منام هزّني

مـنــامٌ هــــزّني ، فَـــرأيتُ أمـــرا
جيوشَ البطّ في الصّحراء تتْرى

فقلــتُ بخاطــري ، مـاذا دهــاني
فهــلْ للبـــطّ أن يرتــادَ صَـحــرا؟!

فَجـابَ هَواجسي صـوتٌ غَـريـبٌ
يفـجُّ مســامعـي ، ويجـودُ شِــعرا

نَعــمْ واللـهِ ، مــا شـاهَـدتَ حــقّاً
فـقد أوتيتَ في ذا الليـلِ ذِكــرى

ألـــمْ تســمعْ بأســـرابِ الحَــيارى
طــوتهمْ حيـرةُ الأفـــكارِ دهــــرا

فأحيـــــاناً تــــــراهـم كالسُـكارى
يرونَ الزّيـت في الإبريقِ خمــرا

وبعض الوقت يدفعـهمْ مجــــونٌ
فيصبحُ رجســهمْ مجـــداً وطُهرا

تَقَلُّبُـــهم ســريــــــعٌ دونَ وعـــيٍ
أبـاحــوا الجــهلَ إسـراراً وجَـهـرا

سَـرابُ الحَـــرِّ يأخـــذهمْ خـداعاً
فكــم ظنّـــوا رمــالَ البيـدِ بحْـرا

وكــمْ ظنّــوا ســجالَ الشّــرِّ شَرّاً
وظنّــــوا صُحـبةَ الأفّــاكِ خَـــيرا

هَـــداكَ اللــهُ يــا هـــذا ،. تَدبّـــرْ
وخُــذْ مـــن خِــدعةِ الأيّـامِ فِـكرا

فبعـضُ المــاءِ قـد نرجـوهُ دمــعاً
وبعـض الدمـعِ قــد نلقـــاهُ حـِبرا

وحـــرُّ النّــــارِ قد يســقيكَ نـوراً
وبعض الشـهدِ قد يرويكَ جـــمرا

وصَـوتُ الفجــرِ قـد يعطيكَ أمناً
وبعض الحزن قد يطويكَ دَهــرا

هــيَ الأيـامُ ، مــا ثبتـــتْ رُؤاهــا
فقـــدْ تنبــــيكَ آمــــالاً وبِشـــــرا

وتُخــفــي خلفـــها دونَ اعتـــبارٍ
مـــــــعَ الآلام بُهتــــاناً وكُفــــــرا

فغيـــركَ قد يـرى الأنـوارَ ســوداً
ودونكَ منْ يرى الأشــواكَ زهــرا

أفقـتُ ودمعتـي حَفرتْ جـفـوني
كَأَنّــــي حـامــــلٌ ،إثــمــــاً ووزرا

إذا بـالقــــدسِ يفجـعــــها أنيـــنٌ
كواهـــا المجـرمُ السّــفاحُ فجــرا

فصــحتُ مكــبّراً والقـلبُ يــدوي
يَــدقُّ بقــــوّةٍ ، ويشــقُّ صــــدرا

عَــرفتُ بأننـــي فسـرتُ حُلمـــي
فبــطُّ العُــرْبِ لــم يثـــأَر لمسرى

فقلــــتُ ونبـــرة التقـوى يقيــني
تمهّلْ ، إنَّ بــعــدَ العســــرِ يُســرا
عبد القادر مراعبة