العائدون

أنـا مـثـل كـل الـعـابـريـن عـلـى الثرى
أنــا مـثـل كـل الـذَّاهـلـيـن لـمـا جـرى

الـجـالـسـين عـلـى ضـفـاف جـراحهم
و الـنـاظـرين إلـيـكَ مـن خـلـف الذرا

تـلـك الـمـسـافـة بـيـنـنـا يـا مـوطـنـي
مــا كــنــتُ فــيـهـا راضـيـاً ومـخـيـرا

لا شيء أقسى في الفراق و في النوى
يــدمــي فــؤادك كــالــتـفـاتـك لـلـورا

تـــاريــخ كــل الــعــاشــقــيــن مــزورٌ
لا تـــســـأل الـــتـــاريـــخ عــمَّــن زوَّرا

فــأنــا ابــن تــاريــخ الــرشـيـد وثـأره
مــن ذا يــعــيــد لــيَ الـسـنـيـن لأثـأرا

الــحــب يــا هــارون مــجــدٌ شــامـخٌ
وقــف الــخــلــود بــبــابــه وتــســمـَّرا

مَــن زوَّر الـتـاريـخ يـا فـنـحـاس مَـن
ســمَّــى أمــازيــغ الــبــطــولــة بـربـرا

مــن ألــف عـام كـنـتُ فـيـكِ مـتـيَّـمـاً
أســقــي بـسـاتـيـن الـحـنـيـن لـتـزهـرا

الــحــب مــا مــلأ الــعـيـون بـسـحـره
و الــحــب مـا مـلـك الـقـلـوب تـجـبـُّرا

ولــقــد أتــيــتــكِ عـاشـقـاً ومـغـامـراً
فــتــدفَّــقـي شـوقـاً وحـسـنـاً أسـمـرا

وتــمــايــلــي كــالــيــاسـمـيـن أنـاقـةً
وتــنــاثـري مـسـكـاً وفـوحـي عـنـبـرا

فــوحــي كــأنـفـاس الـصـبـاح نـقـاوةً
ذوبــي بــفـنـجـان الـقـصـيـدة سُـكّـرا

أنـا لـسـت عـنـتـر فـي الـجـلادة إنـمـا
لامــسـتُ فـي لـطـف الـعـبـارة عـنـتـرا

إنِّــي أرقــتُ عــلـى الـفـراق تـصـبـري
أنَّــى لــمــلــهــوف الـلــقـا أن يــصـبـرا

مـــا لــمــتُ صــبَّــاً فــي هــواه وإنــه
حـــقٌّ لــمــن ذاق الــهــوى أن يٌــعــذرا

سـبـحـان مـن خـلق العيون وسحرها
سـبـحـان مـن جـعـل الـتـرائـب مرمرا

تـلـك الـضـفـائـر والـمـبـاسـم والـرؤى
شــيءٌ أعــزُّ الــيـوم مـن أن يـشـتـرى

أصــغــي إلــى هــمـس الأسـاور إنـهـا
تـخـفـي مـن الـوجـد الـمـعـتَّـق بـيدرا

نـفـض الـربـيـع يـديـه فـي وجـنـاتـها
وســرى بــعـيـنـيـهـا الـجـمـال فـأبـهـرا

تـلـك الـبـراءة فـي الـعـيـون تحيطني
حـسـنـاً تـمـلَّـك فـي الـقلوب وما درى

يــا عــائــديــن إلــى الـديـار تـمـهـلـوا
ردُّوا عـلـيَّ قـمـيـص حـزنـي كـي أرى

روحــي هــنـاك وهـا أنـا وحـدي هـنـا
مــا كــنــت أعــلــم أنــهــا لــن تــعـبـرا

أحمد عبد اللطيف