مهداة إلى روح الشهيد (عز الدين القسام) في ذكرى استشهاده 20.11.1935، وروح الشهيد القسامي (نائل عزمي أبو هليل) في ذكرى استشهاده 21.11.2002.

لِأَجْلِكَ يا أَقْصى تُغَنّي الْبَلابِلُ *** وَتَشْدو بِحُبِّ الْقُدْسِ هذي الْعَنادِلُ
بِشِعْري أَتَيْتُ الْيَوْمَ أَرْفَعُ رايَةً *** لِشَعْبي، وَصَحْبي الْمُبْدِعينَ أُساجِلُ
طَويلٌ، كَلَيْلِ الصَّبِّ، بَحْرٌ بَثَثْتُهُ *** هُمومي فَقالَتْ: ما لِبَحْرِكَ ساحِلُ
فَقُلْتُ لَها: دُرٌّ بَديعٌ بِقاعِهِ *** وَإِنّي بِصَيْدٍ وَافِرٍ مُتَفائِلُ
وَما كُلُّ مَنْ سَنَّ الْيَراعَةَ شاعِرٌ *** وَلا كُلُّ مَنْ سَنَّ الرِّماحَ مُقاتِلُ 
بِشِعْري يَتيهُ الْفُلُّ حُسْنًا، وَتَنْحَني *** وَقَدْ مُلِئَتْ مِنْ قَمْحِ حَرْفي السَّنابِلُ
فَخُبْزُ الْجَماهيرِ الْقَصائِدُ عِنْدَ مَنْ *** يَخُطُّ الْقَوافي قَلْبُهُ لا الْأَنامِلُ
وَمَنْ شِعْرَهُ لِلْقُدْسِ أَهْدى مَحَبَّةً *** سَيُنْصِفُهُ رَبٌّ حَكيمٌ وَعادِلُ
فِلَسْطينُ أَرْضُ الْعاشِقينَ وَجَنَّةٌ *** عَلى الْأَرْضِ تَرْعى في رُباها الْأَيائِلُ
وَحَسْناؤُها الْقُدْسُ الْعَتيقَةُ: وَجْهُها *** سَنا الْمَسْجِدِ الْأَقْصى … الْقِبابُ الْجَدائِلُ
فِدا الْقُدْسِ كَمْ ضَحّى بِروحٍ مُجاهِدٌ *** وَكَمْ في سُجونِ الظُّلْمِ عانى مُناضِلُ
مِنَ الشّامِ عِزُّ الدّينِ جاءَ مُجاهِدًا *** وَفي يَعْبَدٍ ما هانَ وَهْوَ يُقاتِلُ
وَسارَ إِلى الْجَنّاتِ يَحْمِلُ مُصْحَفًا *** دِماهُ بِدَرْبِ الثّائِرَينَ مَشاعِلُ
ثَمانونَ عامًا قَدْ مَضَتْ وَأُسودُنا *** عَلى مَنْهَجِ الْقَسّامِ ظَلَّتْ تُقاتِلُ
فَفي سيرَةِ الشَّيْخِ الْمُجاهِدِ عِبْرَةٌ *** وفي ثَوْرَةِ الْقَسَّامِ خُطَّتْ رَسائِلُ
تَقولُ لِشَعْبي: لَيْسَ يُؤْمَنُ عَقْرَبٌ *** وَيَحْذَرُ مَكْرَ الْخَصْمِ مَنْ هُوَ عاقِلُ
وَسَلْمُ بَني صُهْيونَ مَحْضُ خَديعَةٍ *** وُعودُ السِّياسِيّينَ وَهْمٌ وَباطِلُ
فَعِشْرونَ عُجْفٌ قَدْ مَضَتْ وَعَدُوُّنا *** يُفاوِضُنا هَزْلًا وَدَوْمًا يُماطِلُ
يُجَرَّفُ زَيْتوني وَيُهْدَمُ مَنْزِلي *** وَلِلْغاصِبِ الْمُحْتَلِّ تُبْنى الْمَنازِلُ
تَعيثُ بِأَقْصانا فَسادًا ضِباعُهُمْ *** يُدَنِّسُ طُهْرَ السّاحِ نَغْلٌ وَسافِلُ 
فَهَبَّتْ أُسودُ اللهِ تَفْدي عَرينَها *** وَتَحْمي رُبى الْأَقْصى سِباعٌ بَواسِلُ
وَفيها إِذا ما حاوَلَ الْغَدْرَ غاصِبٌ *** شَبابٌ هُمُ في التَّضْحِياتِ الْأَوائِلُ
فِلَسْطينُ ما هانَتْ وَلا هانَ شَعْبُها *** فَبِالصَّخْرِ إِنْ عَزَّ السِّلاحُ يُقاتِلُ
وَمِنْ بَأْسِ آسادِ الْكَتائِبِ زَلْزَلَتْ *** دُوَيْلَةَ صُهْيونَ الْجَبانِ الزَّلازِلُ
وَيَقْفو خُطى الْقَسّامِ فيها أَشاوِسٌ *** فَذا أَحْمَدُ الْياسينُ جَيْشًا يُعادِلُ
وَذا صَقْرُها عَبْدُالْعَزيزِ مُحَلِّقٌ *** وَتَحْتَ جَناحَيْهِ الْغُيومُ الْهَواطِلُ
وعَيَّاشُ فيها كانَ فَذًّا وَمُبْدِعًا *** عَلى دَرْبِهِ نالَ الشَّهادَةَ ناِئلُ
وَفيها أُلوفُ الْباذِلينَ نُفوسَهُمْ *** وَما حُرِمَتْ مالَ الزَّكاةِ الْأَرامِلُ
وَفيها لُيوثٌ لَيْسَ تُنْسى فِعالُها *** وَفيها شُيوخٌ أَهْلُ عِلْمٍ أَفاضِلُ
وَفاءً لَهُمْ دَنْدَنْتُ لَحْنَ قَصيدَتي *** وَأَهْلُ الْوَفا في ذا الزَّمانِ قَلائِلُ
________________________
جواد يونس