• Visit Dar-us-Salam.com for all your Islamic shopping needs!

31 ديسمبر, 2011 لمن تشتكي يا قلبُ؟

أضف تعليقك

لمن تشتكي يا قلب والجرح غائر
وحولك أصناف الهموم تحاصر ؟

لمن تشتكي يا قلب ، نبضك لم يزل
يحدثني أن الأسى فيك هادر

ويخبرني أن الجراح كثيرة
ودولا ً بها في بحر حزنك دائرُ

لمن تشتكي يا قلب ، والليل واقف
على الباب ، والفجر المنير مسافر ُ ؟

إلى الله يا قلبي ، فربّك عالم
بأسرار ما تشكو ، وربّك قادرُ

إلى الله ربّ العالمين فإنه
معين لمن يأوي إليه وناصرُ

إلى الله يا قلبي ، فما خاب راجع
إلى ربه يوماً ولا خابَ صابرٌ

ألا يا أيها القلب المعنّى تسابقت
إليّ المآسي طاردتني الفواقرٌ

أرى بعض قومي نائمين ، وحولهم
كهوف وغابات وأسد كواسرُ

أرى بعض قومي عابثين ، وحولهم
تدرا كؤوس الغدر تلقى الأوامرُ

أرى للدعاوى أيها القلبُ ضجةً
يضيق بها سمع ويحتار ناظرُ

يضيع بها حق وتبنى حواجز
وترسم فيها للوفيّ الدوائرُ

دعاوى ، بها تعلو مكانة فاسق
وفي ظلها المشؤوم تطغى المظاهر

أنادي بني قومي ، فياليت سامعا ً
يجيب ، وياليت المجيب يبادر

أقول لهم : ما كل من سل سيفه
شجاعاً ، ولا كلّ الطواغيت جاهروا

ولا كل من أبدى على الدين غيرةً
صدوقاً ، فقد يبدي التدين فاجرُ

ولا كلّ من ألقى على الناس خطبة
ً بليغاً ، بما يلقيه ترضى المنابر

أقول لهم : لا تجزعوا من مصيبة
تجلت بها للناظرين الجواهرُ

فلولا رياح البحر ما خاض زورق
ولا عبرت بالمبحرين البواخرُ

أقول لهم : لا تشغلوا عن عدوكم
بشتم خؤون ، رأسه اليومَ حاسر

فأعداؤكم من كل صوب تتابعوا
إليكم ومن كل الجهات تقاطروا

يجيئون في ظل السياسة تارةً
فكم لبسوا ثوباً لها وتظاهروا

وفي الفكر والآداب يأتون تارةً
فكم حاوروا في المبهمات وداوروا

وفي العلم والتصنيع يأتون تارةً
فكم بهرونا بالعلوم وفاخروا

وكم نشر التضليل في الناس كاتب
ونادى إلى الإلحاد في الناس شاعرُ

أقول لقومي – بارك الله فيهم
وعندي من الحبّ العميق ذخائرُ

قضيتنا ليست عتاداً و عدةً
ولا فرقة تأتي وأخرى تغادر ُ

قضيتنا ليست جيوشاً كبيرةً
تقاسمنا أحرمنا ، وتشاطر

قضيتنا ، كفر يريد زوالنا
يسيره في لجة العصر كافر

قضيتنا الإلحاد جرد سيفه
وأهل كتاب أبرموا وتآمروا

قضيتنا الكبرى كيان ممزق
وقوم تعادوا جهرةً وتدابروا

قضيتنا الكبرى هزيمة أمة
تنادم تجار الهوى وتعاقر

قضيتنا يا إخوتي أن أمتي
يميزها في العالمين التناحرُ

قضيتنا شخصية الأمة التي
يخدرها فن رخيص و ( سامرُ )

