دثار الحنين

ذوّبي القلب في نميرك شوقا
وامنحيني من طهر ثوبك عرقا

طرزيني على ثيابك روحا
تنشر النور من سرابك أفقا

وانقشيني على جدارك حرفا
واسمعيني على غصونك وَرقا

وارشفي أسطري كقطرات حبر
وانثريني على سحابك ودقا

واقطفيني من ياسمينك فجرا
وانظميني في جيدك الحر طوقا

انحتي أضلعي شموع يقين
أشعليها في عالم الشر برقا

يا فلسطين كم ذرفت دموعا
نزفتني شوقا يعانق شوقا

فانشري لي جناح دفء لعلي
من حطامي ململمٌ ما تبقى

في ثراك البهيّ يسكن نبضي
ما شفتني البلاد غربا وشرقا

زلزلي الراسيات إما استكانت
وانسفيها فِرقا يناطح فِرقا

أشعليها بركان نصر وقومي
أطبقي الأرض … أحرقي الظلم حرقا

يا بلادي كم أتعبتنا سنين
داميات بدت من القهر زُرقا

كم تبدت دروب غربة قومي
عاريات من البشاشة خرقا

وعجاف سبعون زيدت بخمس
قد بلعن الطريق وازددن حمقا

حرمونا سنابل العيش حتى
لرغيف بتنا نكد ونشقى

ضاق ذرعا بنا الزمان وأزرت
بحمانا غربان شؤم … فسحقا

يا بلادي يا منجم الحب تيهي
ماؤك الشهد سلسبيل منقى

وثراك البهيّ زاد وخير
من طواياه فجر الأرض رزقا

لا تبالي فالنصر آت وإنا
كل موت نقتات عزا وعتقا

كلما زادت المسافات بعدا
زدت في القلب بالمسافات عمقا

جدلي شعرك الطويل حبالا
وأعدي للغاصب الموت شنقا

أسرجي الزيت في مصابيح فخر
واستنيري وعدا دنا واستحقا

ألبسي القدس ثوبها واستعدي
لزفاف يعيد أرضا وحقا

انثري الزهر وانظري الليل فجرا
من رحيق الحياة أبهى وأنقى

واصنعي الفلك من حطام الضحايا
يأتك البحر طائعا لك يرقى

واستبيحي من ذروة وسنام
قمة المجد وارفعي الرأس فوقا

إن حنى المرء هامة وتغاضى
يغدُ عبدا في طبعه مسترَقّا

يا فلسطين فانشري النصر بُردا
واقسمي لي من بردة النصر شِقا

دثريني لعل فتقا بقلبي
من دثار الحنين يصبح رتقا

ريما البرغوثي