صَلّوا عَلى الْهادي الْبَشيرِ الْمُصْطَفى *** بِمَديحِهِ قِنْديلُ شِعْري ما انْطَفا
صَلّوا عَلى خَيْرِ الْأَنامِ وَآلِهِ *** ما شِعْرُ فَحْلٍ في الْمَرابِدِ رَفْرَفا
صَلوا عَلَيْهِ وَسَلِّموا ما أَنْصَتَتْ *** أَرْواحُنا لِمَنِ الْمَسامِعَ شَنَّفا
صَلّوا عَلَيْهِ كُلَّ حينٍ وَاذْكُروا *** مَنْ في السَّماءِ بِأَحْمَدِ الْخَيْرِ احْتَفى
خَيْرُ الصَّلاةِ عَلَيْهِ أَنْ نَقْفوْ الْخُطى *** يا فَوْزَ مَنْ هَدْيَ الْبَشيرِ قَدِ اقْتَفى
أَنَاْ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ إِلّا وَانْتَهى *** حُزْني، وَدَمْعي ذِكْرُ أَحْمَدَ كَفْكَفا
أَنَاْ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ إِلّا وَانْزَوى *** غَمّي، وَهَمّي انْجابَ عَنّي وَاخْتَفى
أَنَاْ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ إِلّا كَبَّرَتْ *** روحي وَصَلَّتْ في رِحابِ الْمُصْطَفى
في لَيْلَةِ الْإِسْراءِ وَالْمِعْراجِ قَدْ *** أَهْدى فِلَسْطينَ الْبَشيرُ الْمُصْحَفا
ما زالَ في الْقُدْسِ الْعَتيقَةِ عِطْرُهُ *** مُذْ مَسْجِدي الْأَقْصى الْمُبارَكَ شَرَّفا
مُذْ أَمَّ فيهِ الْأَنْبِياءَ جَميعَهُمْ *** وَلِغَيْرِهِ الْمِحْرابُ شَوْقًا ما هَفا
مَهْما يُحاوِلْ حاقِدٌ تَهْويدَها *** مَعَ مَنْ تَآمَرَ جَهْرَةً أَوْ في الْخَفا
سَتَظَلُّ أَرْضُ الْقُدْسِ إِسْلامِيَّةً *** وَسَتَرْفُضُ الْحُكْمَ الَّذي كَمْ أَجْحَفا
يا مَنْ لَهُ الْمِعْراجُ مُدَّ كَرامَةً *** مِنْ صَخْرَةِ الْقُدْسِ الْمَجيدَةِ لا الصَّفا
الْيَوْمَ صَخْرَتُكَ الَّتي شَرَّفْتَها *** تَشْكو إِلى قاضي السَّماءِ الْمُجْنِفا
تَشْكو إِلى اللهِ الْمُهَيْمِنِ حُكْمَ مَنْ *** زادوا الشُّعوبَ تَراجُعًا وَتَخَلُّفا
وَرِماحُهُمْ أَدْمَتْ ظُهورَ شُعوبِهِمْ *** كَمْ ظالِمٍ في الْقَتْلِ كِبْرًا أَسْرَفا
لَمْ يَشْهَدِ التّاريخُ قَبْلُ مُخَنَّثًا *** يرجو الأعادي شعبَهُ أنْ تَقصِفا
الْقُدْسُ قَدْ باتَتْ رَهينَةَ ظالِمٍ *** مُذْ أَسْكَنَ الْعُرْبُ السُّيوفَ الْمَتْحَفا
وَزُلَيْخَةُ اتَّهَمَتْ عُيوني بِالزِّنا *** لَمّا رَأَتْني طاهِرًا مُتَعَفِّفا
أَحْصَنْتُ فَرْجي حينَ قَدَّ قَميصَها *** عُهْرُ الَّذي شَرَفَ الْعُروبَةِ قَدْ جَفا
يا صاحِبَ الْمِعْراجِ شِعْري عاجِزٍ *** لكِنَّ قَلْبي بِالْمَحَبَّةِ قَدْ صَفا
كَلَّمْتَ رَبَّكَ في السَّماءِ وَلَمْ يَقِفْ *** أَحَدٌ بِها إِلّاكَ ذاكَ الْمَوْقِفا
فَأَتَيْتَنا مِنْ عِنْدِهِ بِفَريضَةٍ *** مِنْ فَضْلِها مِنْ فَوْقِ سَبْعٍ كَلَّفا
لَوْ أَنَّهُ رامَ الْمَشَقَّةَ لِلْوَرى *** ما كانَ مِنْ خَمْسينَ عَنْهُمْ خَفَّفا
إِنَّ الصَّلاةَ هَدِيَّةُ الْمَلِكِ الَّذي *** بِلقائِهِ مَنْ رامَ فَضْلًا شَرَّفا
ما ثَمَّ مَلْكٌ غَيْرُ رَبِّكَ كُلَّما *** عَبْدٌ أَرادَ لقاءَهُ ما اسْتَنْكَفا
يا صاحِبَ الْخُلُقِ الْعَظيمِ تَحِيَّةً *** لَمْ يَعْرِفِ التّاريخُ مِثْلَكَ مُنْصِفا
