أَنَـا غَزَّة

مَا قَـولُـكُـمْ يَـا سَـاسةَ الْأَعْـرَابِ
يَـا أَنْـجَـسَ الْأَنْـسَـالِ وَالْأَنْـسَـابِ

أَتُـقَـبِّـلُـونَ نِـعَـالَ مَنْ يَـغـتَـالُـنِـي
بِـسِـلَاحِـكُـمْ..يَـا أَسْـفَـلَ النُّـهَّابِ

إِيـهٍ، سَـمَاسِـرَةَ الْـبَغَاءِ، بَـنَـيـتُـمُ
أَعْـتَى الْجُـيُـوشِ لِنُصْـرَةِ الْأَغْـرَابِ

صِـرتُـمْ كَـأَغـنَـامٍ تُـجَـارِي رَاعِيًا
لِـتَـزِيدَ فَـتْـكًـا مِنْ نِـيُـوبِ ذِئَابِ

إنْ تَـسـأَلُـونِـي مَنْ أَنَـا ؟ أَنَـا غَـزَّةٌ
حِـيـكَتْ بِأَصنَافِ الْعَذَابِ ثِـيَـابِـي

وَدِمَـاءُ طِـفْـلٍ مُـزِّقَـتْ أَشْـلَاؤُهُ
أَكْـلِي ضَـريعٌ وَالصَّدِيدُ شَـرَابِي

لَـنْ تَـعْـثُـرُوا بِـحَـقِـيـبَتِي إِلَّا عَـلَى
قَـلَـمِي وَبَـعـضِ دَفَـاتِرِي وَكِتَابِي

وَفُـتَـاتِ خُـبـزٍ مِـن بَـقَـايَـا أَدْمُـعٍ
ذَرَفَـتـهُ أُمُّ شَـهِـيـدَةٍ بِـجِرَابِي

نَـاحَـتْ جَـمِـيـعُ مَـآذِنِـي بِتَضَرُّعٍ
وَاسْتَعبَـرَتْ حُزنًـا عَلَى الْمِحـرَابِ

سَأُلَـقِـحُّ الْـفَـرْعَ الْعَقِيـمَ بَرَاعِمًا
كَـيمَا تَجُودُ عَلى الرَّبيعِ هِضَابِي

أُرْسِي عَلَى الْجُودِي سَفِينَ مَوَاجِعِي
كي يُغرقَ الْقُرصَانَ.. عَصفُ عُبَابِي

فَلَئِنْ كَبَوتُ، لِكُـلِّ خَـيلٍ كَبوَةٌ
سَأَعُودُ عَصْفًا مِنْ زَمَـانِـي الْكَابِي

وَإِذَا غَضِبـتُ لِـكَي أَنَـالَ تَـحـرُّرِي
صُـنِّـفـتُ ضِمنَ لَـوَائِحِ الْإرهابِ

لَمْ يَبقَ مِنْ أَشعَارِيَ الْأَولَى سِـوَى
وَطَـنٍ رَمَـاهُ الْـعُـربُ لِلْأََحْـزَابِ

وَعَلَى الشِّفَاهِ النَّازِفَاتِ مِنَ الظَّمَا
آلَافُ أَسْـئِـلَـةٍ بِـدُونِ جَـوَابِ

مِنْ جَـدوَلِ الْآهَـاتِ بَينَ أَضَالِعِي
أَسْـقِـي كُـرُومَ الـتِّـيـنِ وَالْأَعـنَـابِ

فَالـزَّهـرُ مَـوهُـونٌ بِـحَـملِ رَحِيقِهِ
حَتَّى يَـعُـودَ النَّـحـلُ بَـعـدَ غِـيَـابِ

أَوَلَسْـتُ مَنْ صَـاغَ الْـورُودَ قَصِيدَةً
نَـشَـرَتْ ضَـفَـائِـرَهَـا بِغَيرِ حِجَابِ

أَيُلَامُ طِـفْـلٌ حُـلْـمُـهُ سَـدَّ الطَّـوَى
بِفُـتَـاتِ خُـبـزٍ لُـطِّـخَـتْ بِخِضَابِ

أَيُـلَامُ طِـفـلٌ إِذْ يُجَـاهِـدُ صَـابِـرًا
مُـتَـأَسِّـيًـا بِـمَـنَـاهِـجِ الْأَصْـحَـابِ

مَـهـلًا عَـلَيَّ لُـو الـزَّمَـانُ أَتَـاحَ لِـي
سَأَدُوسُ فِي نَعـلِي عَلَى الْأَشْنَابِ

لَعَقُـوا حِـذَاءَ (تْرَامْبَ) بَـعـدَ مَذلَّةٍ
لَاقَـوْهُ بِالتَّـهْـلِـيـلِ وَالتَّـرحَـابِ

