• Visit Dar-us-Salam.com for all your Islamic shopping needs!
أضف تعليقك

أولويات الأسرة المسلمة وهمومها في عصر العولمة
هل نرى تحالفا وطنيا لحماية الأسرة؟
د. صالح نصيرات

تدور حوارات مهمة ونقاشات كثيرة حول هموم الأسرة المسلمة في عصر العولمة. وقد تكون النقاشات حول قضايا جزئية تتعلق بالسلوك اليومي لأفراد الأسرة أو الأدوار المختلفة لهم على المستوى الخاص بها. وقد تتطور النقاشات لتصبح ذات أبعاد كلية، فتهتم بما يدور في عالم اليوم وقنوات الاتصال ووسائله، بالإضافة إلى محاولة فهم ماذا يُراد بمفهوم الأسرة نفسه، والمحاولات المحمومة من قبل دعاة إلغاء المفهوم التقليدي والمتعارف عليه بين عقلاء البشر وذوي الفطر السليمة وأولئك الباحثين عن سبل هدم هذا المكون الفريد والذي يشكل عمود المجتمع وأساس تشكله وتكوينه.
و لأن كثيرين لايعرفون الفلسفة التي تحكم المنادين بالقضاء على المفهوم التقليدي للأسرة، ولا الرؤية التي يعملون على تنفيذها، ومجالات العمل والنهايات المتوقعة، تصبح تلك النقاشات محدودة النفع، وقليلة الفائدة. وقد ينتج عنها خلافات بل مشكلات أكبر للأسباب التي ذكرناها.
ومن هنا تقع المسؤولية على عاتق المربين وعلماء الدين المستنيرين وعلماء الاجتماع والتربية والفكر الاجتماعي لتبصير الناس بما يجري، وما يحاك في الظلام والعلن من خطط ومؤامرات على هذا البنيان الأهم في حياة الناس.
والمسؤولية تعني أن يقدم الخبراء و المختصون قراءات موضوعية وذات مصداقية ومدعمة بالأدلة والبراهين والأمثلة الواقعية التي تمس حياة الناس، والابتعاد عن المغالاة وتثوير العواطف والغرائز، وعدم تقديم معلومات مغلوطة، قد تصل أحيانا إلى الاتهام دون دليل.
ومن أهم مصادر المعلومات حول هذه القضايا التقارير الدورية للجمعيات النسوية المحلية والغربية، وتقارير المنظمات والمؤسسات الممولة لمشروعات تهدد الأمن الاجتماعي وتغري قليلي العلم و المعرفة وممن لايدركون مرامي وأهداف تلك المنظمات بالترويج لها ودعمها.
في الندوة الي عقدت يوم أمس 18/6/2022 بترتيب من المبادرة الاردنية للنهوض بالتعليم ومنتدى تدريب وتمكين الاسرة والطفل، قدمت عالمة الاجتماع الدكتورة بيان فخري قراءة مهمة وواعية وعلمية موثقة بالجهود التي تبذلها منظمات محلية ودولية لتغيير المفاهيم والعلاقات داخل الأسرة. كما قدم فضيلة الدكتور صلاح الشويات مدير معهد القضاء الشرعي محاضرته القيمة بالإشارة إلى دور دائرة قاضي القضاة الإيجابي في الوقوف في وجه الحملة الشرسة على قانون الأحوال الشخصية والعنت التي يلاقونه في الرد على من يريد بالأسرة الأردنية سوءا. كما قدمت الأستاذة سونيا الرمحي شواهد وأدلة من مناهج اللغة العربية والتربية الوطنية والرياضيات وغيرها على محاولات تسريب أفكار ومفاهيم تهدد الاسرة وكيانها. كما أن الحوار الذي أعقب الندوة كان مثمرا ونافعا خاصة من الخبيرات والخبراء الذين أسعدونا بالحضور.
إننا نقدر عاليا دور هؤلاء الخبراء والعلماء وجهدهم المبارك في بيان ما ستؤول إليه الاسرة الأردنية إذا تم لتلك المنظمات والمؤسسات تحقيق أهدافها. ويجب ألا يقتصر الدور على هذه النخبة المباركة من أبناء الوطن وبناته، بل لابد أن يكون لكل أردني مخلص لوطنه وقيمه الأصيلة دورا في هذه المعركة الشرسة. وذلك من خلال التثقيف الفردي و الأسري، والتواصل مع أعضاء مجلس الأمة من نواب وأعيان وتوعيتهم بالمخاطر التي ستحصل إن هم وقفوا وقفة المتفرج وقبلوا أن يشرعوا القوانين التي يريدها أولئك.
إنني أدعو إلى إنشاء التحالف الوطني للدفاع عن الأسرة من المؤسسات الشعبية والقوى الوطنية للوقوف في وجه الهجمة غير المبررة على بنيان الأسرة ووظيفتها الحيوية في مجتمعنا الأردني.

