• Visit Dar-us-Salam.com for all your Islamic shopping needs!
أضف تعليقك

اغتصاب فلسطين بين سردييتن:سردية عروبية وسردية أعرابية متصهينة
لماذا هذا الحديث ؟
أصبح علينا أن نبين الواضح الذي لا شك فيه لبني قومنا ممن تاهوا في دروب خطتها الصهيونية العالمية ومضللين وأصحاب مصالح وقعوا في شراك الكذب و التزييف.
اغتصاب فلسطين بين سردييتن:سردية عروبية وسردية أعرابية متصهينة

تقول السردية العربية أن فلسطين أرض عربية فتحها المسلمون وحافظوا عليها من مكر يهود حتى جاء الغرب الإمبريالي فمكّن للصهاينة فاحتلها عدو غاصب، جاء من بلاد شتى محملا بالحقد التلمودي، والكراهية للأغيار و”الغوييم”. وسردية توراتية محرفة، استغلت ضعف العرب وتحالف الغرب الذي تخلّص من المسالة اليهودية على حساب العرب أهل البلاد الاصليين. هذه السردية الصهيونية استطاعت التمكن في تلك البلاد باستغلال الإعلام الغربي المسيطر عليه من قبل تحالف المال اليهودي و الإمبريالية الغربية المبنية على المادية الجشعة و التي احتفلت بالخلاص من صداع مزمن لقرون. واثمرت هذه السردية المحرّفة للواقع و التاريخ والدين، تعاطفا لدى صنّاع القرار الغربيين الذين وجدوا ضالتهم في بناء قاعدة تخدم مصالحهم لإبقاء العرب في حالة تخلف وصراعات دون أن تأخذ فرصتها في البناء و التقدم. وساعدها قوم من الغربيين ليس لديهم من الدين سوى عصبية ضد الإسلام وأهله. هؤلاء البروتستانت ممثلين بالإنجليين الجدد الذين يرون في قيام دولة لليهود بشائر لعودة المخلص كما يزعمون. فهم يؤيدون هذا الكيان لتدميره في النهاية حين تجتمع جنود المخلص ضد اليهود في المعركة الفاصلة في آخر الزمان “أنظر

https://www.aljazeera.net/news/politics/12/2/2020

واستطاع هذا التحالف التوراتي- التلمودي والبروتستانتي الإنجيلي أن يقنن للغرب و للعالم قوانين ويضع عقوبات على كل من ينكر هذه السردية البغيضة، فخرجت “اللاسامية” لتكون سيفا مسلطا على رقاب كل من يتساءل ويفكر بحرية ويصل إلى الحقيقة بإنكار هذه السردية ورفضها. فدفع هؤلاء ثمنا باهظا بالسجن و الغرامة والحرمان، فدفع كثير من المفكرين و المثقفين الغربيين من أمثال المرحوم رجاء جارودي والمثقف الفلسطيني الأمريكي إداورد سعيد والمثقف اليهودي

. نورمان فلنكستاين، وغيرهم ثمن دحض هذه السردية التوراتية. .

كما دفعت المنظمات العربية و الإسلامية التي قامت بجهد كبير ومقدّر في دحض هذه السردية التوراتية . فسجن كثير من الناشطين العرب والمسلمين، وترك البلاد قوم آخرون. كما أن الحديث عن جرائم الصهيوينة أصبح تحت مجهر منظمات يهودية -صهيونية كمنظمة “كامبس وتش” التي أسسها دانيال بايبز وستيفن أمرسون و وينفلد مايرز. كما أسس بايبز منظمة أخرى تقوم برصد كل ما يكتب ويقال عن تلك الجرائم والتشهير بهم وهي منظمة ميمري التي لها موقع بعدة لغات . وكذلك منظمة أوقفوا الإسلام في أمريكا ومنظمة اليهودية الأمريكية، والمنظمة اليهودية ضد التشهير وغيرها. كما أن أشخاصا تم اتهامههم بلا بينة بدعم “الإرهاب” الفلسطيني لدفع ملايين الدولارات لضحايا أمريكيين قيل أنهم قتلوا في القدس (أنظروا مواقع تلك المنظمات الهيوينة على النت

MEMRI.org, . https://freedomdefense.typepad.com/

https://www.meforum.org/campus-watch/8473/daniel-pipes

لقد أصبحت هذه السردية الصهيوينة محل شك لدى الكثير من الأمريكان و الغربيين الذين وصلتهم الحقيقة ورأوا بأم أعينهم جرائم الاحتلال كما حصل مع عضو الكونغرس عن ولاية فرجينيا جيم موران

إن الأعراب الذين ذكرهم القرآن الكريم ووبخهم على نفاقهم وخيانتهم للرسول الكريم ووقوفهم مع بني قريظة وبني النضير وبني وبني قينقاع، ويهود خيبر، لم يمت أحفادهم ، وهاهم اليوم يعلنون بلا أدنى خجل وقوفهم مع العدو الصهيوني. .

ومن خلال أحفاد ابن سلول ووأحفاد منافقي المدينة و الأعراب المجاورين لها تسللت السردية الصهيونية إلى بلاد الأعراب الذين لم يكن لهم تاريخ في الوعي بقضية فلسطين، ولم تكن لهم مساهمات حقيقية في دحض هذه السردية. وعندما قام نفر من الإسلاميين بتأسيس منظمات ضد التطبيع كان مصيرهم الاعتقال و السجن

لقد وظفت المسلسلات والأفلام و الصحف المشبوهة والمواقع التي يديرها أعراب منافقون في سرد رواية صهيوينية خالصة كما في مسلسل أم هارون وموقع إيلاف والعربية والعين وغيرها هذا التوظيف أثمر اليوم بهرولة لمسح التاريخ الإجرامي للصهيونية وتغيير تلك الرواية من أجل التمهيد لبناء صرح صهيوني يتمدد كالأفعى في معاقل الإسلام.

إن التحريف المقصود الذي تمارسه وسائل إعلام ومؤسسات أكاديمية ومراكز دراسات صهيونية الهوى في بلاد الأعراب للرواية الصحيحة عن الإحتلال، تم العمل عليه بهدوء وبتخطيط وتنسيق مع مؤسسات أمريكية وغريبة وصهيونية.. ..