سَبعُـونَ عَامًا وَالْـقَضِيةُ لَـمْ تَـزَلْ
مَـا جَـاءَنَا مِنهُمْ سُوى التِّشْجَابِ

قَالُوا: سَنَرفَعُ فِي (نِيُويُورْكَ)شِكَايَةً
فِي مَـجلِـسِ الْأَزْلَامِ وَالْأَنْصَابِ

لِتَدُورَ فِـي بُـطءٍ كَأَقطَـابِ الرَّحَـى
لِـتَـزِيدَ سَيلَ الدَّمْـعِ فِي أَهـدَابِي

فَلْتَحفَظُوا الْأَسْيَافَ فِي أَغمَادِهَا
صَـارَتْ أَمَانِيكُـمْ طُيُوفَ سَرَابِ

يَا ليتَ مَنْ سَاسَ البلادَ صِغَارُهَا
كَيْ يَهْتَدِي الْغَاوُونَ نهْجَ صَوَابِ

مِـنْ كُـلِّ أَصقَـاعِ الْقَـذَارَةِ أَبحَـرَتْ
سُفُـنُ الْمُجُـونِ وَكُـلُّ نَـغلٍ نَـابِ

غَصَّـتْ عَنَـابِرُهَـا بِـأَقْـذَرِ عُـصـبَـةٍ
مَلْـعُـونَـةٍ مَجهُـولَـةِ الْأَنـسَـابِ

فَاسـتَأْصلُوا فَرعِـي وداسوا حُرمَتِي
وَسَطَـوا عَـلَيَّ وَقَطَّعُـوا أَسْبَـابِـي

فَسَأَنحَـرُ الْأَقـلَامَ فَـوقَ دَفَـاتِـرِي
كَـيْ يُـوْلَـدَ الْأَحـرَارُ مِنْ أَصْلَابِـي

هَـبَّـتْ شَيَـاطِينِي الَّتِي صَـفَّـدتُـهَـا
لِتُـزِيـلَ بُـؤْسَ الْعُـمرِ عَنْ أَعتَـابِي

لَا بُـدَّ بَـعْـدَ الْقَـحلِ وَالْإِجدَابِ أَنْ
يَـخْـضَـلَّ زَرعِـي بَـعـدَ طُـولِ يَبَابِ

هَا هُمْ كَأَشْبَـالِ الشَّرَى صِبيَـانُـنَـا
دَوَّى زَئِـيـرُهُـمُ كَـأُسـدِ الْـغَـابِ

أَطْـفَـالَ غَـزَّةَ عَـلِّـمُـوا حُـكَّـامَـنَـا
لَا تُـطْـفَـأُ النِّـيـرَانُ بِـالْأَحـطَـابِ

لَـنْ يَـجـحَـدَ التَّاريخُ مَا قُمتُمْ بِهِ
سَـلِـمَـتْ أَنَـامِـلُـكُـمْ أَيَـا أَحْـبَـابِي

سَـيُـفَـتِّـقُ الْحَـجَرُ الصَّغيرُ بَرَاعِمًا
بِـأَكُـفِّ أَطـفَـالٍ بِـغَـيـرِ تُــرَابِ

صِرتُـمْ مِـثَـالًا لِلبُطُـولةِ يُـحتَـذَى
طُـوبَى لِـمَـا نِـلْـتُـمْ مِنَ الْإِعجَابِ

قَالُوا : عَلَامَكَ ثَائِـرًا، فَـأَجَـبْـتُـهُـمْ
فَـضـلُ الشَّـهَـادَةِ مَأْرَبِي وَطِـلَابِي

وَرَفَـعتُ كَـفِي لِلسَّمَـاءِ مُـنَـاجِيًـا
يَـا ربُّ أَنتَ الْعَدلُ فَالْطُفْ مَا بِـي

تَـتَـربَّـعُ الْأَحـزَانُ فِـي طُـرُقَـاتِـنَا
وَيَـمُوتُ زَهـرُ الْـحُـبِّ فِي سِردَابِ

كَـفَـرَاشَـةٍ نَـثَـرَتْ غُـبَـارَ جَـنَـاحِهَا
بِـضِـيَـاءِ أُفـقٍ ضَـيْـقِ الْأَرحَـابِ

إِنْ ضَـاقَـتْ الدُّنـيَـا عَلَيكَ فَجَارِهَا
وَانْـشُر هُمُومَكَ فِي مَدَى الْأَحقَابِ

وَلَكَـمْ عَـجِبتُ مِنَ الَّذِينَ تَـأَمَّـلُـوا
جَـنْـيَ الْمُـصَفَّى مِنْ بُطُونِ ذُبَابِ
—————————
#أنا_غزة
#هيثم_النسور
#فلسطين