منارُ العزِّ تنزفُ من جديدِ
وترهبُها عصاباتُ الأسودِ

وليس الأسد فيهم غير ذكرٍ
وهم واللهِ أدنى من عبيدِ

وكلُّ قلوبنا تبكي عليها
كمن وقفت لتبكي من بعيدِ

وتغتصبُ الطّهارةُ في حماةٍ
ويخدشُ عرضها بيدِ القرودِ

وليسَ الجرحُ يؤلمُ غيرَ حيٍّ
وما الآهاتُ تخرجُ من جَمودِ

أليسَ حماةُ في وطني بلاداً
من الأحرارِ ليسَ من اليهودِ

سلِ النّاعورةَ الحمراءَ فيها
سلِ الأرضَ المعدّةَ للشّهيدِ

سلِ الصّبحَ الذي أمسى سواداً
يغطّي حلمها تحتَ القيودِ

أصخْ واسمعْ كأنَّ بها جيوشاً
قرامطةً وحزباً من ثَمودِ

مجوساً يكفرونَ بكلِّ دينٍ
سوى قتلٍ ونكثٍ للعهودِ

حماةٌ يا حبيبةَ كلِّ حرٍّ
ويا علماً ترفّعَ في الصّعودِ

لمَ الأطفالُ تذبحُ فيكِ قهراً
وترمى بالرّصاصِ وبالحديدِ

وأسمعهُ يئنُّ الطّفلُ فيهم
ودمعُ القلبِ ماج على الخدودِ

وجيشٌ من جيوبِ الشّعبِ يحيا
ليقتلنا بغادرةِ الجنودِ

لأنّا قد تكلّمنا جهاراً
بأنَّ حماةَ ليستْ للعبيدِ

عروسُ المجدِ بنتُ أبي فداءٍ
وتخطبُ ودَّها كلُّ الحشودِ

بحاضرها الضياغمُ قد تنادت
لتدحرَ تحتها قيدَ العنيدِ

وفي السّوقِ الرجال تصيحُ فيها
فعرشُ الذّلِ ماد بذي الرّعودِ

همُ بشرٌ تحدّوا كل ّ ليلٍ
فأنوارٌ تسيرُ بلا حدودِ

وللحريّةِ العصماءِ نادَوا
كبركانٍ تحرّرَ من قيودِ

فما وجِلوا من الظّلماتِ لكن
توجّلَ منهمُ ليلُ العتيدِ

وإذ بالخوف في العاصي تدلّى
فليسَ يرى لراءٍ من جديدِ

فغيظَ الذِّئبُ واستاقَ الأفاعي
ليقتلنا فذا شرعُ الحَقودِ

فكيفَ يرى الجبانُ عروسَ قومٍ!
تزيّنُ للكرامةِ والصّمودِ

ويتركها كبدرٍ قد تجلّى
ولا يجري الدّماءُ بكلِّ بيدِ

وفوقَ دمائها أوراقُ وردٍ
فطيبٌ فوقَ طيْبٍ في خلودِ

أتوا بالوردِ والزّيتونِ بشراً
لجيشٍ ليسَ يفقه في الورودِ

ليسحنهمْ وما حملوا ويمضي
بدباباتهِ فوقَ الشّهيدِ

وكلُّ الكونِ شاركه بصمْتٍ
ليرقنا نذبّحُ من بعيدِ

كأنَّ دماءَنا صارتْ حلالاً
على من شاء في شرعِ الكنودِ

فأينَ العُربُ ما نطقوا بحرفٍ
أم انَّ الشّامَ من خلفِ الحدودِ

وأينَ المسلمونَ أهم صيامٌ
أم انّهمُ نيامٌ في السّجودِ

وأين حقوقُ إنسانٍ أليست
ترى أم أنّها قيدُ الشّهودِ

وأينَ مجالسُ الأمنِ استحالتْ
إلى وهمٍ تضلّعَ في الوعودِ

سلِ الدّنيا بمأساتي أجبني
أليسَ ترونَ بطشاً بالحديدِ

ألا سحقاً لصمتكمُ جميعاً
وذا التّاريخُ يكتبُ بالرّدودِ

ولكن حسبُ سوريّا إلهٌ
عظيمُ القدرِ ذي عرشٍ مجيدِ

ألا فاسمعْ أيّا بشّارُ مهلاً
فإنَّ اللهَ يملي للعنيدِ

ستسحقكَ النّعالُ بكلِّ أرضٍ
وتلقى عندَ جحشانِ اليهودِ

فوعدُ الصّابرينَ هو انتصارٌ
وقد سيقَ الذّئابُ إلى الوعيدِ

شعر:طارق حسين النعيمي