إن دور المثقف و المفكر والمعلم و الأستاذ الجامعي والعالم الشرعي و السياسي النزيه أن يقفوا مع كل جهد لبيان هذه السردية وفضحها عبر كل وسيلة متاحة، حتى يبقى الجيل الحالي و الاجيال القادمة على وعي بهذه الجريمة التاريخية التي لن تصبح يوما حقا ولو خلع قوم جلودهم وانضموا إلى معسكر الأعراب. وتباهوا بمهانة وذلة وقحة ووقاحة بالاحتفال بلقاء العدو والصلاة معه و تردادالترانيم اليهودية، وإحياء السبت ووضع المينورا اليهودية على قوارع طرق بلادهم.

د.صالح نصيرات

أضف تعليقك

هل يعيق الإسلاميون الإصلاح السياسي؟؟ 

د. صالح نصيرات
نقرأ ونسمع من حين لآخر من يزعم أن الأنظمة العربية خائفة من قفز الإسلاميين على السلطة لو حدثت انفراجة سياسية في أي بلد. ويستشهدون بما حصل في مصر وليبيا وتونس و فلسطين واليمن (قبل انقلاب الحوثي) ووصول الإسلاميين لتشكيل الحكومة في المغرب ومشاركاتهم السياسية في عدد من البلاد العربية.

مثل تلك الأقوال ليست بريئة فهي تتضمن خوفا حقيقيا من كون الخيار الإسلامي مازال مطروحا بقوة في معظم إن لم يكن في كل البلاد العربية، وأن هذا الخيار -رغم الهجوم الإعلامي و ”الديني الرسمي” المنظم و المنسق عليه- مازال يمثل قوة حقيقية على الأرض.

كما تتضمن تلك الأقوال فرضية مهمة وهي أن غالبية الأنظمة العربية عجزت عن بناء دول حقيقية تمثل طموحات المواطن العربي، فهي في غالبتها استبدادية فاسدة ومتخلفة وتمنع حق المواطن في مشاركة ذات قيمة. إذ أن معظم المؤسسات التشريعية في البلاد العربية بلا فاعلية تذكر. فهي لا تختلف عن السلطات الأخرى التي تخضع مباشرة للحاكم ومن يدور في فلكه من اصحاب المصالح

ويقف تحالف أصحاب المصالح والفاسدين الذين تسللوا إلى مواقع مهمة في كثير من البلاد، وكذلك العدو الصهيوني ودول ديمقراطية غربية كثيرة والولايات المتحدة وأوروبا التي تحل الديمقراطية لنفسها وتحرّم على غيرها على رأس المحرضين ضد أي بارقة أمل بالتغيير والإصلاح، وتفضل التعامل مع مستبدين يحققون لها كل ما تريد من تطبيع مجاني واستباحة لبلاد العرب وفرض واقع سياسي واقتصادي على الشعوب حتى لا تتحرر من الظلم والظالمين.

و الأنكى من ذلك كله افتراءات الكثيرين على الإسلاميين بقولهم إن الانتخابات ليست سوى سلم يصعد عليه الإسلاميون ثم يأخذونه معهم بلا رجعة، وكأن تلك الأنظمة الفاسدة المفسدة تحكم بشرع الله أو تمثل شعوبها حق تمثيل أو أنها تؤمن بالديمقراطية أصلا .
لقد استطاعت بعض الأنظمة توظيف قوى اقتصادية واجتماعية/دينية مهمة لتمرير تلك الاتهامات، خاصة من خلال استغلال المؤسسات الدينية الرسمية وبعض الطوائف والفرق الإسلامية التي تتمتع بمزايا وتحقق لأفرادها مصالح ذاتية من خلال التحالف مع الفساد والظلم بتمرير الفتاوى وتغيير المزاج الشعبي تجاه الحركيين الإسلاميين. بل وصل الأمر بمؤسسات دينية أن تضع الإسلاميين الوسطيين مع داعش والقاعدة في سلة واحدة، وتصم الجميع بالخوارج، الذي “يشوشون” على الحكام خاصة أولئك الذين ركبوا موجة العلمنة والليبرالية لإرضاء الغرب من خلال تمييع الدين والإخلال بالقيم الاجتماعية، وصياغة عقول الرعية التي لا تفكر بحقوقها ولا ترى نفسها أصلا مؤهلة لتلك الحقوق.

وللأسف الشديد أن تلك المؤسسات الدينية تمارس “علمانية” حقيقية عندما تعلن بلا مواربة أن لا علاقة بالدين بالسياسة، -إلا عندما يتم توظيفهم لصالح الأنظمة- وأن الحاكم ظل الله على الأرض لا يسأل عما يفعل حتى وإن سرق وظلم وقتل وزنى علانية!.
وللحقيقة فإن بعض ممارسات الإسلاميين “الساذجة” هي التي تخيف الأنظمة. فالعمل السري وتضخيم قوتها وتواجدها على الساحة، و” طيشها على شبر ماء” والخطاب السياسي غير المتماسك والموحد ، إضافة إلى سيطرتها المحدودة -والتي يبالغون فيها- على بعض مؤسسات العمل النقابي والاجتماعي والخيري.
والمطلوب من الإسلاميين كثير ولعل من أهم ذلك وجود برامج إصلاح عملية وواقعية، ووضوح أهداف الإصلاح وتطوير خطاب يسمح بالتعددية السياسية وقبول الآخر والتعاون مع الجميع لتحقيق تطلعات المواطن العربي.
إن الإصلاح يحتاج إلى قوى تؤمن بتعدد الخيارات، وتسمح بجدل ونقاش سياسي حقيقي، ولا تقمع صوتا مخالفا، وهذه الظاهرة الإيجابية التي نجدها في الدول الديمقراطية “محرّمة” بفتاوى دينية وقوانين متعسفة تحرم المواطن من مجرد رفع الصوت ليطالب بحقوقه الطبيعية التي تميزه كإنسان

 

