أيـا ربّ إنَّ الــعــبـادَ اســتـجــاروا ولـيـس سِــواكَ لــنـا مِــن مُـجــيــرِ
أيـا ربّ قـد أنـهَــكـتْـنـا الـخـطـوبُ ولــمْ يــبـقَ فـيـنـا خُـطًـا لـلـمـسـيـرِ
فـقــد دهَــمــتــنــا كُــــروبٌ شِــدادٌ وكـلٌّ يُــعــايــنُ ســوءَ الــمَــصـيـرِ
وسُــدَّتْ مـنــافــذُ دربِ الأمـــاني فــصـارتْ إلـى مـعـبـرٍ لـلـقــبــورِ
نـعــــيــش كـأنَّـا دُمـًى لا نعــيــشُ ونـحـيـا بـلا بُـلْـغَـــةٍ مــن أثـــيــــرِ
وقـد خـانـنـا في الـرِّئـاتِ الشَّهـيـقُ فـلـيْـس سـوى فـسـحـةٍ لـلــزَّفــيـــرِ
تـقـدُّ الهــمـومُ خـيـوطَ الـصَّـبـاحِ فـنـغـدو إلى حـــــفـرةٍ أو شــفــيــرِ
نـسـيـر كـأنَّـا سُــكــارى بــخـمـرٍ ولا خمرَ في الكأسِ أو في الصُّدورِ
نـقـول لــعــلَّ الـبـشــيـرَ يُــوافـي بـبُشرى لـيـوسُـفَ بـيـن الـحـضورِ
نمُـدُّ إلى الـومْـضِ طـرفًا حسيـرًا فـكـيْـف الـضِّيـاءُ لـطرفٍ حـسـيـرِ؟
وقـد عـقَّـنـا في الـكلامِ الحـروفُ فـصرنا نـحـاكي رُغـاءَ الـبـعـــيـرِ
وصِرنا كمـثلِ الـمجانـيـنِ نهـذي ونـخـلِـط بـيـن جــمـيــعِ الأمــورِ
وقـد شاب فـيـنا رضـيـعٌ وطِـفـل وأزرى الــزَّمـانُ بـشـيْـخ كــبـيـرِ
وغاض الحـلـيـبُ فلا مرضعاتٌ وأضحى خــواءً هـتـافُ الـضَّمـيرِ
فـلا زادَ أو مُـؤنـةٌ فـي الـبـيـوتِ ولا رمَـقٌ سَـدَّ جـوع الـصَّغــيـــرِ
ولا جـذوةٌ تُـصـطـلى ذاتَ بَـردٍ بـهـا تُـتَّـقـى هـجـمـةُ الـزَّمهَـريـرِ
ولا ماء يـشـفي غـلـيلَ الـظِّـماءِ ولا كـهــرَبــاء بـنـــذْرٍ يَـســيـــرِ
وشـاع الـغــلاءُ وعـمَّ الــبـــلاءُ وعـزَّ الــشِّـفـاءُ ولا مِـن نـقـــيــرِ
وزاد الـغــنيُّ غِـنًى واقــتــدارا وبـيـتُ الـفـقـيـر كـخـــمٍّ حــقـيــرِ
أيـا ربّ هـذا نـزيـفُ الـمُـعـنَّى يـغـالــبُ نَـزع الـوفــاةِ الأخـــيـرِ
فمَـن ذا سِواك ـ أيا ربّ ـ يحنو لـتـفــريـجِ هَــمٍّ وعـيْـشٍ عـسـيـرِ
ومَن ذا سِواك ـ أيا ربّ ـ يُنجي عــبـادًا لـــه مِـن بــلاءٍ مَــريـــرِ؟
وأنت العـلـيمُ بـما في الـقـلوبِ وأنت الخـبـيـرُ بـما في الـصُّدورِ
وأنت الـمرجَّى لـدى كلِّ سُؤْلٍ لـتـحـيـا بـنـا دافــقـاتُ الـشُّـعـورِ
محمد عصام علوش