11 ديسمبر, 2016 في المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ
بِمَدِيح " أَحْمَدَ " تَفْخَرُ الأَشْعَارُ
إِنْ مَسَّ قَوْمَاً بِالمَدِيح فَخَارُ
مَا زِيدَ بِالأَشْعَارِ قَدْرَاً إِنَّمَا
أَعْلَتْ بِهِ مِنْ قَدْرِهَا الأَشْعَارُ
وَمَدِيحُهُ تَاجٌ يَتِيهُ بِدُرِّهِ
شِعْرِيْ وَتَغْمُرُ وَجْهَهُ الأَنْوَارُ
إِنِّيْ لأَخْجَلُ أَنْ تَسِيرَ قَصَائِدِيْ
شَمْسَاً لَهَا فيْ المَشْرِقَيْنِ مَسَارُ
تَرْتَادُ أَرْضَاً بَعْدَ أَرْضٍ شُهْرَةً
وَلَهَا دِيَارُ العَالمَينَ دِيَارُ
وَكَأنَّمَا أَشْعَارُ غَيْرِيْ أَنْجُمٌ
وَكَأنَّ شِعْريْ لِلنُّجُوم مَدَارُ
وَلَدَى مَدِيحِكَ يَا رَسُولُ يُصيبُنِيْ
عِيٌّ وَيَمْلُكُ خُطْوَتِيْ إِقْصَارُ
فَكَأنَّنِيْ مَا كُنْتُ نَهْرَاً دَافِقَاً
بِالشِّعْرِ تَحْسُدُ دَفْقَهُ الأَنْهَارُ
وَكَأنَّنِيْ مَا كُنْتُ طَيْرَاً شَادِيَاً
مِنْ شَدْوِهِ تَتَعَلَّمُ الأَطْيَارُ
وَكَأنَّنِيْ مَا كُنْتُ زَهْرَاً عَابِقَاً
فيْ الرَّوْضِ تَغْبطُ نَشْرَهَ الأَزْهَارُ
فَاعْذِرْ رَسُولَ اللهِ جِئْتُ مُقَصِّرَاً
أَوَ لَيْسَ عِنْدكَ تُقْبَلُ الأَعْذَارُ
******************
هَذا مَقَامُ " مُحَمَّدٍ " مَنْ دُونَهُ
كِسْرَى وَقَيْصَرُ فَالكِبَارُ صِغَارُ
مَا قِيلَ مِنْ مَدْحٍ بِغَيْرِكَ ضَائِعٌ
وَأَجَلُّ مَعْنَىً فِيهِ مِنْكَ مُعَارُ
فَجَوَادُ فَضْلِكَ جَاءَ أَوَّلَ سَابِقٍ
وَعَلا سِوَاهُ لَدَى السِّبَاقِ غُبُارُ
مِنْ عَهْدِ آدَمَ لِلْقِيَامَةِ لَنْ يُرَى
فيْ الكَوْنِ مِثْلُكَ أَيُّهَا المُخْتَارُ
بِأَبِيْ وَأُمِّيْ يَا أَجَلَّ ذَوِيْ العُلا
وَأَعَزَّ مَنْ تَسْمُو لَهُ الأَنْظَارُ
إِنْ قِيلَ مَنْ خَيْرُ الوَرَى وَأَجَلُّهُمْ
قَدْرَاً فَلَيْسَ إِلى سِوَاكَ يُشَارُ
وَكَأنَّمَا لَكَ أَنْتَ وَحْدَكَ فيْ الدُّنَا
خُلِقَ الجَلالُ وَأُفْرِدَ الإِكْبَارُ
إِنْ قُلْتُ " أَحْمَدُ " فَاحَ مِنْ شَفَتِيْ شَّذَىً
وَسَرَتْ صَبَاً وَتَألَّقَتْ أَقْمَارُ
إِنِّيْ عَقَدْتُ بِهِ رَجَائِيْ مُوقِنَاً
أَنْ سَوْفَ تُقْطَفُ لِلرَّجَاءِ ثِمَارُ
فَهْوَ المُرَجَّى لِلشَّفَاعَةِ يَوْمَ لا
مَالٌ وَلا جَاهٌ وَلا أَنْصَارُ
إنِّيْ لأَرْجُوَ أَنْ أَنَالَ جِوَارَهُ
وَمَنِ اسْتَجَارَ بِهِ فَسَوْفَ يُجَارُ
******************
كُنَّا رَسُولَ اللهِ قَبْلَكَ أُمَّةً
تَنْتَاشُهَا الأَنْيَابُ وَالأَظْفَارُ
الفُرْسُ مِثْلُ الرُّومِ تَمْلُكُ أَمْرَنَا
وَكَأنَّنا شَاةٌ وَهُمْ جَزَارُ
وَكَأنَّمَا أَوْطَانُنَا سِلَعٌ تُبَاعُ
وَتُشْتَرَى وَكَأنَّهُمْ تُجَّارُ
وَحَيَاتُنَا فَوْضَى فَجَهْلٌ مُطْبِقٌ
وَالظُّلْمُ يَنْخَر عَظْمَنَا وَالثَّارُ
