19 ديسمبر, 2022 لغات زائفات
****لغاتٌ زائفاتٌ****
على لسان اللغة العربية تشكو حاضرها ،وتفخر بماضيها:
*
لمـنْ أشكــو الفجيعـــةَ والمُصابــا؟
لمـن ألقــــي الرسالــــةَ والخطابــا؟
*
على صــــدرِ الجـــرائدِ صِرْتُ أُتلى
وأحتضـــــنُ الصحائــفَ والكِتــــابـا
*
وأهلــي غادروا دَوحـــي وأيكـــــي
ولــم أرَ بيــن أغصانــي الصحابـــا
*
تناديـــــهم لغـــــــــــــاتٌ زائفــــاتٌ
نـــــداءً صــــارَ حــــقّا مستـــجابــا
*
لغـــــــاتٌ تدفــــعُ الأجيــــالَ عنّــي
ودونَ جـــداولـــي رَفعــتْ حِجــــابا
*
بَنِــــيَّ بزيفِــــها ضلّــــوا وتاهــوا
وضـــاعَ لسانُـــهم فيــها وذابــــــــا
*
فمِـــنْ كلماتــــها لبســـــــوا رداء
ومِــن ألفاظِــــها نسجـــوا ثيابــــــا
*
ومَـــنْ يرَ فـــي فــم الثعبـانِ شهدا
يكنْ حقّا غبـــيّا أو تغابــــــــــــــــى
*
وهــل ينجـو مَن اصـطحبَ الأفاعي
ومَـــن آخى العقـــاربَ والذئابــــــا؟
*
وأفجـــعُ مـــا يُرى في الكون سـاعٍ
لتهلُكـــــةٍ ولا يُلقـــــــي حســــــابـا
*
كــأنّ بلاغــــةَ الماضـــي تلاشـتْ
فمــا بعثــــتْ نسائــــمَ أو سحابـــــــا
*
وغيــــثُ فصاحــةِ الكلمــاتِ ولّى
علـــى أعقابـــه وأبـــــــى إيابـــــــــا
*
وبحــرُ النحْـــوِ جـــفّ بلا ضفـافٍ
أمــا كـــــانت شواطئُــــه خِصــــابا؟
*
يضمّــخُ أحــرفي ونـــداءَ صَـرفي
عقـــوقُ ابـــنٍ عصانـي مـــــا أجــابا
*
أعاتبُــه وعنّــــــــي القلـــبُ لاهٍ
ومــــا سمــــعَ النـداءَ ولا العتــــــابا
*
رأى دُرّي وياقــــــــــوتي ولكــنْ
كســــــا أجيـــادَ أحرفـــــــه ترابــــــا
*
خمائــــــلُ ثغـــرِه لم تلــــقَ فيها
عبيــــرَ فصاحـــــةٍ صــــارتْ ســرابا
*
جـــرى خلـــفَ اللغــاتِ بـلا اتّقاءٍ
فمـــا لــزمَ الســدادَ ولا الصـــــــوابا
*
سلـــوا عن حقبـةٍ من فجرِ عزّي
علـــى هــــام السنــا تجدوا الجوابا
*
وكـان الزهرُ أزهـى في غصوني
وكــان النــورُ في كفّـــــي خضــــــابا
*
وحرفــــــي ناصـــــعٌ زاهٍ نــــديّ
تزيّـــــا فــــــوق هامتـــــــه شـــهابا
*
نثــــرتُ لآلئــــي وسُـــلافَ دُرّي
قصــــائدَ فـــي فـــم الماضـــي عِذابـا
*
مدادُ النظْــــم أخرجـــها قريضــا
وحســنُ السبْــــكِ كـــانَ لهـــا إهابـــا
*
جَـــرَتْ كجــداولٍ والنــاسُ ظمأى
فلَــذَّ فراتُــــــها الأشهــــــى وطابــــا
*
تجــوبُ ضفافَـــها الأحــلامُ نشوى
وتنهـــلُ مِـــن منابِعهــا شرابـــــــــــا
*
ومَنْ ينســــــى زهيرا وامرأ القيـ
س والأعشـــى وإنْ رحلـــوا غيابا؟
*
فوهـــجُ قريضِهـــم سيظــــلّ بدرا
فتيّــا ضــــــوؤُه يطـــوي الضبابــــا
*
ومَــن ينســـى الخليــلَ وسيبويهِ؟
فهل تركــــا لبحــرِ النحــوِ بابــــا؟
*
ومـَـنْ مِــنْ بعدهـــم بذلـوا وجدّوا
ومــا قصـــدوا العطايــــا والثــــوابا
*
ولولا جدّهــــم سعيــــــــا وبــذلا
لكـــــان النحــــــوُ بعدهــــــم خرابـا
*
فهل مـــنْ عـــودةٍ لرحيــــقِ حرفي
فكـــم مِــنْ غائـــبٍ لثـــــــراه آبـــــا؟
*
ستشـرقُ عن جبينِ النور شمسي
إذا ابنــي عـــن ســرابِ الزيفِ ثابــا
*
ونحْــوي صــــار للعليــــــا مطايا
وصَــــرْفي نحـوَ عزتــــــه رِكابـــــا
*****
الشاعر حسام إبراهيم هرشة / فلسطين