أستودع الله العظيـم المرتجـى
مصر الحبيبة .. دائمـا بدعائـي

أدعو لهـا رب الأنـام بدمعتـي
وبخشيتي وضراعتـي ورجائـي

فالحال صعب … والخطوب كثيرة
والناس فـي كـرب وفـي أدواءِ

والإقتصاد على شفا جـرف بـه
إفلاسنـا بالفـقـر والبـلـواءِ

والإكتئاب قـد استـراح ركابُـهُ
بنفوسـنـا بتمـكـن ودهــاءِ

والكل في فوضى تعاظـم شأنهـا
حتى استقـرت مصرنـا بالـداءِ

تطغى الهمـوم بأهلهـا وبنيلهـا
وتعـم فيهـا كافـة الأرجــاءِ

وتبيت أحـزانٌ جسـامٌ عندهـا
وتدوم في صبـح لهـا ومسـاءِ

ما من بصيص للأمانـي عمهـا
بالبشْـر شـع شعاعـه بضيـاءِ

أو مستقـر بالهـدوء بأرضهـا
من بعد دهـر معاشهـا بهنـاءِ

دب الشقاق وكان شمل حياتهـا
كالعقـد زيَّـن جيدهـا ببـهـاءِ

شبت بها النيران تحـرق أمنهـا
هل من جريء مطفئ وضـاءِ ؟!

فدخـان حرقتهـا تخلـل أنفسـا
تاقـت لسابـق بهجـة ونقـاءِ

كم من تربـص محـدق متأهـب
للنيـل منهـا شاهـرا لـبـلاءِ

كم من جهول يمتطي ظهر الغبـا
ليدوس مصـر وأهلهـا بحـذاءِ

كم من حقـود حاسـد متسلـح
بالسـوء والإجـرام والأهـواءِ

بالداخل المنهوب جهـرا منهـمُ
بتبـجـح وتـجـرئ وخـفـاءِ

زادت معاناة الجميـع وأصبحـت
مصر الأمـان مخافـة الغربـاءِ

قلَّت سياحـة سائحيـن تعـودوا
فيها السلام على مـدى الآنـاءِ

وتحدثت أصـوات ذكراهـم لهـا
مـن بُعدهـم بتـأثـر وبـكـاءِ

وتساءلوا عنهـا وأخبـار بهـا
بصـدارة الأحـداث والأنـبـاءِ

ماذا جرى للأنْس فيهـا والهنـا
ومقامنـا بالجنـة الخضـراءِ ؟!

ماذا دهانا ليت شعري ما انبـرى
فينا من الأوبـاش والجهـلاءِ ؟!

كيف اتخذتم نهب مصر وسيلـة
للحكـم والتلفيـق والإقصـاءِ ؟!

كيف انسجمتم بالمظالم وانتهـى
عصر العدالة في رسوخ قضاءِ؟!

كيف استبحتم كل شـيء هاهنـا
يا مـن ظننتـم ظنكـم بخـواءِ

خبتـم وأفلستـم وضعتـم كلكـم
يا من صحبتـم زمـرة الأعـداءِ

يا من قصدتم وأد نـور شريعـة
قدسـيـة وسطـيـة سمـحـاءِ

مصر الفضيلة بالضياء تسربلـت
واستمسكت بمجامـع الأضـواءِ

لا ترتدي ثوب التشـدد مطلقـا
إن التنطـع وجـهـة لشـقـاءِ

حاصوا بها حيصا وزادوا كربهـا
كربـا جديـدا صارخـا بعنـاءِ

في كل صبـح أو بليـل نرتئـي
فيها المآسـي أطبقـت بجـلاءِ

لا رأس فيها أو حكيـم نرتجـي
بحديـثـه إطـلالـة الحكـمـاءِ

فمراء قومي قـد تعالـى فحشـه
حتى استقـر بفكرنـا المستـاءِ

أقـوال قـذف تستفـز مسامعـا
أصغـت لهـا مبثوثـة بفضـاءِ

والكل يعتقـد الصـواب لنفسـه
بغـرور رأي صائـح الخيـلاءِ

هوت الحبيبة في الشرور وساءها
ما عمهـا مـن قسـوة ومـراءِ

وإســاءة بتقـاتـل وتـدابـر
وتخاصـم فـي حلكـة الظلمـاءِ

فمتـى نفيـق لأجلهـا ببراعـة
ومحـبـة وتـوافـق ووفــاءِ

لا تستبـد جماعـة بمصيـرهـا
فهي التـي تجـري بنـا بدمـاءِ

أبناء مصر المخلصيـن تقدمـوا
مـن أجلهـا بجسـارة وإبــاءِ

لا تتركوهـا للغريـب المعتـدي
أو للقـريـب مشـتـت الآراءِ

أو للتجارب من جهـات أعتمـت
وجه الحقيقـة بارتيـاب شـراءِ

أو للتباحـث والتخابـر خفـيـة
مـع مـن يـروم إزالـة لبنـاءِ

كونوا لها جمعـا جنـودا إنهـا
تحتاجكـم يـا معشـر الأبنـاءِ

لا تنتمـوا إلا لهـا ولأرضـهـا
بكياسـة العـقـلاء والنبـهـاءِ

لا تفخـروا إلا بهـا وبنورهـا
وبأزهـر فـي روضـة زهـراءِ

لا تسمعـوا إلا حديـث فؤادهـا
فهـي الصدوقـة نضـرة الآلاءِ

وهي الجميلة ذات بهجة غرسها
كعروس طهر ملاحـة عصمـاءِ

فلهـا دعـوت الله جـل جلالـه
بالحفظ في ستـر لهـا ورخـاءِ

والطف إلهـي دائمـا بلطائـف
مبـرورة بسـلامـة وصـفـاءِ

وبلوغ مصـر أمانهـا ورقيهـا
بمهابـة فـي العـز بالعلـيـاءِ

(نستودع الله المهيمن مصرنـا)
قولـوا مـعـي بمحـبـة وولاءِ

صلى الإله علـى النبـي وآلـه
ما ضم نيـلٌ سلسبيـل المـاءِ !
 
شعر:صبري صبري