أضف تعليقك

العلاقة مع العدو : تأويلات فاسدة وتباكٍ مفضوح
د. صالح نصيرات

من آن لآخر نفاجىء بفضيحة من العيار الثقيل تظهر لنا كثيرا مما قد خفى علينا، بل لنقل لُبِّس علينا من قبل بعض حملة العلم الشرعي. فما رأيناه عبر وسائل الإعلام من ظهور لعلماء يجلسون جِلسة التلميذ أمام صهيوني معروف بولائه لدولة الاغتصاب، في بلد تتسارع خطوات التطبيع فيه مع العدو بشكل لافت أمر لا يقبله مسلم منتم لدينه وأمته. وما يثير الاهتمام أن كثيرا من هؤلاء الذين يقبلون الجلوس بين أيدي الصهاينة لا يعرفون الكثير عن الاشخاص الذين يقابلونهم أو يظهرون لهم الود والاحترام. حيث إن الذي يجب أن يستفتى في العلاقة مع العدو ومؤيديه هم أصحاب الشأن من أهل فلسطين والمسلمين الذين يعيشون في بلاد الغرب وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية.
إن سوء الاستدلال قد ينتج عن سوء نية أو قلة علم بالآخر. ولهذا يقع كثيرون في مطب التطبيع مع الأعداء في ظروف تظهر لنا مدى العداء الذي يكنه أولئك الصهاينة لعقيدة التوحيد أولا، ولمقدساتنا وشعب فلسطين ثانيا. فالذين جلسوا أمام ذلك الصهيوني يعرفون تماما أن الهدف هو تمرير فكرة الدين الإبراهيمي من خلال فتح المساجد أمامهم وبناء المعابد الشركية بقصد تمييع عقيدة التوحيد. ويعرفون أن المنظمة التي يعملون من خلالها قد أسست ابتداء لهدف واحد هو إقناع المسلمين أن العلاقة مع الآخر حتى مع العدو المغتصب للأرض قاتل النساء والأطفال والشيوخ، مستبيح للأرض والعرض مطلوبة ومفيدة وضرورة لاغنى عنها. ويلبّسون على الناس من خلال ما يدعونه من فوائد “عظيمة” لنقل الصورة الحقيقية للإسلام كدين يتسامح مع أهل الكتاب، وأن هذا مما درج عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من مثل استقبال نصارى نجران في المسجد بالمدينة المنورة دون اعتبار للظروف التي أحاطت بتلك الحادثة التاريخية. أو من خلال ميثاق المدينة والعهدة العمرية.
وللأسف الشديد أنهم يتحدثون عن التسامح مع العدو في وقت يسجن فيه علماء الأمة ومفكروها ودعاتها لا لسبب إلا أنهم يقولون ربنا الله. فكيف لهم أن يتناسوا هذه الحقائق الساطعة وهم يعلمون ويعلّمون الناس أنه من خذل مسلما خذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة؟ كيف لهم أن يستمرءوا ما يأخذونه من مال وجاه في مقابل التطبيع على حساب خذلان أهل فلسطين ودماء الشهداء والعذاب اليومي الذي يمارسه العدو ضد أهلنا هناك؟ كيف يستبيحون لأنفسهم بنعت من خالفهم وبيّن لهم وجه الحق قي هذه المسألة بصغار النفوس، وأنهم يلوكون التهم ويلمزون أهل العلم؟ كيف يزعمون حرصهم على المرابطين الذين يقدمون كل يوم شهداء وأبطال يقادون بالعشرات إلى سجون العدو و هم يرى التطبيع يسير بخطى حثيثة بتغطية وموافقة صريحة من بعض علماء الدين؟
إننا أمام حالة عجيبة من التمادي في الباطل وتبريرات لا تنطلي إلا على السذّج واصحاب المصالح الباحثين عن الشهرة والمال والامتيازات؟
لم نسمع من هؤلاء وشيوخهم وكفلائهم كلمة حق في الهنادكة الذين يسرحون ويمرحون بحرية في بلاد المسلمين ولايبالون بقتل المسلمين في الهند ويسيئون لرسول الله وزوجاته امهاتنا الطاهرات.
كفى عبثا بهذا الدين وتشريعاته وقيم الشجاعة والنبل .

أضف تعليقك

بين السلطة والسياسة
د. صالح نصيرات
هناك فرق بين السلطة والحكم من جهة و السياسة من جهة. فالسلطة هي التمكن من الوصول إلى رئاسة الدولة عبر وسيلة من الوسائل: صندوق الانتخابات أو الانقلاب العسكري، أو التوافقات الطائفية والقبلية وأخيرا الوراثة. ففي حالة الوصول إلى السلطة عبر انتخابات نزيهة، فهذا يعني أن من يصل إلى السلطة سيكون محل ثقة أغلبية أبناء شعبه، وهو يدرك أنه لن يكون قادرا على البقاء إلا بالثقة التي يمنحها له شعبه أو جزء معقول منه. أما في الحالات الأخرى، فغالبها تأتي عن طريق ليس للشعب دور يذكر في وصول من شاء إلى السلطة و الحكم. ولذلك نجد أن الفريق الثاني من الحكام يشقون طريقهم إلى الحكم بالتغلب وليس بالشورى أوالانتخاب المباشر. ويتصف عامة هؤلاء بشعورهم بأنهم “الأحق” بإدارة البلاد والتحكم في مفاصلها، وسلطاتها الثلاث. كما أن لديهم شعور بأنهم الأفقه و الأعلم والأدرى بمصالح الناس، بل قد يتحول يتأله مثل هؤلاء فيكون لسان حالهم ” ما أريكم إلا ما أرى” . أما الفريق الأول فهم يعرفون أنهم محكومون بدستور وعقد اجتماعي مع أبناء شعبهم. فهم موظفون عموميون، يخدمون مجتمعهم بحب ووفاء وإخلاص، وولكل مواطن الحق في أن يحلم ويطمح ويأمل في الوصول إلى القمة دون شعور بالخوف أو العجز أو فقدان الأمل. ويمكن أن ياتي الحاكم من أي طبقة أو لون أو دين أو عرق. ولذلك كثيرا ما يتساءل الناس كيف أن رجلا من أصول تركية يحكم بريطانيا، أو آخر من أصول كينية يحكم أقوى دولة في العالم، أو من فلسطين يحكم تشيلي أو السلفادور أوسوري يحكم الأرجنتين.
