ما مِنْ رِباطٍ أَجْرُهُ كَرِباطِ *** في (حِطَّةٍ) وَ(الْعَتْمِ) وَ(الْأَسْباطِ)
أَبْوابُ أَقْصانا الْحَبيبِ مَعارِجٌ *** لِلْبِشْرِ وَسْطَ مَهابِطِ الْإِحْباطِ
ضاقَتْ عَلى الشَّعْبِ الْعَزيزِ وَأَصْبَحَتْ *** دُنْيا الْأَكارِمِ مِثْلَ سَمِّ خِياطِ
ما حوصِروا إِلّا لِأَنَّ أُنوفَهُمْ *** شُمٌّ قَدِ اسْتَعْصَتْ عَلى الْإِسْقاطِ
لَمْ يَبْخَلوا بِالْمالِ وَالدَّمِ، إِنَّما *** ما اسْتَسْلَموا لِشَراهَةِ الْوَطْواطِ
جادوا إِذا شَحَّتْ مَوارِدُ شَعْبِنا، *** بِخَواتِمِ الْأَزْواجِ وَالْأَقْراطِ
نَفَروا إِلى الْأَقْصى الْمُبارَكِ عِنْدَما *** مَنَعَ الْأَذانَ أَراذِلُ الْأَشْراطِ
جاءوا لِنُصْرَتِهِ وَلَمْ يَتَأَخَّروا *** وَالْحُرُّ مَنْ يَسْعى إِلى الْإِقْساطِ
وَأَتَوْا إِلى بابِ السَّماءِ وَما دَعا *** عَبْدٌ بِطاعَتِهِ كَيَوْمِ رِباطِ
خَيْرُ الْكِرامِ الصّيدِ في فُسْطاطِهِمْ *** أَكْرِمْ بِأهْلِ الْقُدْسِ مِنْ فُسْطاطِ
لَهُمُ سَطَرْتُ قَصائِدًا مِنْ عَسْجَدٍ *** وَوَضَعْتُ مِنْ فَوْقِ الْحُروفِ نِقاطي
ما كُنْتُ أَمْدَحُ غَيْرَ حُرٍّ ماجِدِ *** ما كُنْتُ شاعِرَ حَوْزَةٍ وَبَلاطِ
هَلْ أَبْصَرَ الْعَرَبُ الْجُموعَ لِيَفْهَموا *** مِنْها دُروسَ تَمازُجِ الْأَخْلاطِ؟!
هذا مَسيحِيٌّ وَذلِكَ مُسْلِمٌ *** خَلْفَ الْإِمامِ وَبَطْرَكِ الْأَقْباطِ
هذا فَتًى أَجْدادُهُ تُرْكٌ، وَذي *** خَوْدٌ لَها جَدٌّ مِنَ الْأَنْباطِ
وَوراءَهُ شَيْخٌ يُسَبِّحُ رَبَّهُ *** يَسْعى إِلى الْأَقْصى بِكُلِّ نَشاطِ
وَعَجوزُهُ قامَتْ تناجي رَبَّها *** وَدُموعُها غَطَّتْ نُقوشَ بِساطِ
نِعْمَ الْحَرائِرُ في رِباطٍ دائِمٍ *** في الْقُدْسِ … لَمْ يَعْبَأْن بِالْأَلْقاطِ
هُنَّ الْمَعالِمُ في طَريقٍ واضِحٍ *** وَقَدِ اسْتَقَمْنَ عَلى أَعَزِّ صِراطِ
لَمْ يَسْتَكِنَّ بِرُغْمِ خِذْلانُ الْأُلى *** سَلَقوا الْأُسودَ بِأَلْسُنٍ كَسِياطِ
لا يَكْتَفونَ بِصَمْتِهِمْ جُبْنًا وَلكِنْ يَبْحَثونَ سُدًى عَنِ الْأَغْلاطِ!
"لَنْ نَنْصُرَ الْأَقْصى" يَقولُ سَفيهُهُمْ *** وَكَأَنَّنا نَحْتاجُ لِلضَّرّاطِ!
ما كانَ في سوقِ الرِّجالِ بِدِرْهَمٍ *** ما كُنْتُ أُبْدِلُ مِثْلَهُ بِـ(قِشاطِ)
لَوْ كانَ فينا لَمْ يَزِدْنا عُهْرُهُ *** إِلّا الْخَبالَ بِأَرْفَعِ الْأَوْساطِ
لَمْ يَدْرِ أَنَّ الْأُسْدَ تَمْلَأُ ساحَهُ *** ما مِثْلُ زَأْرِهِمُ مُواءُ قِطاطِ
وَخِيانَةُ الْقُدْسِ الشَّريفِ وَأَهْلِهِ *** شَرٌّ، لَعَمْرُكَ، مِنْ زِنًا وَلِواطِ
لا ماءَ في وَجْهِ الْأعارِبِ، إِنَّما *** هِيَ أَوْجُهٌ صُنِعَتْ مِنَ الْمَطّاطِ
وَالْيَوْمَ أَسْقَطَها أَكارِمُ أُمَّتي *** لَمّا سَعَوْا في آخِرِ الْأَشْواطِ
جَنَحوا إِلى الذُّلِّ الْبَغيضِ وَأَوْهَموا *** أَشْياعَهُمْ سِلْمًا عَلى أَقْساطِ
ما مِثْلُ مَنْ يَتَعَلَّقونَ بِوَهْمِهِ *** إِلّا كَـ(عاطٍ دونَما أَنْواطِ)
زَعَموا الْجِهادَ وَلَمْ يُعِدّوا لِلْعِدى *** ما كانَ تُقْلى بَيْضَةٌ بِضُراطِ!
______________
جواد يونس