قضيتنا أنا بنعمة ربنا
بطرنا ، وأنا بالمعاصي نجاهر

وكيف نصون العرض أو نحرس الحمى
إذا غرنا مال و ألهى تكاثر ؟

وكيف تنال النصر والعز أمة
بمبدئها في كل سوق تتاجر ؟

وربك ما أخشى من الموت إنه
طريق وكل الناس في الدرب سائرُ

وربك ما أخشى من الحرب إنها
سجال ، فمحظوظ لديها وعاثرُ

وربك ما أخشى من الفقر إنه
بتدبير من تهفو إليه المشاعرُ

ولكنني أخشى من الغفلة
تموت بها عند الخطوب الضمائر

وأخشى ظلام الخطب ، تعشى عيوننا
إذا ما دها قومي ، وتعمى البصائرُ

أخاف علينا من خطوب كثيرة
تزلزلنا ، والقلب في الغي سادرُ

أقو لقومي : لا تسوقوا ركابكم
إلى غير دين الله ، فالموج هادر

ولا تيأسوا ما خاب أصحاب ملة
إذا ما تواصوا بالتقي وتآزروا

شعر:د.عبد الرحمن العشماوي

30 ديسمبر, 2011 مفقودات

أضف تعليقك

زارَ الرّئيسُ المؤتَمَـنْ
بعضَ ولاياتِ الوَطـنْ
وحينَ زارَ حَيَّنا
قالَ لنا :
هاتوا شكاواكـم بصِـدقٍ في العَلَـنْ
ولا تَخافـوا أَحَـداً..
فقَـدْ مضى ذاكَ الزّمَـنْ .
فقالَ صاحِـبي ( حَسَـنْ ) :
يا سيّـدي
أينَ الرّغيفُ والَلّبَـنْ ؟
وأينَ تأمينُ السّكَـنْ ؟
وأيـنَ توفيرُ المِهَـنْ ؟
وأينَ مَـنْ
يُوفّـرُ الدّواءَ للفقيرِ دونمـا ثَمَـنْ ؟
يا سـيّدي
لـمْ نَـرَ مِن ذلكَ شيئاً أبداً .
قالَ الرئيسُ في حَـزَنْ :
أحْـرَقَ ربّـي جَسَـدي
أَكُـلُّ هذا حاصِـلٌ في بَلَـدي ؟!
شُكراً على صِـدْقِكَ في تنبيهِنا يا وَلَـدي
سـوفَ ترى الخيرَ غَـداً .
**
وَبَعـْـدَ عـامٍ زارَنـا
ومَـرّةً ثانيَـةً قالَ لنا :
هاتـوا شكاواكُـمْ بِصـدْقٍ في العَلَـنْ
ولا تَخافـوا أحَـداً
فقـد مَضى ذاكَ الزّمَـنْ .
لم يَشتكِ النّاسُ !
فقُمتُ مُعْلِنـاً :
أينَ الرّغيفُ واللّبَـنْ ؟
وأينَ تأمينُ السّكَـنْ ؟
وأينَ توفيـرُ المِهَـنْ ؟
وأينَ مَـنْ
يوفِّـر الدّواءَ للفقيرِ دونمَا ثمَنْ ؟
مَعْـذِرَةً يا سيّـدي
.. وَأيـنَ صاحـبي ( حَسَـنْ ) ؟!
شعر:"أحمد مطر

أضف تعليقك

30 ديسمبر, 2011 ذاكرة القلب

أضف تعليقك

الذاكرة عندنا تمر من القلب..

ولكل ذاكرته..

ولكل طريقته في إعادة بناء هذه الذاكرة، أو حتى في نفيها..

والذين ينفون الذاكرة ينفونها بذاكرة أخرى، هي في النهاية منهم، ومن حواسهم ومساراتهم..

ينفونها ببديل هو من مسافتها.

ولكن ثمة من يستبدل الوجه بقناع، والشريان الحي الحار بمطاط صناعي.

وهؤلاء لا يدركون أنهم يستبدلون الحياة ذاتها!.

وبعفوية مروّسة كالإبرة، نستعيد -مع نهار السابع والعشرين من شهر ديسمبر هذا- الذكرى الثالثة لملحمة الفرقان، التي أطلق عليها العدو الصهيوني اسم (الرصاص المصبوب).

نستعيد ذكرى الأيام الـ(23) التي استخدم الصهاينة خلالها (80) طائرة قامت بـ (2500) غارة جوية، و(35) ألف جندي صهيوني، وعدة مئات من دبابات (الميركافاه) ومدافع الميدان، بحيث وصل وزن المتفجرات التي صبت فوق رؤوس الغزاويين إلى أكثر من مليون كيلو غرام.

وقد أوقعت تلك الحرب أكثر من (1417) شهيداً، و(5500) جريحاً، وألحقت الدمار الشامل أو الجزئي بآلاف البيوت والمنشآت المدنية والحكومية في القطاع الذي يمتد على مساحة لا تزيد عن (365) كيلو متراً مربعاً، يعيش عليها أكثر من مليون ونصف المليون مواطن.

هذا حدث قبل سنتين وليس قبل ألفي سنة، ومكانه قطاع غزة وليس القطب الجنوبي أو الشمالي، أو كوكب المريخ والزهرة وأزواجها الخمسة..

ولكن الحس العالمي تدنى إلى درك السمسرة، وتوائم القطاع أداروا له ظهورهم، وأغلقوا بواباتهم، والبيئة التي كان من المفروض أن تحتضنه وتدافع عن ذاتها فيه، تخلت بخسّة عن بدائيات الحضانة التي يمارسها الكل تجاه الجزء.

لقد زاغت مصالح التهافت دون الإيمان الراسخ والطويل بصحة العقائد في استشراف الحاضر، وفي إنارة المستقبل..

وهل العقيدة سوى نور؟.

ثم، إن حبة القمح إن لم تبذر في أثلام التربة، لا تُخرج سنبلة جديدة، إنها داخل الأرض تصبح حياة تأبى الموت، وتدوس العدم والفناء بسريرة القيامة..

وهي لا تنتظر إذناً لكي تدب الحياة في جسم مؤهل لها.

وهكذا هم شهداء غزة..

وهكذا هو القطاع الذي خرج من رصاص الفرقان المصبوب..

ومعهم نستعيد ذاكرة القلب.

بقلم:محمد أبو عزة

29 ديسمبر, 2011 حطم قيودك وانطلق ..

أضف تعليقك

يامن يرى هذا الوجود بنور
ربي قد أضاء..
ومن يرى هذا الذي قد مات
من جور الشقاء..
ماعاد يعنيه البقاء..
في هذه الدنيا التي الذل فيها
قد أحل بداره..
والظلم فيها قد تقاسمه مع
الأطفال في وقت العشاء..
والقلب يسكن فيه قهر
وهام الرأس يثقله إنحناء..
من دون ذنب
غير أن الأسم مكتوبٌ بداره
والجذر مغروسٌ بهذي الأرض
والقلب موصولٌ بأركان السماء..
مازالت الأطفال لم تحلم
مازالت الأطفال لاتحكي
ولا يُحكى لها
بأن تحفظ هذا الطهر فيها والنقاء..
حطم قيودك وانطلق
ماعاد يكفيك البكاء..
وأنر بفكرك كل درب
وأفتح بصوتك كل باب
حطم مع الأغلال أوثاناً
حطم مع الأغلال أبواقاً
وأزل غبار الدهر عن لوحك
وأكتب ماتشاء..
وأصنع بإصرارك تاريخاً
وبرأسك المرفوع حدث
من تشاء..
وارو لأطفالك كيف نشأت
كيف قرأت
كيف أخذت ماتملك من كف الطغاة
كيف عرفت معنى الانتماء..
كيف يحب الله لايشرك به شيئاً
من الأوثان
وكيف يكون هذا الحب للأوطان
وأن ظلام هذا الليل مهما طال
حتما سوف يصير إلى انقضاء..
شعر:علي الحزيزي

