• Visit Dar-us-Salam.com for all your Islamic shopping needs!
أضف تعليقك

المرأة في يومها العالمي!
في كل عام يطل علينا هذا اليوم الذي اختاره الغرب ليكون مناسبة للاحتفاء بالمرأة وإنجازاتها عبر التاريخ. فأنا لست ممن لا يهتمون كثيرا بمثل هذه الأيام التي صدّرها الغرب للمرأة وكأنه الوصي عليها والمحتفي بها وحده. ولست متملقا المرأة في هذ اليوم ولا قادحا في دورها او منكرا لإنجازاتها. فالعناية بالمرأة تعكس حالة المجتمع تقدما وتخلفا. والعناية والاهتمام ليس بالضرورة أن يسير مسار الغرب في تعاطيه مع المرأة وحقوقها المختلفة.
ولأننا أمة تستورد كل شيء –تقريبا- هذه الأيام من الحذاء إلى "الأعياد" والمناسبات وما ذاك إلا لتردي أحوالها وضياع هويتها وبوصلتها في عالم اليوم. فإن المستورد للأفكار محكوم بشروط المصدر لتلك الأفكار. لذلك يصبح الحديث في عمومه عن تلك الأفكار انعكاس حقيقي لمن أنتجها وقام بتصديرها. وهذا يعني التماهي والقبول بما تمليه تلك الشروط.
ولأننا عندما نتحدث عن المرأة في عالم العرب و الإسلام وكعادتنا التي تلازمنا فليس عندنا سوى كلام "تبجيلي" تاريخي لايرى على أرض الواقع. فماذا يمكن أن يفيد المرأة حديثنا المكرور عن تكريم الإسلام للمرأة ونحن في الواقع ننظر إلى المرأة نظرة أقرب إلى الجاهلية الأولى؟
فالمرأة اليوم تناضل وهي واقعة بين تيارين متشددين: علماني يرى المرأة من خلال منهج وضعي يقوم على  فهم لاينسجم مع ثوابت ديننا، ومنظور آخر إسلامي ينظر إلى المرأة من خلال فقه تاريخي توقف عند حدود زمن ليس بالضرورة أنه الأنسب لنا اليوم. ولذلك فإن نظرة متوازنة لحال المرأة سيطلعنا على كثير من القضايا التي يجب أن نعيد النظر فيها. 
فالمرأة الهمّ الذي ابتلي به الآباء إلى الممات مازال يتردد بين جوانح الكثيرين من المسلمين. فهي في نظر هؤلاء ليست سوى "فضلة" كما يسمي النحويون بعض الظواهر اللغوية، يمكن الاستغناء عنها أو تهميشها دون أن يكون لذلك التهميش أثرا حقيقيا على استعمال اللغة.  والمرأة في نظر "فلكلوري – تراثي" يرى المرأة ليست سوى "خادمة" مطيعة تقدم خدماتها دون انتظار رد الجميل، حتى لو أظهر بعضنا الحب للأم أو الزوجة أو الأخت. ففي ثقافتنا الشعبية، المرأة "رائعة" مادامت صامتة عن حقوقها (لها فم يأكل ولا يتكلم)، متجاهلة كينونتها، تابعة للرجل تبعية العبد للسيد. وعندما تبدأ بالحديث عن حقوقها التي منحها إياها خالقها سبحانه وتعالى، تبدأ رحلة التأويل للنصوص والتي –غالبا- تتاثر بواقع اجتماعي متوارث لاعلاقة له بدين أو قيم ربانية تساوي بين الرجل والمرأة في نظر الله سبحانه. فغالبية المجتمع الزراعي يريدها فلاحة تسعى مع زوجها مادامت تتنفس، إذ ان هذا واجبها. أما المجتمع الصحراوي في مجمله يريدها راعية إبل أو غنم في صحراء لاحاجة لها بتعليم أو تربية غير تلك التي تفرضه قيم ذلك المجتمع. أما المجتمعات المتحررة  فهي تريد من المرأة أن تكون مجرد "ديكور" يعرضه الساسة والسادة في قوالب محددة. فهي وزيرة او سفيرة أو مسؤولة لا لأنها كفؤ –غالبا-، بل لأن ذلك الفعل يحقق للسادة الدعاية المطلوبة والرضى عنهم لدى الأسياد الكبار. فهل نالت المرأة حقوقها، وتغيرت الصورة النمطية عنها قبل ان تصبح وزيرة أو سفيرة أو مسؤولة؟ هل منحت حقوقها الشرعية كاملة في الحياة تعليما وتعلما وعملا واحتراما؟ هل توقفت النظرة إليها من كونها "فضلة" إلى مكون أصيل في المجتمع؟ هل تحررت المرأة من تلك النظرة السلبية لوجودها في عالم المال و السياسة والاقتصاد؟ هل إقدام بعض البلاد على منحها  رخصة" قيادة السيارة" أو السفر بلا محرم أو اشتغالها في بعض الأماكن بقصد الدعاية يحقق للمرأة ماتريد؟؟ هل الافتراء على دين الله والاجتراء على أحكام الشرع باسم المساواة في الميراث أولويات لها؟؟
كل هذه الاسئلة تحتاج إلى أجوبة حقيقية تتناسب مع حجم الظلم الواقع على المرأة من قبل مجتمعات لاترى فيها سوى "عورة".

صالح نصيرات

أضف تعليقك

رسائل عربية: رؤية للحل
د. صالح نصير
كان لمقالة الأمس عن الواقع العربي صدى طيب لدى أخوة كرام، وقد كتب بعضهم على الصحفة وكتب آخرون على الواتس وهاتفني  فريق ثالث وتناقشنا في تلك الورقة، وهذا الحوار والنقاش كان هدفا رئيسا لتلك المقالة. فما أكتبه هنا ليس كلاما نهائيا أو أنه فصل الخطاب، بل هي آراء وأفكار تدور في رؤوس الكثيرين من محبي هذه الأمة والمتطلعين إلى نهضة حقيقية لها. ولذلك فقد طرح الإخوة الكرام اسئلة ومقترحات ورؤى متقدمة ولها اثر واضح على ماسأكتبه اليوم حول رؤيتي لحل تلك المشكلة. 
عندما ننهض للكتابة عن قضية الأمة واسباب تراجع دورها الحضاري، وننقب في أسباب البلاء الذي أحاط بنا، فنحن لانقصد مطلقا أن ننشيء حالة من الإحباط والتراخي، بل إن العاقل عندما يصاب بمرض أو محنة فإن عليه أن يكون جادا في معرفة الاسباب التي أدت إلى ذلك المرض أو تلك المحنة. والجدية تقتضي المواجهة الصريحة مع الذات دون مغالاة تؤدي إلى الإحباط أو تراه يؤدي إلى الكسل والتراخي عن القيام بما تمليه عليه الظروف. ونحن لدينا عقيدة نؤمن بها وهي أن لكل مسلم أن يقدم مايراه من حلول ومشروعات وأفكار ترتقي بالفكروتنهض من أجل الخلاص من الكبوة التي رافقتنا منذ فترة ليست قصيرة.
ولأن كثيرين يقدمون رؤى وأفكار قد تصل إلى حد التناقض والاختلاف، فإن محل تلك الرؤى والحلول النقاش الموضوعي والعلمي المتزن، والملتزم بصرامة العلم ومنهج البحث الاجتماعي الذي يحلل ويفسر ويصل إلى خلاصات موضوعية ملائمة.
وقد يرى بعض الناس الحل في "القائد الفذ" الذي يتوفر على رؤية ما للحل، فيقوم بإجراءات وأعمال تنسجم مع رؤيته. ولاشك بأن هذا حل من الحلول. وقد يرى آخرون الحل في رؤية ضباابية وشعارات عمومية لا تصلح ابتداء لتتحول إلى برامج عمل مفصلة تضع في الحسبان الظروف الموضوعية والمقدرات المتوفرة والشخصيات القادرة على التنفيذ.
ولعل الحل الذي أراه يمكن في أمرين أساسيين:

 غرس قيم التفكير الراشد والعمل على جعل تلك القيم جزءا من شخصية المسلم الحضارية. 

