لم يبق في نخلنا قنوانُ دانيةٌ
لا تهزز الجذعَ لن تلقى به رطبا

قد مات عمرو ولم يلقوا له كفناً
لكنه مات كالأشجار منتصبا

ماتت على إثره ذي قار باكيةً
إرثَ البطولة في شيبان إذ نضبا

أما الحجيجة لم يحفل بصرختها
حيٌّ ولا أيقظت أشعارُها العربا

من يدفعِ الضيمَ عن هندٍ وقد سُبِيَتْ
أو يرجعُ المجدَ للصحراءِ والحسبا؟

في ألفِ جسرٍ هوينا لم يقمْ أحدٌ
يسعى إلى الثأر فالفاروقُ قد ذهبا

لم يبقَ سعدٌ ولا بلقاءُ ضامرةٌ
ولا ابو محجنٍ يجري بها خببا

دكّتْ جحافلُ هولاكو مضاربَنا
والعلقميُّ قضى في قتلنا الأربا

‏وكلّ قادتنا مستعصمٌ نهلتْ
‏كفّاه من دمنا كي يجمعَ الذهبا

‏نحن الذين حلُمنا أن يكونَ لنا
‏شأنٌ ولم نتّبعْ من أجله سببا

‏لا جرحَ يؤلمنا لا ظلمَ يغضبنا
‏لا خيرَ في أمّةٍ لا تركبُ الغضبا

‏نستنزل النصرَ لكنْ لا نعدّ له
‏من صادق العزم والأسباب ما وجبا

‏ما أبعد النصر عن قوم تمزّقهم
‏عواملُ الضعف في أوطانهم إرَبا

‏ما هبَّ في أفُقِ الصحراءِ من زمنٍ
‏إلا رياحٌ تثيرُ البؤسَ والسغبا

‏ريحُ العداوة والبغضاء ما جلبت
‏غيثاً ولا حملت هبّاتُها السحبا

‏لا نهرَ يجري بلا عونٍ لغايته
‏لولا روافدُه ما جاش واضطربا

في غربة الفكر حيث النفس هائمةٌ
‏في ليل أهوائها ما أضيع الأدبا !

إنّا ضللنا طريق المجد من زمنٍ
‏فمن يعيد لنا الأمجاد والنسبا ؟

‏هل لاح نجمٌ كنور الدين مطلعُهُ
‏يجلو الظلام عن الحدباء أو حلبا؟

‏أو ثار مثلُ صلاح الدين منتفضاً
‏للحقّ ينزع عن أنواره الحجبا ؟

‏ما ماتَتِ الخيلُ أو مات الإباء بنا
‏مازال ينبضُ في شرياننا لهبا

‏تحت الرماد جحيمُ الثأر منتظرٌ
‏من بيننا ماجداً لا يرهبُ العطبا

‏لا بدّ من صحوةٍ من بعد رقدتنا
ما أظلم الليلُ إلا فجره اقتربا

أحمد سليمان