28 ديسمبر, 2011 جِراحٌ وقبْضَةُ رمل

أضف تعليقك

كَفْكِفْ جراحَكَ قد فاضتْ بآهاتـيِ
وَابعثْ شَذاكَ بِمـدِّ البرْزَخِ الذاتـيِ

يا آدمَ الحـرْفِ فَلتُبْحِـرْ بأَشْرِعَتـيِ
عَبْرَ الشعورِ وكَسِّرْ قَيْـدَ مَأْساتـيِ

أسْـقي الخليلَ شَرَايِينـِي وأوْرِدَتـيِ
وقَبْضَةُ الرمْلِ فـي كفَّـيْ نجاحاتـيِ

بَغْدادُ سارتْ بأعصابـيِ على شُهُبٍ
تُخلد القـدسَ أَصْـداءً لأصْواتـيِ

أَضْحَى يَضجُّ بلُجِّ الليلِ مَـوْجُ دَمـيِ
ويَصْرِمُ الصبْحُ بغيـا حبلَ مَرْساتـيِ

هلْ يُنْبِتُ الدهْرُ مـن أَرْدَانِ أَخْيِلَتـيِ
نجْماً على الماءِ أو آثـارَ أَشْتَـاتِ؟

أو تحْمِلُ الهـامَ مِنـِّي ألفُ مِئْذَنَـةٍ
تَبْني ذُرى المجدِ فـي فَجْرِ النّدَاءَاتِ؟

الظلُّ يَهْتِـفُ منْ عينَـيْ مُرَصَّعَتـيِ:
يا ناشِدَ النُّـورِ فَوْقـيِ بَدْرُكَ الآتـيِ

أقْبِلْ على سُحُبِ الإسْـراءِ مُعْتَنِقـًا
أَحْلامَ صَحْوِكَ فـي تِيهِ الفَضَـاءَاتِ

وارْسُمْ بِعُمْرِكَ نَوْءَ الشعْرِ منْ قُزَحـيِ
واحْمِلْ بصَدْرِكَ بينَ الطيـنِ مِشْكَاتـيِ

طُفْ بالسَّرَابِ..,على مَرْمَى جَوانِحِـهِ
رتِّلْ صَلاتَكَ, واشْرَبْ نخْبَ كَاسَاتـيِ

يا مُسْكنَ الورَقِ المنْشورِ سرَّ صَـدَى
فِكْـرِ العـوَالمِ فاعكِـسْ مَا بِمِرْآتـيِ

أَوْقِفْ على طَرَفِ الأُخْدُودِ عَجْزَ يَديِ
وارْفَعْ علـى عَمَدِ التارِيـخِ راياتـيِ

هـذا أنا غَرِقَتْ منْ مِعْزَفـيِ أُذُنـيِ
والنارُ تُجْهِشُ فـي أَصْقَـاعِ جَنَّاتـيِ

تَحْـيا بِقلْبـي قُرًى ماتَتْ بلاسِمُهـا
فالريحُ تَعصِفُ فـي أَوْجاعِ أَبْياَتـيِ

عِشْرونَ بَيْتاً منَ الصلصالِ تَأْسِرُنـيِ
والذئْبُ بالأرضِ يمحُو مَوْطِئَ الشـاةِ

دارتْ هَشاشَةُ وَجْهيِ خَلْفَ مَرْتَعِـهِ
بحفْنَةِ العَصْفِ فـي دَرْبِ المتَاهـَاتِ

عَزْفـي بمدِّ رَذاذِ الكَوْنِ فـي رِئَتـيِ
لَحْـنٌ بِوِتْـرِ تَراتِيــلِ النُّبُـوءَاتِ

فَاهْتِـفْ علـى طَللٍ تَنْمُـو مَعالِمُـهُ:
"اللهُ أكْبَـرُ" .. واسرجْ خَيْـلَ لاءَاتـيِ

سِيرِي على النجْمِ يا أَثْدَاءَ مُرْضِعَتـيِ
منْ نَبْـعِ دجْلـةَ أو آثـار أَغْمـَاتِ*

هلاّ أَعَدْتِ لِسَقْفِ الدُّورِ أَعْمِدَتـيِ
حتَّى تَضُمَّ رِحابُ الأرْضِ صَوْلاتـيِ؟

كُلُّ الصفَائِـحِ لانَتْ رُغـمَ كَثْرَتِهـَا
فاسْتَخْرِجيِ الصُّلْبَ منْ ألوَانِ لَوْحَاتِي