 والثاني العمل بناء على ذلك التفكير في توجيه الثقافة العامة الخروج من بعض المسلمات الثقافية السائدة والتي قد ترتبط أحيانا بفهم خاطئ لمقولات الدين وعدم وجود الآليات المناسبة للتغيير الثقافي. 

وأعني بالتفكير الراشد تلك المنهجية في استخدام آليات التفكير من استقراء واستنتاج وتدبير وتخطيط وتمحيص للافكار ووضعها على محك الاختبار وعدم الانسياق خلف الأهواء الشخصية والتقييمات غير الموضوعية للآخر، وتجاوز التفكير الخرافي واللامنطقي الذي يفسر الأمور تفسيرا يلغي دور الإنسان في الحياة. من خلال المقارنة والتصنيف والنظر الثاقب في الظاهرة الاجتماعية.
وهذا النوع من التفكير ضرورة للفرد، إذ بغير ذلك سيكون عرضة للتقلب المستمر وعدم الثبات على مبادئ واضحة وحقائق مستقرة. والمسلم ينطلق في تفكيره من مسلمات التوحيد والإيمان بالله سبحانه وتعالى على بصيرة. والتوحيد عاصم مهم للعقل المسلم. فهو يفتح له الآفاق الكبيرة التي تهيء له النظر والاعتبار والوصول إلى اليقين دون الحاجة إلى الشك المهلك المفضي إلى الإنكار. 
والتفكير لايولد مع الإنسان بالمعنى التفصيلي، وإن كان المرء يولد مزودا بملكات وقدرات "قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع البصر والافئدة قليلا ما تشكرون". فكم من إنسان ولد بهذه الملكات ولكنه لم ينتفع بها " أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ". 
وهذه الآية كما نقرأ تبين بجلاء أن القلوب موجودة والآذان سليمة ولكنها لا"تعمل" بفاعلية تؤدي بصاحبها إلى الوصول إلى إدراك مايرى ومايسمع إدراكا يتجاوز الظاهر المرئي أو المقولة المسموعة إلى تفسيرات واستنتاجات "يقينية" توصله إلى الحق. ولعل هذا المنهج القرآني في البحث والتفكير هو أول منهج استخدمه الإنسان في حياته للوصول إلى الحق. فهوالمنهج القائم على الملاحظة الدقيقة وجمع المعلومات، وتحليلها وتفسيرها وهو أهم المناهج العلمية التي يستخدمها العلماء الأنثروبولوجيا تحديدا في فهم الإنسان وآليات التفكير لديه وطبيعة السلوك الناتج عن ذلك التفكير.
ويبدو لي أن الكثيرين يقفون على السطح فلا لايتعمقون في فهم الظواهر و جوهرها وكنهها،  إما لفقدان الآليات المناسبة للفهم، أو القناعة والزهد في التفكير، أو الخوف من "الزلل" كما نفهم أحيانا من اقوال بعض العلماء الرافضين للتفكير العميق والاكتفاء بقراءة سطحية تؤدي بهم إلى تعزيز الأفكار المسبقة لديهم.
أما الثاني فله مقالة آخرى قادمة بعون الله.

أضف تعليقك

رسائل عربية إلى العالم!
د. صالح نصير
يعيش عالم العرب اليوم واقعا غريبا عجيبا. فأمة  العرب ترسل للعالم كل يوم أعجب الرسائل وأغربها. فمن أغربها ما نراه من هيمنة العجائز على المشهد السياسي والاقتصادي و الثقافي والدعوي. هذه الرسائل يمكن قراءتها بسهولة عندنا في عالم العرب، لكن السؤال كيف يقرأ العالم تلك الرسالة؟
أعتقد اننا بحاجة لمعرفة كيف ينظر إلينا العالم، لنرى هل نمثل شيئا مذكورا في المشهد العالمي والدولي؟
ابتداء قد يجادل البعض برأي مفاده  الآتي "ما لنا وللعالم… لهم حياتهم وإنسانيتهم ولنا حياتنا وإنسانيتنا". وينسى صاحب هذا الراي ومن يسير وراءه أننا جزء من هذا العالم نتأثر به ويتأثر بنا. ولكنه في نفس الوقت "يفخر" بتاريخه  إذ كثيرا ما نقرأ في الكتب ونشاهد أفلاما وثائقية  وفديوهات لاحصر لها "تجتر" التاريخ لتبين عظمة الأمة وتاريخها، و"تمنّ" على العالم بأنها فعلت كذا وكذا، أملا بالاعتراف بنا وبعظمة تاريخنا.
هذا الذي يدافع عن تاريخ عمره سبعة آلاف عام، أو فتوحات علمية واختراقات فكرية، في لحظة من اللحظات  ينسى حقيقة مهمة وهي أننا اليوم لا نساوي شيئا فلا راي ولا قرار ولا حتى استشارة 
   وَيُقْضى َ الأمْرُ حينَ تَغيبُ تَيْمٌ              وَلا يُسْتَأمَرُونَ وَهُمْ شُهُودُ
بل إن بعض المشايخ دخل على الخط وجعل سيده صانع السلام ومبدد الظلام وقاهر الفرس والعجم، وهو يعلم يقينا أن لا شيء مما ذكره صحيح. ويدخل آخرون على الخط ليجعلوا من الديون المتلتلة والفناكيش والإخفاقات إنجازات لم تشهد البشرية مثلها. 
أما الذين يدافعون عن حكمة الشيوخ والمسنين، فلا شك بان هناك شيئا من الحقيقة إذ لدى المتقدمين في السن تجربة وحكمة، ولكن ذلك ليس معناه مطلقا أن يكون هذا الأمر هو المعيار الوحيد ليبقى الظالم على ظلمه والمستبد على كرسيّه. 
وبهذا نرسل عدة رسائل عن حياتنا في بلاد العرب "الملعونة" بالاستبداد والظلم واستباحة الأوطان من قبل فئات قليلة لم تملك الكثير من المؤهلات سوى الخيانة لدينها وأمتها وتاريخها، وانبطاحها للسيد الأبيض. فمن الرسائل أننا أمة لاتختلف عن "البهائم" التي تقبل أن تعيش في مزرعة للسيد دون أن يكون لها الحرية التي منحها إياها الله سبحانه. 
أما الرسالة الثانية، فهي أننا أمة تافهة تملك ترليونات الدولارات والموقع والقدرات البشرية الهائلة، ولكنها تعيش عالة على الأمم، تتصرف بمقدراتها نخب لاتملك إلا الطاعة للمستعمر، وتبدد ثراوتها على "استهلاك" مدمر من أجل مظاهر تنبىء عن مستوى التفكير والسلوك الغرائزي الذي يضع الإنسان ولايرتفع به. فهل يمكن لفاشل أو كلٍّ على الآخرين أن يكون محل احترام؟
الرسالة الثالثة مفادها أن شعوبا كهذه قبلت العيش "تحت البساطير" من خلال تبرير ديني أو فكري أو فلسفي يقوم عليه "كهنة" في الإعلام والتعليم والقضاء و الثقافة والفن، لاتستحق الاحترام ولاالحياة. ففي عالم "دارويني" التفكير لايعيش فيه سوى القوي والبقاء فيه للأصلح، لايمكن أن تكون جزءا من تلك"المنقرضات" التي لم تستطع مقاومة عوامل الانقراض. فنحن أمة  "ميتة" واقعا حيّة خيالا وأمنيات.
الرسالة الرابعة وهي أن غالبية من يسمون أنفيهم النخبة "المثقفة" من مفكرين ومدعي العلم والفن والأدب  ليسوا سوى عبيد لمن يدفع أكثر. فمن يدافع عن سفاح قتل خيرة ابناء شعبه في الميادين أو على جبهات قتال "مشبوهة" أو طائفي مجرم قتل نصف مليون وشرّد الملايين  أو مستنزف للقدرات والإمكانات التي أنعمها الله على بلده، لايمكن أن يكون إنسانا حرا ولايعقل أن يسمى "نخبة". فمثل هؤلاء لايحترمهم أحد ولاينظر إليهم الأحرار نظرة تقدير أو احترام.
هذه رسائلنا للعالم فهل بعد ذلك ننال احتراما أو تقديرا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
صالح نصيرات

