في ليلة باردة
تدومُ ليالي بردِنا و تَطولُ
و يُنهِكُنا قرُّ الشِّتا و يَصولُ

تَغلْغلَ صَقْعُِ البردِ في كلّ خَلْجَةٍ
لهُ وَخْزُ شوكٍ في العِظامِ وبيلُ

و نرسُمُ حُلْماّ دافئاّ و مُنعَّماً
و أنّى لأحلامِ التّعيسِ قبولُ ؟!

أيا بردُ..! رِفْقاً في شَريدٍ مُعذَّبٍ
وهل لوداعِ الشارِدينَ سبيلُ؟!

أحاطَتْ بهم أمواجُ بردٍ كلُجَّةٍ
و سودُ البلايا في الرّبوعِ نزيلُ

و في عتْمةٍ أمستْ غطاءً لنائمٍ
تكوَّمَ جسمٌ في العراءِ نحيلُ

فتاةٌ تَلوّتْ في رداءٍ مُمَزَّقٍ
و قد ضاعَ حِسٌّ دافِئٌ و جميلُ

تيبّسَ جفنٌ و استفاضَتْ مَدامِعٌ
و جفّتْ أمانِيٌّ و ضَنَّ بخيلُ

فلا ينقُرُ الأسماعَ إلّا تَأوُّهٌ
و لا يطْرقُ الأبوابَ إلّا عَويلُ

فلا أُنْسَ إلّا في مُواءٍ لقطّةٍ
تطوفُ على الفُضْلى دُجىً و تَجولُ

و لا كفَّ تحنو في الظّلامِ بِرَأْفَةٍ
و لا ركنَ بيتٍ في الخطوبِ ظليلُ

هو البرْدُ يَهوي بالجسومِ إلى الرّدى
هو البؤسُ..يطوي أَنْفُساَ فتَزولُ

هو الجوعُ يثوي في الخوالِجِ ضارٍياً
يُطيلُ..و في لُبْثِ المصائبِ طولُ

محمود أمين آغا