29 مارس, 2017 موت شاعر
غَداً .. سَوفَ يَقرأُ نَعيِي أُنَاسٌ يُحِبُّونَنِي
و سَيُعرِضُ عَنهُ الَّذِينَ يَرَوْنَ
بِأَنَّ حَيَاتِيَ عِبءٌ ثَقِيلٌ
و مَوْتِيَ سَوفَ يُرِيحُ الجَمِيعْ .
غَداً .. يَفرَحُ الشَّامِتُونَ
و تُطفَأُ فِي لَحظَةٍ قُدِّرَتْ فِي كِتَابِيَ
كُلُّ الشُّمُوعْ.
و يَذرِفُ بَعضُ الَّذِينَ يُحِبُّونَنِي
مَا تَيَسَّرَ فِي سِفرِ أَعيُنُهِمْ
مِنْ دُمُوعْ .
و قَد يَقرَؤونَ عَلَى رُوحِيَ الفَاتِحَةْ .
و حِينَ يَعُودُونَ أَدرَاجَهُمْ
سَوفَ يَختَلِفُونْ .
و تَعلُو عَلَى مَا تَرَكْتُ مِنَ الإِرثِ أَصوَاتُهُمْ
فِي جُنُونْ.
و مِن ثَمَّ يَكتَشِفُونَ
بِأَنَّ الَّذِي قَد تَرَكتُ لَهُم بَعدَ مَوتِي :
كَلامٌ يُسَمُّونَهُ " الشِّعرَ "
لَيسَ يُبَاعُ ولا يُشتَرَى.
و بعض القَصَائِدِ لِلمُتَنَبِّي
و للبُحتُرِيِّ
و للشَّنفَرَى
فينصرفون و أُنسىَ
و حينئذٍ يعرفون
بأَنَّ حَيَاتِيَ كُتِبَ عَلَيْهَا الفَنَاءْ
و أَعرِفُ
أَنِّي سَأَرحَلُ عَن أَرضِهِمْ للسَّماءْ
بِغيرِ وُدَاعٍ
و دُونَ رُجوعْ .
**
نَعَم سَأَمُوتُ
و تَحمِلُنِي للسَّمَاءِ أَكُفُّ المَنُونْ .
بِدُونِ أنيسٍ
ولا أَصدِقَاءٍ
ولا عَاشِقِينَ ولا كَارِهِينْ .
و لَكِنَّنِي بَعدَ مَوتيَ سَوفَ أُغِيظُ الَّذِينَ تَمَنَّوْهُ لِيْ
حِينَ يَمتَشِقُونَ دَوَاوِينَ شِعرِي .
و حِينَ سَيَغمُرُ أَعيُنَهُمْ نُورُ فَجرِي .
و يُذهِلُهُم مَا تَخَبَّاَ بَينَ السُّطُورِ
مِنَ الكِبرِيَاءْ .
نَعَم سَأَمُوتُ
لأنِّي سَأَرفُضُ عَيشِي بِأَرضِ الرِّيَاءْ .
و أَرفُضُ
.. يَا شِعرُ ..
أَنْ يَشتَرِيَكِ ذَوُوُ سُلطَةٍ
أَو تُعَلِّقَ هَامَتُكَ المُشرَئِبَّةُ
فَوقَ حَنَاجِرِ أَهلِ البِغَاءْ .
أَنَا أَيُّهَا الشِّعرُ سَوفَ أَمُوتُ
لتحيَا أَبِيّاً
بِأَفئِدَةِ الفُقَرَاءْ .
تُسَامِرهُمْ
و تقُصُّ عَلَيهِمْ حِكَايَةَ شَاعِرْ .
قَضَى نَحبَهُ فِي شُمُوخٍ
لِيَبْعَثَ مَيْتَ الضَّمَائِرْ .
و يَزرَعَ فِي تُربَةِ الحَالِمِينَ
بِفَجرِ الكَرَامَةِ
قمحَ البشائِرْ.
________
جمال مرسي