بعد استشهاد القائد اسماعيل أبو شنب بكاه اسماعيل هنية فكتب الرنتيسي هذه القصيدة على لسان الشهيد أبو شنب مخاطبا بها هنية :
عزيز دمع إخواني عليَّ *** فكفكف من دموعك يا هنية
ولا تحزن فإن الحزن ولّى *** وأدبر في متاهات قصيّة
أنا في الخلد أسرح في رباها *** وأمرح بين أفنان نديّة
ترى الولدان من حولي سعاة *** وكم زفت إلى قصري صبيّة
وأنهارا من العسل المصفى *** وفاكهة وأصنافا شهية
وكأسا من معين كم شربنا *** ومن خمر معتقة نقية
وكم أهدى لنا الرحمن فيها *** نعيما والرضى أغلى هدية
فسر يا صاحبي فالركب يمضي *** إلى فوز وجنات علية
لباس الخالدين بها حرير *** وأثواب النعيم السندسية
تقدم يا أخيَّ ولا تبالي *** تقدم فالجهاد هو القضية
فإني قد وجدت الموت شهدا *** وفي الرحمن ما أحلى المنية
تقدم يا سميَّ وكن عجولا *** فكم لاقى السميُّ بها سمية
نسيت – وربنا- سهر الليالي *** ومر العيش والدنيا الدنية
وأياما حوادثها جسام *** وساعات ثوانيها عصية
هنا نلقى النعيم جوار ربي *** ونلقى أحمد الهادي نبيه
يعانقني الأحبة من حماس *** وحولي كل ذي نفس أبية
ومن لله قد سارت خطاه *** وثارت فيه للدين الحمية
ومن أهدى له الرحمن قلبا *** ونفسا كالسنا العالي زكية
هنا يا صاحبي أسمى نعيم *** ترى نفس الجزوع به رضية
ترى الدنيا وزخرفها حطاما *** وبؤسا لا تطيب به سجية
فكم عاش الملوك بها حياة *** برغم هنائهم كانت شقية
فكن كالراكب الماضي لعرس ** له الدنيا وصهوتها مطية
تأبط حبل ربك والتزمه *** فإن الله لا ينسى وليه
وقد تأتي السعادة من شقاء *** وقد تأتيك بالخير البلية
بودي أن أعود وأن تراني *** أزلزل في الكتيبة والسرية
فتجري من لدنا ريح حرب*** بأمر الله عاتية قوية
بعزم كتائب القسام نمضي *** ندك الغاصبين بلا روية
ونبني عزة الإسلام مجدا *** ولا نبقي لمن كفروا بقية
ألا بلغ سلامي كل زند *** لنصر الله هز البندقية
وشيخَ الثائرين وكل كف *** تعالت من سواعدنا الفتية
وللرنتيس شوق من محب *** وللزهار من قلبي التحية
لدمعك يا أخي في القلب وقع*** يثير لواعج النفس الشجية
فلا تحزن وقل للناس إني *** بقرب محمد خير البرية
وداعا يا أخي وإلى لقاء *** بجنات العلا الخضر البهية
فكفكف دمعك الجاري وعدني *** بأن ترعى بهمتك الوصية
فما في الأرض بعد الدين شيء *** بأغلى من دموعك يا هنية
________________
عبد العزيز الرنتيسي رحمه الله