شعر:القاضي ولد محمد عينين

27 ديسمبر, 2011 يا أمتي وجب الكفاح

أضف تعليقك

يا أمتي وجب الكفاح فدعي التشدق والصياح
ودعي التقاعس ليس ينصر من تقاعس واستراح
ودعي الرياء فقد تكلمت المذابح والجراح
كذب الدعاة إلى السلام فلا سلامُ ولا سماح
ما عاد يجدينا البكاء على الطلول ولا النواح
لغة الكلام تعطلت إلا التكلم بالرماح
إنا نتوق لألسنٍ بكم على أيد فصاح
***
يا قوم.. إن الأمر جدُ قد مضى زمن المزاح
سموا الحقائق باسمها فالقوم أمرهمو صراح
سقط القناع عن الوجوه ، وفعلهم بالسر.. باح
عاد الصليبيون ثانيةً.. وجالوا في البطاح
عاثوا فساداً في الديار كأنها كلأ مباح
عادوا يريقون الدماء ، لا حياء من افتضاح
والباطنية مثلوا الدور المقرر في نجاح
دور الخيانة وهو معلوم الختام والافتتاح
عادوا وما في الشرق (نور الدين) يحكم أو (صلاح)
كنا نسينا ما مضى لكنهم نكئوا الجراح
لم يخجلوا من ذبح شيخ، لو مشى في الريح طاح
أو صبية كالزهر لم ينبت لهم ريش الجناح
لم يشف حقدهمو دم سفحوه في صلف وقاح
عبثوا بأجساد الضحايا في انتشاء وانشراح
وعدوا على الأعراض لم يخشوا قصاصا أو جناح
ما ثم (معتصم) يغيث من استغاث به أو صاح
أرأيت كيف يكاد للإسلام في وضح الصباح؟
أرأيت أرض الأنبياء، وما تعاني من جراح؟
أرأيت كيف بغى اليهود، وكيف أحسنا الصياح؟
غصبوا فلسطينا وقالوا: مالنا عنها براح
لم يعبأوا بقرار (أمن)، دانهم أو باقتراح
عاد التتار يقودهم جنكيز ذو الوجه الوقاح
عادت جيوشهمو تهدد بالخراب والاجتياح
عادوا ولا (قطز) ينادي المسلمين إلى الكفاح
لولا صلابة فتية غر، بدينهمو شحاح
بذلوا الدماء، وما على من يبذل الدم من جناح
***
عاد المروق مجاهرا ما عاد يخشى الافتضاح
نفقت هنا سوق النفاق تروج الزور الصراح
فيها يباع الفسق تحت اسم الفنون والانفتاح
وترى الفساد يصول جهرا في الغدو وفي الرواح
من كل أكذب من مسيلمة، وأفجر من سجاح
وجد الحصون بغير حراس، لها فغدا وراح
ومضى يعربد، لا يبالي، في حمانا المستباح
وتعالت الأصوات تدعو للفجور وللسفاح
مسعورة، إن رحت تزجرها تمادت في النباح
ما من (أبي بكر) يؤدبهم ويكبح من جماح
ويعيدهم لحظيرة الإيمان قد خفضوا الجناح
***
يا أمة الاسلام هبوا واعملوا، فالوقت راح
الكفر جمع شمله فلم النزاع والانتطاح؟
فتجمعوا وتجهزوا بالمستطاع وبالمتاح
يا ألف مليون، وأين همو إذا دعت الجراح؟
هاتوا من المليار مليونا، صحاحا من صحاح
من كل ألف واحدا أغزوا بهم في كل ساح
من كل صافي الروح يوشك أن يطير بلا جناح
ممن يخف إلى صلاة الليل بادي الإرتياح
ممن يعف عن الحرام، وليس يسرف في المباح
ممن زكا بالصالحات، وذكره كالمسك فاح
ممن يهيم بجنة الفردوس لا الغيد الملاح
من همه نصح العباد وليس يأبى الإنتصاح
يرجو رضا مولاه، لم يعبأ بمن عنه أشاح
مر على أعدائه ولقومه ماء قراح
إن ضاقت الدنيا به وسعته (سورة الإنشراح)
***
لا بد من صنع الرجال ، ومثله صنع السلاح
وصناعة الأبطال علم فى التراث له اتضاح
ولا يصنع الأبطال إلا فى مساجدنا الفساح
فى روضة القرآن فى ظل الأحاديث الصحاح
فى صحبة الأبرار ممن فى رحاب الله ساح
من يرشدون بحالهم قبل الأقاويل الفصاح
وغراسهم بالحق موصول، فلا يمحوه ماح
من لم يعش لله عاش وقلبه ظمآن ضاح
يحيا سجين الطين، لم يطلق له يوما سراح
ويدور حول هواه يلهث ما استراح ولا أراح
لايستوي في منطق الإيمان سكران وصاح
من همه التقوى وآخر همه كأس وراح
شعب بغير عقيدة ورق تذريه الرياح
من خان (حي على الصلاة) يخون (حي على الكفاح)
***
يا أمتى ، صبراً، فليلك كاد يسفر عن صباح
لابد للكابوس أن ينزاح عنا أو يزاح
والليل إن تشتد ظلمته نقول: الفجر لاح
شعر:د.يوسف القرضاوي

أضف تعليقك

نسـبى و نطرد يا أبي و نباد **** فإلى متى يتطاول الأوغاد

وإلى متى تدمي الجراح قلوبنا **** وإلى متى تتقرح الأكباد

نـصحـوا على عزف الرصاص كأننا **** زرع وغارات العدو حصاد

ونبيت يجلدنـا الشتاء بسوطه **** جلدا فما يغشي العيون رقاد

يتسامر الأعداء في أوطاننا **** ونصيبنا التشريد والإبعاد

وتفرخ الأمراض في أجسادنا **** أواه مما تحمل الأجساد

كم من مريض مل منه فراشه **** ما زاره آسٍ ولا عوّاد

نشرى كأنا في المحافل سلعة **** ونباع كي يتمتع الأسياد

في نهر (جيحون) الحزين مراكب **** غرقت ودنس صفوه الإلحاد

وعلى ضفاف النهر جثة زورق **** يبكي على أشلائها الصياد

وأمامه دار على جدرانها **** صور يجدد رسمها ويعاد

صور تلونها دماء أحبة **** غرسوا أصول المكرمات وشادوا

رحلوا وللقرآن في أعماقهم **** ألق أضاء نفوسهم فانقادوا

أنى اتجهنا يا أبي ظهرت لنا **** إحن يحرك جمرها الحساد

أو ما ترى من فوق كل ثنية **** صنما يزيد غروره العباد

نصحوا على أصوات ألف مبشر **** عزفوا لنا أوهامهم فأجادوا

جاءوا وسيف الجوع يخلع غمده **** فشدوا بألحان الغذاء وجادوا

أما دعاة المسلمين فهمهم **** أن تكثر الأموال والأولاد

هم في الخوالف حين ينطق مدفع **** وإذا تحدث درهم رواد

أرأيت أظلم يا أبي من صاحب **** تختال في أعماقه الأحقاد

يسعى ليبني بالخداع حياته **** أرأيت صرحا في الهواء يشاد

أين الأحبة يا أبي أو ما دروا **** أنـَّا إلى ساح الفناء نقاد ؟

أو ما دروا كم دمية في أرضنا **** تعلو وكم يزري بنا استعباد؟

أو ما لنا في المسلمين أحبة **** فيهم من العوز المميت سداد؟

ما بال إخواننا استكانوا يا أبي **** لا شامنا انتفضت ولا بغداد؟

قالوا الحياد وتلك أكبر كذبة **** فحيادهم ألا يكون حياد

هذي بساتين الجنان تزينت **** للخاطبين فأين من يرتاد؟

يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا **** أو مالنا سعد ولا مقداد؟