ولأن غالبية بلاد العرب من الصنف الثاني، فلاغرابة أن يقوم هؤلاء بتصحير الحياة السياسية، والاستمتاع بكل الامتيازات، ويتحول كثيرون منهم إلى تجار أو “فارضي أتاوات”على الناس. ولأنهم لايستطيعون الحكم بغير طبقة من المنافقين والمنتفعين من حولهم، فإنهم يبحثون عن كل من يباع ويشترى في سوق نخاستهم. فالمجتمع في حالة كهذه يتحول إلى طبقة من الحاكم وزبانيته، وشعب مقهور لادور له سوى البحث عن لقمة العيش باي وسيلة كانت من أجل البقاء على قيد الحياة. فتنتشر الرشوة والفساد والمحاصصات والكوتات الطائفية أو القبلية أو العرقية لمجموعات تُوظَّف لتبرير كل نقيصة، وللتطبيل لكل أمر أو نهي. وكثيرا ما يُقّدم النكرات أو من على شاكلتهم، ليكونوا “على قد اليد” يُحركون كبيادق على رقعة الشطرنج.
وهذا الوضع يضمر دوما الغضب والحنق والحسد. فيتحول المجتمع إلى اشتات متفرقة تعيش في جو مسموم وبيئة لاتعترف بكفاءة أو خبرة. فتحتكر الفئة التي تعيش على هامش الحاكم تنتظر الأعطيات و الهبات والإكراميات.
ولأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، فلا هامش للمناورة، ولا فرصة للتغييرإلى الأفضل. وقد يحصل تغيير بالتمرد أو ظهور طامح أو مغامر قد ينجح إذا تمكن من تأمين دعم خارجي له. وهذا يعيد الكرّة، ولا يتقدم المجتمع. وفي مجتمعات التخلف لاتنشأ حياة سياسية سليمة، ولا أمل بتغيير سلمي. ولأن المستبد يملك كل الوسائل التي تحول الشعوب إلى قطعان سائمة في مزرعته أو اقنان في إقطاعيته، فإن الإبداع أو الطموح أو التفكير بخدمة الوطن. فترى اللامبالاة وغياب روح المسؤولية، والتجرد من كثير من القيم.بين السلطة والسياسة د. صالح نصيرات
هناك فرق بين السلطة والحكم من جهة و السياسة من جهة. فالسلطة هي التمكن من الوصول إلى رئاسة الدولة عبر وسيلة من الوسائل: صندوق الانتخابات أو الانقلاب العسكري، أو التوافقات الطائفية والقبلية وأخيرا الوراثة. ففي حالة الوصول إلى السلطة عبر انتخابات نزيهة، فهذا يعني أن من يصل إلى السلطة سيكون محل ثقة أغلبية أبناء شعبه، وهو يدرك أنه لن يكون قادرا على البقاء إلا بالثقة التي يمنحها له شعبه أو جزء معقول منه. أما في الحالات الأخرى، فغالبها تأتي عن طريق ليس للشعب دور يذكر في وصول من شاء إلى السلطة و الحكم. ولذلك نجد أن الفريق الثاني من الحكام يشقون طريقهم إلى الحكم بالتغلب وليس بالشورى أوالانتخاب المباشر. ويتصف عامة هؤلاء بشعورهم بأنهم “الأحق” بإدارة البلاد والتحكم في مفاصلها، وسلطاتها الثلاث. كما أن لديهم شعور بأنهم الأفقه و الأعلم والأدرى بمصالح الناس، بل قد يتحول يتأله مثل هؤلاء فيكون لسان حالهم ” ما أريكم إلا ما أرى” . أما الفريق الأول فهم يعرفون أنهم محكومون بدستور وعقد اجتماعي مع أبناء شعبهم. فهم موظفون عموميون، يخدمون مجتمعهم بحب ووفاء وإخلاص، وولكل مواطن الحق في أن يحلم ويطمح ويأمل في الوصول إلى القمة دون شعور بالخوف أو العجز أو فقدان الأمل. ويمكن أن ياتي الحاكم من أي طبقة أو لون أو دين أو عرق. ولذلك كثيرا ما يتساءل الناس كيف أن رجلا من أصول تركية يحكم بريطانيا، أو آخر من أصول كينية يحكم أقوى دولة في العالم، أو من فلسطين يحكم تشيلي أو السلفادور أوسوري يحكم الأرجنتين.
ولأن غالبية بلاد العرب من الصنف الثاني، فلاغرابة أن يقوم هؤلاء بتصحير الحياة السياسية، والاستمتاع بكل الامتيازات، ويتحول كثيرون منهم إلى تجار أو “فارضي أتاوات”على الناس. ولأنهم لايستطيعون الحكم بغير طبقة من المنافقين والمنتفعين من حولهم، فإنهم يبحثون عن كل من يباع ويشترى في سوق نخاستهم. فالمجتمع في حالة كهذه يتحول إلى طبقة من الحاكم وزبانيته، وشعب مقهور لادور له سوى البحث عن لقمة العيش باي وسيلة كانت من أجل البقاء على قيد الحياة. فتنتشر الرشوة والفساد والمحاصصات والكوتات الطائفية أو القبلية أو العرقية لمجموعات تُوظَّف لتبرير كل نقيصة، وللتطبيل لكل أمر أو نهي. وكثيرا ما يُقّدم النكرات أو من على شاكلتهم، ليكونوا “على قد اليد” يُحركون كبيادق على رقعة الشطرنج.
وهذا الوضع يضمر دوما الغضب والحنق والحسد. فيتحول المجتمع إلى اشتات متفرقة تعيش في جو مسموم وبيئة لاتعترف بكفاءة أو خبرة. فتحتكر الفئة التي تعيش على هامش الحاكم تنتظر الأعطيات و الهبات والإكراميات.
ولأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، فلا هامش للمناورة، ولا فرصة للتغييرإلى الأفضل. وقد يحصل تغيير بالتمرد أو ظهور طامح أو مغامر قد ينجح إذا تمكن من تأمين دعم خارجي له. وهذا يعيد الكرّة، ولا يتقدم المجتمع. وفي مجتمعات التخلف لاتنشأ حياة سياسية سليمة، ولا أمل بتغيير سلمي. ولأن المستبد يملك كل الوسائل التي تحول الشعوب إلى قطعان سائمة في مزرعته أو اقنان في إقطاعيته، فإن الإبداع أو الطموح أو التفكير بخدمة الوطن. فترى اللامبالاة وغياب روح المسؤولية، والتجرد من كثير من القيم.

