مـاذا تبـََقـّى يــا قصيـدُ بجعبتي
من أيِّ نبـعٍ أسـتـقـيـكَ حروفـًـا
من نبـعِ أمٍّ تكـتـوي بجـراحِـهــا
باتـت مصاطبـُهـا ذرًى وسُـقوفـا
أم مـن دمـاءٍ للشُّـعوب تنـاثـرت
والصّمتُ يُسرِجُ في الجفونِ نزيفا
ماذا على قِططِ الشوارعِ أن تعي
غرثى البطـونِ ولا تطـولُ رغيفـا
شبعـت سيوفُ الليلِ من أشلائهـا
والليثُ أضحى في الديـارِ خروفـا
رقصت أفاعي الرعبِ فوقَ ترابِها
حاكت من السُّمِّ الزُّعـافِ حُتوفــا
ومنَ العقـاربِ مـا بِلسـعٍ أبدعـتْ
تُسـدي لهـا في قتلِهـا معروفــا
يا أيُّها الحرفُ الذي عشقَ المَدى
بلهـاثِ شـعـري لا تزدْ تخـريفـا
قـد كنـتَ تهذي عبرَ بوحٍ صامـتٍ
سـطّرت في مُهـَجِ الخنا أرشيفـا
قل لي بربـِّك هل تخونُ عبـارتي
وتعـودُ وزرًا طـاهـرًا وعـفـيـفـا
إنّي وهـبـتـكَ حـاءَ روحٍ أجـّجـَتْ
ألحـقـتـُهـا بــاءً تَـرِفُّ رفـيـفــا
عاثـَتْ كؤوسُ الدّمـعِ في أجفانِنا
والحَيـْنُ أنبتَ في الغصونِ قُطوفا
ليتَ الزَّمـانَ يَلُفُّـنـي في بـُرْعـُمٍ
يَبْري من الغُصْنِ الأبيِّ سُـيوفــا
أو ليتَ أنّي من حسـاسـينِ النَّوى
ليكونَ صوتي في الفَضا معزوفـا
فلعلّ شـدوي في ربـوعِـكِ أمتي
يَسـقي القلـوبَ من الظّما تأليفـا
يكسـو الأخـوَّةَ من غَمـامِ عروبـةٍ
يُقْصي التنـاحرَ يُصْمـِتُ التّحريفــا
أنعى ربيعًـا في الدّيــارِ بلا جَنى
هـذا الذي جـَعَـلَ الحيـاةَ خريفــا
خنزيـرُ أرضِ الغَربِ سامَ قَداستي
خسـفـًا ويحـفـرُ للعفـافِ كهوفـا
من أينَ يـا خنزيـرُ جئـتَ تَرُوضُنــا
ومتى بـدوتَ مـهـذبــًا ولطيفـــا
إن كانَ فرســانُ الرّبيــعِ بغفلــةٍ
باتوا عن الزمَنِ النّـقِـيِّ عُـزُوفــا
سـتعـودُ يومـًا للسُّـروجِ رِكـابُهـا
والـدَّهْـرُ يُنْهـِي ذِلـَّـةً وصُـروفــا
هيـْهـاتَ يـا خِنزيـرُ تملكُ قُدسَـنـا
عبثــًا تَسـوقُ القَـهـْرَ والتّخْويـفـا
نبقى خيـولاً والشّـموخُ سُروجُهـا
وتظـلُّ نذلاً سـاقـطـًا وضَـعـيفــا
وتظـلُّ أرضُ القُـدسِ نخـلـةَ عزِّنـا
وترابُـهــا رغـمَ الأنــوفِ أَنـوفــا
وسـيزحَفُ الطوفانُ نحوَ رؤوسِـكم
حَشـْدًا من الإيمـانِ فـاضَ ألـوفــا
__________
ريما البرغوثي