… على لسان كل فلسطيني وعراقي وسوري, ذاق طعم الظلم والخيانة،وتجرع مرارة البؤس والحرمان، وأجبر على تزوير الحقيقة، صرخة من أعماق القلب:
ضائعون

في بلادٍ كلّ ما فيها شجونْ
حيث لا حبٌّ ولا قلب حنونْ
عاش فيها ثلة كم يظلمونْ!!!
شربُهم دوما دماءُ الأبرياءْ
ضمّخوا عِرض الحياءْ
مزّقوا ثوبَ الوفاءْ
يعشقون القتل والتدمير عشقاً كالجنونْ
أوقدوا في صدرنا نار المآسي
أطفأوا ضوء العيونْ
دمع طفلٍ، ثكل أمٍ، نوح باكِ
في ظلام الليل همسٌ، همسُ شاكِ
صرخة العذراء تبكي
دُنس العِرضُ المصونْ
عرضها، دمعُ اليتامي
نوحهُم، ثُكلُ الأيامى
كلها صارت تهونْ
أين أنتم يا ملوك العرب؟…… قالوا: نائمونْ
أين أنتم؟
علموني كيف أبكي؟
علِّموني كيف أخفي أدمعي بين الجفونْ؟؟
علموني كيف أغدو مطرقاً رأساً حزينْ؟؟
كلَّ هذا علموني ثم لا تنسوا المجونْ
علموني كيف أبكي

إنها المأساةُ تحكي:
فاسمعوا ماذا تقولْ:

الضحايا في السجونْ
تشتهي طعم المنونْ
والأعادي دنسوا الأقصى جهارا
أوسعوا المحراب قصْفا
مزقوا القرآن صُحْفا
ليلنا أضحى نهارا
من لهيب النارْ
يا لهذا العارْ!!
فيم أنتم صامتونْ؟؟
أين أنتم يا ملوك العرب؟؟….. قالوا: نائمون

هل سمعتم دولةً باسم العراقِ؟؟
حلَّ في أرجائها كل النفاق ِ
حل فيها البؤس فالطفل الشريدْ
يندُب الأطفال يبكي من فراق ِ
والدٍ تحت الثرى هم غيبوهْ
ظلَّ يبكي ثم يبكي
إنكم لم تسمعوهْ
ثم نادى بعد تجفيف الدموع
بعد أن مات الهجوع
بعد حبس الآه ما بين الضلوع:
إن أهلي صامدون
يرفضون الموتَ إلا في ثرى أرض العراق ِ
رُغم من قاموا بإشعال الشقاق ِ
رغم من أضحى عميلا للعِدا
رغم من لعدونا كبشُ الفدا
إن أهلي صامدونْ
فيم أنتم صامتونْ؟؟
أين أنتم يا ملوك العرب؟؟……قالوا: نائمون
أخبروني يا ملوكي ما أقولْ؟
هل أقول اليوم شكراً ثم شكرا؟
هل أبث الحزنَ في الأوراق شعرا؟
أم أرى الأشعار نثرا؟
أم أرى الإيمان كفرا؟
هل أرى ذاك السرابَ اليوم بحرا؟
هل أرى تلك الحصا البيضاء دُرَّة؟
أم أرى ذاك التراب الآن تِبرا؟
فاسمعوا ماذا أقولْ:
لن أرى أثواب ذلِّ العُرب فخرا
لن أرى سودَ الليالي والدجى يا قوم فجرا
لن أرى أمجادنا تنهار تترى
نحن بالأقصى من الأعداء أحرى
نحن أحرى

قال قوم ضائعون:
ليلنا ليل ظلومْ
أطفئت فيه النجومْ
فرشنا فيه حصاةٌ
والغطا تلك الغيومْ
خبزنا ذلٌّ وقهرٌ
ماؤنا كوبُ السموم
علَّمونا في بلاد الذل أنواع العلوم
فاسمعوا ما علَّمونا:
علمونا أن نرى الإخفاق نصرا
علمونا أن نرى المسجون حُرّا
أن نرى العصفور نسرا
أن نرى الأذناب رأسا
أن نرى البستان رَمْسا
أن نرى الظلماء بدرا
إن ظُلمنا أو قُتلنا أو ضُربنا أو قُهرنا أو ذللنا أو نهينا أو أمرنا…….
……هكذا وهْلم جرّا
علمونا أن يكون اللفظ شكراً, ثم شكراً, ثم شكرا.

مرت ِ الأيامُ سكْرى
مثلَ حلم أو كذكرى
أجهضت أيامُنا ذاك الجنين
أجهضته خائنا نذلا لعينا
خان ربا, خان شعبا
خان أرضا،خان عِرْضا
فاعذروني إن رأيت اليوم ذاك النذل ذئبا

شعر : مصطفى قاسم عباس