إِذا خَدَعَ الَذي أَظْهَرْتَ غِرّا *** فَلَمْ يَعُدِ الَّذي أَبْطَنْتَ سِرّا
وَما خَدَعَتْ تَقِيَّتُكَ، الَّتي قَدْ *** يُغَرُّ بِها الْبَليدُ الْفَدْمُ، حُرّا
لِسانُ الضّادِ مِنْ هذي بَراءٌ *** وَمِمَّنْ، كَيْ يُواريْ الْغَدْرَ، وَرّى
لَقَدْ سَقَطَ الْقِناعُ، وَما تَوارى *** عَنِ الْأَبْصار تينُ الْقُدْسِ عَرّى
أَلَيْسَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصى بِمَسْرى *** رَسولٍ جاءَ بِالْآياتِ دُرّا
وَصَلّى خَلْفَهُ الزَّيْتونُ لَمّا *** أَتَاهُ الْأَنْبِياءُ الْغُرُّ طُرّا؟!
فَأَيْنَ الْفَيْلَقُ الْمَزْعومُ مِمَّنْ *** عُيونَ بَني الْأَفاعي قَدْ أَقَرّا
وَمَنْ بِالْقُدْسِ عاصِمَةً وَحَقًّا، *** بِلا حَقٍّ، لَهُمْ فيها أَقَرّا
وَمَنْ في الْمَسْجِدِ الْأَقْصى حُقوقًا *** يُقِرُّ لعابِرٍ بِالْقُدْسِ مَرّا
وَيُهْدي الْمُسْلِمينَ، وَكادَ يَنْسى، *** إِلى الْأَقْصى وَقِبْلَتِهِمْ مَمَرّا؟!
وَهَلْ مَرَّتْ طَريقُ الْقُدْسِ يَوْمًا *** بِصَنْعاءَ الَّتي أَبَّطْتَ شَرّا؟!
سِهامُكَ ظَهْرَ بَغْدادَ اسْتَباحَتْ *** وَسَيْفُكَ صَدْرَ فُلِّ دِمَشْقَ (قَرّا)
وَفَأَسْكُ مَنْ عَلى صَنْعاءَ تَهْوي *** وَنَغْلُكُ مَنْ عَلى بَيْروتَ كَرّا
وَرُمْحُكَ مَنْ رَمى بِـ(تَعِزُّ) صَحْبي *** وَقَدْ حاصَرْتَها بَحْرًا وَبَرّا
وَحِقْدُكَ مَنْ عَلى الْأَنْبارِ يَعْدو *** وَغِلُّكَ مَنْ بِلُبْنانَ اسْتَقَرّا
زَعَمْتُمْ أَنْ صَواريخَ الْمَلالي *** سَتَجْعَلُ مِنْ بَني صُهْيونَ ذَرّا
وَتَهْدِمُ، في دَقائِقَ، ما عَلَوْهُ *** إِذا لَمَسَ اللِّواءُ الْفَذُّ (زِرّا)
فَلَمْ نَرَ مِنْ صَواريخِ الْمَلالي *** سِوى ما في الْعُقولِ الْجَهْلَ ذَرّا
وَلَمْ نَرَ غَيْرَ ضِرْعٍ مِنْ مَنوحٍ *** لِمَنْ شَتَموا صِحابَ الْحِبِّ دَرّا
وَكَمْ أَسَدٍ عَلى عُزْلٍ تَراهُ *** إذا دَقَّتْ طُبولُ الْحَرْبِ هِرّا
تَراهُ عَلى أَكارِمِنا مِكَرًّا *** وَإِنْ هَجَمَتْ أَعادينا مِفَرّا
وَتَجْري الطّائِفِيَّةُ في دِماهُ *** وَجَرَّ شَبابَنا لِلْحَرْبِ جَرّا
أَ(قاسِمُ)، سَوْفَ تَبْقى مَحْضَ نَغْلٍ *** وَسَفّاحٍ مِنَ التّاريخِ فَرّا
فَمَنْ فَلّوجَةَ الْأَحْرارِ أَدْمى *** عَلى نَهْجِ الْمَجوسِ قَدِ اسْتَمَرا
وَإِنَّكَ صِنْوُ (شارونٍ) بِعَيْني *** فَكَمْ أَعْدَمْتَ، بِاسْمِ الْقُدْسِ، حُرًّا!
دَمي الْمَسْفوكُ في بَغْدادَ ظُلْمًا *** وَمَنْ يَضْرُرْ دِمَشْقَ … الْقُدْسَ ضَرّا
أَنَاْ الْعَرَبِيُّ، ما فَرَّقْتُ بَيْنَ الَّذي في الْقُدْسِ أَوْ بَغْدادَ قَرّا
فَيا أَحْرارَنا، اسْتَمِعوا لِنُصْحي *** وَإِنْ تَجِدوا مَذاقَ النُّصْحِ مُرّا
وَرَبّي، ما (سُلَيْمانيْ) نَصيرٌ *** لَنا، لَوْ بَعْضَنا بِالْقَوْلِ غَرّا
فَمنْ بِالْعُجْمِ بَعْدَ الْعُرْبِ لاذوا *** كَمَنْ قَدْ أَبْدَلوا بِالْحَرِّ قُرّا
وَإِنْ قُلْتُمْ: نَفْرنا في حَرورٍ *** فَنيرانُ الْجَحيمٍ أَشَدُّ حَرّا
حَذارِ خَسارَةَ الْأَحْرارِ مِمَّنْ *** بِهِمْ حُكْمُ الْأَراذِلِ قَدْ أَضَرّا
كَتائِبُكُمْ تَسَمَّتْ بِاسْمِ حُرٍّ *** بِتُرْبِ اللّاذِقِيَّةِ كانَ بَرّا
وَما الْإِسْلامُ إِلّا مَبْدَأٌ، لا *** يُجَزِّئُهُ سِوى مَنْ كانَ غِرّا
وَمَنْ خَسِرَ الْمَبادِئَ صارَ عَبْدًا *** عَلى أَقْدامِ مَنْ يَكْسوهُ خَرّا
وَما أَكَلَتْ بِثَدْيَيْها حَصانٌ *** وَإِنْ لِبَنيِّها لَمْ تَلْقَ بُرّا
إِلى الرَّحْمنِ فِرّوا إِنْ حُصِرْتُمْ *** فَلَنْ تَجِدوا كَرَحْمَتِهِ مَفَرّا
وَما ذو اللُّبِّ مَنْ هُوَ دونَ ذَنْبٍ *** وَلَكَنْ مَنْ عَلَيْهِ ما أَصَرّا
____________
جواد يونس