المرأة في يومها العالمي!
في كل عام يطل علينا هذا اليوم الذي اختاره الغرب ليكون مناسبة للاحتفاء بالمرأة وإنجازاتها عبر التاريخ. فأنا لست ممن لا يهتمون كثيرا بمثل هذه الأيام التي صدّرها الغرب للمرأة وكأنه الوصي عليها والمحتفي بها وحده. ولست متملقا المرأة في هذ اليوم ولا قادحا في دورها او منكرا لإنجازاتها. فالعناية بالمرأة تعكس حالة المجتمع تقدما وتخلفا. والعناية والاهتمام ليس بالضرورة أن يسير مسار الغرب في تعاطيه مع المرأة وحقوقها المختلفة.
ولأننا أمة تستورد كل شيء –تقريبا- هذه الأيام من الحذاء إلى "الأعياد" والمناسبات وما ذاك إلا لتردي أحوالها وضياع هويتها وبوصلتها في عالم اليوم. فإن المستورد للأفكار محكوم بشروط المصدر لتلك الأفكار. لذلك يصبح الحديث في عمومه عن تلك الأفكار انعكاس حقيقي لمن أنتجها وقام بتصديرها. وهذا يعني التماهي والقبول بما تمليه تلك الشروط.
ولأننا عندما نتحدث عن المرأة في عالم العرب و الإسلام وكعادتنا التي تلازمنا فليس عندنا سوى كلام "تبجيلي" تاريخي لايرى على أرض الواقع. فماذا يمكن أن يفيد المرأة حديثنا المكرور عن تكريم الإسلام للمرأة ونحن في الواقع ننظر إلى المرأة نظرة أقرب إلى الجاهلية الأولى؟
فالمرأة اليوم تناضل وهي واقعة بين تيارين متشددين: علماني يرى المرأة من خلال منهج وضعي يقوم على  فهم لاينسجم مع ثوابت ديننا، ومنظور آخر إسلامي ينظر إلى المرأة من خلال فقه تاريخي توقف عند حدود زمن ليس بالضرورة أنه الأنسب لنا اليوم. ولذلك فإن نظرة متوازنة لحال المرأة سيطلعنا على كثير من القضايا التي يجب أن نعيد النظر فيها. 
فالمرأة الهمّ الذي ابتلي به الآباء إلى الممات مازال يتردد بين جوانح الكثيرين من المسلمين. فهي في نظر هؤلاء ليست سوى "فضلة" كما يسمي النحويون بعض الظواهر اللغوية، يمكن الاستغناء عنها أو تهميشها دون أن يكون لذلك التهميش أثرا حقيقيا على استعمال اللغة.  والمرأة في نظر "فلكلوري – تراثي" يرى المرأة ليست سوى "خادمة" مطيعة تقدم خدماتها دون انتظار رد الجميل، حتى لو أظهر بعضنا الحب للأم أو الزوجة أو الأخت. ففي ثقافتنا الشعبية، المرأة "رائعة" مادامت صامتة عن حقوقها (لها فم يأكل ولا يتكلم)، متجاهلة كينونتها، تابعة للرجل تبعية العبد للسيد. وعندما تبدأ بالحديث عن حقوقها التي منحها إياها خالقها سبحانه وتعالى، تبدأ رحلة التأويل للنصوص والتي –غالبا- تتاثر بواقع اجتماعي متوارث لاعلاقة له بدين أو قيم ربانية تساوي بين الرجل والمرأة في نظر الله سبحانه. فغالبية المجتمع الزراعي يريدها فلاحة تسعى مع زوجها مادامت تتنفس، إذ ان هذا واجبها. أما المجتمع الصحراوي في مجمله يريدها راعية إبل أو غنم في صحراء لاحاجة لها بتعليم أو تربية غير تلك التي تفرضه قيم ذلك المجتمع. أما المجتمعات المتحررة  فهي تريد من المرأة أن تكون مجرد "ديكور" يعرضه الساسة والسادة في قوالب محددة. فهي وزيرة او سفيرة أو مسؤولة لا لأنها كفؤ –غالبا-، بل لأن ذلك الفعل يحقق للسادة الدعاية المطلوبة والرضى عنهم لدى الأسياد الكبار. فهل نالت المرأة حقوقها، وتغيرت الصورة النمطية عنها قبل ان تصبح وزيرة أو سفيرة أو مسؤولة؟ هل منحت حقوقها الشرعية كاملة في الحياة تعليما وتعلما وعملا واحتراما؟ هل توقفت النظرة إليها من كونها "فضلة" إلى مكون أصيل في المجتمع؟ هل تحررت المرأة من تلك النظرة السلبية لوجودها في عالم المال و السياسة والاقتصاد؟ هل إقدام بعض البلاد على منحها  رخصة" قيادة السيارة" أو السفر بلا محرم أو اشتغالها في بعض الأماكن بقصد الدعاية يحقق للمرأة ماتريد؟؟ هل الافتراء على دين الله والاجتراء على أحكام الشرع باسم المساواة في الميراث أولويات لها؟؟
كل هذه الاسئلة تحتاج إلى أجوبة حقيقية تتناسب مع حجم الظلم الواقع على المرأة من قبل مجتمعات لاترى فيها سوى "عورة".

صالح نصيرات