أضف تعليقك

الحضارات تبنيها المبادىء وتهدمها الشهوات
د. صالح نصيرات
الحضارات تبدا عادة وتنطلق من رحم فلسفة معينة في الحياة. وقد تكون تلك المبادىء سامية وإنسانية، ولكن الحضارات تتحول إلى إمبراطوريات لا تلبث أن تنسى مبادءها، فتسقط في الاختبار. فمن قوة تحرر للإنسان تحول إلى قوة غاشمة مسيطرة تريد فرض ما تؤمن به دون اعتبار للآخر فضلا عن الحاجة الماسة إلى الموارد مما يحولها إلى قوة احتلال واستيطان. وهذه الظاهرة يمكن ملاحظتها في عامة الحضارات: الرومانية والأوروبية اليوم. والخضارة الإسلامية استثناء من هذه الحال، لأن انحسارها كانت له أسباب أخرى.
فالحضارة الرومانية قامت على أسس من الحرية الفردية والتنظيم الإداري و القانوني، و تركت بصمات مهمة في مجال الهندسة والعمارة. ولكن الصراعات الداخلية والانحلال والانغماس في متع الحياة على حساب الآخر، أدت إلى انهيارها رغم أنها عمرّت طويلا خاصة عندما انتقل مركز القيادة من روما إلى القسطنطينية.
بدأت الحضارة الإسلامية مع البعثة النبوية التي قامت على أسس من العدل والرحمة و التوحيد، وارتقت فيها الممارسات الإنسانية، وإن لم تخل من أخطاء في مسيرتها. ولكن عندما انغمست الأمة في الشهوات الكثيرة المادية والمعنوية، وهنت شوكتها واصبحت مطمعا لقوى خارجية من الصليبيين والتتار ثم الاستعمار الحديث. هذه مع عوامل التحلل الداخلي والصراعات السياسية والمذهبية لم تستطع مقاومة الغزو الخارجي، ودارت عليها سنة الله سبحانه وتعالى. وعندما تفقد الأمة القدرة على الاستجابة المناسبة للتحديات، فإنها تصبح لقمة سائغة للقوى الناهضة، فحق عليها السقوط والتراجع.
والحضارة الغربية الحديثة، قامت على التنوير والحداثة ورفعت شعارات الحرية والإخاء والمساواة، أملا في التحرر والتخلص من عقابيل الشرور التي تركها الحلف القوي بين رجال الدين والأباطرة والإقطاع. وقد اغترت أوروبا بقوتها بعد سلسلة الاكتشافات العلمية التي أدت إلى ثورة صناعية مرت بمراحل متعددة، وصلت اليوم إلى الذروة في الصناعة والتنظيم، والقدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمادية تحديدا، والتي جاءت بها الحربان العالميتان الأولى والثانية. ولعل آثار الحربين العالميتين كانت كبيرة على الروح الأوروبية، إلى درجة فقدان الثقة بالذات، وانتشار اليأس والإحباط كما صوّره أدباء ومفكرون غربيون كثر. ولكن رغم ذلك استطاعت الحضارة الغربية أن تطور من نفسها وتستجيب للتحديات، فيسطرت على عقول وقلوب الكثيرين من بني الإنسان. إذ اصبحت مرادا وغاية للكثيرمن قادة العالم، فتأثروا بها، وحاولوا تقليدها خاصة في عالمنا العربي و الإسلامي هذه الحضارة التي لا يتجاوز عمرها القرون الأربعة، سائرة نحو السقوط. فقد تحولت المبادىء التي قامت عليها إلى مسوغات للسيطرة على البشر من خلال فرض ماتؤمن به من قيم ومبادىء تحلل للناس ما حرم الله، وتضع الدين في آخر اهتماماتها. ولتنفيذ مخططها في السيطرة على العالم، اسست منظمات ومؤسسات عابرة للعالم وقادرة على فرض ماتريد، فالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية الأخرى، اصبحت وسائل للسيطرة المادية والفكرية على الآخر الضعيف في الجنوب والشرق، كما غرتها القوة المادية الهائلة والمتمثلة في الالقنبال النووية والاسلحة المدمرة التي لاتراعي حرمة البشر دون وازع من خلق أو مبدأ. ففي ظله هذا الغرور هذا الغرور نشأ الرجل الأبيض على مبادئ عنصرية تجعل الآخر بمثابة العبد يعمل من أجل خدمة الإنسان الغربي. فتحول كل من تاثر بها إلى إنسان بهيمي التطلعات، لايعبأ بمبدأ ولا قانون سنّه هو نفسه. حتى قال الرئيس نيكسون عام 68 خلال كلمته التي ألقاها على درجات الكابيتول يوم تنصيبه ” نحن أغيناء في المادة، فقراء في الروح” ولذلك تحول الهم اليومي وحتى المستقبلي للفرد و للساسة الغربيين هو توفير حياة رخية ملؤها الشهوات. فظهر الشذوذ والانحرافات الأخلاقيات، وعاد قوم لوط يمارسون عاداتهم القبيحة وفعلتهم الشنيعة على قوارع الطرق دون رقيب أو حسيب، بل أصبح من يعارض ذلك “عنصريا”. وظهرت على وجهها بثور التخلف القيمي المناقض لما جاءت به من مبادىء. وما تعانيه اليوم من صدود من قبل قوى فكرية وثقافية وسياسية متحررة من قيود السياسة، جعل الغرب في عمومه محط كراهية الشعوب المستضعفة التي تتمنى زواله، وتنشد التخلص من الاستسلام له ولقوته. ولهذا نرى صعود دول كالصين، ومحاولات روسيا اليوم الوقوف في وجه أوروبا العجوز عبر الآلة العسكرية. فظهرت أوروبا وامريكا عاجزتين عن الوقوف إلى جانب أوكرانيا عسكريا، لوقف الاحتلال الحتمي لها من قبل الدب الروسي. وهذا كشف عن عوار حقيقي فيها. فردة الفعل الغربية والمتمثلة في الحصار الاقتصادي والمقاطعة والتسليح الخجل للأوكرانيين يعني أن الغرب غير مستعد لخوض حرب من أجل الآخر، حتى لو كانت قيمه الأخلاقية على المحك. فالغرب اليوم لايريد السقوط في حرب عالمية ثالثة حقيقية، تدمر ما بناه من عمران وتقدم مادي وتعيده إلى العصر الحجري في لمح البصر.
إن شهوة التسلط والسيطرة والانحلال القيمي والأخلاقي المشهود لن يكون بمنأى عن حتمية السنة الإلهية في القضاء على كل من استكبر وتجبر ونصّب نفسه إلها على البشر ” فقال أنا ربكم الأعلى، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى”. فهذه حالة فرعونية تظهر بلا مواربة. وسنة الله قائمة ولا تتبدل “ولن تجد لسنة الله تبديلا”، وهي إهلاك الذين يعلنون الفسق، ويأمرون الناس به، بل يقننون لحمايته من الآمرين بالمعروف الذين أصبحوا قلة لا تبالي بخوف أو إغراء. وسيأتي يوم يرددون ماقاله أسلافهم “أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون”، ” ورغم حالة الإنكار لدى الساسة على وجه التحديد، إلا أن كثيرا المفكرين والمثقفين الغربيين يعرفون أن السقوط قادم و أن الدمار قد لاح في الأفق. وبهذا سيكون عمر الحضارة الغربية الأقصر بين حضارات العالم.

