ألا ترى أن الأرض، حتى وإن شحت بعطائها..
تبقى جنة الدنيا الفانية، بأسرار تكوينها..
تحتضن كل المخلوقات وتأويها..
تبقى الموطن الأول لبني لإنسان..
بعد ارتكاب الخطيئة بوسوسة الشيطان..
والطرد الإلهي من فردوس الجنان..
من حياة الخلد وصفاء الاطمئنان..
ليهبط آدم وحواء إلى الأرض ليشقيان..
فيها يشقى الإنسان ويسعد ويجتاز الامتحان..
فيها يتطهر من شر الخطيئة..
بالعبادة والسلوك الحسن، وحب الخليقة..
من أجل العودة الأخيرة..
بعد الصراط والحساب..
بعد المكافأة والعقاب..
يموت ويحيا من أجلها..
يذود عنها ويحميها..
من الدخلاء، من الأعداء..
يعمرها ويشيدها بالعطاء..
يرثها لأبنائه وأحفاده بسخاء..

             

الأرض مهد الإنسان ولحده، إلى يوم الدين..
من ترابها خلق، وإليها سيعود بعد حين..
فيها يحيا ويموت، ليلقى ربه يوم الميعاد..
يموت من أجلها، ويسقيها بالدم والاستشهاد..


يوم الأرض وما أدراك ما يوم الأرض..
ذكرى اغتصاب الأرض بالطول والعرض..
أرض فلسطين وما أدراك ما فلسطين..
أرض الأنبياء والرسل والصالحين..
مهد مريم، عيسى، يحيا وآخرين..
أرض الإسراء والمعراج لسيد المرسلين..
أرض القدس ومسجد الأقصى والمرابطين..
أرض معركة حطين وفتوحات صلاح الدين..           


فإن نجع الغرب في زرع كيان المتصهينين..
بالقوة والاغتصاب والتهجير، بأرض فلسطين..
فإن الحق حق، عائد لأهله ولو بعد سنين..
فالغد لناظره قريب بالصمود والتحدي
المكين..
وإن طاب المقام في الأرض للأمريكان..
على أنقاض الهنود الحمر في عين المكان..
بعد الطرد والإبادة للأصليين من السكان..
فإن بني صهيون لن يرتاح لهم مقام أو بال..
في أرض فلسطين الحرة مهما طال الآجال..
ما دامت الأم الفلسطينية لا زالت تلد
أشبالا..           
وما دام الأطفال بالحجارة يصنعون أبطالا.. 
لا يخشون الموت، يقتحمونها بإسرار..
يتسابقون إليها، يعانقونها بحب وإكبار..
بلهفة يضمونها بشارة النصر والانتصار..
امتزج دمهم بالتراب منذ آلاف السنين..
وجوههم من أديم أرض الكنعانيين..
فالنصر آت بحجارة الأطفال الصامدين..
النصر آت بتحدي المرابطات والمرابطين..
من أجل النصر بإرادة شعب الجبارين..
وعودة اللاجئين آتية لا محالة، وكذا
المبعدين..
إلى أرض الأجداد.. أرض الأنبياء والمرسلين..


فالغزاة في طريق الانقراض في العالمين..
وبنو صهيون قدرهم الشتات إلى يوم الدين..
فلا دواما للاحتلال أبدا، أمام إسرار
المقاومين.


                      *

 

فالفلسطينيون في المعركة يتحدون العدى..
يتحدون، في سبيل الأرض، قدر الردى..
مقبلون على الموت، كإقبالهم على الحياة..
لا فرق عندهم بين الحياة والموت في
المأساة..
كلاهما يحمل معنى البقاء..
كلاهما يفيض بالإيمان، وبالوفاء..
كلاهما  يتشبث بالأرض والثراء..
فالحياة دوما أقوى من الموت بجدارة..
فلا يفلح المغتصب مهما تجبرا بحقارة..
صرخة الفلسطينيين تلجلج في المعمورة:
" بدمائنا، بما تبقى من حياتنا، بموتنا
نقاوم..
بأطفالنا، بمن في أرحام أمهاتنا نقاوم..
نحن الثوار أبناء الأرض، نحن المقاومة..
لا نسترخص شيئا في سبيل الوطن والشهامة..
مهما كلفنا الثمن، مهما طال الزمن..
مهما اشتدت المحن، مهما تقوس البدن..
لنعلن نهاية الاحتلال وبداية الحرية..
لنسمع صوتنا ونحقق الكرامة..
فلأجل تحرير أرضنا لا نقبل المساومة ".
—————————————-
بقلم:بنعيسى احسينات – المغرب