قَدَرُ الْفِلَسْطينِيَّةِ الْعَلْياءُ *** تَعْلو وَدونَ طُموحِها الْجَوْزاءُ
أُمُّ الشَّهيدِ أَوِ الْأَسيرِ نِساؤُنا *** أَلَهُنَّ في كُلِّ الدُّنا أَكْفاءُ؟
مَنْ لِابْنِها خاطَتْ عَباءَةَ عُرْسِهِ *** في جَنَّةٍ ما داسَها الْجُبَناءُ
وَبَكَتْ كَما بَكَتِ السَّماءُ بِعُرْسِهِ *** وَعَلى يَدَيْها دَمُّهُ حِنّاءُ
ضَمَّتْهُ مُبْتَسِماً فَأَشْرَقَ ثَغْرُها *** مِنْ حُزْنِنا كَمْ يَسْخَرُ الشُّهَداءُ
فَإذا بِها (هاهَتْ) وَزَغْرَدَ قَلْبُها: *** لا تَحْزَنوا، شُهَداؤُنا أَحْياءُ
مَنْ لِلْأَسيرِ الْحُرِّ يَنْسِجُ صَبْرُها *** فَجْراً لَهُ نورُ الْإِلهِ كِساءُ
وَدُموعُها كَمْ خَضَّبَتْ صَدْراً لَهُ *** دَقَّتِ بِهِ الْحُرِّيَةُ الْحَمْراءُ
تَشْتاقُ دَوْماً أَنْ تُقَبِّلَ رَأْسَهُ *** فَبِحِضْنِها يَحْلو لَهُ الْإِغْفاءُ
تَخْشى تُموتُ وَلَمْ تُعانِقْ زَهْرَهُ *** فَيُغالِبُ الْصَّبْرَ الْجَميلَ بُكاءُ
فَخْرُ النِّساءِ مَنِ الْجِهادُ سَبيلُها *** وَيَزينُها وَسَطَ الرِّجالِ حَياءُ
وَتُحيلُ شَوْكَ الصَّبْرِ زَهْراً ناضِراً *** بِتَبَسُّمٍ ما شابَهُ إِغْواءُ
مَنْ كابَدَتْ شَظَفاً، وَشَظْفٌ خُبْزُها *** ما هَدَّ فَقْرٌ عَزْمَها وَبَلاءُ
في قَلْبِها الزَّيْتونُ مَدَّ جُذورَهُ *** وَسَقاهُ فَيْضُ جِراحِها لا الْماءُ
مَنْ رابَطَتْ في الْقُدْسِ تَجْلِدُ صَمْتَ مَنْ *** لَعَنَتْ تَآمُرَ صَمْتِهِ (الْإِسْراءُ)
سَكَتَ الْجَميعُ عَلى جَرائِمِ خَصْمِنا *** فَكَأَنَّ أُمَّةَ أَحْمَدٍ بَكْماءُ
ما عادَ يَخْجَلُ قَوْمُنا مِنْ صَمْتِهِمْ *** ما عادَ في وَجْهِ الْعُروبَةِ ماءُ
ما عادَ يَسْمَعُ قَوْمُنا أَخْبارَنا *** عَنْ آهِنا آذانُهُمْ صَمّاءُ
شَغَلَتْهُمُ عَنّا مَواجِعُهُمْ فَذي *** بَغْدادُ تَتْبَعُ خَطْوَها صَنْعاءُ
وَدِمَشْقُ تَغْرَقُ في الدِّماءِ، وَليبِيا *** فيها يَجوسُ (الْإِخْوَةُ الْأَعْداءُ)
وَالنّيلُ أَحْمَرَ صارَ مُذْ ذبَحوا لَنا *** حُلُماً فَسالَتْ لِلطُّموحِ دِماءُ
يا قَوْمِ لا تَتَعَجَّبوا مِنْ حالِكُمْ *** آهاتُكُمْ لِأَنينِنا أَصْداءُ
وَأُكِلْتُمُ لَمّا أُكِلْنا قَبْلَكُمْ *** لَمْ تُدْرِكوا ما قالَهُ الْحُكَماءُ
ما كانَ أَجْهَلَ مَنْ أَخاهَمْ سَلَّموا *** وَرَضَوْا يُقَسِّمَ إِرْثَهُ الْغُرَباءُ
_________________
جواد يونس