مِنَ الْأُرْدُنِّ تَرْضَعُ ضِفَّتانِ *** وَحِضْنَ الْأُمِّ يَهْوى التَّوْأَمانِ
لَدى عَمّانَ حُبُّ الْقُدْسِ فَرْضٌ *** كَحُبِّ الْأُخْتِ يَنْبوعِ الْحَنانِ
وَعِشْقُ الْقُدْسِ عَمّانَ النَّشامى *** جَرى مَجْرى الدِّماءِ مِنَ الْجَنانِ
وَلَيْسَ يُفَرِّقُ الْأُخْتَيْنِ شَيْءٌ *** وَلا أَحَدٌ عَلى مَرِّ الزَّمانِ
أَيا مَنْ رامَ شَقَّ الصَّفِّ مَهْلاً *** دِمانا لَمْ تَكُنْ ماءَ الْقَناني
دَمُ الْأَحْرارِ في الْأُرْدُنِّ رَوّى *** ثَرى أَرْضٍ مُبارَكَةٍ تُعاني
وَفي يَوْمِ الْكَرامَةِ لَمْ نَذَرْهُمْ *** لِوَحْدِهِمُ بِوَجْهِ بَني الزَّواني
صَدَدْنا وَالْأَشاوِسَ كُلَّ عِلْجٍ *** أَتى يَخْتالُ تَحْدوهُ الْأَماني
وَمَنّى النَّفْسَ صَيْداً ثَمَّ سَهْلاً *** فَصارَ فَريسَةَ الْأُسْدِ الْمِتانِ
وَما فيهِمْ خَؤونٌ قَدْ تَوَلّى *** بِيَوْمِ الزَّحْفِ كَالْوَغْدِ الْجَبانِ
تَوَحَّدْنا فَكانَ النَّصْرُ حَقّاً *** عَلى مَنْ أَنْزَلَ السَّبْعَ الْمَثاني
هَوى الْأُرْدُنِّ في قَلْبي عَتيقٌ *** وَلَمْ أَهْوَ الْأَماكِنَ وَالْمَباني
وَلكِنْ في فُؤادي حُبُّ قَوْمٍ *** ضُيوفُهُمُ كَأَصْحابِ الْمَكانِ
جِبالُ مُؤابَ ضَمَّتْ شَغْفَ قَلْبي *** ثَلاثَ سِنينَ حُبّاً كَالْحَواني
وَفي الْكَرِكِ الْقَصيدَةُ راوَدَتْني *** وَفي أَرْجائِها الشِّعْرُ اصْطَفاني
لَقيتُ بِها بَناتِ الْأَصْلِ حَقّاً *** وَأَجْواداً لَهُمْ كُلُّ امْتِناني
تُحَيّي مادبا دورا فَفيها *** شَذا الْأَصْحابُ زَهْراً في الْجِنانِ
وفي السَّلْطِ الْجَميلَةِ لي رِفاقٌ *** يَمُرُّ الْعامُ مَعْهُمْ كَالثَّواني
وَفي إيدونَ وَالْيَرْموكِ قَلْبي *** أَسيرُ الصَّحْبِ لا حُسْنِ الْغَواني
هُوَ الْأُرْدُنُّ مَوْطِنُ كُلِّ حُرٍّ *** أَبِيٍّ لَيْسَ يَرْضى بِالْهَوانِ
وَيَوْمَ الْحَسْمِ مَوْعِدُنا جَميعاً *** عَلى النَّهْرِ لِسَحْقِ الْأُفْعوانِ
عَلى أَحْرارِ شَعْبي وَالنَّشامى، *** وَلَسْتُ بِخاسِرٍ أَبَداً، رِهاني
__________
جواد يونس