توفيت جدتي رحمها الله عما يُقارب المائة عام. وقد احتفظت بأسنانها سليمةً دون تبديل أو ترميم إلى أن توفيت ، رغم أني لاأذكر لها فرشاة ولامعجون أسنان ولا فحصا دورياً عند طبيب الأسنان ولكني أذكر جيداً أنها كانت رحمها الله دائمة الذكر لله تعالى، ودائمة الدعاء رغم أنها لم تتعلم فك الحرف يعني: لم تقرأ ولم تكتب.
وكان مما تردده بعد كل وضوء :لاإله إلا الله تيسر بها أمري ، لاإله إلا الله تنور بها قبري ….. ياربِّ لاتثقِّل فيّ أرض ولاتكَرِّه (أو تشَمّتْ) فيّ عبد.
وماكُنتُ أدرك حينها معنى دعائها الأخير هذا، ولكني أظن اليوم أنّ الله تعالى قد استجاب دُعاءها فَحَفِظ عليها صحتها وقوتها الجسمية وذاكرتها فكانت تعتمد على نفسها إلى ماقبل وفاتها بأيام،فَلمْ تَثقل بها أرض ولم يشمتْ بها عبد.

 وقد كان لجدتي دعاء آخر كنت أخاف منه فقد كان يُضايقها  حرصي على الدراسة وشغفي بالقراءة وتقصيري في أعمال البيت فما تفتأ تدعو علي أن لا يتزوجني إلا فلاح يشغّلني بالأرض ليل مع نهار! وكنتُ كلما دعتْ عليّ بذلك!! دعوتُ اللهَ أن لايستجيب لها. 
هل استُجيب دعاء جدتي أم دعاء الفتاة العاشقة للعلم والمعرفة؟
سأترك الجواب لخيال القارئ الكريم.
بقلم:ابتسام أبو اللبن