نامت ليالي الغافلين وليلنا **** أرق يذيب قلوبنا وسهاد

سلت سيوف المعتديـن وعربدت **** وسيوفنا ضاقت بها الأغماد

هذا هو الأقصى يلوك جراحه **** والمسلمون جموعهم آحاد

دمع اليتامى فـيه شاهد ذلة **** وسواد أعينهن فيه حداد

أواه يا أبتي على أمجادنا **** يخـتال فوق رفاتها الجلاد

خمسون عاما أتخمت سنواتها **** ذلا فكل زمانها إخلاد

ها نحن يا أبتي يسير وراءنا **** ليل له فوق السواد سواد

ها نحن يا أبتي نبيت هنا ولا **** طـنب لخيمتنا ولا أوتاد

أهو القنوط يهد ركن عزيمتي **** وبه ظلام مخاوفي يزداد

أهو القنوط فأين إيماني بمن **** خلق الوجود وما له أنداد

يا أمة ما زال يكتب نثرها **** طه ويروي شعرها حماد

ويرتب الحلاج دفتر فكرها **** ويقيم مأتم عرسها حداد

ترعى حماها كل سائبة وفي **** تمزيقها تتجمع الأضداد

تصغي لأغنية الهوى فنهارها **** نوم ثقيل والمساء سفاد

أجدادنا كتبوا مآثر عزها **** فمحا مآثر عزها الأحفاد

يا ليل أمتنا الطويل متى نرى **** فجرا تغرد فوقه الأمجاد

ومتى نرى بوابة مفتوحة **** للحق تقصـر عندها الآماد

أنا يا أبي طفل و لكن همتي **** فجر به يحلو لي استشهاد

لا تخش يا أبتي علي فربما **** قامت على عزم الصغير بلاد

ولربما مات القوي بسيفه **** وقضى على مال الغني كساد

في سيف عنترة الفوارس قوة **** ما كان يعرف سرها شداد

قل لي بربك يا أبي هل ننزوي **** خوفا فليس للعدو قياد

دعنا نسافر في دروب آبائنا **** ولنا من الهمم العظيمة زاد

ميعادنا النصرالمبين فإن يكن **** موت فعند إلهناالميعاد

دعنا نمت حتى ننال شهادة **** فالموت فـي درب الهدى ميلاد

الشاعر:عبد الرحمن العشماوي

25 ديسمبر, 2011 شهداؤنا

أضف تعليقك

شهداؤنا بين المقابر يهمسون.. 
والله إنا قادمون.. 
في الأرض ترتفع الأيادي.. 
تنبُت الأصوات في صمت السكون.. 
والله إنا راجعون.. 
تتساقط الأحجار يرتفع الغبار.. 
تضيء كالشمس العيون.. 
والله إنا راجعون.. 
شهداؤنا خرجوا من الأكفان.. 
وانتفضوا صفوفًا، ثم راحوا يصرخون.. 
عارٌ عليكم أيها المستسلمون.. 
وطنٌ يُباع وأمةٌ تنساق قطعانا.. 
وأنتم نائمون.. 
شهداؤنا فوق المنابر يخطبون.. 
قاموا إلى لبنان صلوا في كنائسها.. 
وزاروا المسجد الأقصى.. 
وطافوا في رحاب القدس.. 
واقتحموا السجون.. 
في كل شبر.. 
من ثرى الوطن المكبل ينبتون.. 
من كل ركن في ربوع الأمة الثكلى.. 
أراهم يخرجونْ.. 
شهداؤنا وسط المجازر يهتفونْ.. 
الله أكبر منك يا زمن الجنونْ.. 
الله أكبر منك يا زمن الجنونْ.. 
الله أكبر منك يا زمن الجنونْ.. 
**** 
شهداؤنا يتقدمونْ.. 
أصواتهم تعلو على أسوار بيروت الحزينة.. 
في الشوارع في المفارق يهدرونْ.. 
إني أراهم في الظلام يُحاربونْ.. 
رغم انكسار الضوء.. 
في الوطن المكبل بالمهانة.. 
والدمامة.. والمجون.. 
والله إنا عائدون.. 
أكفاننا ستضيء يومًا في رحاب القدسِ.. 
سوف تعود تقتحم المعاقل والحصونْ.. 
**** 
شهداؤنا في كل شبر يصرخونْ.. 
يا أيها المتنطعونْ.. 
كيف ارتضيتم أن ينام الذئب.. 
في وسط القطيع وتأمنونْ؟ 
وطن بعرْض الكون يُعرض في المزاد.. 
وطعمة الجرذان.. 
في الوطن الجريح يتاجرون.. 
أحياؤنا الموتى على الشاشات.. 
في صخب النهاية يسكرون.. 
من أجهض الوطن العريق.. 
وكبل الأحلام في كل العيون.. 
يا أيها المتشرذمون.. 
سنخلص الموتى من الأحياء.. 
من سفه الزمان العابث المجنون.. 
والله إنا قادمون.. 
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا 
بل أحياء عند ربهم يرزقون" 
**** 
شهداؤنا في كل شبر.. 
في البلاد يزمجرونْ.. 
جاءوا صفوفًا يسألونْ.. 
يا أيها الأحياء ماذا تفعلونْ.. 
في كل يوم كالقطيع على المذابح تصلبونْ.. 
تتنازلون على جناح الليل.. 
كالفئران سرًّا للذئاب تهرولونْ.. 
وأمام أمريكا.. 
تُقام صلاتكم فتسبحونْ.. 
وتطوف أعينكم على الدولارِ.. 
فوق ربوعه الخضراء يبكي الساجدونْ.. 
صور على الشاشاتِ.. 
جرذان تصافح بعضها.. 
والناس من ألم الفجيعة يضحكونْ.. 
في صورتين تُباع أوطان، وتسقط أمةٌ.. 
ورؤوسكم تحت النعالِ.. وتركعونْ.. 
في صورتين.. 
تُسلَّم القدس العريقة للذئاب.. 
ويسكر المتآمرون.. 
**** 
شهداؤنا في كل شبر يصرخونْ.. 
بيروت تسبح في الدماء وفوقها 
الطاغوت يهدر في جنونْ.. 
بيروت تسألكم أليس لعرضها 
حق عليكم؟ أين فر الرافضونْ؟ 
وأين غاب البائعونْ؟ 
وأين راح.. الهاربونْ؟ 
الصامتون.. الغافلون.. الكاذبونْ.. 
صمتوا جميعًا.. 
والرصاص الآن يخترق العيونْ.. 
وإذا سألت سمعتَهم يتصايحونْ.. 
هذا الزمان زمانهم.. 
في كل شيء في الورى يتحكمونْ.. 
**** 
لا تسرعوا في موكب البيع الرخيص فإنكم 
في كل شيء خاسرونْ.. 
لن يترك الطوفان شيئًا كلكمْ 
في اليم يومًا غارقون.. 
تجرون خلف الموتِ 
والنخَّاس يجري خلفكم.. 
وغدًا بأسواق النخاسة تُعرضونْ.. 
لن يرحم التاريخ يومًا.. 
من يفرِّط أو يخونْ.. 
كهاننا يترنحونْ.. 
فوق الكراسي هائمونْ.. 
في نشوة السلطان والطغيانِ.. 
راحوا يسكرونْ.. 
وشعوبنا ارتاحت ونامتْ.. 
في غيابات السجونْ.. 
نام الجميع وكلهم يتثاءبونْ.. 
فمتى يفيق النائمونْ؟ 
متى يفيق النائمون؟.
شعر:فاروق جويدة