أضف تعليقك

رؤية على طريق الإصلاح
ظهرت في القرن العشرين شخصيات وحركات من مختلف التوجهات و الخلفيات الفكرية و الثقافية تنادي بالإصلاح و الانخلاع من التخلف و التبعية و التراجع الحضاري. ولاشك عندي بأن غالبية الإصلاحيين كانوا مخلصين في دعواتهم. لكن هل يكفي الإخلاص والنية الطيبة للخروج من الأزمة متعدد الوجوه و المظاهر؟
في كثير من الأحيان نجد أن الإصلاحيين –عموما- كانوا في دعواتهم المختلفة للإصلاح أحاديين في طروحاتهم. و أقصد بالأحادية، النظر إلى المشكلة من زاوية معينة، ويقدم الإصلاح من خلال رؤيته دون النظر إلى مايقدمه الآخر.  حتى تحولت المحاولات الإصلاحية إلى نوع من الشقاق الداخلي بين أبناء الأمة الواحدة.
كانت الرؤى مختلفة بسبب تعدد المناهج و الطرائق التي اعتمدها الإصلاحيون في سبيل حل المشكلات التي تواجه الأمة. وتركزت مناهج الإصلاح على ثلاث رؤى: إسلامية وعلمانية –قومية، وليبرالية متأثرة بالغرب. 
فكانت الرؤية الإسلامية متباينة، فمن الشخصيات و الحركات من رأى الإصلاح يبدأ بالقضاء على البدع التي تعلقت بالدين كما عند الوهابية و السلفية، وأخرى رأت أنها سياسية محضة كما عند الأفغاني والكواكبي، ومنهم من رأى أنها أخلاقية كما عند المتصوفة.  فئة ثالثة رأت أنها فكرية كما عند مالك بن نبي وعلي شريعتي، ورابعة رأت الخلل في ذلك كله، كما عند الإخوان المسلمين. هذا التباين في الرؤى أدى إلى تشاحن واختلافات وخلافات كبيرة أدت إلى تعطل حركة الإصلاح وتوقفها، أو على الأقل تباطؤ وتيرة الإصلاح.
أما العلمانية فكانت ذات صور متعددة منها الليبرالي الغربي والاشتراكي الشرقي. وهاتان الرؤيتان المتناقضتان مع بعضهما البعض، وكونهما جاءتا من "الخارج"  أدتا إلى رفض كبير لهما من قبل غالبية أبناء الأمة. وهذا الرفض والتناقض مع المشاريع الإسلامية أدى إلى خصام طويل دفع ثمنه أبناء الأمة وشعوبها الكثير من الدماء والخسارات والانكسارات. وقد استغل الساسة الكثير من المشروعات الإصلاحية لصالحهم، واستطاعوا تفريغ معظمها من محتواها، والانحراف بأهدافها وتوجيهها لتبرير افعالهم بالثناء عليها مهما كانت قبيحة، مستخدمين العصا و الجزرة. وقد أفلحوا في ذلك، فأصبحت نخب فكرية وأكاديمية وثقافية ودينية أدوات في ايديهم يحركونها كما يشاءون. ولذلك فإن أي مشروع إصلاحي يجب أن يكون مستقلا بعيدا عن الاستغلال والتوجيه لصالح الأنظمة السياسية. ولايعني هذا التقاطع والتدابر، بل اتخاذ مواقف مستقلة لاتخضع للعصا ولاتركض خلف الجزرة.
ومازالت نفس الرؤى قائمة و تسير دون مراجعات حقيقية ذات بال، بحيث يمكنها الخروج من النفق وطرح مشروعات إصلاحية تصطلح مع الواقع، وتنظر إلى الحياة بطريقة مختلفة بحيث تستفيد من الماضي ولا تعيشه وتوظف ما وصلت إليه الخبرة البشرية دون الذوبان فيها.
إن أول ما يجب فعله هو إعادة الثقة بالنفس. فالأمة التي لاتثق بقدراتها، ولا تدرك أهميتها ومكانتها على الساحة الدولية، لن تستطيع أن تقدم شيئا. فالشعور بالعجز ومايرافق ذلك من كسل وخضوع "للسنن" باعتبارها قدرا محتوما، سيبقي الأمة تدور في فلك الآخر، وتنتظر منه أن يقدم لها الحل.
 ومن مظاهر الحل الاقتناع بأننا نعيش زمنا مختلفا ومشكلات متعددة ذات أبعاد ثقافية وفكرية وسياسية، وأن علاج الأزمة لايكون بتكرار الحلول التقليدية. فالمشكلات الجديدة- القديمة، تحتاج إلى اجتراح حلول وتقديم مشروعات إصلاحية تتواءم مع مستوى التحديات.(التحدي و الاستجابة)
ومنها أيضا تقديم مشروع إصلاحي يدرس الحل بعناية المفكر ودأب الفيلسوف وعاطفة الأديب وانفتاح السياسي، وتطور التربوي وجلده وصبره وإخلاص المؤمن.  ومثل هذا المشروع لن يكون قادرا على الإقلاع، إذا قامت عليه عقلية "أحادية" تعتبر كل مخالف لها في التوجه خارجي متآمر أو غير ذلك من التهم. فتكامل الرؤى لا تناقضها، يجعل إمكانية الحل أكبر واسرع.  وإعطاء كل ذي حقه من الدور الذي يمكن أن يقوم به:  فالسياسي والتربوي والمفكر والفيلسوف وعالم الدين والتربوي والمهني المحترف كل له دورلابد من توظيفه توظيفا حقيقيا. 
إنّ وجود عقلية لاتؤمن بحق الآخر في الاختلاف معها، والحق في طرح مايراه الآخر من أفكار وحلول، سيبقي على هذه الحالة من التراجع دون بارقة أمل في الحل.   
 و من الأمور الملحة أيضا مراجعة الفكر الإٍسلامي الذي هيمن على الساحة لمدة طويلة، والنظر بجدية ودون مجاملات إلى التجارب السابقة والبحث عن الجوانب المفيدة منها، وتوظيفها توظيفا سليما، وترك ما ثبت فشله من أدوات واساليب وطرائق عمل، فضلا عن الأفكار التي لاتقدم للناس سوى العدمية والاغتراب عن الحياة والزهد بما حصلّه الإنسان من تقدم تقني وعلمي، وماترتب على ذلك من رؤى تتعلق بالإنسان وحقوقه الأساسية، ورفض لغة الصراع والخلاف وقبول التفاهم على المشترك بين أبناء الأمة الواحدة.
ولعل من أهم ما يمكن ان يساهم في الحل وجود توافق عام على مرجعية واضحة للإصلاح، بحيث تكون هذه المرجعية تدور في فلك يدرك نفسية ابناء الأمة ومزاجها وتوجهاتها وعلاقاتها بالدين والتراث والفكر.
هذه الرؤية للإصلاح والحل ليست سوى محاولة قد يتفق معها البعض ويختلف آخرون ولكنها مجرد رأي خاضع للمراجعة والنقد والتعديل.

