رب ِّ إنّي نَزَفْتُها من وريدي 
عين أنثى، وسِحْر وجهٍ وجيدِ
فتَقَبّلْ كواعـبَ الشعرِ منّي 
يتسـابقْنَ في وداع الشـهيدِ
عانساتٌ قصائدي … ليس عاراً 
إنما الــعــارُ في زواج العبيدِ
أنزفُ الشِـعرَ، إنَّ كـلَّ عروقيْ 
طـافـحـاتٌ بِلَوْنِ فجــرٍ جديدِ
حيثُ للفجرِ دمعـة أين منها
دمعةُ الشيخِ في عيون المُريدِ
أنزف الشِعْرَ في بلاطٍ قديمٍ 
داسَهُ الجُنْدُ في عراقِ الرشيدِ
وعلى بـابِ جــامعٍ أُمَـوِيٍّ 
حـيـثُ (غـورو) مُـدَجَّـجٌ بـالـحـديـدِ
أنزفُ الشِــعرَ مُـعْـتِقـاً ألفَ نسرٍ 
في فـضـاءٍ من الـجـمالِ فريدِ
أنزفُ الشِعرَ منذُ غَنَّتْ نساءٌ
حول رأسي، وزغردَتْ للوليد
منذُ أتْـعَـبْـتُ جـدّتينِ وأُمّـاً 
وَتَقَلّبْنَ في العـــذابِ الشَّديدِ
غير أنّي جعلتُهُ اليوم نـخــلاً 
باســقاتٍ، وذاتَ طـلـعٍ نضيدِ
إنّني أنزفُ القصيدةَ أُنثى 
جاءها الرومُ في سيوفِ الوعيدِ
أخـذوا بِكْـرَهـا الجـميـلَ وراحـوا 
وأعـادوهُ جُـثّـةً يـومَ عـيـدِ
أيها الـنـاسُ، لـن تـدومَ لـرومٍ 
إنما الروم ُ في ضـلالٍ بعـيـدِ
أجملُ النزفِ يومَ آنَسْتُ ناراً 
تُذهلُ الخَلْقَ كلَّهمْ في صَعيدِ
كانت القدسُ زهرةَ النّارِ لمّا 
عُدْتُ منها بشُـعلةٍ من نشـيدِ
إنها القُدْسُ، كلُّ نزفٍ مُقَفّىً 
من سـناها، وكـلُّ موتٍ رَغـيدِ
في ثـراهـا تعَـطّـلَتْ كلُّ بـئـرٍ 
من بَنيها، وكـلُّ قـصـرٍ مَشيدِ
أيُّها النّاسُ قـد أشـارتْ إليهِ 
ليسَ في المهدِ غيرُ نصرٍ أكيدِ
___________
عقل سليمان محمد ربيع