أضف تعليقك

إلى أمي الحبيبة:
حين تجدين هذه الورقة في مصحفي سأكون قد فارقت هذه الحياة إلى جنة عرضها السموات والأرض، فمصحفي هو الوحيد الذي لابد أنكم ستفتحونه يوما، وما أرجوه منك – أمي الحبيبة- أن تكملي الختمة التي كنت بدأتها من مكان وجود الورقة، لتكون آخر ختمة لي كاملة، بمعونتك، وتهبي أجرها لي ولوالدي الذي فارقنا منذ سنين.

سامحيني يا أمي! يا عطر حياتي، فهذه المرة الأولى التي أعصي لك فيها أمراً، أعرف أن صحتك لا تحتمل، فكنت أخفي عنك أنني كنت أخرج في المظاهرات لأقول بملء فمي: لا لمن صبغ حياتنا بالسواد، وهذا من مدرسة الفاروق حيث قال " يعجبني الرجل أن يقول بملء فيه لا!"

طلبت مني ألا أخرج مع الشباب، ولكني استشرت شيخي في الجامع، فقال لي: يا بني نحن في حال يجوز فيها أن تخرج دون إذن والدتك، فخرجت، سيما بعد أن طردوني من العمل، ولم أخبرك، طردوني لأنني لم أوافق على الخروج في مظاهرات التأييد، خصموا من راتبي أول مرة، ثم أحالوني الى التحقيق، ثم الى تحقيق أمني ضربوني فيه أيما ضرب، ظنوني من اليهود الذين استباحوا المقدسات!! وأذلوني أيما إذلال، وكأنهم يعاقبون من سرق الجولان، ثم سرحت حتى دون أن آخذ حقوقي ومستحقاتي منهم.

الشباب يا أمي لم يتركوني، وأمنوا لي عملا يكفيني ويسترني، على الأقل أمامك وأمام زوجتي وولدي، وفي الوقت نفسه كنا نخرج كل يوم لنقول" لا " ولنقول " ارحل " ولنقول " ما منحبك " لذلك الذي زرع هو وأبوه من قبله- بأفرع أمنه – الرعب في النفوس، حتى غاصت الألسن في مستنقع الخرس!!، كنا نغني ونرقص ونتبارى في تركيب الأهازيج، كنا نضحك من كل قلوبنا، بينما هم وأزلامهم وشبيحتهم كانوا خائفين، هم مدججون بالأسلحة الفاجرة، كانوا يختبئون وراء الجدران والأعمدة وهم المسلحون ونحن العزل، ثم يطلقون الرصاص فيسقط منا من يسقط، ويعلو صوت التكبير، نحاول أن نسعف من سقطوا، ولكنهم غالبا كانوا يضربون في مقتل، ومن كان ينجو من قتلهم ينتظرونه في إسعاف المشافي ليقتلوه هناك.

أمي! الآن حدث ما حدث، لقد كتبت لك هذه السطور لعلها تخفف عنك، أنت أم، بل أعظم أم، وأجمل أم في الدنيا، أعلم أنه لا يسهل عليك أن تفقدي ابنك، لذلك أحببت أن (أدردش )معك قليلا، لعلي أستطيع أن أقطف من روض فمك الطاهر " سامحتك يا حبيبي وقرة عيني " ولو غسلت على أعتاب دمعتك الحرى.

عشت يا أمي مع أبي خمسا وثلاثين سنة، كان رجلا نظيفا، عظيما، وعندما كبرنا عرفنا أنه- وهو موظف كبير- كان يبني، وهم يهدمون، يصحح وهم يخربون، كثيرا ما حاولوا أن يتخلصوا منه، يلفقون له التهم، ولكن الله كان ينجيه، كم نجا من كمائنهم!! ولكن هل تذكرين كيف أمضى سنواته الأخيرة من حياته؟ لقد كان يائسا، مكتئبا، كان يتملكه إحساس بالهزيمة، لقد حاصروا كل الخير الذي حاول أن ينجزه أو يحققه في حياته وأنهوه، ولولا أنه كان مولعا بالقراءة، ولولا عبادته وصلاته وتلاوته للقرآن الكريم، لقتله الاكتئاب والإحساس الناخر بالهزيمة، ربما قبل ذلك بكثير، أستغفر الله ربي، إنه الأجل يا أمي.

