خِداع

أنا إن تناولتُ الطعام وجدتُني
متسائلا ما بال قوم جاعوا ؟

وإذا شربت الماء عذبا صافيا
قسما لفي شربي له إيجاع

وإذا أنام على سرير دافئ
في دفئه زور وفيه خداع

والسقف فوقي ثابت لا ينحني
وهناك سقف ساجد ركّاع

هذي البطون الخائرات لجوعها
قد علمتنا كيفه الإشباع

ومن الحلوق الظامئات ترنمت
قيثارة عبثت بها الأوجاع

عزفت لحون الموت ثم تسامقت
فعلى البسيطة ضاقت الأسماع

حملت جراحات وأخفت جلها
سرا بأطباق السماء يذاع

هتفت بهم أرواحهم أن أقبلوا
فهنا شراب سائغ ومَشاع

ومن الطعام لذيذه ومنامكم
فرش وثير ما عليه نزاع

نظروا إلينا من سموق عروشهم
وشقاء دنيانا أذى وصراع

يتعجبون من الذين تمسكوا
ببضاعة كسدت وليس تباع

ودروبنا هرج ومرج ما ارعوى
زرع وليس يحوزه الزراع

كل بدا من شرفة ملعونة
خدع الجميع وخانه الأتباع

كل يخون الكل لا أسف على
دنيا بها كم ساءت الأوضاع

ورأيت أمجادا تضيع لأمتي
مثل المكايل ضاع منه صواع

فعجزت أسرد للمواجع قصة
وحروف شعر يزدريه يراع

هذي الحياة وإن تطل بمسيرها
يوما يُلوّح للوجود وداع

فبريقها زيف يَلوح ويختفي
ونعيمها متملق خدّاع

ريما البرغوثي
الجمعة 12/1/2024