صاحت قِبابُ القدسِ وهيَ سبيَّةٌ 
وثقيلةُ الأغلالِ والأصفادِ
صاحت بأفئدة الرجالِ تَيَمُّناً 
بالصيحةِ الأولى وكالمعتادِ
صاحت وفي القلبِ الحزينِ مرارةٌ 
وأسىً يُمزِّقُها بسوطِ عنادِ
وتكادُ تخنُقها الدموعُ بعبرةٍ
من ذا يدكُّ القيدَ يا أولادي
من ذا لكيدِ الغاصبينَ يردُّهم 
عنِّي ويرجعُ سيرةَ الأجدادِ
من يقرعُ الأجراسَ من سيعيدُ لي 
أملَ الحياةِ بصولةٍ وجهادِ
نادت جميع المالكينَ فلم تجد 
ملكاً على صلةٍ مع الأمجادِ
الشامُ والصحراءُ في أُمِّ القرى 
وقبورُ يثربَ والثرى البغدادي
ناحت على البيت المقدس حسرةً
وعلى سنين العزِّ والأمجاد
كم نبَّهَ الماضونَ حلماً خاملاً 
كم شيدوا سقفاً بغيرِ عمادِ
فاستغربت وتعجبت وتساءلت
عن ذلةٍ معَ كثرةِ الأعدادِ
وتقطعت ألماً وأوهن روحها 
عجزُ الرجالِ وقلةِ الإعدادِ
والجهلُ بعثرَ بثَّها فتراجعت 
عن قولها يا أُمةَ الإرشادِ
نادت فلم تجد الرجالَ رجالَها 
قالت ولا تلكَ الجيادُ جيادي
كلُّ الجيوش تقاعصت وتخاذلت 
واستمرأت عيش الخنا بفسادِ
صرختْ بقادات الجيوش مثيرةً 
همم الرُّكودِ ونخوةَ الآسادِ
بثَّتْ إذا سمحَ النحيبُ لبثِّها 
بعض الحروفِ شديدَةَ الإجهادِ
فأجابها كهلٌ أثارَ غرابةً 
إنِّي أتيتُ بعُدَّتي وعتادي
فأتى بعاهرةٍ وأخرجَ ثديها 
فتداعت الراياتُ دون منادِ
يا حسرتي خاب الرجاءُ بقادتي 
وعلت رؤوس الشر بالحسَّادِ
فلعلني يا قدس ؛ إن حقَّ اللِّقا 
لي في رُباكِ مواطنُ استشهادِ
ولعلني أهوي إليكِ مدججاً 
للثأرِ أجمعُ عِترتي وأُنادي
ولعلني ياقدسُ ؛ فيكِ مؤذِّناً 
في الزاحفينَ وخيرةِ الأجنادِ
يا قدس ؛ بُشراكِ المراكبُ أسرجت 
ودنا لقاءُ القومِ بالميعادِ
واشتدَّ حبُّ الطالبين شهادةً 
وغدا الجميعُ بأُهبةِ استعدادِ
____________
صلاح ريان