9 أبريل, 2021 وجهة نظر

أضف تعليقك

المصائب و الكوارث بين التفسير المادي المفارق للإيمان والتفسير الديني المفارق لسنن الله والعلم الحقيقي
د.صالح نصيرات
عندما نقول أن كتاب الله سبحانه وتعالى هو كتاب الهداية الأوحد و الوحيد، ينكر علينا علينا غيرنا، مع أنهم يؤمنون بأن كتبهم ونظرياتهم وتفسيراتهم من وجهة نظرهم هي الأصوب والأصح وهي الحقيقة بعينها. وهذه ليست مفارقة فقط، بل هي نظرة طبيعية لمن يؤمن بأن هذا الكون بكل ما فيه إنما خلق صدفة، وأنه ليس له من خالق مدبر.
فالماديون يفسرون الأحداث من خلال مايؤمنون بهن وهم أحرار في ذلك، ولكن أن يجعلوا كل تفسير آخر خرافة وشعوذة فهذا من قبيل احتكار الحقيقة المطلقة دون منح الآخر فرصة لتفسير ما يحدث حسب مايعتقد.
يعتقد المؤمنون بالله أن هذا الكون مبني على قوانين وسنن إلهية، وما يجري فيه ليس عبثا أو خبط عشواء.
فالمصائب و الكوارث في ظاهرها تحدث لسبب معين ظاهره مادي وباطنه مشيئة الله سبحانه وإرادته. زقد قصّ علينا القرآن الكريم قصص الأمم الغابرة التي تنكبت طريق الهداية، فقتلت الأنبياء ولم تترك للمؤمين الفرصة ليقولوا مايريدون. واليوم نجد ما فعلته تلك الأمم يتكرر ولكنه يقدم بلباس “علمي”.
وقد تحدث مؤمنون وغير مؤمنين في هذا الوباء الذي تسبب في كواراث اقتصادية واجتماعية وبشرية. وكل أدلى بدلوه. وهذا حق لكل متحدث، والفيصل في الأمور الحقائق الموضوعية التي نلمسها. ولأن غير المؤمنين لايؤمنون بغيب ولا يعتقدون بقوة غير القوة المادية، فإنهم يجدون أنفسهم في موقف المنتصر، كونهم يملكون مفاتيح العلم و الحقيقة كما يظنون.
في كتاب الله سنن البقاء و الدمار، وفيه سنن الحياة السعيدة، ومن يجادل غير ذلك فهو عمي عن الحقيقة.
والقرآن أمرنا بالتدبر و التأمل و الملاحظة و الربط بين الاسباب و النتائج، وهذه مناهج علمية في الوصول إلى تفسيرات علمية صحيحة. فالله سبحانه وتعالى يقول ” وفي أنفسكم أفلا تبصرون” ويقول ” قل انظروا ماذا في السموات و الأرض” ويقول “أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماؤ كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت”. وفي دعوته للاعتبار مما حل بالأقوام السابقة يقول سبحانه ” لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب”.
وقد تطوع مسلمون لايفقهون هذه المعاني بتفسيرات ليست مبنية على فهم صحيح لسنن الله في الكون. فأنكروا على الناس الحقائق الثابتة والتي نراها عيانا. فقوم أنكروا وجود الوباء وكأنه شيء غريب أو عدوه نوعا من المؤامرة واطنبوا في القدح و الذم، وعجزوا عن رؤية العلاج إلا من خلال ما كانت تفعله البشرية في قبل التوصل إلى علاجات للأمراض المزمنة. وهؤلاء أساءوا لدينهم بجهلهم بسنن الله في هذا الكون. فالدين يحث على التعلم و النظر والبحث في كل الأسباب الموجبة للخلاص من الأمراض والتداوي بما وصل غليه أهل العلم و الاختصاص. وحوّل بعضهم كتاب الله سبحانه إلى كتاب في الطب وهو لم يأت ليكون كذلك.
وبعض المسلمين بسّطوا الأمر بطريقة تتنافى مع مقاصد الشرع والفهم الصحيح له.
وفي المقابل نجد أقوما لايعترفون بالعلاج الروحي ولا يدركون أن العلاقة بين الإنسان و الخالق سبحانه تقوم على علاقة العبودية و الرضا، واستجلاب الرحمة و الدعاء برفع الوباء. ووهؤلاء لم يقصروا في السخرية والنقد. وهم معذورون لجهلهم، وفقدانهم هذه المعاني العظيمة.
إن ما فعله هؤلاء وأولئك جعل الناس يشكون بمصداقية الدين، والاعتماد بالمطلق على الماديات، أو على الجانب الآخر قصروا الأمر على الدعاء و الاستغفار دون الأخذ بالأسباب.
وهذا سببه الخوض واللغو ممن لايفقهون سنن الله سبحانه في هذه الحياة، فيختارون الحلول السهلة واليسيرة والتي تريح عقولهم من الجهد في البحث والدراسة الشاقة للوصول إلى علاج يساعد في حل المشكلة. وهذا ليس تجنيا على أحد، بل لأن ما وصل إليه المسلمون من تراجع علمي وحضاري وعياب قيم الجدية و المسؤولية والعمل ضمن قوانين الحياة وسننها جعل الكثيرين يخوضون بلا علم أو دراية. وهذا يفسره التناقض الكبير فما ينشرون من اشرطة مصورة ومقالات يقوم عليها أقوام هذه مهمتهم نشر الفوضى العلمية وبث الإشاعات وتكريس الجهل والتخلف.
فتفسير مصيبة كورونا أو غيرها أمثلة على تفسيرات مادية مجحفة بحق الإيمان، وتفسيرات دينية مجحفة بحق العلم والسنن الإلهية. ومادامت أغلبية المسلمين تفكر بهذه الطريقة ولاترى حقيقة اقتران العلم بسنن الله سبحانه في تفسير الظواهر والأحداث والكوارث فإن الطريق طويل وطويل جدا لنهضة حضارية مأمولة.