صالح نصيرات

أضف تعليقك

رغم مرور أربعين عاما على مذبحة مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين في لبنان التي تصادف ذكراها الجمعة 12 أغسطس/آب الجاري، ما تزال مشاهد الحصار والقتل ماثلة في أذهان أهالي المخيم الذين قدر لهم أن لا يقتلوا في المذبحة، ليعيشوا ويرووا صورا من الأهوال التي عاشوها.
وتمثل مذبحة مخيم تل الزعتر واحدة من أسوأ صفحات الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975 واستمرت زهاء 15 عاما. وقد تعرض المخيم لحصار من المليشيات اليمينية المسيحية اللبنانية والجيش السوري عام 1976، وانتهى بمجزرة مروعة طالت أبناء المخيم من مدنيين ومقاتلين.
ووفقا للمركز الفلسطيني للإعلام، فقد استمر حصار مخيم تل الزعتر شمال بيروت 52 يوما، ودكته خلال ذلك أكثر من 55 ألف قذيفة، وكانت حصيلة المذبحة 4280 قتيلا غالبيتهم من المدنيين والنساء والأطفال وكبار السن، وآلاف الجرحى وقصص مرعبة لعمليات الذبح الجماعية للاجئين، في مذبحة انتهت على إثرها المعركة يوم 12 أغسطس/آب 1976 باحتلال المخيم، وبعد ذلك وصلت الجرافات وأزالته.
وبعد مرور أربعين عاما على مذبحة تل الزعتر، طويت صفحات تلك الحرب السوداء، لكن نتائجها لم تمحَ بالكامل: آلاف المهجرين والجرحى وذوي الإعاقة ما زالوا إلى اليوم يعانون من تداعياتها.
وتجدر الإشارة إلى أن مخيم تل الزعتر تأسس عام 1949 بعد عام على النكبة، ويقع في المنطقة الشرقية الشمالية من مدينة بيروت، ومساحته كيلومتر مربع واحد.
"لا يمكن للمرء أن ينسى تلك اللحظات العصيبة، ولا أذكر من مخيم تل الزعتر سوى المآسي وحكايات القتل والتهجير وروائح الدم"، هكذا قالت سميرة حمادة إحدى الناجيات من حصار المخيم عند سؤالها عن ذكريات تلك الأيام.
فقدان للبصر وللوالدين
كانت سميرة في الرابعة عشرة من عمرها عندما فقدت بصرها نتيجة القصف الذي أدى أيضا إلى مقتل والديها، وتقول في حديثها للجزيرة نت إن فرق الصليب الأحمر أخرجتها من المخيم بعد إصابتها ونقلتها إلى المستشفى للعلاج، قبل أن تدخل لاحقا مؤسسة لتعليم المكفوفين.
وأشارت سميرة إلى أنها تزوجت في السادسة عشرة من عمرها برجل لديه إعاقة مماثلة، وهي تقطن حاليا مع عائلتها في مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان.
أما الفلسطيني أحمد الحاج فيتعمد المرور أحيانا كثيرة بسيارة الأجرة التي يمتلكها قرب ما كان يعرف بمخيم تل الزعتر، فهنا تمتزج في أذهان الرجل الستيني ذكريات الطفولة الجميلة بمآسي الحرب القذرة.
كان أحمد في الخامسة والعشرين تقريبا عندما أصابت رصاصات القناصين إحدى قدميه مما أدى إلى بترها، ويقول للجزيرة نت إنه بعد الخروج من المخيم أكمل عمله بمهنة النجارة، قبل أن يتزوج وينتقل للعمل كسائق سيارة أجرة نتيجة وضعه الصحي. وتبقى المفارقة أن أحمد يتمنى العودة يوما إلى تل الزعتر رغم كم الجراح الكبير.
"يوم أسود وحزين كان يوم سقوط مخيم تل الزعتر".. بهذه الكلمات يستهل نائب رئيس رابطة أهالي تل الزعتر محمد شمس حديثه للجزيرة نت عن تلك الذكرى.
وتحدث شمس عن توزع أبناء المخيم على عدد من المناطق، مشيرا إلى تجمع يقطنه سكان مخيم تل الزعتر المهجرون في مخيم البداوي شمال لبنان وأطلق عليه تسمية "حي تل الزعتر". ويقول إن شبح التهجير ما زال يلاحق هؤلاء حتى اليوم بسبب دعاوى قانونية بحقهم لإخلاء أماكن سكنهم.
وقال شمس إن أكثر من ألفي مفقود من أبناء المخيم ما زال مصيرهم مجهولا حتى اليوم، مؤكدا الإصرار على متابعة قضيتهم.
وإذ أشار إلى أن الصليب الأحمر الدولي بدأ قبل أربع سنوات تقريبا ملء استمارات خاصة بهذا الموضوع، اعتبر أن الدولة اللبنانية لا ترغب في فتح جراح الحرب الأهلية ومآسي الماضي.
ويبقى لكل شخص من أبناء تل الزعتر قصة ستتناقلها الأجيال وفق ما يؤكده مسؤول الإعلام في رابطة أهالي تل الزعتر وليد الأحمد، مشيرا إلى أن التحضيرات مستمرة لإحياء الذكرى السنوية لسقوط المخيم عبر نشاطات متنوعة.
وقال الأحمد للجزيرة نت إن الهدف من إنشاء الرابطة هو المحافظة على هذه الذكرى وعلى سيرة المخيم، وإعادة التواصل بين أبنائه المنتشرين في لبنان والخارج، مؤكدا أن طموح أهالي مخيم تل الزعتر كان وسيبقى العودة إلى أرضهم في فلسطين.
المصدر : الجزيرة

 

أضف تعليقك

ما سأرويه في هذه المقالة المختصرة هو روايتي كشاهد عيان وليس كناقل للأحداث، والشهادة حق وواجب للأمة ومن يكتمها «فإنه آثم قلبه»، وليغضب من يغضب وليرض من يرضى أما الذين يكتمون الشهادة منذ عقود بحجة أن الوقت غير مناسب وقد ماتت كثير من الحقائق معهم في قبورهم فأمرهم موكول إلى الله.
باختصار شديد كان الانقلاب الحقيقي الذي قاده السيسي على الثورة المصرية في شهر ديسمبر من عام 2012 حينما دعا السيسي القوى السياسية للاجتماع في وزارة الدفاع للبحث عن مخرج للأزمة السياسية دون علم مرسي أو استئذانه أو مشورته، وقد فوجئ أحد الوزراء وهو الدكتور محمد محسوب بالخبر على شاشة الجزيرة، وكان يجلس وقتها في القصر الجمهوري ينتظر لقاء الرئيس الذي كان في اجتماع مغلق، هرع محسوب إلى أحد مستشاري مرسي المقربين منه وأبلغه بالخبر الذي صدم به مرسي، وهناك تفصيلات كثيرة لا مجال هنا لسردها، اجتمع كثير من المخلصين من أبناء مصر من اتجاهات مختلفة وألحوا على مرسي أن يعزل السيسي وكبار قادة الجيش لأن هذا بمثابة انقلاب، وكان هناك شبه إجماع في الأمر كنت شاهدا عليه، لكن مرسي الذي لم يوفق في اتخاذ أي قرار صائب في هذه المرحلة وتراجع عن كثير من القرارات التي أصدرها بعشوائية ودون دراسة رفض رفضا قاطعا، مصرا على أن السيسي أحد رجاله، بل فوجئ الجميع ببيان من الرئاسة أن مرسي سوف يحضر الاجتماع المقرر في وزارة الدفاع ثم أعلن بعد ذلك أن الرئيس لن يحضر ثم ألغي الاجتماع بعد لقاء جمع مرسي مع السيسي، حيث ألح كثيرون على مرسي أن يعتقل السيسي أو يقيله، لكن مرسي خرج من الاجتماع متأبطا ذراع السيسي وهو يضحك بشكل أذهل الجميع.
أدركت مع كل من تدخل في الأمر في ذلك الوقت أن مسألة سقوط مرسي مجرد وقت، وبدأ كثير من المخلصين ينفضون من حول مرسي، وعلى رأسهم وزراء حزب الوسط، التقيت بعدها أكثر من خمسة من مستشاري مرسي، كل على حدة، ومعظمهم كان قوله لي: نحن متفقون معك فيما تقول لكن الرئيس لا يسمع لأحد.
كانت مصر هي أمل كثير من العرب المخلصين، وهنا رواية أنشرها لأول مرة أن أحد الزعماء العرب المحبين لمصر وشعبها أوفد أحد كبار مسؤوليه إلى مصر للقاء مرسي في بداية شهر مارس عام 2013، وجلس هذا المسؤول الكبير مع مرسي جلسة مطولة، حمل له أخبارا فيها تفاصيل مذهلة عن انقلاب يدبر ضد النظام يقوده السيسي ويدعمه الأميركان والأوروبيون، وقدم له خطة استباقية لإفشال الانقلاب، لكن هذا المسؤول الذي كان ضالعا في السياسة الدولية وكان يحتل مكانة عربية ودولية بارزة وليس فقط محلية فوجئ بمرسي يضحك منه ملء شدقيه ويسخر من كلامه حينما تحدث له عن الجيش والسيسي، وقال له بالحرف الواحد وهو يشير إلى بطنه وجيبه، «أنا في بطني بطيخة صيفي من الجيش.. أما السيسي فهو في جيبي الصغير هذا»..