أضف تعليقك

في يوم المرأة العالمي
المرأة واقعيا لا نظريا
د. صالح نصيرات
بداية لابد من التوجه بالتحية لكل امرأة تقدّر دورها ومكانتها، وتحترم قيم دينها، وتجاهد من أجل حقوقها المقررة في كتاب الله وسنة رسوله والتي تجعلها درة المجتمع، ولا تنساق خلف منظمات مشبوهة تقبض من تلك المنظمات ثمن ما تروجه من أخلاقيات وحقوق مزعومة تناقض شرع الله سبحانه وتعالى وقيم الدين الثابتة.
يعجب كثيرون لغياب المنطق والحق في تعامل المنظمات الغربية والإعلام وحتى الساسة مع المرأة المسلمة، وتصبح هذه قضية القضايا لديهم، ظنا منهم أنهم أوصياء عليها. وقد يعتب علينا بعض القرّاء الذين يتهموننا بأننا من خلال المقارنات نظهر وكأننا نبرر ما يجري في بلادنا من ظلم وتجن على المرأة في مجالات مهمة. ولكن القضية ليست كذلك. فالفلسفة الغربية في رؤيتها للمرأة تختلف عنا اختلافا بيّنا. فالمرأة الغربية نالت حقوقا بعد صراع طويل مع الرجل، وحتى بعد هذا الصراع الذي امتد على مدى قرون، لم تصل المرأة إلى ما تريد، بل الواقع يقول إن المرأة الغربية تحتاج إلى زمن طويل حتى تصل إلى ما تريد تحقيقه من أهداف. ومن الأمور التي يجب أن نتذكرها أن المرأة الغربية بدأت تحررها من خلال “استخدامها” كأيد عاملة رخيصة في المصانع بعد الثورة الصناعية. فلم يكن الأمر اعتقادا “مفاجئا” نزل على المجتمع الغربي بأحقية المرأة للعمل، بل لأنها ايد عاملة توفر الكثير للرأسمالي الغربي. وعندما ندقق في حال المرأة في الغرب، ونقرأ الإحصائيات التي تنشرها الدول الغربية عن حالة المرأة وطرق التعامل معها نجد أن هناك الكثير مما يمكن أن يتعلمه هؤلاء من نبي الرحمة محمد بن عبدالله وتعامله مع المرأة.
في التقرير الصادر عن دراسة أجرتها مؤسسة مكنزي وشريكه عام وامتدت على مدى أعوام من 2015- إلى 2021 عن حال المرأة العاملة في أمريكا -أم الحرية الفردية- نجد أن التمييز بين الرجل والمرأة في مكان العمل واضح جدا، خصوصا في تسلم المناصب الإدارية العليا أو الأمن الوظيفي أو سلم الرواتب أوالأمن النفسي والتأمين الصحي وغيرها. ويزداد التمييز أيضا بين المرأة الأمريكية “البيضاء” أي الأوروبية الأصل والمرأة من اصول أفريقية أو آسيوية أو لاتينية أو عربية. أما التحرش الجنسي، فإن بعض الولايات مثلا ليس لديها قانون ضد التحرش، والبعض الآخر لديها قانون يمنع التحرش، ويعاقب عليه. والحلات التي تذكر أقل من الواقع، لأن كثيرا من النساء يخشين على أنفسهن من الطرد من العمل وهو مصدر الرزق الوحيد و العيش لهن.
واقع المرأة المسلمة اليوم
وحتى نكون واقعيين، فإن السنة النبوية المقررة في سيرة الرسول الكريم في تعامله مع المرأة ليست ما نراه ونلمسه اليوم في تعامل الرجل العربي و المسلم مع المرأة، لذلك فإن الحديث عن تكريم المرأة في الإسلام لايعدو أن يكون كلاما نظريا لاتطبيق له في الواقع. ومن هنا فإن كل من يتحدث عن مكانة المرأة في الإسلام عليه أن يكون قدوة في احترام المرأة وتقدير دورها في المجتمع وقدرتها على العمل دون عوائق قانونية أو اجتماعية، ضمن القواعد الإسلامية المقررة شرعا، وليس من خلال بعض التقاليد التي لا تثبت على حال إزاء الواقع الاقتصادي و الاجتماعي المتغير. حيث لايمكن مقارنة المرأة قبل خمسة عقود وواقعها اليوم. فهي تقرأ وتسمع وتشاهد ما يجري حولها، ولديها القدرة على اتخذ القرارات المناسبة لها. ولذلك فإن الحديث المعسول و المكرر عن “حقوق” المرأة في الإسلام لن ينطلي عليها مالم يقترن بتطبيق حقيقي في البيت ومكان العمل والشارع.
هل المرأة المسلمة/العربية اليوم أحسن حالا من المرأة الغربية؟ وهل تغيّرت النظرة للمرأة من بحيث تستطيع نيل حقوقها كما أقرّها لها الشرع؟ وهل التفسيرات المختلفة من متشددة إلى معتدلة تؤثر سلبا أم إيجابا على المرأة؟ وهل التشريعات التي تخص المرأة تقدمت باتجاه منحها حقوقا حقيقية أم أن الأمر لايعدو كونه “استسلاما” لأوامر تأتي من المنظمات الدولية وتلك التي تعمل في الداخل كواجهات لتلك المنظمات؟ هل يتعامل الرجال في مجتمعاتنا مع المرأة باحترام وتقدير “صادق”؟ وهل التحرش ومضايقة المرأة موجود بنسب عالية ولكن لايتم الإبلاغ عنه؟ كثيرة هي الاسئلة التي يمكن طرحها في هذا المجال. ولكن ليسأل كل واحد منا نفسه:
هل يتعامل مع المرأة كالأم أوالإبنة والأخت كما يتعامل مع الزوجة والزميلة في العمل أو المرأة في الشارع؟
هل يتم اختيار المرأة للعمل في المناصب العيا لقدراتها ومهاراتها وعلمها أم لتنفيذ أوامر من المؤسسات الدولية والاتفاقيات الأممية؟
هل لدى الرجل العربي/ المسلم قناعة حقيقة بعمل المرأة أو أنه مازال ينظر إليها كأم فقط ولاحق لها لها للعمل إلا إذا كان محتاجا لراتبها لمساعدته على أعباء الحياة أي “مكره أخاك لا بطل”؟
المجتمع بحاجة إلى حوار مخلص وصادق حتى لا تكون المرأة مجرد “قضية” في مزاد الساسة ورجال الدين.