26 سبتمبر, 2020 دروس ثمينة بالمجّان

أضف تعليقك

دروس ثمينة بالمجان
في حياة الأفراد والجماعات مواقف وأحداث كثيرا ما تمر دون اعتبار او حتى تدبر. فالحياة مليئة بالدروس المجانية لمن يريد أن يتعلم. ولكن اقواما يعتبرون أنفسهم فوق الزمان والمكان، ولاينظرون إلى المواقف والأحداث إلا من خلال عقلية تبريرية لاتقيم وزنا للمراجعة والاستفادة من تلك الأحداث. ومردّ ذلك كله إلى عقلية "الاستكبار" التي تنشأ عن الإيمان المطلق بأن الأمور تسير وفق مبدأ "العصمة". أي أن أولئك الأفراد والجماعات يؤمنون بأن ما يفعلونه أو يقولونه ناتج عن العهد و الميثاق بينهم وبين الخالق سبحانه وتعالى. فهم كبني إسرائيل الذين ظنوا –خطأً- أن الله معهم في كل حال، وأنهم أبناء الشعب المختار، ولذلك فما يفعلونه وما يقولونه معصوم بنسبة أنفسهم إلى الله. وقد كذّبهم الله سبحانه وتعالى بصريح القرآن الكريم " وقالوا لن تمسنا النار إلا اياما معدودة  قل  اتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون". وايضا "وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه، قل فلِم يعذبكم بذنوبكم،  بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء".
لقد نسي هؤلاء في غمرة الغرور الذي ينتابهم أن سنن الله نافذة، وأن تلك السنن لا تحابي مؤمنا ولا كافرا. فمن عمل وفقها وانسجم معها فاز ونال التوفيق والنجاح، ومن خالفها سقط في الاختبار ولو كان من أتقى الناس وأنقاهم. فلمَ إذن يثني قوما أعطافهم تكبرا على الواقع، ولا يقيسون الأمور بمقاييس القرآن الكريم؟.
ومن الغرور أن يظهر المؤمن تواكلا وهو يظن نفسه متوكلا على الله سبحانه. حيث يقع فريسة أوهام القوة الكاذبة وأحلام يقظة تودي بصاحبها إلى الهلاك. وقد سارت على هذا النهج جماعات وشعوب في ظل قيادات نصيبها من القيادة خطابات ممجوجة ووعيد بلا قيمة. فمثل هذه القيادات من السهل أن تصبح أسيرة لهوى "الدهماء" وبدلا من السير وفق الهدى فإنها تسير وفق الهوى.
إن زج الناس في مواجهات غير محسوبة كما حصل في بلاد كثيرة، أدى إلى هلاك الضرع والنسل، وتأخر تلك البلاد بل ودمارها. وللأسف أن هؤلاء لم يرف لهم جفن ولم يكونوا على قدر من المسؤولية والشجاعة للقيام يمراجعة حقيقية ومسؤولة لما ارتكبوه من أخطاء بل قل كوارث دفع ثمنها أتباع رُبوا على تأويلات وتفسيرات لاعلاقة لها بفهم صحيح ولا فقه سليم.
إن القيادة الحقيقية هي التي تضع في حسبانها الفشل والنجاح -وكلاهما نسبي-، وتدرس كل المسارات، وتفكر بقيمة الإنسان والأوطان، قبل أن تفكر بأنها "تكتب تاريخا" أو "تسجل المواقف" التي لاتسمن ولا تغني من جوع.

د.صالح نصيرات

أضف تعليقك

ميدان المعركة الحقيقي
تتعرض الأمم عبر تاريخها الطويل إلى هزات ونكبات ونكسات، وهذا شيء طبيعي في سنن الله في الأمم "وتلك الأيام نداولها بين الناس". لكن الشيء غير الطبيعي أن تنكسر الإرادة بالثبات على المبادىء والإلحاح المستمر على المطالبة بالحق. فإذا انكسرت الإرادة وتلوثت الروح بمعاني العزيمة واستحكمت في قلوب أبناء الأمة فهذه هي الهزيمة الحقيقية.
لم يبدأ التطبيع مع الكيان الصهيوني في عام 79 على يد السادات وإن كان المقبور هو الذي حاول أن يقنن هذه الظاهرة الشاذة. بدأ التطبيع مع الكيان الغاصب يوم أن انهارت قوة الأمة بإزالة أكبر سد منيع –على وهنه- بإسقاط الخلافة، وتمزيق الأمة باسم القوميات والعرقيات.
كان سقوط الخلافة العلامة الفارقة في تاريخنا الحديث. وهذا يعني ببساطة انفراط عقد أمة توحدت عبر ثلاثة عشر قرنا، ثم جاء قرن الفرقة والتشرذم والاقتتال الداخلي، فأعاد العرب الواثقون بعدوهم أكثر من ثقتهم بأنفسهم سيرة أجدادهم الذين كانوا عبيدا لكسرى وقيصر.
إن هذه الهزيمة خلّفت أمة منكسرة الإرادة، مهزومة الروح، ليس لديها العزيمة على أن تكون شيئا مذكورا. وتولى "تطبيع" الأمة مع الهزيمة أنظمة وقيادات جيء بها لتكون حارسة على الهزيمة، وبوابة تغلق في وجوه أبناء الأمة كل أمل بالنهوض واليقظة.
لم تنهض الأمم يوما بأناشيد وأغان قليلة المفعول سريعة الزوال. بل نهضت بترميم روحها، وعودة إلى مبادئها، وتربية مستدامة وحقيقية على الشعور الدائم بالعزة. ولا يفعل ذلك شيء أكثر من دين همه الأكبر أن تبقى جذوة الاعتزار بالقيم الربانية، والعمل بمقتضاها، وتوريثها للأجيال.
هزمت الأمة يوم تحولّ كثير من ابنائها إلى "قطعان سائمة" لا هم لهم من هذه الدنيا إلا ما يهم الأنعام من الشهوات وتلبية الغرائز. هزمت الأمة يوم استسلمت للظلم والظالمين. يوم أصبح الدين و التدين شعائريا بلا روح.
كيف يمكن لأمة أن تنهض ومساحة الحرية تتقلص يوما يوما بعد يوم؟ كيف يمكن لأمة أن تنهض ونخبها "المثقفة" همهما الأكبر أن تخرج الناس من عبادة الله إلى عبادة الشيطان؟ كيف يمكن لأمة أن تنهض وشبابها يتربى على قيم مستوردة من "زبالة" الغرب؟
سنوات قليلة وسيندثر الجيل الذي قاتل بشراسة لحماية الذاكرة من الزوال، الجيل الذي رأى بعينه جرائم العدو ومجازره بحق الأمة جيمعا. الجيل الذي حاول قدر طاقته أن يبقي على جذوة النضال ضد المستعمر وعبيده.
الجيل الذي قضى حياته يرزح تحت نير الظلم، فقدم الآلاف من الشهداء في أقبية سجون الظالمين وعلى أعواد المشانق التي نصبها لهم ظلمة مجرمون. الجيل الذي حاول الظالمون بكل الوسائل أن يشغلوه بالفرقة و الاختلاف ويزجوه في معارك جانبية.
وسيخلفه جيل رباه المُتسحمِر والمُستحمَرعلى أن العزة شيء من الماضي، وأن العدو ليس سوى "آخر" يمكن التفاهم معه والتحاور معه بل والتنازل له عن كل شيء دون مقابل؟
إن الجيل الذي يتربى في أحضان العلمنة والعلمانيين سيتماهى مع دعوات أولئك بما يقدمونه له من زبدٍ لايزيده إلا خبالا. وهو جيل تحرسه جيوش من المفرّطين بآمال الأمة. تحرسه نُخب معركتها مع دين الله ودعاته، لا مع العدو القادم من وراء الحدود.  
المهمة صعبة وعسيرة وشاقة. إنها معركة حقيقية يمتلك فيها الخصوم كل شيء: مال وإعلام وسطوة باستبداد لم يعهد من قبل. مهمة شاقة تحتاج إلى التفكير والتخطيط والعمل الدؤوب، تحتاج إلى قلوب نقية محبة لأمتها ودينه، وعقول فاعلة تعرف أولوياتها وتتعالى على خلافاتها، وهمم طموحة تعرف أنها ستدفع ثمنا غاليا من أرواحها وأجسادها. ولكنها واثقة بوعد الله سبحانه.
"فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤووا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيرا"
د.صالح نصيرات