أضف تعليقك

_ اعتدتُ كلما جلستُ مع صديق من احدى الدول العربية أن أسأله … هل تعتقد بأن الفلسطينيين قد باعوا أراضيهم لليهود ؟؟؟؟ و تكون الإجابة دائما … بنعم … و وجدت ان هذا الإعتقاد منتشر و بشدة في الأوساط الشعبية و المثقفة و لأسباب كثيرة …
_ قام كثيرون و جميعهم من المتخصصين و من مختلف البلاد العربية بالبحث في هذا الموضوع
_ سأقوم في ثلاثة أيام بنشر ثلاث دراسات من دراسات كثيرة تعرضت للموضوع و قد وضحتْ و بيّنتْ الحقيقة
_ أعتقد انه من الأمانة ( و هذا أضعف الايمان ) ان ننشر بين أهلنا و أصدقائنا ما جرى فعلا و حقيقة في فلسطين .. لأن هذا الشعب قد ظُلِم كثيرا كثيرا و ما زال يتعرض للظلم من القريب و البعيد
_ أرجو ممن يستطيع و ممن يهمه الأمر .. أن يقوم بنسخ الدراسة و نشرها على صفحته
مؤيد الشايب
*************************
( الدراسة الأولى )
د. خالد الخالدي – رئيس قسم التاريخ والآثار بالجامعة الإسلامية بغزة
يُعد هذا الموضوع من الموضوعات المهمة التي يجب على الفلسطينيين وخصوصاً المتعلمين والمثقفين منهم أن يفهموه جيداً، وأن يحفظوا حقائقه وأرقامه، وذلك للأسباب الآتية:
1- أَنَّ كثيراً من أبناء الشعوب العربية قد صدَّقوا الإشاعات التي نشرها اليهود، وروج لها أعوانهم، وأَهمها: "أن الشعب الفلسطيني باع أَرضه لليهود، فلماذا يطالبنا بتحرير أرض قبض ثمنها"؟!.
وقد تعرضت أنا شخصياً لهذا السؤال مرات عدة، وفي بلدان عربية مختلفة، ووجدته أكثر انتشاراً في البلدان التي يرجى منها أن تفعل شيئاً من أجل تحرير فلسطين.
2- أنَّ مصدر هذه الإشاعة كتاب كتبوا في أَكثر الصحف العربية انتشاراً، ونشروا أكاذيب كثيرة، شوهوا فيها صورة الفلسطيني بهدف أن يُفقِدوا شعوبهم الحماس لفلسطين، وبلغ بهم الكذب حداً امتهنوا فيه جيوشهم، فقالوا :
" إن الفلسطينيين يبيعون الضابط العربي لليهود بخمسة جنيهات، والجندي بجنيه واحد".
3- أنَّ العديد من الصحف العربية الرسمية ما زالت إلى اليوم منبراً لكتاب وضعوا أنفسهم في صف أعداء الأمة، وهم لا يملون من مهاجمة الفلسطينيين وتشويههم.
وقد قرأت مقالاً لكاتب معروف في صحيفة عربية مشهورة يُهاجم فيه الفلسطينيين الذين تعاطفوا مع العراق أثناء تعرضه للهجوم الأمريكي، يقول فيه بالحرف الواحد: "هذا الشعب الوضيع الذي باع أرضه لليهود".
4- أنَّ هذه التهمة تتردد حتى في أوساط المثقفين، وكنَّا نسمع ذلك أثناء مناقشات مع مثقفين عرب يعملون في السعودية ودول الخليج، ومن ذلك قول أحدهم: " نعمل لكم إيه كل ما نحررها تبيعوها … كل ما نحررها تبيعوها".
5- أنَّ مروجي هذه الإشاعة ينشطون عندما تشتد مقاومة الشعب الفلسطيني لليهود، بهدف قتل
أي تعاطف شعبي عربي مع الفلسطينيين.
6- أنَّ الشعب الفلسطيني الذي يحمل لواء الجهاد والمقاومة منذ أكثر من ثمانين عاماً، وقدم مئات الألوف من الشهداء، وما زال يقدم، ويقف وحده في الميدان، صامداً صابراً مجاهداً بالرغم من اجتماع الأعداء عليه، وتخلي ذوي القربى عنه، بل تآمرهم عليه، هذا الشعب يستحق أن ينصف ويدافع عنه، وقد شهد له كل منصف عرفه أو سمع عنه
ونذكر فقط من هذه الشهادات قول هتلر في رسالة إلى ألمان السوديت: "اتخذوا يا ألمان السوديت من عرب فلسطين قدوة لكم، إنهم يكافحون إنجلترا أكبر إمبراطورية في العالم، واليهودية العالمية معاً، ببسالة خارقة، وليس لهم في الدنيا نصير أو مساعد، أما أنتم فإنَّ ألمانيا كلها من ورائكم".
7- أنه لا يليق بمتعلم أو مثقف فلسطيني، أن يتهم شعبه، ويقف عاجزاً غير قادر على تقديم المعلومات والحقائق
التي تدحض هذا الاتهام.
وسوف أتناول هذا الموضوع بحياد ونزاهة وعلمية، مدافعاً عن الفلسطينيين بما يستحقون، ومحملاً إياهم ما وقعوا فيه من أخطاء. وقد استقيت معلوماتي من كتب ووثائق موثوقة.
بلغت مساحة الأراضي التي وقعت تحت أيدي اليهود حتى عام 1948م من غير قتال أو حرب، حوالي (2) مليون دونم.
أي ما يعادل 8.8% من مساحة فلسطين التي تبلغ 27 مليون دونم.
حصل اليهود على تلك الأرض (2 مليون دونم) بأربع طرق هي:
الطريق الأول:650.000 دونماً (ستمائة وخمسين ألف دونم) حصلوا على جزء منها كأي أقلية تعيش في فلسطين منذ مئات السنين، وتملك أرضاً تعيش عليها، وحصلوا على الجزء الآخر بمساعدة الولاة الأتراك الماسونيين، الذين عيَّنتهم على فلسطين حكومة الاتحاد والترقي، التي كان أكثر من 90% من أعضائها من اليهود.
وقد تآمرت جمعية الاتحاد والترقي على السلطان عبد الحميد وأسقطته، لأنه رفض كلَّ عروض اليهود عليه مقابل تمكينهم من أرض فلسطين.
ومن هذه العروض إعطاؤه مبلغ خمسة ملايين ليرة إنجليزية ذهباً لجيبه الخاص، وتسديد جميع ديون الدولة العثمانية البالغة 33 مليون ليرة ذهباً، وبناء أسطول لحماية الإمبراطورية بتكاليف قدرها مائة وعشرون مليون فرنك ذهبي، وتقديم قروض بخمسة وثلاثين مليون ليرة ذهبية دون فوائد لإنعاش مالية الدولة العثمانية، وبناء جامعة عثمانية في القدس.
الطريق الثاني:
665.000 دونماً (ستمائة وخمسة وستين ألف دونم) حصل عليها اليهود، بمساعدة حكومةِ الانتداب البريطاني المباشرة
وقد قُدمت إلى اليهود على النحو الآتي:-
1- أعطي المندوب السامي البريطاني منحة للوكالة اليهودية ثلاثمائة ألف دونم.
2- باع المندوب السامي البريطاني الوكالة اليهودية وبأسعار رمزية مائتي ألف دونم.
3- أهدت حكومة الانتداب للوكالة اليهودية أرض السلطان عبد الحميد في منطقتي الحولة وبيسان – امتياز الحولة وبيسان – ومساحتها 165.000 دونماً (مائة وخمسة وستون ألف دونم).
الطريق الثالث:
606.000 دونماً (ستمائة وستة آلاف دونم)، اشتراها اليهود من إقطاعيين لبنانيين وسوريين، وكان هؤلاء الإقطاعيون يملكون هذه الأراضي الفلسطينية عندما كانت سوريا ولبنان والأردن وفلسطين بلداً واحداً تحت الحكم العثماني يُسمى بلاد الشام أو سوريا الكبرى، وعندما هزمت تركيا واحتل الحلفاء بلاد الشام، قسمت هذه البلاد إلى أربعة دول أو مستعمرات، حيث خضعت سوريا ولبنان للاحتلال الفرنسي، وشرق الأردن للاحتلال البريطاني، وفلسطين للانتداب البريطاني توطئة لجعلها وطناً قومياً لليهود.
وهكذا أصبح كثير من الملاك السوريين واللبنانيين يعيشون في بلد وأملاكهم في بلد آخر، فانتهز كثير منهم الفرصة وباعوا أرضهم في فلسطين لليهود الذين دفعوا لهم فيها أسعاراً خيالية، وبنوا بثمنها العمارات الشاهقة في بيروت ودمشق وغيرها.
وكانت كمية الأراضي التي بيعت، والعائلات التي باعت كما يلي:
1- باعت عائلة سرسق البيروتية – ميشيل سرسق وإخوانه مساحة 400.000 دونماً (أربعمائة ألف دونم) ، في سهل مرج ابن عامر، وهي من أخصب الأراضي الفلسطينية، وكانت تسكنها 2546 أسرة فلسطينية، طُردت من قراها لتحل محلها أسر يهودية أحضرت من أوروبا وغيرها.
2- باعت عائلة سلام البيروتية 165.000 دونماً (مائة وخمسة وستين ألف دونم) لليهود وكانت الحكومة العثمانية قد أعطتهم امتياز استصلاح هذه الأراضي حول بحيرة الحولة لاستصلاحها ثم تمليكها للفلاحين الفلسطينيين بأثمان رمزية، إلا أنهم باعوها لليهود.
3- باعت عائلتا بيهم وسرسق (محمد بيهم وميشيل سرسق) امتياز آخر في أراضي منطقة الحولة، وكان قد أُعطي لهم لاستصلاحه وتمليكه للفلاحين الفلسطينيين، ولكنهم باعوه لليهود.
4- باع أنطون تيان وأخوه ميشيل تيان لليهود أرضاً لهم في وادي الحوارث مساحتها خمسة آلاف وثلاثمائة وخمسين دونماً، واستولى اليهود على جميع أراضي وادي الحوارث البالغة مساحتها 32.000 دونماً (اثنان وثلاثون ألف دونم) ، وطردوا أهله منه بمساعدة الإنجليز، بدعوى أنهم لم يستطيعوا تقديم وثائق تُثبت ملكيتهم للأراضي التي كانوا يزرعونها منذ مئات السنين.
5- باع آل قباني البيروتيون لليهود مساحة 4000 دونماً (أربعة آلاف دونم) بوادي القباني، واستولى اليهود على أراضي الوادي كله. 6- باع آل صباغ وآل تويني البيروتيون لليهود قرى (الهريج والدار البيضاء والانشراح -نهاريا-).
7- باعت عائلات القوتلي والجزائري وآل مرديني السورية لليهود قسماً كبيراً من أراضي صفد.
8- باع آل يوسف السوريون لليهود قطعة أرض كبيرة لشركة
(The Palestinian Land Development Company)
. 9- باع كل من خير الدين الأحدب، وصفي قدورة، وجوزيف خديج، وميشال سرجي، ومراد دانا وإلياس الحاج اللبنانيون لليهود مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية المجاورة للبنان.
الطريق الرابع:
بالرغم من جميع الظروف التي وضع فيها الشعب الفلسطيني والقوانين المجحفة التي سنها المندوب السامي الذي كان يهودياً في الغالب، إلا أنَّ مجموع الأراضي التي بيعت من قبل فلسطينيين خلال ثلاثين عاماً بلغت ثلاثمائة ألف دونم، وقد اعتبر كل من باع أرضه لليهود خائناً، وتمت تصفية الكثيرين منهم على أيدي الفلسطينيين.
ومن العوامل التي أدت إلى ضعف بعض الفلسطينيين وسقوطهم في هذه الخطيئة:
1- لم يكن الفلسطينيون في السنوات الأولى للاحتلال البريطاني على معرفة بنوايا اليهود، وكانوا يتعاملون معهم كأقلية انطلاقاً من حرص الإسلام على معاملة الأقليات غير المسلمة معاملة طيبة.
2- القوانين الإنجليزية التي سنتها حكومةُ الانتداب، والتي وُضعت بهدف تهيئة كل الظروف الممكنة لتصل الأراضي إلى أيدي اليهود. ومن هذه القوانين، قانون صك الانتداب الذي تضمنت المادة الثانية منه النص الآتي:" تكون الدولة المنتدبة مسئولة عن جعل فلسطين في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تكفل إنشاء الوطن القومي لليهود".
وجاء في إحدى مواد الدستور الذي تحكم بمقتضاه فلسطين النص الآتي:
" يشترط أن لا يطبق التشريع العام ومبادئ العدل والإنصاف في فلسطين إلاَّ بقدر ما تسمح به الظروف، وأن تراعى عند تطبيقها التعديلات التي تستدعيها الأحوال العامة". إضافة إلى مادة أخرى تقول:
" بما أنَّ الشرع الإسلامي خوَّل للسلطان صلاحية تحويل الأراضي الميري (الحكومية) إلى أراضي الملك فإنه من المناسب
تخويل المندوب السامي هذه الصلاحية".
3- الإغراءات الشديدة التي قدمها اليهود للذين يبيعون الأرض، فقد بلغ ما يدفعه اليهودي ثمناً للدونم الواحد عشرة أضعاف ما يدفعه العربي ثمناً له. وقد تسبب ذلك في سقوط بعض أصحاب النفوس المريضة، ومثل هذه النوعية لا تخلو منها أمة من الأمم.
4- الفساد الذي نشره اليهود، وحمته القوانين البريطانية التي تبيح الخمر و الزنا.
ويُسجَّل للشعب الفلسطيني أنه أَجمع على تجريم القلائل الذين ارتكبوا هذه الخطيئة، ونبذهم واحتقرهم وخوَّنهم
ونفذ حكم الإعدام في كثير منهم.
وقد نشرت الصحف أخباراً عن تصفيات تمت في فلسطين لأشخاص باعوا أرضهم لليهود أو سمسروا لبيع أراض لليهود نذكر منها فقط ما نشرته جريده الأهرام في العدد 28 و29 تموز (يوليو) 1937م "اغتيل بالرصاص (فلان) بينما كان في طريقه إلى منزله ليلاً، وهو مشهور بالسمسرة على الأراضي لليهود، وترأس بعض المحافل الماسونية العاملة لمصلحة الصهيونية، وقيل إنَّ سبب اغتياله هو تسببه في نقل ملكية مساحات واسعة من أخصب أراضي فلسطين لليهود
وقد أغلق المسلمون جامع حسن بيك في المنشية لمنع الصلاة عليه فيه، ولم يحضر لتشييعه سوى بعض أقاربه، وليس كلهم، وبعض الماسونيين، وقد توقع أهله أن يمنع الناس دفنه في مقابر المسلمين، فنقلوا جثته إلى قرية قلقيلية بلدته الأصلية، وحصلت ممانعة لدفنه في مقابر المسلمين.
وقيل إنه دُفن في مستعمرة يهودية اسمها "بنيامينا" لأنه متزوج من يهودية، وأن قبره قد نبش في الليل وأُلقيت جثته على بعد 20 متراً.
يتبين مما سبق أن الـ 8..8 في المائة من مساحة فلسطين أو الـ 2 مليون دونم التي وقعت في أيدي اليهود حتى سنة 1948م، لم يحصل عليها اليهود عن طريق شرائها من فلسطينيين كما يتصور حتى الكثير من مثقفينا، بل وصل معظمها إلى اليهود عن طريق الولاة الأتراك الماسونيين والمنح والهدايا من الحكومة البريطانية، والشراء من عائلات سورية ولبنانية، وأنَّ 300.000 دونماً فقط اشتريت من فلسطينيين خلال ثلاثين عاماً من السياسات الاقتصادية الظالمة والضغوط والمحاولات والإغراءات، أي أنَّ فقط 1/8 (ثُمن) الأراضي التي حازها اليهود حتى سنة 1948م، كان مصدرها فلسطينيون، وقد رأينا كيف باعت عائلة لبنانية واحدة 400.000 دونماً في لحظة واحدة، وهو أكبر مما باعه فلسطينيون خلال ثلاثين عاماً.
وأنَّ هؤلاء قلة شاذة عوقبوا بالنبذ والقتل.
ولا يخلو مجتمع حتى في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، من ضعاف ومنافقين، وليس من الإنصاف، أن يتحمل الشعب الفلسطيني كله جريمةً ارتكبها بعض شواذه.
لا سيما أن هذا الشعب حاسب هؤلاء الشواذ وعاقبهم. وإنَّ ما يقدمه الشعب الفلسطيني اليوم من تضحيات و بطولات بعد مضي أكثر من نصف قرن على احتلال أرضه، وإصراره على المقاومة والجهاد والاستشهاد بالرغم من ضخامة المؤامرة ضده لخير دليل على تمسكه وعدم تفريطه بأرضه المقدسة المباركة.
________________________
مؤيد الشايب

