بِلا وطنٍ.. أنا، وبلا هُوِيّهْ
أَنا مَنْ كانَ مَهْدَ الأبْجديّهْ 
ومَنْ أرسى الحضارةَ في زمانٍ
شواهِدُهُ الحُروفُ السّومريّهْ 
وَسِعْتُ تَبايُنَ الأعراقِ عَيشاً 
وأَنْصفْتُ الجميعَ على السّوِيّهْ 
أَبونا آدمٌ فَعَلامَ صارتْ 
تُساوِمُنا الحُدودُ الآدَميّهْ؟! 
نُقَدِّسُها كأصنامٍ تَوَلَّتْ 
وصارتْ مِنْ عُهودِ الجاهِليّهْ 
فـ (سايكسُ) قد تَوَلّى مثل (بيكو) 
وأَلْهَونا بـ (سايْكِسْبيكَويّهْ)
*** 
بلا وطنٍ أنا.. وبلا اعتبارٍ 
وكُلُّ قضيتي: أَنْ لا قَضيّهْ 
بُلِيْتُ بِمُبْكياتٍ مُضْحِكاتٍ 
لَعَمْرُكَ إِنّها شَرُّ البَلِيّهْ!! 
تَعَوّدْتُ المآسيَ.. والمآسي 
تَعَوَّدَ طَبْعُها أَنّي الضّحيّهْ 
خِياري بينَ تَهجيرٍ وَقَبْرٍ 
وَقَيدٍ يَكبَحُ النّفسَ الأَبِيّهْ 
نَهاري ليسَ ساعاتٍ كَغَيْري 
تَمُرُّ مِنَ الصّباحِ إلى العَشِيّهْ 
وَلَيْلي لَوْنُ آناءٍ تَماهَتْ 
بِأعمارِ السِّنين السّرْمَدِيّهْ 
***
ركبتُ البحرَ واستَنْفَذْتُ بَرّاً 
إلى كلِّ الجِهاتِ الدُّنْيويّهْ 
تَقَاذَفُنِي الرِّياحُ إلى رِياحٍ 
فَوَا لِمَنِ الرّياحُ لَهُ مَطِيّهْ!! 
حَوافِرُها خِيامٌ في البوادي 
مُشَرَّعَةٌ بأطنابِ الرّزِيّهْ 
نواصيها رُموشٌ راعفاتٌ 
دموعاً مِنْ عيونِ العَنْتريّهْ 
فَيغدو الأفْقُ في عَيْنِي سَراباً 
وَيَنْأى في انْعدامِ الجَاذِبيّهْ 
***
بلا وطنٍ أنا وَعَلَيَّ حَظْرٌ 
بِكِتْمانِ التَّذَمُّرِ وَالشّكِيّهْ 
أرى أهلي تُبادُ بِكُلِّ أرضٍ 
بِهَجْماتِ المَغُوْلِ البَرْبَريّهْ 
بِسِكّيْنٍ تُقَطِّعُ جِسْمَ حَيٍّ
وَمَحْظُوظٌ يَموتُ بِـ (بُندقيّهْ) 
وَلا رَفّتْ جُفونٌ أوْ سَمِعْنا
دُعاءً في الصّلاةِ (البَابَويّهْ)
ولا أَفْتَتْ ولا نَبَسَتْ شِفاهاً
كَعادتِها الشُّيوخُ الأَزْهريّهْ 
*** 
بلا وطنٍ أنا.. ماذا تراني 
فَعَلْتُ لِكي أُرَى شَرَّ البَرِيّهْ؟! 
أَنا ابْنُ قبيلةٍ كانَتْ قَديماً 
يُهابُ جَنابُها تُدعى (غَزِيّهْ) 
غَوَيْتُ لأجلِها دهراً طويلاً 
وَما كانَتْ غَزِيّةُ لِيْ غَوِيّهْ؟! 
وَتَأْخُذُني الحَمِيّةُ حينَ تدعو 
وَأَدْعوها وَلا أَجِدُ الحَمِيّهْ
حُسَيْنيٌّ.. وَيَطْلُبُني حَثِيْثاً 
بِثَأْرٍ شِيْعَتي وَبنو أُمَيّهْ 
مَتى يا أُمّتي تَصحينَ نوماً؟!
فَغَفْوةُ مُقلتيْكِ جَنائِزيّهْ
وَأَهْلُ الكَهْفِ ناموا ثُمّ قاموا
فَلَيْتَكِ مِثْلَما فَعَلوا رَجِيّهْ
دُهوراً قدْ خَلَدْتِ إلى سُباتٍ
كَلَوْحةِ حائطٍ أَوْ مزْهريّهْ
عَقِيْماً كَمْ لَبِثْتِ؟! وَأَنْتِ حُبْلى 
وَمَيِّتَةً نَراكِ وَأَنْتِ حَيّهْ؟! 
فَإِنْ تَكُنِ الولادةُ مُسْتحيلاً
فَمُوْتِي.. وَلْتَكُنْ هِيَ (قَيْصَريّهْ)… 
عبيد الشحادة