أضف تعليقك

تطويع وليس تطبيعا فقط
مخطىء من يظن أن هدف دولة الاحتلال هو مجرد "التطبيع" ببناء سفارة لها وتبادل للتمثيل الدبلوماسي معها، لتكون مقبولة في المحيط العربي و الإسلامي. التطبيع ليس حلم الكيان الغاصب، فهذا قادم وأصبح اليوم أكثر يسرا وسهولة مما تصور المغتصِبون أنفسهم. إذ الهدف النهائي للكيان ومن وراءه من قوى استعمارية تؤمن بنبوءات توراتية وخرافات نسجها العقل الصهيوني عبر الزمن هو التمكين الحقيقي لدولة الاغتصاب من أجل السيطرة على العقول و القلوب في بلاد العرب و المسلمين. فالمتصفح لما قاله "حكماء بني صهيون" عبر قرون، يدرك ببساطة أن صراع هؤلاء ليس من أجل بناء هيكل في القدس فقط، ولا من أجل تعايش سلمي مع العرب، ولكن الغاية أبعد من ذلك بكثير. فالهدف النهائي هو دولة تسيطر على المنطقة اقتصاديا وثقافيا وعسكريا.
وعندما يكون دافع المنبطحين من تلقاء أنفسهم هو الحفاظ على انفسهم حكاما لدويلات ليس لها مقومات الدول، ولو كان ذلك على حساب مصالح الأمة والشعوب العربية، فإن من السهولة بمكان على العدو أن يتمدد وأن يستقر ويبقى. ولن يتحقق ذلك إلا بتطويع العقل العربي وقلبه ومزاجه لقبول هذا الواقع.
ولأن العدو حدد غاياته وأدواته وعرف طبيعة هذا العقل وهذا القلب معرفة قامت على أسس علمية ودراسات وأبحاث قام بها هؤلاء المحتلون، فإن نسبة نجاحهم عالية وعالية جدا للأسف.
إن أدوات تنفيذ المخطط الصهيوني هذا قد تم اختيارها بعناية فائقة. ففي خدمة هذا المخطط نخب سياسية وثقافية واقتصادية تبحث عن مصالحها الآنية، وهي مصالح في النهاية تصب في خانة مصالح العدو.
إن العدو يعرف تماما مكامن القوة في هذه الأمة، ويعرف عدوه الحقيقي. فهو يعرف أن إسلاما مقاوما وثقافة جهادية وذاكرة حديدية لا تنسى مافعله العدو بهذه الأمة هي أعمدة وأركان مهمة في هذه المعركة.
ولذلك فقد استطاع العدو  بالتعاون الصريح والخفي مع أصحاب المصالح، أن يجرّد الأمة من تلك العناصر المهمة. فقد عمل بجد واجتهاد على جعل الجهاد إرهابا، والمقاومة جريمة. وساعده في ذلك قوانين سُنّت، وجيوش أعدت، وإعلام هابط، وإلهاء متعمد للجيل لتحقيق ذلك الهدف.
ولذلك لاغرابة أن تجد عربيا مسلما يدافع عن العدو، ويفرش له الطريق ويمهدها، بل أكثر من ذلك يقف مع العدو في خندق واحد ضد كل من يرى فيه خطرا على المشروع الصهيوني.
فهل تدمير المشروع الإسلامي بتغييب العلماء خلف القضبان، وتجريم كل من يدعو إلى الإسلام الحضاري الذي يقيل أمة الأسلام من كبوتها، وإعادة صياغة العقل العربي من خلال الإعلام الموجه و المناهج الدراسية المصممة "للقبول بالآخر" ولو كان عدوا صريحا، وقلب مفاهيمه والتضييق على المسجد وإلغاء دوره جاءت صدفة؟؟
إننا عندما نحذر أمتنا وخاصة شبابنا من الانحدار في مستنقع الشهوات، والسير في ركاب الهابطين واتخاذهم قدوات لهم، إنما نفعل ذلك لقناعتنا أن هذه هي من أهم وسائل العدو وأدواته لتحقيق أهدافه.
لقد هيأ الإعلام والفن والاستبداد وإفقار الناس وتجريم التدين الحقيقي وتزييف الوعي العام ورفع سقف الهجوم على كل مظاهر التدين، للدخول في منطقة "التطويع" الاختياري والانقياد الأخرق للصهاينة العملاء قبل الصهاينة الأصلاء.
ولامخرج من هذه الأزمة إلا ببرامج حقيقية تعيد لشبابنا وأبنائنا هويتهم وذاتهم التي تربي فيهم العزة والاعتزاز بعرويتهم ودينهم، وتحيلهم من مستهلكين لقمامات الغرب الفكرية و الثقافية، إلى منتجين للعلم والمعرفة والثقافة الهادفة.
د.صالح نصيرات

