محلولُ عينيك
.
نِيلَ الكرامُ بما يخفيه تقبيلُ
لا من أسِنَّةِ من قد حاربوا نيلوا
.
والخَذلُ يلسعُ كالقُرَّاصِ مُنكرَه
حتى يُصدِّقَ أن الصدقَ تمثيلُ
.
إني لأعلمُ أن الماءَ منزلِقٌ
وأدَّعي الماءَ في المِصفاةِ محمولُ
.
كمثلِ هاجرِ قومٍ وهْو عائلُـهم
فما تَمرَّدَ إلا أهلـه عِـيلوا
.
فبات يطلبُ عذراً عن تهجُّرهِ
كأنما العذرُ في التجويع مقبول
.
والناسُ تخذُلُ من ضيقٍ ومن سَعَةٍ
فمن تمَثَّـلَ قيـلاً شَـفَّه القيـلُ
.
وليس تضربُ وجهَ الطبلِ ضاربةٌ
إلا ليُعلَمَ في الجيرانِ تطبيلُ
.
والضغطُ للفحمِ ألماساً يصيِّره
والفحمُ لولاه مُسوَدٌّ ومشعولُ
.
أُبصِرتُ بالعين لولا قيلَ: مظلمةٌ
واستخلصَ النورَ من عينيَّ قنديلُ
.
وما تأخرتُ عمّا استدركتْ قدمي
لولا تَحاشِيّ ما ترمي العراقيلُِ
.
وما وجدتُ بهذي الأرض من كَتِفٍ
يُلقى عليه إذا ما مالَ محمولُ
.
إنَّ المصائبَ تبلو من يواجِهها
وما يسيرُ سوى قُـدَّامِهِ النيلُ
.
أمّا الحياءُ فصُنوٌ للوفاء وما
خانَ المواثيقَ عند الله مخجولُ
.
محلولُ عينيكِ هذا الدمعُ يا حلبٌ
وما تحسينَ ما تجلو المحاليلُ
.
تَجلوكِ كالحَصوِ في قيعانِ ساقيةٍ
فالماء في الحَلقِ والبلعومُ مبلولُ
.
وأنتِ حِصَّةُ من أحصَوا بعاصفةٍ
ما تبصِقُ الريحُ أو ترمي البراميل
.
فما تبلّينَ من ريق غصصتِ به
ولا تلبّينَ ما تدعو الولاويلُ
.
عاثت بحسنكِ أورامٌ مكدَّسةٌ
تنمو الثآليلُ، تستشري الدماميلُ
.
حزنٌ كحزنكِ لم يخبر به طلَـلٌ
وما تذوّقَ مثلَ الملح منديل
.
فلا خضارُكِ مبذولٌ له حَببٌ
ولا صفارُكِ بعد القطفِ محصولُ
.
قوارضُ الحقل تسعى في مناكبها
وتسكن الجحرَ والفلاحُ مشغولُ
.
والكل يعرِبُ بعد الخَذلِ عن أسفٍ
وصاحبُ القولِ بالإعرابِ مشمولُ
.

#ثناء حاج صالح