نموتُ إذاً على قدمٍ وساقِ
وذا دمُنا يسيلُ كما السَّواقي
نموتُ لأنَّنا بالموتِ أوْلى
من الشَّام الجريحِ إلى العراقِ
بلادُ الناسِ للنُّعمى سباقٌ
ونحنُ بلادُنا بلْوى سباقِ
فلا زيدٌ يُفيدُ ولا عُبَيْدٌ
ولا جملٌ يغارُ على النياقِ
ونحنُ نعاقرُ الكلماتِ زوراً
ونزهوبالجناس وبالطباق
نعيشُ مرارةَ الدُّنيا جميعاً
نموتُ وموتُنا عذبُ المذاقِ
عناترُ نحنُ في عِلمِ الفتاوَى
وفي علمِ التجمُّلِ والنِّفاقِ
وعبلةُ تُسترقُّ ولا يبالي
بها أحدٌ من الفرسانِ باقِ
بربِّكمُ كفاكمْ جعجعاتٍ
بلا طحنٍ.. كفاكمْ يا رفاقي
وإسرائيلُ ضاحكةٌ عليْنا
ونحنُ..ونحنُ نحلفُ بالطلاقِ
طوالَ الوقتِ نصرخُ لاتفاقٍ
وليسَ أمامَنا غيرُ الشِّقاقِ
أما ريحٌ تهبُّ على بلادٍ
فتأخذُها إلى السبعِ الطِّباقِ
***
ونحنُ نظنُّ أنَّا خيرُ ناسٍ
ولكنْ في الحقيقةِ شرُّ ناسِ
لقد بلغَ المدى سيلُ المنايا
ففي وطني نعيشُ بلا أساسِ
وليسَ حروبُنا لبلوغِ نصرٍ
ولكنْ للوصولِ إلى الكراسي
لإسرائيلَ ألفٌ من رؤوسٍ
وليسَ لنا وربِّي أيُّ راسِ
فحيَّ على السرابِ ولا تموتوا
عطاشى.. إن حزنَ الماءِ قاسِ
زرعْنا ألفَ وهمٍ تلوَ وهمٍ
ولم نحصدْ سوى سوءِ الغراسِ
وقلْنا: أجملُ الأيَّامِ تأتي
وقد أتتِ البغالِ من الفراسِ
فلم نحصدْ من الماضي جميلاً
فكلُّ حصادِنا شتَّى المآسي
فلا تلٌّ لديْنا نرتقيهِ
ولابعضٌ من الشُّمِّ الرَّواسي
وبالذَّهبِ المصفَّى كم حلمْنا
ففوجئْنا بسيلٍ من نحاسِ
ألا ليتَ القيامةَ بعدَ حينٍ
كفى ما نحنُ فيه من نعاسِ
أناسٌ نحنُ ..إنْ كنَّا أناساً
فتبَّاً من أناسٍ من أناسِ
____________
جميل داري