أضف تعليقك

الإسلام: الصداع المزمن د. صالح نصيرات

قد يكون العنوان مقلقا للبعض، ولكن الواقع الدولي قد يفسّر لنا ما نعنيه بهذا العنوان. في الغرب كما في الشرق، في الديمقراطيات العريقة! كما في الدكتاتوريات المستبدة، هناك سؤال كبير
كيف يمكن التعامل مع الإسلام؟ قد يبدو السؤال موشحا بالغرور أوالنشوة أو حتى التدليس. فهل العالم اليوم فعلا يهمه الإسلام، ويسبب له صداعا؟ أم أن الصداع فقط لدى دوائر بعينها وجهات ومؤسسات وحركات يمينة عنصرية على راسها الصهيونية العالمية؟
وما هو الإسلام الذي يسبب لهؤلاء الصداع؟ هل هو إسلام الدروشة في الزوايا، أم إسلام الخلاف الفقهي والعقدي على مسائل أكل عليها الدهر وشرب؟ أم الإسلام الذي الذي تتبناه حركات العنف والقتل كما القاعدة وداعش؟ أم هو الإسلام الحركي أو مايسمونه بالإسلام السياسي؟ هل هو إسلام العامة أم المفكرين والمثقفين والدعاة؟
ايضا قد يختلف معي بعض القرّاء الكرام على هذه التفريعات للإسلام، وقد يرى البعض أن الإسلام نسخة واحدة لا تتعدد. أُبشركم إن كل ما له علاقة بالإسلام مقلق لهم، من الأسرة وبنيتها وتركيبتها، إلى الحضانة التي تربي على قيم الإسلام، إلى المدرسة التي تعلم القرآن والسنّة، إلى الكتاب الذي يبين سماحة الإسلام وعزة المسلم، إلى المحطة التلفزيونية التي تنقل الخبر بصدق وأمانة، إلى المثقف المسلم الذي يرى العالم على حقيقته، وتسمح له قدراته أن يتحدث ببراعة عن دينه وقيمه وحقوقه. إلى منظمة تدافع عن حقوق المسلم والجمعية الخيرية التي تقدم للفقراء ما يقيم حياتهم ويحفظ كرامتهم، إلى الحزب والتنظيم الذي يقدم نفسه مدافعا عن حقوق مواطنية برؤية إسلامية. كل هذا مقلق ومثير للانتباه.
الم تغلق مدارس ومراكز ومساجد وحضانات ومحطات تلفزة في طول العالم وعرضه؟ ألم يسجن رجال إغاثة وتغلق مؤسسات لنشر الخير في بلاد الديمقراطية والديكتاتورية على السواء؟ ألم تمنع طالبة محجبة من مخاطبة برلمانيي بلادها نيابة عن زميلاتها وزملائها؟ ألم يلاحق مفكرون ومثقفون لأنهم يسمعون الآخر رايا وفكرا مغايرا ومختلفا عن “التنوير” الذي اصبح دين الغرب والشرق على السواء؟ ألم يفصل “مشايخ سوء” قوانين ويطلقوا فتاوى ضد أهل القرآن والعلم الشرعي؟
لماذا كل هذا؟
سبب واحد وبسيط جدا يعتبرونه جريمة بحق المسلمين وهو نشر قيم الإسلام والخير، ومعارضة ما يسمونه قيم الجمهورية والديمقراطية والتحرر والحداثة. أما هم فحلال لهم أن يقرروا لنا ويفرضوا علينا سيداو، وأن نعترف ونحترم ونقّر الشذوذ والحمل غير الشرعي و الزنا دون سؤال. حلال لهم أن يضعوا القوانين التي تحمي المحتل الغاصب، وتجرّم المناضل الحر. حلال لهم أن يضعوا الملايين في جيوب عملائهم في منظمات مشبوهة تطبل لهم وتفتح دكاكين الفساد على قوارع الطرق. حلال لهم أن يقفوا مع المستبد والقاتل والمخاتل والبائع لدينه ووطنه ويمدونه باسباب الحياة، وحرام علينا أن نفتح أفواهنا لنقول لهم إنكم عار على الإنسانية، فأنتم لاتحتلمون خلافا ولا تحترمون رايا مغايرا.
وكلمة لأبناء الأمة الذين يعاتبوننا عندما نتحدث عن غزو فكري وثقافي وإفسادي منظم، فيزعمون أننا أمة هشة، قليلة الثقة بنفسها، بينما يتعامون عن حقائق ملىء السمع والبصر. ألم تضق كثير من بلاد الغرب بمدرسة ابتدائية هنا أو مسجد هناك أو ناد رياضي غير مختلط ، أو دكان تبيع اللحم الحلال، يضيقون بنقاب، وحجاب، ولحية وجلباب، بينما الكنائس والكنس والمعابد تقام في بلادنا باسم التسامح وحرية الاعتقاد ، هم يسرحون عراة على شواطئنا واشباه عراة في شوارعنا، دون احترام لديننا أو أخلاقنا وعاداتنا. هم يفرضون مناهج لأبنائنا في المدارس والمعاهد والجامعات، ويضيقون بكتاب يمجد الحق والدين والعزة.
لهذا أنتم ايها المعتزون بدينكم، القابضون على جمره والمنافحون عنه، أنتن ايها الفاضلات المستمسكات بحجابكن، المربيات لابنائكن على الفضيلة والخير، وأنتم ايها المناضلون من أجل حرية البلاد والعباد ضد عنصريات ظالمة. أنتم المسبحون في بيوت الله، الساجدون له وحده.. أنتم الصداع المزمن لقيم الضلال والخراب والفساد فلا تبالوا فما النصر إلا صبر ساعة.

6 فبراير, 2022 مشكلتنا ومشكلتهم

أضف تعليقك

الاهتمام بالكرة = عادي
الاهتمام بالأزياء= ظاهرة طبيعية
الاهتمام بالنزهات والرحلات = طبيعي
الاهتمام بالطعام والحلويات= مطلوب
الاهتمام بقصات الشعر = عصرنة

مشكلتنا
من قرأ كتابا يريد أن يبيض علينا معرفة ، ومن حمل شهادة يلبس ثوب الغرور ، وينكر الفهم عن الآخرين ، ومن سُجن شهرين يريد أن يبيض علينا وطنية إلى يوم القيامة ، في حين أن غيره قدم التضحيات الجسام ولم يتعال ولم يتنطع …. .

الاهتمام بمصير طفل علق على مسافة ٣٢ متر ا في بئر ، هذه تخمة زائدة في الاهتمامات ومبالغ فيها بنظرهم.
مؤلم جدا أن تجد البعض يريد من اهتمام الناس العفوي بحالة الطفل ريان مادة خلافية يظهر بها بطلا .. والله عيب.

حين تكاتفت الأيدي ، وثارت النخوة بجهود صادقة ؛لجمع تبرعات لمستضعفي سوريا ، رأيناهم في صناعة الخلاف يقولون: يا جماعة عندنا فقراء والأجدر أن نتبرع لفقرائنا ، وهم يعرفون أيضا أن في أميركا فقراء ، وفي السعودية فقراء ، وفي الصين فقراء ،، لكن في سوريا يوميا تزهق أرواح الأطفال…الخ

مشكلتهم
أنهم رأوا في أنفسهم الأحقية بصدارة الرأي ، وتبوّؤ الموقف ، لا يريدون ان تمر هبة بدافع النخوة دون ان تكون برأيهم ، ولا يريدون خطوة دون أن تمر بطريقهم
هدانا الله وإياهم