أضف تعليقك

من الهزيمة العسكرية إلى الاستسلام والخنوع: مسلسل التطبيع العربي
بدأت معركة النظام العربي مع الصهاينة عام 1948 وانتهت بهزيمة هذا النظام ، وكانت النتيجة اغتصاب جزء كبير من فلسطين، وقيام دولة الاغتصاب. ولأن النظام العربي في تلك الأيام كان "ليبراليا" و"أتوقراطيا" في نفس الوقت، فقد خسر هؤلاء الجولة لصالح أنظمة"العسكر" الذين رفعوا شعار تحرير فلسطين ابتداء من انقلاب حسني الزعيم عام 1949 مرورا بانقلابات عبدالناصر1952 وعبدالكريم قاسم 1958 فالبعث السوري 1963 فالبعث العراقي عام 1968 فالقذافي 1969 فالنميري 1969 فحافظ الأسد عام 70/71.
وقد كانت هذه الانقلابات وبالا على الأمة. فالذي قرأ وسمع عن هذه الانقلابات يجد أن مهمتها الأساسية كانت التمكين الحقيقي لدولة الاغتصاب. حيث تم القضاء على الحياة السياسية تماما، وتم أيضا القضاء على الجيوش العربية من خلال عسكر لم يدخروا جهدا في تقديم زملائهم ورفاق سلاحهم والأبرياء من الضباط والجنود إلى محاكمات صورية ثم إعدامهم بذريعة "الانحراف" عن الخط الثوري وخروجهم على الحاكم بأمر الله. ولم تقف عند ذلك بل انخرطت في حروب عربية- عربية كما فعل عبدالناصر في اليمن. فلم تأت حزيران 67 حتى كانت الجيوش طائفية ومسيسة وخادمة للأنظمة التي كانت مرتبطة بأجهزة المخابرات العالمية كما جاء على ألسنة من قّدر له أن يفلت من قبضة عصابات الإجرام التي تحكم تلك البلاد.
وجاءت هزيمتهم المنكرة والمتوقعة في عام 67 لتصبح فلسطين بأكملها والجولان وسيناء في قبصة اليهود. ولم تأت هذه الحرب من فراغ بل جاءت بعد أن قضى العسكر على كل معارضة لهم إسلامية وغير إسلامية.
وبدأ هؤلاء أنفسهم رحلة التمكين ليهود من خلال تطبيع السادات في اتفاقية كمب ديفيد  ثم كرت السبحة  فتقاطر العرب للسلام المزعوم مقابل رشاوى  فأصبحت بموجبها دولة  الصهاينة معترفا بها. والعرب حرس لحماية العدو التاريخي للأمة، وتجاوزوا ذلك فحاربوا كل مجاهد ونكلوا بكل مخلص وصادق.
وخلال العقود الخمسة الماضية تمت عملية "غسل دماغ" منظم للعقل العربي للقبول بالواقع، والاستسلام له. ولم تكن عملية سهلة، إذ خاض العسكر معارك كثيرة لتأمين هذا الانتقال من "الثورية" إلى "الواقعية". حيث كانت الحروب موجهة للتيار الإسلامي بدرجة كبيرة، فتم شل فاعلية  الحراكات خصوصا الإسلامية التوجه في مصر وسوريا والسودان وليبيا وحُجّموا في بلاد أخرى وصولا إلى وصمها بالإرهاب والتكفير وبث الفتن.
وفي الأثناء فتحت الدنيا أبوابها لبعض العرب من أصحاب البترول، فتحولوا وبطريقة مدروسة ومنظمة إلى مجتمعات استهلاكية لا همّ لأهلها إلى اللهاث خلف الغرب وما أفرزته ثقافته من أنماط سلوكية أدت إلى القضاء على الثروة العربية من البترول وتبديدها على شراء الأسلحة "الخردة"  وقيام مجتمعات مفككة اجتماعيا، ومنسلخة عن عروبتها ودينها، حتى وصل هؤلاء اليوم إلى الاستدانة والوقوع في فخ رسمه لهم سادتهم في واشنطن ولندن.
ولم تكن عمليات تغيير الأنظمة في بعض البلاد والحروب العربية العربية والقضاء على "الربيع العربي"  عبر انقلابات مدبرة ومنسقة مع الكيان الغاصب وراعيتها أمريكا و أوروبا إلا للقضاء على اي بارقة أمل لقيام أنظمة ديمقراطية شعبية حقيقية تنطق باسم الشعوب، وتقيم أوطانا ودولا محترمة تستقل في قراراتها السياسية و الاقتصادية. وتولى كبر دعم هذه الانقلابات دول النفط لتنال الحظوة عند يهود ولتبقي على عروشها.
ثم جاء تغيير المناهج بحذف كل ماله علاقة بفلسطين والعروبة و الدين باسم التطوير والتحديث والانسجام مع عالم تفرضه السياسة الغربية المتحالفة مع كل ما هو معاد للدين والقيم والإنسانية الرفيعة، و تم استخدام الإعلام المرئي والمسموع بصحافة ورقية والكترونية تم إنشاؤها بأموال العرب لغرس قيم لادينية يقوم عليها علمانيون لادينيون يشدّ من أزرهم علماء سلاطين باعوا أنفسهم بثمن بخس. فقدموا الفتاوى التي تمجد الاستسلام والتطبيع  بتحريف الكلم عن مواضعه وتزوير التاريخ.  ولم يكتفوا بذلك بل جاءت أفلام ومسلسلات وكتب وروايات تحقّر رموز الأمة من خالد بن الوليد إلى صلاح الدين و كل من ثار على الظلم يوما و تُمجد "السلام" لترسيخ ثقافة الاستسلام للعدو وإنشاء جيل من أبناء العرب وبناتهم يعيشون للتوافه بحيث اصبح الشاب العربي – إلا من رحم الله- مثالا على التفاهة والسطحية والابتذال، وما نراه اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي ليس سوى ثمرة خبيثة لعمل الشياطين الذين كرّسوا حياتهم لخلق هذا الجيل العابث المستهتر. ولم يكتف شياطين العرب بذلك، بل تحالفوا مع مؤسسات مشبوهة ومنظمات متصهينة لتشكيك الشباب بمصادر العزة ومنهاج الحياة الأمثل: القرآن  الكريم والسنة المطهرة والسيرة العطرة لرسولنا الكريم وصحابته الأبرار. كل ذلك تمهيدا للقبول بالعدو العاصب ثم إعلان الحرب على كل من يحاول القيام بأي عمل وطني في فلسطين. فاصبح الجهاد الفلسطيني في نظر الأعراب إرهابا يتطلب القضاء عليه لضمان بقاء العروش ومن ثم التطبيع الكامل معه، واعتبار ذلك "إنجازا تاريخيا".

