قَدْ قَضَى القُرْطَاسُ وَانْقَدَّ القَلَمْ
…وَبُحُورُ الشِّعْرِ فَاضَتْ كُلَّ هَمْ
وَبَنَاتُ الفَكْرِ تَاهَتْ بِالنُّهَى
…في لَهِيْبِ الوَجْدِ فَازْدَادَ السَّقَمْ
أَيُّ حَرْفٍ أَيُّ مَعْنَى أَقْتَفِي
…وَمِدَادِي قَدْ جَرَى دَمْعاًً وَدَمْ
وَقَوَافِي الشِّعْرِ ضَاقَتْ وَاشْتَكَتْ
…وَذَوَى الإِبْدَاعُ مِنْ وَحْي القَلَمْ
فِي رَمَادِ الوَقْتِ أَغْفُو بِالأَسَى
…أَحْرِقُ السَّاعَاتِ فِي وَأْدِ الأَلَمْ
كُلَّمَا حَاوَلْتُ أَجْنِي بَارِقاً
…تَغْرَقُ الأَفْكَارُ فِي بَحْرِ العَدَمْ
تَهْربُ الذِّكْرَى فَأَجْرِي خَلْفَهَا
…عَلَّنِي أَلْقَى بِهَا طَيْــفاًً أَلَمّْ
وَعُيُونِ الَّليــْلِ مَلَّتْ آَهَتِي
…(لَمْ يَــطُلْ لَيْلِي وَلَكِنْ لَمْ أَنَمْ)
فَي خُيُوطِ الفَجْرِ تَاهَتْ مُقْلَتِي
…فِي سَـــوَادٍ وَبَيَاضٍ أَوْ عَلَمْ
هَجَرَتْنِي أَنْجُمٌ مِنْ لَوْعَتِي
…وَمَسَــاءٌ قَدْ تَوَارَى وَانْهَزَمْ
قَدْ شَجَانِي حَالُ قَوْمِي قَدْ ذَوَى
…بَعْدَ عِزٍ وَشُــمُوخٍ فِي القِمَمْ
دَائِماً نَحْوَ المَعَالِي نَرْتَقِي
…فِي .ِإِبَــاءٍ وَعُــلُوٍ فِي الهِـمَمَ
وَبُطُولاتٍ وَعَدْلٍ فِي تُقَى
…شَمْسُنَا قَدْ أَشْرَقَتْ فَوْقَ الأُمَمْ
لَوْ شَكَا بِالغَرْبِ شَيْخٌ أَسْرَعُوا
…أَو نَمَا في الشَّرْقِ طِفْلٌ لايُضَمْ
مثْلُ جِسْمٍ وَاحِدٍ لَوْ يَشْتَكِي
…مِنْهُ عُضْوٌ يَتَدَاعَى فِي الأَلَمْ
فِي وَفَاءِ العَهْدِ كُنَّا أُمَّةً
…فِي قِرَى الأَضْيَافِ يَحْدُونَا الكَرَمْ
جَارُنَا بِالعِزِّ يَرْقَى بَيْنَنَا
…غَوْثُنَا المَلْهُوف مِنْ أَصْلِ الشِّيَمْ
أَجْدَبَتْ فِيْنَا فَضَاءَاتُ الوَفَا
…جَفَّ غَيْثُ الخَيْرِ فِيْنَا وَالدِّيَمْ
فِي ضَيَاعٍ وَشَتَاتٍ قَدْ طَغَى
…ضَاعَتِ الأَخْلاقُ فَانْهَدَّ الهَرَمْ
وَاسْتَبَحْنَا القَتْلَ فِيْمَا بَيْنَنَا
…بِأَدَاةِ الغَرْبِ قَدْ سُــلَّتْ بِسَمْ
وَغَرِقْنَا فِي المَعَاصِي والغِوَى
…فِي شِـــقَاقٍ وَنِفَاقٍ فِي نِقَمْ
وَوَلاءٍ لِعـــَدُوٍ غَرَّنــــــــــَا
…يَسْــلبُ الخَيْرَاتِ مِنَّا وَالنِّعَمْ 
فَمَتَى نَصْحُو وَنُحْيِي مَجْدَنَا
…وَنُعِيْدُ العِزَّ وَالمَاضِي الأَشَـمْ
فِي اتِّحَادٍ وَوِفَاقٍ نَرْتَقِي
…وَسَــدَادِ العَدْلِ فَيْمَنْ قَدْ حَكَمْ
=========
مصطفى طاهر