أشرف حشيش

أضف تعليقك

1. الثقافة والمجتمع بين منظورين: إسلامي وتغريبي
2. الثقافة انتاج الأمم عبر تاريخها الطويل وتراكم المعارف والعلوم والفنون وهي تعبيرعن المزاج العام للشعب والأمة. ولذلك لكل أمة ثقافتها الخاصة التي تنضح بفكر الأمة وقيمها وما يميزها عن غيرها. والحديث عن ثقافة مستوردة أو أخرى غازية لايتم إلا في مجتمعات مشوشة الرؤية، منقطعة عن ذاتها وكيانها. وكلما ابتعدت الأمة عن ذاتها، كلما اصبحت سهلة الاحتواء والتوجيه. واليوم نرى الكثير من الانحرافات والتوجهات والمبادرات التي لا ترى في الثقافة إلا من منظور “الاشياء”، بعيدا عن الروح التي تمثل للأمة الرابط الحقيقي لأفرادها ومواطنيها. فالروح هي العقيدة المنتجة للقيم السلوكية، والغايات الحقيقية لدور الإنسان على هذه الأرض ممثلا بتحقيق وعد الله بالاستخلاف والتمكين لتحقيق العدل والخير وحياة ملؤها الرضى و السعادة “فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى”.
3. في الرؤية الإسلامية نجد الأشياء خادمة للغايات وليس العكس. إذ الأشياء متغيرة والغايات ثابتة. والأشياء هي المنتجات المادية للأمة من فنون، واساليب حياة مادية. وهذه تتطور وتتراكم وتتغير أيضا عبر الزمن. وكلما كانت الأشياء مرتبطة بالغايات، كلما استطاعت الأمة المحافظة على كيانها ووجودها. وانفصال الأشياء عن الغايات يعني أننا إزاء أمة مستعبدة لشهواتها وأهوائها.
4. أما الرؤية الغربية المادية فلها منظورها الخاص للثقافة، إذ الثقافة سائلة لا ثبات فيها، لأنها لاتقوم على أساس عقدي توحيدي، بل على الأفكار، والفلسفات، والرؤى التي ينتجها الإنسان، ولذلك فهي في حالة تغير مستمر. وهذه الرؤية الغربية تقوم الأفكار والمبادىء فيها بوظيفة تقتصر على خدمة الأشياء. إذ ترتبط السعادة والحياة الهانئة بتراكم المادة ومتلطبات الجسد. فمقاييس السعادة لا ترتبط بالروح وارتقائها في معارج الكمال، بل بالدخل الفردي، والاقتصاد الناجح ولو كان على حساب تدمير الإنسان، واستغلاله والقضاء على خصوصياته التي خلقها فيه ربنا سبحانه. ولذلك نجد التنظير في علوم الاجتماع والنفس وحتى العلوم الطبيعية لا همّ له إلا إيجاد المبررات للشذوذ والانحراف والخروج على الفطرة، واعتبار الدين و القيم ليس إلا خرافات من الماضي لا علاقة له بعالم مابعد الحداثة. وعندما يتعلق الأمر بالروح والجمال، فإنه يرتبط دوما بالجسد وتمثلاته. لذلك نجد الغرب منذ أمد بعيد يجسّد الحياة من خلال التماثيل، والصور، والحجارة، والعمارة وما يسمى الفن الجسدي من رقص كالباليه والسامبا، وهز البطن، والفالس، والفن البصري عبر الافلام الموغلة في تجسيد الشهوة، وتصوير الجسد العاري كقيمة، والسمعي في الغناء الفاحش والمدمرأيضا. فشوارع عواصمه لا تكاد يخلو منها تمثال لمرأة أو رجل عار، أو غازٍ عنصري قتل الآلاف، وقضى على حضارات الآخر في آسيا وأفريقيا والأمريكتين. وقد أعجبني قول عالم نفس وفيلسوف مصري قدير هو يحيي الرخاوي في مقابلة مهمة مع الصحفي محمود سعد قوله علينا أن نعيد الإنسان من الانحدار إلى أسفل سافلين إلى الحالة التي خلقه عليها ربنا سبحانه “في احسن تقويم”.
5. إن الثقافة بمنظورها الغربي تقدم اليوم خدمة هائلة للمستبدين الذين همهم الوحيد إلهاء الشعوب عن حقيقة الحياة التي يعيشها الإنسان من فقر، وبطالة، وامتهان للكرامة ، و عنصرية بغيضة. ولذلك يمسك المستبدون بتلابيب “المقفين” ويوظفونهم خدما لهم لتحقيق أهدافهم في البقاء على صدور الشعوب وخنق أنفاسهم وأرواحهم المتطلعة للحرية والكرامة و الحياة الأفضل.
د. صالح نصيرات

أضف تعليقك

الأِقطاع: النسخة العربية المُحّدثة
د. صالح نصيرات
كثيرون ما زالوا يتذكرون ما قرأناه في المدارس عن الطبقية التي حكمت أوروبا من خلال تحالف الملكية والإكليروس والإقطاع. واستطاع الاوروبيون خلال فترة الثورات المتلاحقة فك هذا التحالف الدنس، وبناء دول تقوم على أساس الحقوق المتكافئة لأبناء الشعب. ويبدو أن أوروبيين قصدا أو عن غير قصد صدّروا إلي العالم العربي تحديدا هذا النظام البائس. حيث تحولت معظم بلاد العرب إلى أقطاعيات تتحالف فيها السلطة مع المؤسسة الدينية والإقطاع السياسي.
كان الإقطاع جزءا من التركيبة المجتمعية في أوروبا، فأصبح هو النظام الأمثل في عالم العرب من وجهة نظر المنافحين عنه والمستفيدين من امتيازاته. الإقطاع الأوروبي كان يتمثل في سيد يملك الارض، وعبيد” اقنان” يعملون فيها مقابل قوت يومهم. لم يكن يملك السيّد آنذاك وسائل أكثر من السوط ومجموعات من رجال غلاظ الأكباد وكليلي العقول.
إقطاع الحداثة يملك كل شيء: وسائل إعلام مرئية ومسموعة، جيوش من المنافقين من الإعلاميين والكتّاب واشباه المثقفين يقبضون ثمن هرائهم قبل دخول الاستديوهات. تقنيات تجسس عالية، لصوص متمنكون من كل اساليب النصب والاحتيال، عائلات كاملة باعت شرفها وضميرها، ورجال دين همهم إرضاء السلطان الجائر والمناداة بطاعته المطلقة لأنه ظل الله على هذه الأرض ولو اغتصب مالك وجلد ظهرك. وأخيرا رجال قانون لايختلفون عن اصحاب الفتاوى، فذاك يصدر فتوى مقدسة باسم الله ونيابة عنه، وهذا يقنن الظلم ويشرعن الفساد باسم المدنية والتحضر.
في قانون الإقطاع الجديد وتقاليده، الناس فريقان عبد موال وآخر آبق. فالموالي له امتيازاته ومخصصاته من المناصب و الأموال، يورثها لأبنائه فأحفاده. وهؤلاء العبيد يحتكرون السلطة، ولكن لابأس من توسيع الدائرة قليلا وإدخال من عنده استعداد ليبيع شرفه وقيمه ودينه من أجل تلك المناصب والامتيازات. أما المعارض والعبد الآبق فملعون في نظرهم إلى يوم الدين هو وأولاده وأحفاده، والوزر ينتقل من الأب إلى الابن والحفيد، ويتعداه إلى الخال والعم والقريب الذي علا صوته أو حاول الهروب من “القن” الذي يراد له العيش فيه. بعد هذا وذاك يتساءل سذّج وبسطاء عن الواقع وكأنهم في غيبوية. لماذا الديون في تراكم، والعاطلون عن العمل جيوش، والفاسدون يتقلبون في النعم.
في النظام الإقطاعي التقدمي، مصطلحات فارغة المحتوى، يروج لها أصحاب التوك شو: تقدمية وتحرر وديمقراطية، تحالف القوى التقدمية، تحالف الشعب ضد الإمبريالية وقوى الشر.
في نظام الإقطاع المُحّدث تصبح شعارات تحرير المرأة سوقا رائجة تدّمر الأسرة، وتقضي على البقية الباقية من قيم الرحمة والمحبة و السكن. تقف نساء من بنات الإقطاعيين ينظّرن للفقيرات والباحثات عن الأضواء على مسارح الفنادق الفخمة بأي ثمن.
في نظام الإقطاع العربي المحدّث بائع الأوطان وخائن الأمة في الصدارة والمناضل الحق في السجن أو مطارد في الجبال و الكهوف.
في نظام الإقطاع “التقدمي والليبرالي” تُصنّعُ الأحزاب والجماعات، ويتلهى الناس برؤية مسرح الدمى، تحركه قوى خفية وأخرى علنية. وتتم الانتخابات وينجح من أريد له النجاح، ويفشّل كل من يحاول أن يقول لا.
في النظام الإقطاعي السجن أهم من المدرسة، والبار أهم من المسجد، والمرقص أهم من القيم، والمطبلاتي أهم من استاذ الجامعة والمثقف الحر، والراقصة أهم من العابدة، والمطرب الفاجر أهم من العالِم، وأدوات التعذيب أهم من الأقلام.
في النظام الإقطاعي كل شيء حرام على العبد الآبق: العمل والوظيفة والمكانة الاجتماعية، وحلال للعبد المستكين.
في النظام الإقطاعي اللقيط أهم من الأصيل، والوضيع أرفع شأنا من الشريف، واللص مقّدر أكثر من النظيف. في النظام الإقطاعي لاباس أن يؤله السيد، ويحقّر الأمين.

