"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ . وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ. وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كانوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَن. كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ . لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ".

والسلك إدخال الشيء في غيره كإدخال الخيط في الإبرة والسهم في الهدف. والتعبير بصيغة المضارع في " نسلكه "للدلالة على أن المقصود إسلاك في زمن نزول القرآن، ليُعلم أن المراد بالمجرمين هنا هم كفار مكة.
وتفسير "كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به":أي كذلك نسلك في قلوب المجرمين أن لا يؤمنوا به ، والمعنى نجعل في قلوبهم أن لا يؤمنوا به. وهو مطابق لقوله تعالى في سورة البقرة "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَن. خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ".
فالذي كان من الأمم الذين سبقوا قومك من الاستهزاء برسلهم، نسلكه وندخله في قلوب المجرمين من قومك فلا يؤمنون عقاباً لهم على كفرهم وعنادهم وتكذيبهم المستمر.
وقوله تعالى:"وقد خلت سنة الأولين" تصريح بالوعيد والتهديد، بأن ذلك إنذار لهم ليحل بهم العذاب كما حل بمن قبلهم.
والله تعالى أعلم وأجل.