هذي فِلَسْطينُ، أُمٌّ لِلْعُلى وَأَبُ *** لَها انْتِسابي، بِفَخْرٍ، حينَ أَنْتَسِبُ
إِنْ كُنْتَ تَجْهَلُها سَلْ عَنْ كَتائِبِها *** فَالسَّيْفُ يُنْبي الَّذي لَمْ تُنْبِهِ الْكُتُبُ
ما ضَرَّها نَبْحُ مَسْعورٍ بِلا خُلُقٍ *** وَلا عُواءُ كُلَيْبٍ مَسَّهُ الْكَلَبُ
سَبَّ الْحَرائِرَ في أَرْضي بِلا سَبَبٍ *** فَخانَهُ الْوَزْنُ، وَالتَّهْذيبُ، وَالْأَدَبُ
وَإِنَّ نَعْلَ الَّتي ظَلَّتْ مُرابِطَةً *** في الْقُدْسِ أَشْرَفُ مِمَّنْ شَعْبَهُمْ حَرَبوا
يا وَيْحَ نَغْلٍ بِما فيهِ يُعَيِّرُنا *** وَما عَلى جاهِلٍ لَوْمٌ وَلا عَتَبُ
فَقَدْ رَأى جَوْقَةَ الْغِرْبانِ تَشْتُمُنا *** وَقَدْ يَغُرُّ جَهولًا نَعْبُ مَنْ نَعَبوا
بِئْسَ الْقَصيدُ إِذا ما راحَ يَنْظِمُهُ *** مَنْ مُنْذُ أَنْ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبوا
إِنْ الَّذي تَضَعُ الْأَخْلاقُ رُتْبَتَهُ *** ما كانَ تُعْليهِ أَلْقابٌ وَلا رُتَبُ
حاشا فِلَسطينَ أَنْ تَدْعوْ لِنُصْرَتِها *** عُبْدَ الْبِيادَةِ مَهْما اشْتَدَّتِ الْكُرَبُ
فَلا يُحَرِّرُ أَرْضي مَنْ بِلا شَرَفٍ *** وَمَنْ يُنافِقُ نَغْلًا فِعْلُهُ الْخُطَبُ
يَهُزُّ بِالرَّأْسِ إِعْجابًا بِظالِمِهِ *** كَأَنَّما رَأْسُهُ، في هَزِّهِ، ذَنَبُ
ما كانَ يَنْصُرُنا مَنْ ضَيَّعوا وَطَني *** وَفي ثِيابِ النِّسا يَوْمَ الْوَغى هَرَبوا!
لَوْلا الَّذينَ عَلى جَمْرٍ بِهِ قَبَضوا *** لَمْ تَرْفَعِ الرّأَسَ في وَجْهِ الخَنا الْعَرَبُ
لَوْلا أُسودٌ بِهِ ما اسْتَسْلَموا أَبَدًا *** لَفَوْقَ أَظْهُرِهِمْ جُنْدُ الْعِدا وَثَبوا
عَصا الْهِجاءِ لِشَرِّ الْعُبْدِ أَذْخُرُها *** تُنْسيهِمُ كُلَّ ضَرْبٍ قَبْلَها ضُرِبوا
وَعِطْرُ مَدْحي لِمَنْ ثاروا وَإِنْ سُجِنوا *** وَلَمْ يَهابوا أَذى نَغْلٍ، وَلا عَجَبُ
فَشَعْبُ مِصْرَ عَظيمٌ، ما اسْتَخَفَّ بِهِ *** إِلّا جَهولٌ سَتُبْدي جَهْلَهُ النُّوَبُ
كَمْ مِنْ شَهيدٍ لِأَجْلِ الْقُدْسِ قَدَّمَهُ *** لكِنَّما خانَهُمْ مَنْ خَيْرَهُ سَلَبوا
سَيَكْشِفُ اللهُ لِلشَّعْبِ الْمُمَثِّلَ إِذْ *** ما دامَ عَرْشٌ جَرى مِنْ تَحْتِهِ الْكَذِبُ
وَجَيْشُ مِصْرَ مُحالٌ أَنْ يَدينَ لِمَنْ *** كَالْأُفْعُوانِ وَفي أَنْيابِهِ الْعَطَبُ
______________
جواد يونس