26 يوليو, 2014 الواقع المغيب

أضف تعليقك

خطابك سيدي الرئيس ع ماذا ينطوي !؟ وما هي كينونته !؟ هل هي استعارة سياسية … هل هي تصريحات بماكياج …
هل استعنت بعمليات تجميل تخفي حقائق مغايرة ….هل أردت أبو مازن أن تسير ع خطى أبو عمار … الذي كان عندما تتأزم الأمور سياسيا وتظهر إسرائيل تعنت قوي في وجه أبو عمار ، يقوم بفك الرقابة الأمنية عن حماس للسماح لها بتسديد ضربات في خاصرة الإحتلال ، ويطلق يد كتائب شهداء الأقصى لتقوم ببعض العميات ، ولن ننسى بالطبع إستخدامه للأجهزة الأمنية في الإنتفاضة الثانية ولسان حاله يريد أن يقول لهم بهذه الطريقة أنه هو من يحفظ الأمان ، وجزاء هذه الخدمة أنه يجب أن يحصل على بعض التنازلات ….
وما ان يحدث التفاهم حتى يعود التشديد على حماس والفصائل المسلحة…
أبو مازن يحاول اليوم فعل نفس الشيء… ولكن غاب عن ذهن هذا المغيب سياسيا أن هذا التحول وهذه الدراسة المتأخرة لسياسة السلف قد تقلب الطاولة عليه وع أتباعه
بالأمس رأينا السلطة تدعوا لمظاهرات على حاجز قلنديا للمرة الأولى بعدما تعودنا منها قمع كل مسيرة تعمل على الإحتكاك مع الإحتلال ، وانطلقت عدة مواجهات في مناطق مختلفة في الضفة بدون أن تقمعها الأجهزة الأمنية ، وهذا يعني ضمنيا السماح للشباب بالإشتباك مع الإحتلال ، ولا ننسى أن سلطته قامت بتفريغ الضفة من السلاح وتفكيك بنية حركة حماس السياسية والعسكرية في الضفة الغربية بشكل كامل ، عوضا عن تفكيك كتائب شهداء الأقصى ولم السلاح من المطاردين مقابل العفو عنهم …
بماذا تريد أن تهدد الإحتلال يا أبو مازن بعدما حبست حماس … وجردّت فتح من سلاحها ؟!
البعض قد يتساءل حول ال50 ألف عسكري في الأجهزة الأمنية …من المهم معرفة أن هؤلاء تم بناء عقيدتهم الأمنية على المقاييس الأمريكية والتي هي عقيدة عسكرية تقوم على مقاومة الإرهاب "حماس"، ولن يستطيع عسكري في الأجهزة الأمنية تربى بشكل جذري على مكافحة الإرهاب والمسلحين أن يقوم فجأة بمقاومة جيش نظامي … فالأمر اصبح كمن يطلب من ملحد أن يستشهد لأن الجنة بإنتظاره…
هذه الهبة في الضفة الغربية ليست على مقاييس السلطة … ولن تكون من أجل خدمتها وتحقيق أهدافها السياسية ، هذه الهبة قادرة على صنع واقع جديد …و من المهم أن تستمر هذه الهبة لأنها ليست تعاطفا رمزيا مع قطاع غزة فقط بل هي ضغط مفيد جدا على الإحتلال قد يربك حساباته ويخفف الضغط عن أهلنا في غزة ….
لا تقبلوا بأن تكون هبتكم تحت ظل السلطة أو تحت أي مسمى تنظيمي يهدف إلى تنظيم الفعاليات وجعلها مسيطرا عليها ، بل إجعلوها "عشوائيّة منظمة" وجعلها تحت قيادة لامركزية …. كل مجموعة من الشباب في نقطة إشتباك مختلفة…
ستربك الإحتلال والسلطة معا…..
________________________
Dr-samira Khaseeb‎‏

أضف تعليقك

المنطقة تمور بالأحداث مورا، وتشهد تغيرات كبيرة منظورة ومتوقعة وما يخبئه المستقبل اكبر وأكثر خطورة وأثرا، وما تفرضه سنن الكون ان القوة والسيادة لن تستمر لطرف واحد وان طال الأمد، بل الأيام دول، وهناك قوى صاعدة وقوى هابطة، بحكم سيرها واتخاذها الأسباب. والذين لا يطورون أنفسهم ولا يصنعون قوتهم سوف تطويهم تقلبات الدهر ويذهبون على غياهب النسيان.

والذي ينبغي معرفته والوقوف على حقيقته بجدية ان «اسرائيل» لن تستمر بقوتها وهيمنتها وسيادتها في المنطقة، ولن تستطيع تغيير سنن الدهر على رغبتها، وهناك تغيرات كبيرة يشهدها العالم الاسلامي والعربي ليست لمصلحتها ولا تعزز استمرارها على موقفها وسياستها المفروضة من طرف واحد.

«فاسرائيل» لن تستطيع الاحتفاظ بالارض المحتلة والاحتفاظ بالمياه المسروقة، والاحتفاظ بعشرات الآلاف من الاسرى، وفي الوقت نفسه تحوز على الأمن والأمان والسلم والسلام، فهذه معادلة مختلة لا تدوم ولو دعمتها اميركا وصمت عنها الاتحاد الاوروبي وصمتت بعض الأنظمة العربية، وفرطت بحقوق شعوبها ومواطنيها.