في أمسيات العزاء كان أصدقاؤه وأحباؤه يروون لنا قصصا عن صبره على ظلمهم ولؤمهم وتخريبهم ومحاولاتهم لإزعاجه وإذلاله وإزاحته من وجوههم، لا أعرف ان كنت تعرفين كل هذه القصص، فقد نجح في إخفائها عنا طوال عمره، لقد حاولوا أن يشوهوا سمعته، ويخوضوا في أمانته، تصوري يا أمي لو نجحوا فيما أرادوا كيف كنا سنتابع حياتنا؟ !

ألا يستحق أبي، وغيره كثيرون، أن نقول بقوة والصوت الجهير:" لا " كفاكم، نحن لم نفكر في ثأر يا أمي، لم نحمل سلاحا، ولكني لا أنسى وجه أبي- رحمه الله- وقد كساه الغم والانكسار بملامح كاسفة كادت أن تغشي على نور إيمانه وعبادته.
لا تقولي لي: إنك لا تعرفين شيئا عن كل معاناة أبي، لا أشك في أنه كان يروي لك شيئا مما يعتلج في صدره، ويوم مات كلنا رأينا في وجهك شيئا آخر مع الحزن الفاجع، لقد كان شيئا يشبه الكره والبغض والرغبة في الانتقام .

أمي! يا أجمل الحروف تتراقص على شفاه الأبناء!، لقد جاهدتما كثيرا حتى استطعتما تربيتنا وتعليمنا، في الثمانينات كان من الممكن جدا أن يقتل أي واحد منا، كل ما فعلتماه في حياتكما كان من الممكن أن يضيع، لأن القتل والسجن والتعذيب والإذلال كان عشوائيا، لم يتقوا الله حتى في النساء والأطفال، أنت تذكرين ابن جارنا أبي محمود "كريم " الذي أخذوه، وكان في الصف العاشر، وحتى الآن لا يعرف أهله إن كان حيا أو ميتا، كنت يا أمي قد استعرت منه كتابا، وعندما حاولت أن أعيده لأبيه قال لي: يا بني تعيده له عندما يخرج إن شاء الله، قالها وفي عينيه دمعتان بحجم محيطين كبيرين.

بقي الكتاب في مكتبتي يرمقني بما يشبه الاستياء، كنت دائما أحاول أن أصرف نظري عنه، ربما حياء، أو خوفا، أو رغبة في النسيان.

في الثمانينات لم يتورعوا عن فعل شيء، ثم استقر لهم الأمر، فاستأسدوا أكثر، بل استضبعوا وتوحشوا أكثر، سرقوا أكثر، ظلموا أكثر، هل تريدين يا أمي أن يستقر الأمر لهم مرة ثانية، هل تقدرين ماالذي يمكن أن يحدث إن عادوا إلى ما كانوا عليه، لن يتركوا أحدا الا ويسومونه سوء العذاب، هم وحوش في جلود بشر!!

كفانا رعبا يا أمي، كفانا ذلا، كفانا يأسا، كفانا مغالبة للشياطين التي تريد أن تستأثر بكل شيء ولا تترك لأحد حتى أدنى ما يلبي حاجاته، أتذكرين يوم لم تقبل أختي في الدراسات العليا في الجامعة، وقبل من هو أدنى منها درجات، وعندما سأل أبي عن السبب قيل له : رفض أمني !! تصوري يا أمي أختي التي تعرفينها، والتي لا تعرف من الشر ذرة، أختي الحيية، يرفضونها أمنيا ! ثم فهمنا أن السبب هو حجابها، هل تذكرين دموعها ذلك اليوم، كادت أن تصرخ من شدة إحساسها بألم الظلم، ألم ينخر في القلب والدماغ، أحسست يومها أنها تكاد تنفجر، لولا أنك حضنتيها وأضفيت عليه من فيض حنانك وحاولت تهدئتها، وقلت لها :الرزاق هو الله.

أمي! سمعت جارتنا يوما تقول لك وأنتما تشربان قهوة الصباح: الله يهدي الشباب، الأمور ماشية والحمد لله، لماذا يريدون إسقاط النظام؟
ضحكت يومها من جملتها الأخيرة وقد نطقتها بالفصحى، لكن يبدو أن هذه الجملة صارت من الجمل المحفورة في كل لغات الأمم المقهورة ولهجاتها.

لا يا أمي، الأمور ليست ماشية، والناس كلهم يريدون إسقاط النظام، لأننا البلد- ربما الوحيد- الذي بلا نظام، بلا قانون، بلا أعراف، لا يوجد عندنا حد أدنى للشرور، لا يمكن أن تنزل تحته، سرقوا حياتنا ومستقبلنا وأملنا بالحياة، سرقوا مستقبل أولادنا، يقولون إن بلدنا فيها خيرات كثيرة، لا تهم الأرقام، ولكن لماذا نعيش حياتنا كالشحاذين؟ ! ويعيشون هم في جنات يحاولون بها أن يجاروا جنة الله، خسئوا، فوالله الذي لا اله غيره لن يهنأوا في دنياهم، وسيصلونها سعيرا في الآخرة إن شاء الله.

ندرس ونتخرج، ثم ندور نبحث عن وظيفة، فإن وفق الله ووجدناها لم يكف الراتب للطعام والشراب و اللباس والتعليم والمازوت والدواء، ماذا نفعل إن كانوا قد أوصدوا جميع الأبواب في وجوهنا، نرتشي؟ نصبح سماسرة شر؟ نغش، نخدع، ونكذب؟ هل ترضين لي يا أمي شيئا من هذا؟ نهاجر ونتركها لهم؟ كم عدد الذين يقدرون على الهجرة؟ ولماذا نترك لهم كل شيء لنعيش بقية حياتنا غرباء بلا أهل وبلا وطن.