أضف تعليقك

تجفيف منابع العلوم الشرعية لتجهيل الشباب وتقديم “إسلام مُعَلمَن”
د.صالح نصيرات

من الواضح أن هناك فقرا مدقعا في العلوم الشرعية بين أبناء المسلمين، وخصوصا في زمن توفر المعلومة على نطاق واسع هذه الأيام. وللأسف أن توفر الحرية الكاملة لنشر المعلومات والمعارف له إيجابياته وله سلبياته. وسأتحدث اليوم عن السلبيات. إذ أننا متفقون على إيجابيات توفر المعلومات للجميع، بحيث أصبح من السهل الوصول إلى المعلومة بشكل أكبر من ذي قبل.

أما سلبيات توفر معلومات عن الدين في المواقع الإليكترونية تحديدا، فإن أبرزها أن المواقع الإليكترونية ليست دائما حيادية، وليست موضوعية، بل تنقل الآراء التي تتفق مع أصحابها. ولأن قلة المعرفة الدينية الصحيحة لدى عامة شبابنا اليوم، فإن من السهل أن يقعوا فريسة التجهيل المتعمد، من قبل أصحاب أجندات مختلفة. فأعداء الدين تسللوا إلى هذه المواقع وأخذوا بنبش كل رواية مرجوحة، أو رأي شاذ أو قصة مختلقة، وبناء حوارات ونقاشات حول تلك الروايات مع شباب تنقصهم المعرفة، فكانت النتيجة ما نراها اليوم من جرأة غير مسبوقة على التهوين من شأن العلم الشرعي، وعلماء الإسلام سلفا وخلفا. وتحقير الاتباع ، دون أن يقدم هؤلاء للناس دليلا على صحة ما ينقلون أو مايقولون

من الواضح أن هناك اتفاقا بين الأنظمة على تجفيف منابع الفهم الصحيح للدين، من خلال حظر المنبر المسجدي ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية على العلماء الحقيقيين، وفتحها أمام من يمالئ الأنظمة، ويسبح بحمدها، ويقدّم للناس نسخة للدين تنسجم مع علمانية عامة الدول العربية و الإسلامية. فعامة الدول العربية علمانية فجة في عدائها للدين والتدين، وتبحث عن شيوخ “وسطيين” يقدمون للناس ضلالا حقيقيا باسم الاعتدال والوسطية الإسلامية.

وفي نفس الوقت، نجد هجوما منظما على العلم الشرعي والتدين من خلال الاستهزاء والتهوين من شأن العبادات من خلال الفن الهابط الذي يتولى كبره ممثلون لا خلاق لهم ولايُعرف عنهم احتراما للدين ولأهله.

وفي المقابل، نجد مواقع لاترى الدين إلا من خلال التشدد في العبادات و الهيئات، وتركز على مواطن الخلاف والفتاوى التي تعلي من شأن التدين الشخصي الذي يعزل المسلم عن الحياة، حتى أصبح الدين في نظر هؤلاء زيا وهيئة وطقوسا وأذكارا، بعيدا عن الفهم الأصيل للدين ودوره في بناء الحضارة وإقامة العدل وحفظ كرامة الإنسان.

وكلا الفريقين متشدد مستنكر ودعيَّ بالوسطية و الاعتدال الذي يخدم الأنظمة التي توظف الفريقين لخدمتها بشكل لالبس فيه.. .

أما علماء الشريعة فإن كثيرا منهم رضي من الغنيمة بالإياب. فهو منخرط في كتابة كتب وأبحاث علمية لايقرأها سوى فئة محدودة من الناس: طلاب الجامعات في مراحلهم الدراسية المختلفة. ويغلب عليها التنظير الذي لايقدم لشباب اليوم الدين بلغتهم ولايخاطبهم بما يتناسب مع اختلاف اهتماماتهم. كما أن بعض العلماء و أساتذة العلوم الشرعية، يأنفون من الدخول في حوارات جادة مع الشباب خاصة من يخالفونهم الراي، خشية ذهاب “هيبتهم” وعدم قدرتهم على الإجابة على تساؤلاتهم، أي أنهم تخلوا عن وظيفة مهمة وهي تعليم الناس دينهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي في ظل منع الأنظمة للعلماء المعتبرين من اعتلاء المنابر واستخدام وسائل الاتصال الجماهيري من إذاعة وتلفاز إلا لمن همه المدح والقدح. مدح السلطة والقدح بالعلماء الربانيين الذين يهمشون لأسباب كثيرة..

وبهذا الفعل تركوا الساحة لأنصاف المتعلمين، وقليلي الرسوخ في العلم الشرعي يقدمون للشباب رؤى ليست بالضرورة هي الأفضل. ومن خلال متابعتي لبعض المواقع التي تثير الكثير من الأسئلة والشبهات حول السنّة النبوية وتفسير القرآن الكريم، وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وفقهاء الإسلام وتاريخ المسلمين، أجد تعاطفا كبيرا من الشباب مع أصحاب تلك المواقع وناشري تلك الشبهات، وما ذاك إلا لأن هذه المواقع تضرب على وتر “تمييع الدين” وادعاء العلمية و العقلانية والموضوعية. ولأن الكثير من شبابنا ليس لديهم الوقت الكافي للتحقق من تلك الشبهات و الرد عليها أو حتى مناقشتها. فيكون الرد من بعض الشباب باستخدام الشتم و السب و التفسيق و التكفير فيغدو في نظر الكثيرين سطحي التفكير، قليل العلم وخارجا عن نطاق الأدب في الحوار. وفريق ثاني يتبنى بجهل وقلة حيلة تلك الشبهات ويدافع عنها لأنها توافق هواه وتنسجم مع رغباته.

إن المطلوب من علماء الدين الانخراط في الحياة والنزول إلى الميدان وطرح موضوعات تناقش تلك الشبهات بعلمية موضوعية، وعدم الاعتزال في مكتباتهم ومكاتبهم و الاكتفاء بمواعظهم التي لاتقدم العلم الحقيقي ولا تبني ثقافة شرعية متماسكة لدى الشباب.