ عزفٌ للنُّواحِ شَجيّا
*****
مالِي أرَى الأحلامَ مثلَ غمامةٍ
فوقِي و تُومضُ ليسَ تُمطرُ شَيَّا
*****
وَ الوجهَ مثلَ الماءِ يفقدُ لونَهُ
و السِّنَّ يَنخَرُ ضِحكُهَا شفَتَيَّا
*****
سَرَقَ النَّوَى أمِّي و غادَرنِي أبِي
وَ الجُوعُ وارَى فِي التُّرابِ بَنِيَّا
*****
حَبِلَ الثَّرَى فَتَولَّدتْ فِتنُ الثَّرى
وُلدَ الجَنينُ مخنَّثًا مَخصِيَّا
*****
طفلُ الرَّصيفِ قصيدةٌ شَرِبَتْ فَمِي
فَفَمِي جمَارٌ لَا صُراخَ لدَيَّا
*****
منْ لِي بدمعٍ لادموعَ بمقلتِي
أبكِ الأحبَّةَ مُصبِحًا وَ دَجِيَّا
*****
حتَّى الغُرابُ غَدا يَعَافُ سَماءَنَا
وَ مضَى يُدمدِمُ كَالرِّياحِ قَصيَّا
*****
ثورِي حروفِي أشْعلِي قَلَمَ الرُّؤَى
مَنْ يَدفُنِ الكَلمَاتِ فِي عينَيَّا
*****
وبحثتُ فِي وادِي الرَّصاصِ لأهتدِي
فوجدتُ نفسِي بالعَمَاءِ شَقِيَّا
*****
وَ لإِنْ قَضَيتُ سَأرتَدِي كفَنَ المُنَى
وأعودُ حيًّا مُخْلَصًا وَ وَفِيَّا
*****
هِيَ سُنَّتِي ألَّا أنَافِقَ منْ بَغَى
وَ أموتَ حُرًّا أو أَعيشَ أبِيَّا
*****
وَ دَرَجْتُ فِي حِجرِ الصَّباحِ عَلى النَّدَى
وَ بَعَثتُ شمسَ اللهِ مِنْ عِطْفَيَّا
*****
وَ نَفَرتُ منْ بينِ النُّجومِ كَنيزَكٍ
وَ الريحُ جُنَّتْ تَشتَهِي جَنحَيَّا
*****
وهِلالُ عُمرِيْ قدْ أتمَّ نَصيفَهُ
بَدرًا تَلالَا وَارِفًا وَ بَهيَّا
*****
هامِي علَى طُهرِ البَراءَةِ سَاجدٌ
بالذِّكرِ أشدُو بُكرةً وَ عشِيَّا
*****
فَلِمَ التلَوُّنُ و التعرِّي وَيحَكُمْ
أَأؤُوبُ فيكُمْ مُحبَطًا مَخزِيَّا ؟
*****
ياليتَ عُمرِي يستعيدُ زِمَامَهُ
لأَثُوبَ فِي رحْمِ الزَّمانِ صَبيَّا
*****
مَنْ للحُروفِ الصَّاخبَاتِ بأضلُعِي
كَمْ كانَ حِبرِي للقَريضِ وفيَّا
*****
لكنَّ جُرحًا بِالشَّآمِ أَمَضَّنِي
هَا قدْ هرمْتُ ، فَهلْ أَحورُ فتِيَّا
*****
يَا شَامُ قُومِي : إنَّ جُرحَكِ داملٌ
وَ الفجرُ آتٍ بالضِّياءِ سَنِيَّا
*****
سَتعودُ يا شَامَ العُروبةِ للدُّنَا
عَلمًا يُشعشِعُ فِي الوَرَى وَ ثُرَيَّا
________________________
محمد سعيد العتيق