كــنّـا نـــرى مـــاءَ الـحـيـاةِ سـرابـا … والــبــيـدُ نــبـصـرُ رمــلَـهـا أعــنـابـا

كـنّـا نــرى الـخـذلانَ خـيـرَ وسـيلةٍ … ونــــرى لِــقـمّـةِ عــارنــا أســبـابـا

ونـهـيمُ فــي وحـلِ الـتخبّطِ إذْ بـدا … ونـشـدُّ فــي طـلـبِ الـهـوانِ ركـابا

ونــخـضُّ سـاعـات الـزمـان بـلـهونا … ونـعـبُّ مــن سُــمّ الـفـراغِ شـرابـا

بــلـذيـذِ غـفـوتِـنـا نــغـازلُ شـعـبَـنا … ومــــن الــرمـادِ نُـكـحّـلُ الأهــدابـا

ونـــعــودُ نــغـنـمُ بـالـكـآبـة كــلـمـا … ظـــنُّ ابـتـسـامتِنا بــنـا قـــد خـابـا

فــســل الــمـنـامَ فــإنـه مـيـدانُـنا … وســل الـنـعاس تـجـدْ لـديه جـوابا

مــن مـقلة الـفشل الـذريع حـياتُنا … تــبــدو لـنـاظـرها الـكـئـيبِ خــرابـا

و نــــرى الــحـوارَ تـخـلّـفا ورذيــلـةً … ونـــرى الـفـضـيلةَ مـنـطـقاً كــذّابـا

ونــشــقّ صـــفّ لـقـائـنا بـخـلافـنا … ونــبــاعــدُ الـــخــلان والأنــســابـا

بـــدوافــع الــبـغـضـاء لا بــمـحـبـةٍ … رحــنــا نــؤســسُ بـيـنـنـا أحــزابــا

ونــــرى الأحــبّـةَ مـثـلـما أعــداؤنـا … والـغـاصـبـون غــــدوا لــنـا أحـبـابـا

ونـــرى الــبـلادَ تـمـزّقـت أطـرافُـها … والـبـغـض ســـنّ لأهـلـهـا الأنـيـابـا

والـتـيـن والـزيـتـون يـنـكـر بـعـضُـهُ … بـعـضـا.. ويـصـبـحُ بـعـضُـه حـطّـابا

نـتـوسّـل الـمـنفى الـبـعيد يـعـيدنا … فــيـلـفُّ طــاحـونُ الــنـوى دولابـــا

نـتـوسـل الـتـغـريب قـــاربَ نـجـدةٍ … ونــعـيـش فــــي أوطـانـنـا أغــرابـا

فــمَـنِ الـمـعاتبُ نـحـن أم أوطـانـنا … ومَـــنِ الـمـلـومُ إذا ضـمـيرُك غـابـا

مِـن خَـشيةِ الإسـرافِ في نَظَراتنا … رحـنـا نـهـيلُ عـلـى الـطـموحِ تـرابا

حــتـى إذا بــلـغ الـضـيـاعُ أشــدَّه … والــكـربُ أصــبـحَ بـطـشُـهُ غــلابـا

لا نـخـوتـي تـقـضي بــردّ حـقـوقِنا … وتــــردّ عــــن إنـسـانِـنـا الإرهــابــا

حـتـى إذا ضــاق الـفـضاءُ بـحـلمنا … والــحـلـم أغــلــقَ دونــنـا الأبــوابـا

حــتـى إذا روح الـعـزيـمة أُزْهِـقَـتْ … وغــدا الـتـأملُ فــي الـحـياة عـذابا

وجـــرى الــرهـانُ مـؤكّـدا أوصـافـنا … بــسـمـوم فــكـرٍ خـــدّر الأعـصـابـا

لا تـطـنـبوا فـــي الـــزّور إنّــا أمّــةٌ … تــركَـتْ حــديـثَ الـــزُّورِ والإطـنـابـا

مــا عـاد مـسمعُنا الـطروبُ بـبثكم … يـصـغي إذا ابـتـدع الـكذوبُ خـطابا

مـــا عـــاد يـرعـبـنا الـنـبـاحُ بـلـيلةٍ … نـشـرتْ عـلـى مــدّ الـظلام كـلابا

فـالليل يـخشى من مخاض عذابنا … مـتـرقّـبـا مــــن رحــمــه الإنـجـابـا

قد أشرقتْ شمسُ الشبابِ بأرضنا … وبــــدا صــبــاحُ الـثـائـريـن شـبـابـا

وتـعـطّـشَتْ أرواحــنـا حـتـى أتــوا … بـشرى تـردّ إلـى الـعطاش سحابا

بـتـضافر الـجـهد الــذي بـذلـوا لــه … ســيـخـطُّ جــيـلُ الـثـائـرين كـتـابـا

فـاسـتاءتِ الـظـلماءُ مــن أنـوارِهم … وتــوعّـدتـهـم بـالـجـحـيـم عِــقــابـا

سـيـعاقبُ الـتـاريخُ فــي صـفحاتِه … ســطـرا ذمـيـما يـسـتحقُ سـبـابا

سـطـرا أعـدّ لـنا الـحرابَ ومـا درى … أنّ الـحـقـيـقـةَ لا تـــهــابُ حــرابــا

كــم شـعلةٍ قـد سـبّحتْ أضـواؤها … وأنـــــارتِ الــســنـواتِ والأحــقـابـا

كـــمْ عــالـمٍ قـــد أبـدعَـتْـهُ بـلادنـا … كــم شـاعرٍ فـي حـسنها قـد ذابـا

كـــم نــابـغٍ ومـهـنـدسٍ.. ومُـعـلّـمٍ … مـــــا زال يـــرْفــدُ لــلـعُـلا طُــلابــا

كــم نـاسـك غُـفـرَتْ جـميعُ ذنـوبِهِ … واشــتــمّ رائــحــة الــبــلاد فـتـابـا

مـن تـربة الوطن المروّى من دمي … أنــا قــد رسـمـتُ جـمـالَها الـخلابا

بــيـن الـتـطـور والـشـبـاب عـلاقـةٌ … ولــصــدّهـا لا يــمـلـكـون حــجـابـا

برؤى الشباب قد انتشلتُ بصيرتي … وبـفـكـرهم سـهـمُ الـضـياءِ أصـابـا

اشرف حشيش