حَرَّرْتَ آلافَ الْعَبيدِ فَوَيْحَ مَنْ *** لَمْ يَفْهَموا ما جِئْتَهُ مُسْتَهْدِفا
كَمْ مِنْ نُصوصٍ أَزْهَقوا أَرْواحَها *** إِذْ مَقْصِدُ التَّشْريعِ غُيِّبَ فَانْتَفى
وَجَعَلْتَ حَظًّا لِلنِّساءِ وَكُنَّ ما *** يَوْمًا وَرِثْنَ وَإِنْ خَضَبْنَ الْمَذْرِفا
شُفِّعْتَ دونَ الْأَنْبِياءِ جَزاءَ أَنْ *** كُنْتَ الَّذي مِنْ بَعْدِ مَقْدِرَةٍ عَفا
يا أَيُّها الْأُمِّيُّ كَمْ مِنْ عالِمٍ *** لَوْلاكَ ما كانَ الْعَليمَ لِيَعْرِفا
وَلَكَمْ أَتى يَبْغي مَعارِفَ جُمِّعَتْ *** في بِئْرِ حِكْمَتِكَ الْحَكيمُ لِيَغْرِفا
بِكَ بَشَّرَ الْإِنْجيلُ إِذْ عيسى الَّذي *** شَكَّ الْحَوارِيّينَ في اسْمِكَ قَدْ نَفى
ما ضَرَّ مَجْدَكَ مَنْ مَحى مُتَعَمِّدًا *** مِنْهُ الْبِشارَةَ وَاسْمَ أَحْمَدَ حَرَّفا
ما كُنْتَ طالِبَ شُهْرَةٍ أَوْ سُلْطَةٍ *** حاشاكَ تَطْلُبُ زائِلًا وَمُزَيَّفا
تَفْنى عُروشُ الْأَرْضِ بَعْدَ مُلوكِها *** وَيَظَلُّ مَنْ ما نامَ يَوْمًا أَوْ غَفا
وَزَهِدْتَ في الدُّنْيا وَفي شَهَواتِها *** وَفُؤادُكَ الْمَلَأَ الْكَريمَ تَشَوَّفا
كَمْ مَرَّةٍ أَعْطَيْتَ دَرْسًا رائِعًا *** إِذْ بِالْفِعالِ الْقَوْلُ دَوْمًا أُرْدِفا
لا تَنْدَمَنَّ عَلى الَّذي قَدْ فاتَ مِنْ *** فُرَصٍ فَتَهْلِكَ حَسْرَةً وَتَأَسُّفا
لَوْ كانَتِ الدُّنْيا دِيارَ مُقامَةٍ *** لَمْ يَتْرُكِ الْجَبّارُ فيها مُتْرَفا
لَوْ كانَتِ الدُّنْيا تُساوي جيفَةً *** ما أَهْلَكَ الْمُدُنَ الْعِظامَ وَأَتْلَفا
لَوْ ساوَتِ الدُّنْيا جَناحَ بَعوضَةٍ *** لَمْ يَسْقِ مَنْ بِنَعيمِهِ قَدْ جَدَّفا
يا مَنْ لَهُ شَهِدَ الْعَدُوُّ بِخُلْقِهِ *** وَبِأَنَّهُ قَدْ كانَ مِنْهُمْ أَشْرَفا
وَبِأَنَّهُ ثِقَةٌ أَمينٌ صادِقٌ *** وَبِأَنَّ مَنْ عاداهُ كانَ الْمُرْجِفا
ما كانَ فَظًّا قاسِيًا مُتَعَنِّتًا *** وَلَكَمْ بِجِلْفٍ إِذْ دَعاهُ تَلَطَّفا
قَدْ فُقْتَ في إِكْرامِ ضَيْفِكَ حاتِمًا *** كَالرّيحِ مُرْسَلَةً وَلَمْ تَكُ مُسْرِفا
وَبَزَزْتَ عَنْتَرَةً بِدونِ تَهَوُّرٍ *** وَسَبَقْتَ في حِلْمِ الْعَزيزِ الْأَحْنَفا
أَنْتَ الَّذي الْخُلُقُ الْكَريمُ أَتَمَّهُ *** ما مِنْ سِواكَ أَتَمَّ ما قَدْ أُسْلِفا
لا أَدَّعي شِعْرًا وَلكِنْ قَدْ أَتَتْ *** غُرُّ الْقَوافي كَيْ بِمَدْحِكَ تَشْرُفا
وَأَتَيْتُ رَوْضَتَكَ الشَّريفَةَ عاشِقًا *** كَيْما زُهورَ الْحُبِّ مِنْها أَقْطُفا
كَمْ مِنْ فُحولٍ في مَديحِكَ قَصَّروا *** ما لا نُطيقُ إِلهُنا ما كَلَّفا
لَوْ أَصْبَحَتْ كُلُّ الْبِحارَ دَواتَهُ *** ما بِالْحُقوقِ لِأَحْمَدٍ قَلَمٌ وَفى
فَاعْذُرْ يَراعًا عاجِزًا عَنْ مَدْحِكُمْ *** لَوْ كانَ يَسْطُرُ بِالْعَقيقِ الْأَحْرُفا
إِنّي لَأَطْمَعُ في الشَّفاعَةِ سَيِّدي *** إِذْ لَمْ أَجِدْ عَنْ نارِ رَبّي مَصْرِفا
أَنَاْ ما مَدَحْتُكَ كَيْ أَنالَ جَوائِزًا *** لكِنْ لِكَيْ، مِنْ شَهْدِ حَوْضِكَ، أَرْشِفا
___________________
جواد يونس