الشِّعْرُ بَسْمَةُ مَنْ يَرْنو إِلى الْعِينِ *** وَشَهْقَةُ الواوِ بَيْنَ الْمَدِّ وَاللِّينِ
وَالشِّعْرُ دَمْعَةُ عَيْنٍ قَدْ بَكتْ فَرَحًا *** وَدَمْعَةٌ هَرَبَتْ مِنْ قَلْبِ مَحْزونِ
وَالشِّعْرُ تَغْريدَةُ الرّوحِ الَّتي حُبِسَتْ *** في جَوْفِ سِجْنٍ عَجيبٍ قُدَّ مِنْ طينِ
وَالشِّعْرُ رَدَّةُ فِعْلِ الْقَلْبِ حينَ يَرى *** شَعْبًا تَشَرَّدَ مِنْ قَصْفِ الْمَجانينِ
وّالشِّعْرُ لَوْحَةُ فَنّانٍ يُلَوِّنُها *** قَلْبٌ يَرى النّاسَ مِنْ دونِ التَّلاوينِ
وَالشِّعْرُ كارِكَتيرٌ راحَ يَرْسُمُهُ *** مَنْ يَسْخَرونَ بِهِ مِنْ كِبْرِ مَأْفونِ
وَالشِّعْرُ كِلْمَةُ حَقٍّ لَيْسَ يَحْقِرُها *** حُرٌّ يُلاحِقُهُ جَوْرُ السَّلاطينِ
ما الشِّعْرُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نارًا تُحَرِّقُ مَنْ *** يُحرِّقونَ الْأَمانيْ في الْمَيادينِ؟
الشِّعْرُ عِنْدِيَ موسيقى وَأُغْنِيَةٌ *** تَشْدو بِها سَحَرًا أَحْلى الْحَساسينِ
وَالشِّعْرُ عِنْدِيَ عَزْفُ النّايِ مُنْفَرِدًا *** أَبُثُّهُ الْوَجْدِ كَيْ أَسْلوْ فَيُشْجيني!
وَالشِّعْرُ عِنْدِيَ أَفْكارٌ وَأَسْئِلَةٌ *** عَنِ الْوُجودِ، وَشِعْري سِفْرُ تَكْويني
وَالشِّعْرُ عِنْدي مَجازٌ دونَ سَفْسَطَةٍ *** بِاسْمِ الْحَداثَةِ أَمْسَتْ دونَ مَضْمونِ
وَأَنْبَلُ الشِّعرِ عِنْدي لَحْنُ أُغْنِيَةٍ *** هَزَّتْ بِها الشَّمْسُ جُدرانَ الزَّنازينِ
وَأَفْضَلُ الشِّعْرِ عِنْدي ما مَدَحْتُ بِهِ *** خَيْرَ الْأَنامِ وَأَصْحابٍ مَيامينِ
الشِّعْرُ أَوْجاعُ حُرٍّ لا يَرى بَدَلًا *** عَنْ جَنَّةِ اللَّوْزِ وَالزَّيْتونِ وَالتّينِ
فَلا تَلُمْني إِذا ما صِحْتُ مِنْ أَلَمي *** وَرُحْتُ أَشْدو بِأَلْحانٍ تُعَزيني
ما الشِّعْرُ إِنْ لَمْ يَكُنْ آهاتِ مُغْتَرِبٍ *** يَحِنُّ لِلدِّفْءِ مِنْ جَمْرِ الْكَوانينِ؟
الشِّعْرُ بَلْسَمُ جُرْحٍ نازِفٍ أَبَدًا *** فَلا جِراحَ كَما الْجُرْحِ الْفِلَسْطينيْ
الشِّعْرُ آهَةُ صَبٍّ كانَ يَكْتُمُها *** فَصارَ يَهْذي بِلَيْلى كَالْمَجانينِ
وَالشِّعْرُ زَفْرَةُ صَدْرٍ قُدَّ مِنْ وَجَعٍ *** يُصارِعُ الْمَوْتَ بَيْنَ الْحينِ وَالْحينِ
الشِّعْرُ دَعْوَةُ حُبٍّ لا حُدودَ لَهُ *** يُذَكِّرُ النّاسَ: (لا إِكْراهَ في الدّينِ)
بِئْسَ الْقَصيدُ الَّذي بِالْجَهْلِ أَرْجَعَنا *** إِلى الطَّوائِفِ مِنْ دَقِّ الْأَسافينِ
بِئْسَ الْقَصيدُ الَّذي لا يَنْتَضي أَمَلًا *** يُبَشِّرُ النَّصْرَ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِالْهونِ
بِئْسَ الْقَصيدُ إِذا ما كانَ هَلْوَسَةً *** تُعاقِرُ الْكُفْرَ في جَوْفِ الدَّواوينِ
بِئٔسَ الْقَصيدُ الذي مَدْحُ الظَّلومِ بِهِ *** نِفاقُ مَنْ طَمِعوا في مالِ قارونِ
هذا هُوَ الشِّعْرُ عِنْدي إِنْ تَسَلْ قَلَمي *** أَمّا سِواهُ فَهَذْرٌ لَيْسَ يَعْنيني
______________________
جواد يونس