حَتَّى أَتَيْتَ لَنَا بِنُورٍ سَاطِعٍ
فَجَلَا الظَّلامَ وَشَعَّ مِنْهُ نَهَارُ
أَحْيَيْتَ بِالقُرْآنِ أَنْفُسَنَا كَمَا
أَحْيَتْ مَوَاتاً فيْ الفَلا أَمْطَارُ
هذَّبْتَ بِالحَقِّ النُّفُوسَ فَأَصْبَحَتْ
عَنْهَا تَسِيرُ وَتُنْقَلُ الأَخْبَارُ
وَجَمَعْتَ أَمْرَهُمُ فَأَضْحَوْا قُوَّةً
يَخْشَى وَيَرْهَبُ سَطْوَهَا الإِعْصَارُ
هَذا (أَبُو بَكْرٍ ) وَهَذا ( خَالِدٌ )
هَذا ( أَبُو حَفْصٍ ) وَذَا (عَمَّارُ)
هَذيْ (صَفِيَّةُ) تِلْكَ ( خَوْلَةُ ) هَذِهِ
( الخَنْسَاءُ) تِلْكَ الصَّفْوَةُ الأَطْهَارُ
النَّصْرُ يَمْشِيْ حَيْثُ يَمْشِيْ خَطْوُهُمْ
وَيَسِيرُ رَكْبُ المَجْدِ أَنَّى سَارُوا
حَطَمُوا جِدَارَ الظُّلْمِ بِالنُّورِ الذِيْ
حَمَلُوا فَمَا لِلظُّلْمِ قَامَ جِدَارُ
بِالعَدْلِ صَانُوا مَا بَنَوْهُ وَإنَّهُ
سُورٌ يَقِيْ مَا لا تَقِيْ الأَسْوَارُ
وَبَنَوْا حَضَارَتَهُمْ عَلَى أُسُسِ التُّقَى
فَالعَيْشُ نُعْمَى وَالحَيَاةُ يَسَارُ
****************
حَتَّى هَجَرْنَا مَا سَنَنْتَ مِنَ الهُدَى
لِمَهَامِهٍ فِيهَا الحَلِيمُ يَحَارُ
وَتَفَرَّقَتْ أَهْواؤُنَا هَذَا يَمِينٌ
بَاتَ يُغْويهِ وَذَاكَ يَسَارُ
فَتَرَى مَلايينَاً وَلكِنْ لا تَرَى
أَحَدَاً بِهَا هُمْ غُيَّبٌ حُضَّارُ
لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَشْكُو أُمَّةً
قَدْ ضَاقَ عَنْ إِحْصَائِهَا المِلْيَارُ
مَا أَكْثَرَ الأَصْفَارَ إِلا أَنَّهَا
وُضِعَتْ شِمَالَ الوَاِحِد الأَصْفَارُ
هِيَ كَالغُثَاءِ فَمَا لَهَا مِنْ قِيمَةٍ
كَلا وَلَيْسَ لأَهْلِهَا مِقْدَارُ
وَفَشَا بِنَا الوَهْنُ الذِيْ حَذَّرْتَنَا
لَوْ كَانَ يَنْفَعُ ذَا الجُمُوحِ حِذَارُ
وَالجَاهِلِيَّةُ مِنْ جَديدٍ أَطْبَقَتْ
فَالجَارُ يَشْكُو مِنْ أَذَاهُ الجَارُ
هَذِيْ شُعُوبُ المُسْلِمِينَ جَمِيعُهَا
تَشْقَى وَتُحْدِقُ حَوْلَهَا الأَخْطَارُ
وَالمَسْجِدُ الأَقْصَى يَئِنُّ وَيَشْتَكِيْ
وَلِحَالِهِ تَتَفَطَّرُ الأَحْجَارُ
وَتُصَمُّ مِنْ دُونِ النِّدَاءِ مَسَامِعٌ
وَتُغَضُّ عَمَّا نَابَهُ الأَبْصَارُ
وَإِذَا تَفَشَّتْ فُرْقَةٌ فِيْ أُمَّةٍ
فَالذُّلُّ يَغْشَى وَجْهَهَا وَالعَارُ
يَا رَبُّ إِنَّ الحُزْنَ يُلْهِبُ أَضْلُعِيْ
وَهُمُومُ صَدْرِيْ كَالعُدَاةِ كِثَارُ
أَدْعُـوكَ دَعْوَةَ مُسْتَغِيثٍ مُوجَعٍ
ضَاقَتْ عَلَى سَعَةٍ بِهِ الأَقْطَارُ
أَدْرِكْ وَوَحِّدْ أُمَّتِيْ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَأْتِيْ عَلَى هَذا الهَشِيم النَّارُ
وَبِحَقِّ " أَحْمَدَ " لا تُشَتِّتْ شَمْلَنَا
وَالْطُفْ بِنَا يَارَبُّ يَا غَفَّارُ
________________
سعيد يعقوب