من وحي الواقع .. كتبت هذه القصيدة على لسان بناتي الثلاث و هنّ مكفوفات ( ديما ـ رهف ـ بيسان ) 

فــي نـاظـري مــا بــانَ لــونٌ لامـعٌ
لـكـنّـنـي لـضـجـيـجِ لـــونٍ أســمـعُ

لا تـحـسـبـنَّ يـــراعَ قـلـبـي نـائـمـاً
فـالـنّـورُ فـــي لــبّـي شُـعـاعٌ يـلـمعُ

يــــا مـبـصـراً لا تـبـكـينَّ لـحـالـتي
فــأنـا هــنـا فـــي ظـلـمـتي أتـمـتَّعُ

فـأنـا أرى كـونـي يـضـيئُ تـوهُّـجاً
و عـلـى حـواسـي نـاظـري يـتوزّعُ

مــا هـمّـني لـو عِـشْتُ مـكفوفاً أنـا
فــغـداً مـقـامي عـنـد ربّــي يُـرفـعُ

في مهجتي الإيمانُ قد أثرى دمي
فــي عــرشِ رَوْعِـي جـاثماً يـتربّعُ

الـعـمرُ عـنـدي مـثـلُ جُــبٍّ مُـعْـتِمٍ
لـــكــنَّ حــسّــي لـلّـيـالـي يَــقْـشَـعُ

بـل تـلكَ بـئرٌ قـد عَـشِقْتُ سـوادَها
إذ أنّــهــا بــبـيـاضِ لـيـلـي تَـنْـصَـعُ

جَـسَدي و مـا أدراكَ ما جَسَدي أنا
إذ فــيــه قـــوّةُ خـالـقـي تـتـجـمّعُ

و الأُذْنُ عـندي مـثلُ عـينٍ أبصرتْ
وكــذا ضـلـوعي بـالـبصيرةِ تَـبْـرَعُ

فـي الـبدءِ كـم مـن لـيلةٍ قـاسيتها
كـــأسَ الــعـذابِ و مـرَّهـا أَتـجـرّعُ

كـم ذقـتُ قـهراً إذ غـدا لي مؤنساً
و عـلى ضـفافِ الـيأس ذي أتوجّعُ

لــكــنّ ربّــــي بـالـسـكـينةِ مــدّنـي
و لـسـانُ قـلـبي بـالـملامَةِ يَـسْـجَعُ

فـأعاتبُ الـنّفسَ الّـتي يـوماً بـكتْ
و أنــا حـبـيسُ مـضـاربي أتـضـرّعُ

لــن أبـكـيَ الأبـصارَ بـعدَ سـكينتي
أبــكـي أنـــا لــو بـالـبصيرةِ أُفـجـعُ

مــالـي أراكَ أيـــا كـفـيـفُ مُـلازمـاً
فـــي ركـــنِ داركَ قـاعـداً تـتـقوقعُ

فـإلـى حـيـاتكَ قُــمْ إلـى عـلمٍ بـها
فـلـعلّ عـلـمكَ فــي حـيـاتِكَ يَـنفعُ

حسان يوسف ـ سوريا