أتصورك الآن وأنت جالسة على سريري تقرأين رسالتي ودموعك تملأ وجهك، ويساقط منها على بعض كلماتها فتتمدد على الورقة حبرا إضافيا، لذلك سأحاول أن أضحكك،

أنت المسؤولة عن قراري بالخروج إلى المظاهرات ثم الاستشهاد، نعم يا أمي، أنا شهيد ويجب أن تفرحي، ما من شيء يمكن أن يرفع درجاتي عند الله كالشهادة، والآن سأقول لك لم أنت المسؤولة عن قراري الذي يحزنك هذا الحزن الهاديء، أتذكرين أول كتاب قدمته لي للقراءة عندما قررت أن تعوديني عليها؟ لا أظن أنك تذكرين، إنه كتاب " شهداء الاسلام في عصر النبوة " كنت يومها في الإعدادية ، وعندما قرأت الكتاب ومع صغر سني تمنيت أن أستشهد كما استشهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت بذرة نمت بعدها وترعرعت بالقراءة والأخذ عن شيوخي في المسجد، لم يكونوا يتحدثون في السياسة، إنما كان الحديث دائما عن عظمة التضحية والعطاء، و عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين،

ما أجمل الموت في سبيل الله عندما يكون عتبة لدخول الجنة، ودون حساب، فكري معي يا أمي قليلا "دون حساب "!!! من منا يقدر على الحساب؟ من منا يقدر على الوقوف بين يديه تعالى؟ ألا يستحق هذا الإقبال على ما أقبل عليه الشباب، وقد حانت الفرصة .

لا يعني هذا أنني لا أحب الحياة، أو أنني أحب الموت، أنت تعرفين أنني عشت عمري كله وأنا مقبل على الحياة بالرغم من كل الصعوبات التي وضعوها في وجوهنا، وبالرغم من كل المخاوف التي جعلونا نعاني منها، لكننا اليوم أمام فرصة لا بد أن نستغلها، فإما حياة تليق بي وبك وبزوجتي وولدي وإما شهادة أكسب بها نجاتي وسعادة الأبد، ولا نامت أعين الجبناء.
كم سنة يمكن أن تعيشي معي من اليوم يا أمي، أطال الله عمرك، عشرا؟ عشرين؟ وينتهي كل شيء، هناك سنلتقي في دار البقاء، ولعلك ستدخلين الجنة لمجرد أنك ربيت رجلا شهيدا.

أمي …كم ظلموا؟ كم سرقوا؟ كم قتلوا؟ كم خربوا؟ إلى متى يمكن أن ينتهي هذا كله؟ أنا لا أتحدث عن ستة أشهر أو سبعة مذ تركنا وراءنا ظهريا الخوف من الظالم، مع أنهم فعلوا الأفاعيل فيها، أربعون سنة يا أمي، أربعون سنة مليئة بالظلم والقتل والتعذيب، بالرعب والخوف حتى الجنون، نعم فأنت تذكرين صديقي الذي كان معي في الجامعة، بقي عندهم سنتين، ثم خرج يظن أن كل من وراءه يتبعه.

ثم ألست أنت التي أهديتني عندما عدت مع أبي من العمرة فيلما عن محمد الفاتح؟ أرأيت كيف تتحملين مسؤولية قراري، لا أعرف إن كنت نجحت في رسم بسمة من وراء دموعك "شهداء الإسلام" ثم " محمد الفاتح "، لا ..وأيضا حفظ عشرة أجزاء من القرآن الكريم، وكنت دائما معي تتابعين حفظي، ألا تعرفين أن هذه تعتبر ثلاث جرائم في أمن دولة .

هل أنتظر يا أمي أن يفعل بأختي أو بابنتي أو بك أنت ما فعلوه بنساء أخريات؟ في الثمانينات والآن؟ هؤلاء لا يتورعون عن شيء مهما كان منحطا !هل تريدين يا أمي ألا أشعر بالصفعة إلا إذا سقطت على وجهي، لم تربيني هكذا أبدا يا أمي .هؤلاء وحوش وليسوا من بني البشر، لابد من اقتلاعهم، من أجلك، من أجل زوجتي ونساء بلدنا، ولدي وأولاد بلدنا، يا أمي الأمور ليست كما يقولون :ماشي الحال، قولي لهم جميعا كفانا هذه الحال، وكفانا جبنا وخوفا وتمريرا للوقت مع الذل والحرمان.

عندما كنت صغيرا، أمضيت صيفا كاملا وأنت تأخذينني إلى طبيب الأسنان، كنت أتألم، وكنت تقولين لي دائما، لا بد من الألم، كل من يذهب إلى طبيب الأسنان عليه أن يتحمل قسطا من الألم، ولكنه بعدها يرتاح وتصبح أسنانه جميلة بيضاء وابتسامته مشرقة، يا أمي الشعب كله قرر أن يذهب إلى طبيب الأسنان ويتألم ليرتاح وتشرق أيامه .
أمي، هم يصطادوننا اصطيادا، نكون في المظاهرات وفجأة يتساقط الرصاص علينا من كل جانب، يقولون عصابات مسلحة، شبيحة، أمن، جيش، يا أمي كله مثل بعضه، مسرح عرائس والذي يحرك الدمى يد واحدة، وستقطع هذه اليد إن شاء الله.

أمي أنا الآن في أحسن حال، والحمد لله أنني أجتزت الامتحان وفزت بالشهادة، المهم أنت، انتبهي لصحتك، لن أوصيك بشيء، لأنني أصلا لا أملك شيئا، احضني زوجتي وولدي وابكوا قليلا، خمس دقائق يكفي، ثم اخرجوا أمام الناس وزغردوا فرحين كما كنا نراهم في التلفاز.
هناك رسالتان أخريان كتبتهما لهذا اليوم، واحدة لزوجتي، وواحدة لأخي الأكبر، تجدونهما في مكتبتي داخل كتاب "إذا هبت ريح الايمان"، أرجو أن يقرأ كل منهما رسالته.
أبو عبيدة

أرسلت بواسطة:ابتسام أبو اللبن