د.صالح نصيرات

أضف تعليقك

الصدق: الفريضة الغائبة
"يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"
الصدق فضيلة عظيمة "وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عن الله صِدّيقا" صدق رسول الله صلى الله عليه سلم. في زمن الفتن والنكبات تظهر معادن الناس "آلم. أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلم الله الذين صدقوا ويعلم الكاذبين". فالاختبار الإلهي لصدق الناس حتمي، إذ أن كل من شاء يستطيع أن يدعي ما يشاء، ولكن الفعل يصّدق تلك الأقوال أو يكّذيها.
والأصل في المسلم ان يكون مع الصادقين امتثالا لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين". فمن علامات التقوى مصاحبة الصادقين والنأي بالنفس عن مجالسة الكذابين والاستماع لهم وتصديقهم لمصالح عارضة.
واليوم، يكثر اللغو وتكثر الثرثرة، ويكثر الكذّابون على الله وعلى الناس. فما نقرأ من مقالات وتغريدات ومنشورات لا حصر لها، نجد فيها الكثير من الغثاء الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، ونجد فيها ادعاءات بحب الوطن والحرص عليه وكذلك الحرص على الدين ونقائه من انتحالات المبطلين. وكثيرا ما تخفي هذه المنشورات والتغريدات كذبا مفضوحا لايمكن إخفاؤه مهما حاول الكذّابون.
والصدق يعني انسجام القول مع الفعل، والتأكد من أن الكلام الذي يقال يعكس حقيقة ما يجول في النفس، ويصدقه العمل.  وفي زمن غابت فيه الكثير من القيم، وأصبحت المصالح الشخصية والأنانيات تحكم سلوك الكثيرين، ظن قوم أن كذبهم سيمُر، وأن باستطاعتهم خداع الناس، وما علموا قول تعالى "ولتَعرفنَّهُم في لحن القول".
لقد كان الشاعر العربي واضحا في بيان فضائح القوم " ومهما يكن عند امرىء من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تُعلم". فمهما حاول الكذاب تغطية كذبه بمعسول الكلام فإنه مفضوح لأن الله سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وللأسف أننا نقرأ لأقوام نعرفهم ونرى سلوكهم، ونستغرب منهم مواقف لم تكن يوما من خليقتهم. فمصالحهم تملي عليهم أن يتدثروا بالكلام، ولكنه دثار رقيق إذ لا يتجاوز حناجرهم. ولكن في زماننا انطلى على الناس الكذب أو صدّقوا الكاذبين لما يرون في ذلك من تحقيق ما يصبون إليه من مال أو جاه أو سلطة ونفوذ. وقد حذرنا الحبيب المصطفى في حديثه المشهور من أيام كهذه بقوله "سيأتي على الناس سنوات خداعات؛ يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكَذَّب فيها الصادق…".
فالصادق في زمن الكذب متهم بالتهور والسذاجة والبساطة، أما الكذّاب فهو الحكيم والواقعي والمنطقي. وهذا الكذّاب مقدم عند أمثاله الذين لايتوانون عن جعله أنموذجا للرشد والصلاح والكياسة والسياسة. والصادقون لا يستطيعون البقاء في بيئة الكذب، فهم أنقياء لايريدون أن يتلوثوا بهذه البيئات الفاسدة والتي تغطي مصالحها وأنانياتها بالكذب المفضوح.
ولأن الكذب عموما يحتاج إلى غلاف مقبول، فإن أكثر ما قد يلتبس على الناس أقوال مغلفة بالوطنية والتدين. فيصبح شرف الوطن وقدسية الدين أدوات للكذّابين للتلبيس على العامة. وهذه ظاهرة نراها اليوم بشكل لا تخطئة العين.
لقد مرّ على هذه الأمة كذابون كثر، قادوها إلى الهلاك. فكثير من زعماء الأمة ممن ادعوا الوطنية والعروبة وحب الأوطان تبين للناس كذبهم وفجورهم، مع أن بعض الفئات المصللة لاتزال تنشر ذلك الكذب. لقد قال أحدهم يوما " إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية" وفي سجونه كان تسلخ جلود البشر، ويُعدم الصادقون، وتُنتهك أعراض المنادين بحرية الكلمة.
وحتى الذين تلبسوا بالدين و التدين وجعلوه أداة يوظفونه لخدمة مصالحهم كما قال أحدهم "الإسلام كالصقر.. تدربه ثم تصيد به". حيث تم تدريب اقوام وتدجينهم واصبحوا أدوات بيد الكذابين. وللأسف أن قوما صدقوا كذب أولئك، فاصبحوا لايرون الدين إلا بطاعة مطلقة لأولئك الكذابين حتى رفعهم بعض الدجالين إلى مرتبة النبوة.

د.صالح نصيرات

8 أغسطس, 2020 حصاد الهشيم

أضف تعليقك

حصاد الهشيم!
أن تقبع أمة ما في ذيل الأمم فإنها تقوم بذلك اختيارا، إذا تصبح مهمة النخب التنظير والتفلسف، ويغيب عن المشهد العاملون الحقيقيون أو يُغيبًّون لأن أفعالهم تظهر عمليا أن التنظير سهل وأن الفعل المطلوب غائب عن حياة الناس.
عندما تتصفح الصحف والمواقع ومنصات التواصل الاجتماعي ترى عجبا. أهل التدين ليس أمامهم إلا الدعوة للإعجاب بصوت المقرىء  فلان أو المقرئة علّانة. والذين يرون التدين تخلفا ورجعية يسيرون على نفس الأسلوب فينشرون من غثاء لا يسمن ولا يغني من جوع.  يريدون به إعجابا من هذا  وهذه.
الغثائية تأتي عندما تفقد الأمة القدرة على الحركة الإيجابية، وتنتهي معها المبادرات العملية. وهذا ينبئ عن حالة من اليأس والإحباط لا أكثر.
إن أسهل شيء أن نتحدث عن مؤامرات "الآخر" علينا وكيده الذي تزول منه الجبال، ونتوقف عند ذلك دون رؤية للعمل أو الحل.
نعاني من فوضى حياتية غير مسبوقة. ويبرر قوم تلك الفوضى بأقوال كثيرة، وكلها تصب في توجيه المجتمع إلى القبول بالواقع دون محاولة حقيقية لتغييره.
شبابنا يقضون أوقاتهم يتعاركون في المقاهي أو يتفننون في قتل الوقت على الطرقات وعلى "المطلات" يلوكون الكلام ومعه أشياء أخرى لانعرف إلى أين ستوصلهم.
تؤوي إلى فراشك فإذا بأصوات سيارات "تفحط" في الشوارع بلا رقيب و لاحسيب، مراهقون يركبون سيارات مهترئة تغيب وعيهم فيتصرفون ك"حمر مستنفرة فرّت من قسورة". تذهب إلى صلاة الفجر فإذا شباب جالسون في سياراتهم يحتسون الشراب وينفثون دخان سجائرهم. أين الآباء الذين ينامون وأبناؤهم هائمون في الشوارع وعلى الطرقات؟ أين المؤسسات الرقابية والأمن من هذه الظواهر التي لم نعرفها يوما؟ أين غابت القيم التي تراعي حال الناس في ليل أو نهار؟
شوارع قذرة بفعلنا نحن وبعجز واضح من البلديات، وكثير من أهل الخير و الصلاح ليس عندهم سوى دعوات لتلاوة أدعية تطلب رزقا سهلا أو تطيل العمر وتزيل الهم. أما المبادرات المجتمعية للتعاون على البر و التقوى والخير والإصلاح فلا وجود لها إلا في أضيق نطاق.
فشل حقيقي في التربية الأسرية و المدرسية والمسجدية. وليس أمامنا سوى لوم "المجهول" الذي يريدنا هكذا. هل من المعقول أنه بعد مايقرب من مائة عام على "الاستقلال" يعود العربان يستجدون مستعمريهم للعودة لتنظيف شوارعهم وحماية موائنهم وتسديد دونهم؟ هل من المعقول أن أمة حصلت عشرات التريليونات خلال عقود قليلة تعود لتقترض وتعيش على "مساعدات" تمنّ بها دول الاستعمار القديم؟
هل من المعقول أنه ليس لدينا سوى شتم بعضنا البعض وقتل بعضنا البعض وتخوين بعضنا البعض؟ صحافة مضللة وإعلام بلا ذوق ونخب تزيف الوعي إلا ما رحم ربك.
في التعليم والتربية في ذيل الأمم، وفي القيم لسنا بأحسن حال من غيرنا. تراكم الإهمال لعقود نحصده اليوم. فهل من مدّكر؟؟؟

