أنا قد جئتُ من أقصى البلادِ
منَ الأعماقِ في قومي أنادي

أنا اليمنيُّ أهتفُ في رجالٍ
سكارى أدمنوا ضغطَ الزنادِ

ألا كفّوا بحقِ اللهِ حرباً
وعودوا للتسامحِ والودادِ

فليسَ الحل في حربٍ ضروسٍ 
وليسَ الحلّ في هذا العنادِ

دعونا في سلامٍ دونَ حربٍ
وألقوا بالسلاحِ وبالعتادِ

سئمنا الحربَ يا أبناءَ أُمِّي
سئمنا العيشَ في هذا السَّوادِ

دعوا هذا الهلال يصيرُ بدراً
ولا تلقوهُ في جبِّ الفسادِ

دعوا نملَ السعيدة دونَ قتلٍ
لكم حطَّمتمُ في كلِّ وادِ

فأينَ العدلُ في ظلمِ البرايا
وأين الحقُّ في قتلِ العبادِ

فكم شخصٍ تفتَّت كالشَّظايَا
وكم شخصٍ تحوَّلَ للرِّمَادِ

وكم دارٍ تنوحُ بكلِّ يومٍ
تقيمُ لأشهرٍ شرعَ الحدادِ

فلا تطغوا كفرعونٍ وعادٍ
فأخشى أن نصيرَ كقومِ عادِ

دعوا هذا الجنونَ أيا سكارى
وعودوا للهدايةِ والرَّشادِ

فأينَ الحكمةُ الغراءُ فينا
وأين اللينُ يا أصلَ البوادي

دعوا الشعبَ اليماني دونَ قهرٍ
وخافوا اللهَ في يومِ التَّنَادِي

فموتى الجوعِ مثل الحربِ عدَّاً
وموتى القهرِ فينا في ازديادِ

أناشدكم بربِّ الكونِ كفوا
فإنَّ الخيرَ في قولِ المنادي

دعوا الأنوارَ تسطع في سمانا
دعوا طيرَ السلامِ وكلَّ شادِ

دعوا الأشجارَ تكبر دونَ قَطعٍ
دعوا تلويثَ أبحارَ المِدَادِ

دعوا الأحزابَ ما فيها صلاحٌ
ولا خيرٌ سوى في الإتحادِ

وحسبي اللهُ إنَّ اللهَ عدلٌ
ويعلمُ بالنوايا والمرادِ

ويعلمُ أنني ما رمتُ حزبَاً
وأني أقتفي دربَ الحيادِ

وأني فاعلٌ للخيرِ دوماً
وما جُزِيَت فعالي بانتقادِ

ويعلمُ أنني للسِّلمِ أسعى
وما أسرجتُ في حربٍ جيادي

ويعلمُ أن لي قلماً خلوقاً
تميَّزَ بالفصاحةِ والسَّدَادِ

ويعلمُ أنَّ " توفيقاً"رحيماً
على الفقراءِ روَّاحٌ وغادِ

ألا يا ربُّ ضاقَ الحالُ حقاً
وصارَ الوضعُ فينا "غيرَ عادي"

فهذي الحربُ تأكلُ كلَّ خيرٍ
بأرضي بل وتأكلُ سندبادي

وهذي الحربُ طالتنا جميعَاً
أصابتنا جميعاً بالسُّهَادِ

معاقٌ خطونا أضحى طريحاً
مصاباً بالسكونِ وبالرقادِ

دواوينُ التواصلِ قد تلاشت
وغابَ الوصلُ عن كلِّ النوادي

فهذي الحربُ قدَّت فجرَ شعبي
وساقت صوبَهُ شرَّ الجَرَادِ

فصارَ الخبزُ مطلبَ كلّ فردٍ
يعيشُ على ثرى هذي البلادِ

فأبناءُ السَّعيدةِ في حصارٍ
معَ القوتِ الضَّروري في جهادِ

فمن يكسب لأسرتهِ رغيفاً
يعُد بمسائهِ وَبِلَا "زبادي"

فكم أسرٍ هنا ضاقت سماها؟
وكم أسرٍ هنا من غيرِ زادِ؟

وكم أسرٍ على الطرقاتِ تغفو؟
تقاسي البردَ في ذاتِ العمادِ

جموعُ النازحينَ تسيرُ دوماً
وما لهمُ من الطرقاتِ فادِ

فمن يا ربُّ للفقراءِ فينا
قلوبُ الناسِ صارت كالجمادِ

هنا يا ربُّ كلٌّ في جحيمٍ
تكابدهُ المعيشةُ في انفرادِ

وتخشى الجوعَ أغنى الناسِ فينا
وكفَّ الناسُ عن مدِّ الأيادي

سقينا المرّ في حربٍ ضروسٍ
وذقنا الويلَ في سبعٍ شدادِ

بها قدَّ الظلامُ قميصَ شعبي
ومالُ الشَّعبِ أفضى للنفادِ

إلهي مسَّنا ضرٌّ وقحطٌ
وعنَّا الغيثُ طوَّلَ في البُعَادِ

وما فينا عزيزٌ أو رئيسٌ
يميرُ الشعبَ من ماءٍ وزادِ

هنا يا ربُّ صارَ الموتُ خيرَاً
لنا من عيشةِ الضَّنكِ المزادِ

فجد بالخير يا رحمنُ..عذنا
بنوركَ من دجى هذا السوادِ

ألا ياربُّ فاحفظنا جميعاً
ومحِّص عنَّنا كيدَ الأعادي

ولفَّ فصولَ أعوامٍ عجافٍ
وأبدلنا بأعوامٍ جدادِ

فأنتَ الحقُّ أنتَ العدلُ دوماً
وفيكَ اللهُ ما خابَ اعتقادي
————
توفيق مبخوت يعمر