أولويات الأسرة المسلمة وهمومها في عصر العولمة
هل نرى تحالفا وطنيا لحماية الأسرة؟
د. صالح نصيرات

تدور حوارات مهمة ونقاشات كثيرة حول هموم الأسرة المسلمة في عصر العولمة. وقد تكون النقاشات حول قضايا جزئية تتعلق بالسلوك اليومي لأفراد الأسرة أو الأدوار المختلفة لهم على المستوى الخاص بها. وقد تتطور النقاشات لتصبح ذات أبعاد كلية، فتهتم بما يدور في عالم اليوم وقنوات الاتصال ووسائله، بالإضافة إلى محاولة فهم ماذا يُراد بمفهوم الأسرة نفسه، والمحاولات المحمومة من قبل دعاة إلغاء المفهوم التقليدي والمتعارف عليه بين عقلاء البشر وذوي الفطر السليمة وأولئك الباحثين عن سبل هدم هذا المكون الفريد والذي يشكل عمود المجتمع وأساس تشكله وتكوينه.
و لأن كثيرين لايعرفون الفلسفة التي تحكم المنادين بالقضاء على المفهوم التقليدي للأسرة، ولا الرؤية التي يعملون على تنفيذها، ومجالات العمل والنهايات المتوقعة، تصبح تلك النقاشات محدودة النفع، وقليلة الفائدة. وقد ينتج عنها خلافات بل مشكلات أكبر للأسباب التي ذكرناها.
ومن هنا تقع المسؤولية على عاتق المربين وعلماء الدين المستنيرين وعلماء الاجتماع والتربية والفكر الاجتماعي لتبصير الناس بما يجري، وما يحاك في الظلام والعلن من خطط ومؤامرات على هذا البنيان الأهم في حياة الناس.
والمسؤولية تعني أن يقدم الخبراء و المختصون قراءات موضوعية وذات مصداقية ومدعمة بالأدلة والبراهين والأمثلة الواقعية التي تمس حياة الناس، والابتعاد عن المغالاة وتثوير العواطف والغرائز، وعدم تقديم معلومات مغلوطة، قد تصل أحيانا إلى الاتهام دون دليل.
ومن أهم مصادر المعلومات حول هذه القضايا التقارير الدورية للجمعيات النسوية المحلية والغربية، وتقارير المنظمات والمؤسسات الممولة لمشروعات تهدد الأمن الاجتماعي وتغري قليلي العلم و المعرفة وممن لايدركون مرامي وأهداف تلك المنظمات بالترويج لها ودعمها.
في الندوة الي عقدت يوم أمس 18/6/2022 بترتيب من المبادرة الاردنية للنهوض بالتعليم ومنتدى تدريب وتمكين الاسرة والطفل، قدمت عالمة الاجتماع الدكتورة بيان فخري قراءة مهمة وواعية وعلمية موثقة بالجهود التي تبذلها منظمات محلية ودولية لتغيير المفاهيم والعلاقات داخل الأسرة. كما قدم فضيلة الدكتور صلاح الشويات مدير معهد القضاء الشرعي محاضرته القيمة بالإشارة إلى دور دائرة قاضي القضاة الإيجابي في الوقوف في وجه الحملة الشرسة على قانون الأحوال الشخصية والعنت التي يلاقونه في الرد على من يريد بالأسرة الأردنية سوءا. كما قدمت الأستاذة سونيا الرمحي شواهد وأدلة من مناهج اللغة العربية والتربية الوطنية والرياضيات وغيرها على محاولات تسريب أفكار ومفاهيم تهدد الاسرة وكيانها. كما أن الحوار الذي أعقب الندوة كان مثمرا ونافعا خاصة من الخبيرات والخبراء الذين أسعدونا بالحضور.
إننا نقدر عاليا دور هؤلاء الخبراء والعلماء وجهدهم المبارك في بيان ما ستؤول إليه الاسرة الأردنية إذا تم لتلك المنظمات والمؤسسات تحقيق أهدافها. ويجب ألا يقتصر الدور على هذه النخبة المباركة من أبناء الوطن وبناته، بل لابد أن يكون لكل أردني مخلص لوطنه وقيمه الأصيلة دورا في هذه المعركة الشرسة. وذلك من خلال التثقيف الفردي و الأسري، والتواصل مع أعضاء مجلس الأمة من نواب وأعيان وتوعيتهم بالمخاطر التي ستحصل إن هم وقفوا وقفة المتفرج وقبلوا أن يشرعوا القوانين التي يريدها أولئك.
إنني أدعو إلى إنشاء التحالف الوطني للدفاع عن الأسرة من المؤسسات الشعبية والقوى الوطنية للوقوف في وجه الهجمة غير المبررة على بنيان الأسرة ووظيفتها الحيوية في مجتمعنا الأردني.