يا غزتي
أبــدا لـذكـركِ أدمـعـي تـتـرقـرقُ
وجـوىً يَفـيـضُ وخـافـقٌ يتـحـرّقُ

قـد جـف عـودي وانطـوَتْ أوراقـُـه
مَـن ذا الـذي يحنـو علـيـه ويُشـفـقُ

هـل مِـن سبيـلً كـي أضُمَّـكِ لحظـة
ًفلعـلَّ عـودي قـرْبَ عـودكِ يــورقُ

أنـا إن تركتـكِ مُبْحـرا فــي غـربـة ٍ
فـلأنَّ قلبـي فـي ضلـوعـكِ يَخـفـقُ

ولقـد بكيـت علـى ذراعـِكِ سـاعـة ً
كالطفـل يُجهِـشُ بالـدمـوع فيَشـهـقُ

ورَكِبْـت فـي سُفـن الفـراقِ مُصـابـرا
إذ رُبّ شمسـي مِـن جراحـي تُشْرِق

ليـلـي يُهَـيِّـجُ أدمـعـي ومواجـعـي
وبـكـل ألــوان الضّـنـى يـتـأنـقُ

طَيّـرْتُ نفسـي فـي الفضـاءِ فراشـة
تدنـو مـن اللهب الحـريـقِ فتُصْـعَـقُ

ولقـد حملـتـكِ يــا هـمـومُ ثقيـلـة
لـو أن صخـرا نـاب عـنـي يُفـلـقُ

شيبْتِـنـي قـبـل المشـيـب بـغـربـة
وفتـحـتِ جـرحـا لا أراه سيُـغـلـقُ

أدري بـأنـكِ تحمـلـيـن مـواجـعـي
لكـن جراحـي مـن جراحـك أعـمـقُ

يـا غربـتـي قـولـي لـغـزةَ إنـنـي
شـوقـا إليـهـا مهجـتـي تـتـمـزقُ

قـولـي لـهـا إنَّ الغـريـبَ مُضَـيّـعٌ
مـن صـدره نَهـرُ الـمـرارة ِ يَـدْفِـقُ

واللهِ لـو رصفـوا الــدروبَ وزَيّـنـوا
فَلَـكَ السمـاءِ بمـا يُـحَـبّ ويُعـشـقُ

في غير حضنـكِ لا يطيـب لـيَ الهـوى
وبغيرمـائـكَ يــا ثَـراهـا أشْـــرَقُ

أنغـامُ موجـِكِ فـي ضميـري عَزْفـهـا
وأريـجُ زهـرك فـي فــؤادي يَعـبـقُ

الشبـرُ عنـدي فـوق أرضـك واســعٌ
والكـون دونـك يـا بــلادي ضـيّـقُ

وأنـا الغنـيُّ عـلـى ثــراكِ بـدرهـم
وعلـى سـواكِ بمـال –كسرى-أمْـلَـقُ

إن مَـرّ طرْفـي فـوق شِبْـهِ زهـورٍهـا
أجـثـو عليـهـا بـاكـيـاُ أستـنـشِـقُ

فتهيـْجُ أحـلامُ الطفولـة ِفــي دمــي
ويَفِـرُّ مـِـن عيـنـيَّ دمــعٌ يَـحـْرقُ

وأكـادُ أحْسُـدُ كـلَّ طيـر فـي السـمـا
يَمْشـي عليـكِ وفـي فـضـاكِ يُحَـلـقُ

قُبَـلاً أُطَيِّـرُ فــي الفـضـاء لعلـهـا
ترسـو علـى الـخـدِّ الــذي أتَعَـشّـقُ

أنـا مـا شققـتُ عليـكِ قلـبـي إنما
قلْـبُ المـحـبِّ مرارةً يتشـقـقُ

يا مَـن يلـوم علـى الصبابـةِ والجـوى
لا فِكْـرَ فـي عُـرْفِ الهـوى أو منطـقُ

وطنـي حبيبـي هــل إليـنـا أوْبَــة ٌ؟
أمْ أنَّ بـابَـكَ دون بـابــي مُـغـلَـقُ

أنـا فـوق شطـك ِ لـي خيـالٌ سـابـحٌ
وعلـى غصـونـك خافـقـي يتعـلـقُ

يومـا سأرجـعُ كـي أضـمَّـك باكـيـاً
وأذوب فيـك مـع الـدمـوع وأُشْــرَقُ

وَعْـد مِـن الرحـمـن فــي قـرآنـِه
لا قـوْلَ دون مَـقـالِ ربــِّك أصْــدَقُ
***
صبحي ياسين