أنا لا أمـــوتُ وإنْ قُتلـــتُ وأنــــتَ يا جــــلَّادُ مَــــــيْتُ

أنا لا قتـــلتُ ولا غــدرتُ ولا اغتصـــبتُ ولا ســــلبتُ

فــي القصـــرِ أنتَ ســــجينُ ظلمكِ والفضاءُ لديَّ بَيْتُ

وتحفُّنـــــي الأنظـارُ فــــي أيِّ الــدروبِ بهِ مشــــــيتُ

يشــــــتاقُني عبقُ الــــدروب إذا تصـــافحُني انتــــشيتُ

ذا الشـــــاعرُ الغِرِّيدُ مَفْرِقُهُ وضــــوءُ النجــــمِ صـــوتُ

ليْ في الشُّروقِ وفي الغروبِ على جبينِ الشَّمس سَمْتُ

أمشــــيْ كســـهمٍ في الطريــقِ فلا التفتُّ ولا انْحــــرفتُ

نســـــــبيْ هو اليمنُ السعيدُ وفي الحجازِ وحيثُ سِـرتُ

في مصــــرَ في الأوراسِ للأخيـــــارِ من قوميْ انتسبتُ

نســــــبي هو الـــــزيتونُ والأرزُ العريقُ وحــيثُ شئتُ

ومـــــراتعي عذبُ القصــــيدِ ورعيُكَ المـــــوبوءُ سُحْتُ

ولئِنْ تقطِّعْني الحــــــرابُ عليكَ في مـــــوتي عَلَـــــوْتُ

خُبــــــــزي علـى كفِّي نداهُ ، وكمْ سرقتَ ، وما سرقتُ

تعــــدو على المــــــالِ الحرامِ وبعضَ ما قد حــلَّ عِفتُ

أنا لا أمـــــوتُ ومَأكلي الشَّــــهدُ الحـــــلالُ لذاكَ طِبْـتُ

إنْ قلَّ مـــالـي لا أَلُـــــجُّ ولو يــــــجودُ الدهرُ جُـــــدْتُ

أنا لا أمـــــــوتُ بأيِّ حالٍ لنْ تكــــــونَ بحـيثُ كــــنتُ
* * * * * *
أنا لا أموتُ وأنـــتَ قبل ولادةِ الأشــــــياءِ مَـــــــــيْتُ

لو نِلــــتُ إنســــــاناً بجهلٍ جئتُ في يومـــي اعتذرتُ

أنا لا أمــــــوتُ وكلَّ أيامــــــي لغــــــيري قـــدْ وهبتُ

الجـــــــوعُ لم أحــــفلْ بهِ من قبلِ ميعـــــــادي فُطِمْتُ

ورفضــــتُ أثداء المــراضعِ لا ارتويتُ ولا مَصصتُ

الفــــــقرُ ليــــسَ بضائري وأنا الــــغنيُّ إنِ افتـقرتُ

الذلُّ ، أنـــــت الدُّونُ ، إنْ تـــــظلمْ بمقدرةٍ ، سموتُ

الصَّفحَ علمــــني الإباءُ فإنْ أنـــــا أقدرْ غَــــــــفرتُ

الجهـــــلُ كيــــف يُطيقُني ؟ وأنا عن العُزَّى صَبأتُ

الخمــــــرُ ، هاكَ نجيـــعُ أطفالي ، أنا شعراً شربتُ
* * * * * *
خمســــينَ عاماً نمتُ فيها ها أنا ريــــحاً صـــحوتُ

عــــــاتٍ وإعصــــاري الفناءُ على الطغاةِ إذا نزلتُ

أعـــــجازُ نخلٍ يُعقرونَ فَمِــــــنْ يدِ الكــافي ضربتُ

إنْ كانَ يخطئُـــــكَ الهلاكُ على يـــديَّ فلا نجوتُ !!

هل يُنظِــــرونَكَ ؟ من زمانٍ لم يَعُدْ في الصبرِ وقتُ

هل يقتــــــلونكَ ؟ أنت مقتــــولٌ ومَنــــسِيٌّ ومَــيْتُ

هل يعـــــــذرونكَ ؟ أيُّ عُذرٍ ؟ أنـتَ والأعذارُ سَبْتُ

هل يدفنـــــــــونكَ ؟ والترابُّ لــــديهِ ذاكرةٌ ومَـــقْتُ

هل يركلـــــــونكَ ؟ والحذاءُ لديـــهِ في خديكَ سَمْتُ

ما ينعتـــــــونكَ ؟ هل تبقَّــى في لسانِ الشرِّ نعتُ ؟
* * * * * *
هذا الخطــــابُ وما لمثلكَ غيرُ صـــــمتٍ إنْ نطقتُ

لو فيكَ يلزمنـــــي المقالُ لكنتُ في دهـري خرستُ

وسَفُلْتَ حتّـــــى لمْ يَقرَّ عليـــــكَ بالإقــــــــذاعِ بيتُ

فقصدتُ غيــركَ بالهجاءِ عساكَ تفهمُ ما قصدتُ !!

ومدَحْتُني حتـــــى ســـــوايَ أكادُ أعني إذْ مـــدحتُ

عبد السلام بركات زريق