د.صالح نصيرات

أضف تعليقك

 لغة السياسي ولغة الواعظ
د. صالح نصيرات
بداية أود التنبيه على أمر مهم جدا وهو أن القصد من هذه المقالة علمي بحت ولا علاقة له بأحد على وجه التعيين.
اللغة أداة تواصل كما أنها وسيط التفكير وليست مجرد أصوات أو كلمات. وللحقيقة فإن البحث العلمي في اللغة أدى إلى الكثير من النقاش حول دور اللغة في بناء تصورات الفرد حول عالمه أو إنشاء عالمه الذي يريد، وكيف تستطيع اللغة فرض قواعدها على المتحدث والسامع.
ولأن اللغة أداة تواصل فإن المتحدث  يحتاج إلى معرفة أمور عدة تتعلق بحال المخاطَبين وتوقعاتهم من المتحدث. فمن يذهب إلى المسجد أو أي دار عبادة، فإنه يتوقع لغة: مفردات وعبارات وأساليب بيان تختلف عن الذي يذهب لحضور لقاء جماهيري مع سياسي أو حوار تفاوضي بين سياسيين.
فالواعظ في المسجد يتوسل بأساليب إقناع تتمثل في سرد القصص خصوصا القصص التي تحوي مبالغات ومُثُلٍ وقيم معينة والاستشهادات من مصادر المعرفة الأساسية للدين من قرآن وسنّة ومقولات العلماء. في حين أن السياسي يستخدم لغة أخرى  لتحقيق هدف يتمثل في إقناع المخاطبين ببرنامج انتخابي أو جرد حساب لما تم إنجازه أو حديث عن الواقع والمستقبل.
ويقع اللبس عندما يستخدم السياسي لغة الواعظ والواعظ لغة السياسي دون الشعور بضرورة التمييز بين أدوات الخطاب وأساليبه في الحالتين. فكل فريق تم تدريبه وتعليمه بطريقة تختلف عن الآخر.
وبما أن الوعظ مهمته إذكاء شعور المستمعين وشحنهم عاطفيا من خلال اسلوبي الترهيب والترغيب، فإن لغته تميل عادة إلى استخدام مفردات ذات حمولة عاطفية لتحقيق الهدف المنشود. وهذا الأمر لا يتأتى إلا باستخدام لغة القطعيات واليقينيات وعدم استخدام لغة نسبية يمكن أن تكون مفتوحة على تفسيرات وتأويلات مختلفة. كما أن لغة الواعظ تميل إلى أسلوب "الفرض" لذلك نجده يستخدم  عبارات مثل
"علينا أن نفعل كذا وكذا ونتجنب كذا وكذا" ولغة التقريع أحيانا  " إننا لانجد من يقوم بأداء الفرائض والواجبات المطلوبة"  ومنها أيضا لغة التهديد والوعيد "فإن لم تفعلوا كذا فسيصيبكم كذا.." ولذلك نجد كثيرا من المستمعين يضيقون ذرعا بهذا النوع من الخطاب، وينتظرون اللحظة التي ينزل فيها الخطيب عن منبره أو الواعظ عن كرسيّه. على أن العامة –عموما- يجدون لذة في الاستماع إلى الخطباء المفضلين لديهم، ولو أنهم لا يفعلون إلا القليل مما طلب منهم. والوعاظ يميلون عادة إلى رفع الصوت وتلوينه  وتنوع في طبقات النبر والتنغيم.
أما لغة السياسي فهي لغة تحتلف تماما ويجب أن تختلف عن لغة الواعظ، وإلا وقع السياسي في مشكلة الإلزام الذاتي بما لا يستطيع تنفيذه من وعود وعهود. وبما أن السياسة فن الممكن، فإن السياسي الماهر يستخدم لغة نسبية، ويكثر من استخدام الاستثناء وكذلك أفعال المقاربة والشك. كما أن استخدام أفعال الشرط وأدواته مهمة للسياسي.
ويستخدم السياسي – عادة- لغة فيها الكثير مما يسميه علماء الخطاب "الكلام المتناقض". أي أنه قد يقنعك بمايريد ثم يستطيع نقض ذلك الكلام حسب حاجته.  كما أنه يستخدم لغة المراوغة  من خلال المجازات والاستعارات التي يمكن أن تحتمل أكثر من تفسير وتأويل.
المهم هو أن ندرك أن من يتصدى للعمل السياسي والحوار والتفاوض يحتاج إلى أكثر من قناعاته الشخصية أوعقيدته السياسية عند الحديث للجماهير، بل لابد من معرفة ودربة لا ستخدام أساليب الخطاب المختلفة حتى لايقع أسيرا لكلام قد يعود عليه بالضرر.