الان تتشكل اتجاهات جديدة وتحالفات جديدة، وتظهر قوى جديدة وصاعدة، وفي الوقت نفسه سوف تشهد المنطقة أفول قوى اخرى نحو الضعف والغروب، وينبغي على الاذكياء والحكماء البحث عن موطىء قدم على هذه الارض المتحركة، والتشبث بأسباب البقاء والاستمرار، لمن يريد ان يبقى حاضرا في المشهد ومؤثرا في مسرح الاحداث.

البقاء في المشهد لا يتم بالرغبة والتمني، ولن يكون وفقا للهوى ولا استمرارا للزمن الغابر، بل لا بد من قراءة صحيحة لمفردات التغير وادراك عميق لاتجاهاتها الحقيقية، ولا بد من بذل جهود استثنائية للامساك بالقوة واسباب النجاة.

القوة الحقيقية المقصودة هنا هي القوة النابعة من الذات والمستمدة من الجهد المبذول في صناعة النفس وصياغتها، وليست المستمدة من القوى الاخرى او التبعية لها والدوران في فلكها.

ان الشعوب العربية والاسلامية والاجيال الجديدة التي ولدت ونشأت في ظلال الهزائم والانكسار، والظلم والاضطهاد وعانت من التهميش وانعدام الوزن وعدم التأثير وفقدان القوة الاصيلة والذاتية، والبقاء على مدرجات المتفرجين هذه المدة الطويلة، هذه الشعوب نفسها هي التي تشهد التغير المشهود، وهي التي تمثل القوة الصاعدة والمخزون الهائل للطاقة التي يحتاجها وقود التغيير المطلوب ذاتيا، وهي التي تعطي زخما كبيرا لمن يبحث عن القوة الحقيقية والزاد الحقيقي، والامساك بسلم الصعود وقارب النجاة في هذا البحر اللجي المتلاطم والمظلم، الذي لا يرحم الضعفاء ولا يقيم وزنا لتوسلاتهم الكسولة.

ان الوعي العميق لحقائق التغير والثبات، المصحوب بالتمسك بالاسلام عقيدة وهوية وتراثا وثقافة، والقدرة المتشكلة من معايشة الظروف والاطلاع على مجريات الواقع، ومشاهدة افعال الاميركيين والغرب عموما منذ قرن من الزمان، والاحساس بالظلم، كل ذلك يولد قوة تغييرية هائلة قادمة، ولكنها تحتاج الى قدرات استيعابية، وأطر تشكيلية، وحكمة وبصيرة ثاقبة، وقدرة توجيهية، تسير بهذه الجموع الى الهدف المنشود والغاية الكبرى بالتحرر والوحدة والقوة.
بقلم:ارحيل غريبة

أضف تعليقك

قبل بزوغ فجر الخامس من حزيران عام 1967 م، كانت أسراب الطائرات " الاسرائيلية " تنطلق محاذية لسطح البحر، صوب القواعد الجوية العسكرية المصرية، لتنجز مهمة تحطيم الطيران المصري وهو رابض بلا حراك، من أجل انجاز مهمة حسم المعركة مع العرب, والحاق الهزيمة بهم قبل أن تبدأ المعركة وفقاً لخطة محكمة رسمت خطوطها من سنوات.
هزيمة (1967 م) سطرت صفحة سوداء في سجل العرب الحديث تفوح منها رائحة الخيانة والعمالة، الممزوجة بالعجز والظلم ,والتخلف وسوء الادارة، والقمع والاستبداد، والمؤطرة بالتنظير والشعارات الكبيرة الخالية من أي مضمون حقيقي, سوى تعمد الاستغفال الجريء للشعوب المكوبة والمخدرة تحت وقع خطابات النضال الطويلة , والجعجعة عبر الاثير, ومن خلال الاذاعات والشاشات، التي تدغدغ العواطف ,وتستجدي تصفيق الجماهير المخدوعة والمضللة من المحيط إلى الخليج..
لم نستفق من هول الهزيمة ,وذهول الإنكسار بعد!، رغم كل ما قيل وما كتب وما نشر من وثائق وأسرار وحقائق حول مجريات الحرب الصورية وخباياها، بدليل أن أبطال الهزيمة ما زالوا يشرفون على توجيه دفّة المرحلة ؛أنظمة وقادة وشخصيات وفكراً وثقافة وورثة!!
فبدلاً من الاعتراف بالمسؤولية عن هذه الهزيمة المروّعة، وبدلاً من محاكمة المقصرين والعاجزين والمتآمرين، فقد تم العكس تماماً، فقد جاءت قوافل الإعلاميين المرتزقة لهذه الأنظمة لتقود حملة استغفال ناجحة، ورسمت استراتيجية إعلامية تقوم بجوهرها على أن الحرب كانت تستهدف الأنظمة العربية التقدمية، وكانت تستهدف المشروع النهضوي العربي الذي تقوده، وكانت تهدف إلى النيل من الزعامات الخارقة التي كانت تشكل خطراً على المشروع الصهيوني الامبريالي الأمريكي، ولكنها فشلت في تحقيق أهدافها ولم تستطع إسقاط زعيم تقدمي عربي واحد!!
بمعنى آخر وبناءً على هذه المقولة، فإن هزيمة (67) لم تكن هزيمة للعرب على وجه الحقيقة والدقة، بل هي هزيمة قاسية "لإسرائيل"! بدليل بقاء الأنظمة والزعامات العربية التقدمية على عروشها ,وبقيت تقود المرحلة بالكفاءة نفسها والمنهجية نفسها ولله الحمد والمنّة!!
لم يغب (أحمد سعيد) و(هيكل) عن الفضاء الإعلامي العربي ,بل خلّفوا لنا جيشاً من تلامذتهم الإعلاميين والصحافيين والكتاب الذين أدركوا أهمية الإعلام وسحره وتأثيره العميق على الجماهير وفي صياغة الرأي العام وفي قلب الحقائق، وفي ضمان سير المعركة مع العدو ضمن إطار القتال الورقي، والممانعة اللفظية، التي تحفظ الحدود بكفاءة ولا تحول دون تطور الكيان الصهيوني سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.!!
ما زالت المشاهد تكرر نفسها، لتذكرنا جميعاً بدروس (67)، فهذه أسراب الطائرات العسكرية الصهيونية تقوم بالمهمة نفسها ودائماً قبيل الفجر، فقد دمرت المفاعل النووي العراقي عام 1982م، والصواريخ السورية في البقاع، والمفاعل النووي السوري، ومركز البحث العلمي قرب دمشق، ودائماً تكمل المهمة وتعود إلى قواعدها بسلام منذ ستة وأربعين عاماً، ولم يتم إسقاط طائرة واحدة، بل لم يتم التصدي لها ولو بطلقة واحدة مضادة، حتى لا يتم تعكير صفو الممانعة والحق بالرد في المكان والزمان المناسبين!!
المشكلة لدينا ليست بقلة الذكاء والنباهة، ولا بقلة الوعي ونقص الإدراك، ولا بفقدان القدرة وضعف الهمة، ولكن المصيبة تتخلص "بفقدان الحياء" وصدق من قال: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت".!!
فالهزائم تصنع بلا حياء، ويكرس التخلف والعجز بلا حياء، وتبدد المقدرات بلا حياء، ويضيّع العباد بلا حياء، وتمارس كل أنواع الرذائل بلا حياء، ويتم قلب الحقائق بلا حياء، وتقتل الشعوب وتدمر الأوطان بلا حياء، ويكذب الزعماء بلا حياء…
عندما ينعدم الحياء تفسد الحياة، وتصبح بلا معنى، وسوف نبقى عرضة للهزائم والنكبات العديدة والمتكررة، وسوف نبقى نتجرع مرارة الحقائق المقلوبة والمعايير المقلوبة والنكسة المقلوبة والانتصارات المقلوبة.
  بقلم:ارحيل غرايبة