أَكرِم بِها ! فَبِصمتِها إيحاءُ
وَبِنُطقِها لليائسينَ رَجاءُ
هي جنّةُ الأَرضِ التي لو لم تكن
فالأرضُ – دون هديلِها – خَرساءُ
هي نورُ هذا الكونِ يسعى جاهداً
فتَفِرُّ مِنْ لألائهِ الظلماءُ
هي ساعةٌ كَسَرَتْ مُحيطَ جُمودِها
فَتَلَهَّفَتْ لِقُدومِها العلْياءُ
هي ( لا ) … لِأَنفاقِ الخريفِ وَلَيْلِها
ما دام في قصْرِ الرّبيعِ ضياءُ
هي ( أن تَكونَ … ) كما يشاءُ لَها الهوى
لا ( أن تكونَ … ) كما ترى الأَهواءُ
عَجَباً لِمَنْ خَدَشوا شَفيفَ شُعورِها
فَقَسَوا عليها – ويلهم – وَأساؤوا
واستبدلوها بالدَّراهِمِ سلعَةً
يمشي بها الدّلّالُ كيفَ يَشاءُ
وَبِحُجَّةِ الإِمْلاقِ أَبْصَرَتِ الرَّدى
وعُيونُها – لو أَبْصَروا – عَمْياءُ
في كوّةِ النِّسيانِ غُيّبَ صَوْتُها
دَهراً .. وأُعْدِمَ – دونَهُ – الإِصْغاءُ
عارٌ عليهم قتْلُها يا عارَهُمْ
فبِاَيِّ حَقٍّ تُقْتَلُ الحَسْناءُ ؟
لكنّه الإِسلامُ .. أَعلى شَأْنَها
فإِذا الوجودُ لِشَمْسِها ميناءُ
قامَتْ إلى بحرِ الضياءِ تجوبُهُ
لا الرّيحُ تَثْنيها ولا الأَنواءُ
ظمأى يُطاوِعُها جِماحُ طُموحِها
في كلّ ميدانٍ لَها أَصْداءُ
في راحَتَيْها راحَةٌ لِعَليلِها
وبِثَغْرِها نَبعِ الحَنانِ ، شِفاءُ
يا عُمْرَها ! كالشّمعِ يَذْبُلُ وَرْدُهُ
لِتَشِبَّ في وَرْدِ الحياةِ دماءُ
هَيهاتَ تَنجو قِمَّةٌ مِنْ سِحرِها
فَبِسِحْرِها تَتَشَكَّلُ الأجواءُ
تَحْتَ الحَريرِ عزيمَةٌ وَقّادَةٌ
مِنْ قَلْيِها تَتَفَجَّرُ الأَنْداءُ
لو تُصْبِحُ الصّحْراءُ ملكَ يَمينِها
لاخضَلّ في جنَباتِها الحِنّاءُ
كمْ نِعْمَةٍ في ذا الوُجودِ جميلةٌ
لكنّ أجملَ نعمةٍ حَوّاءُ
__________
محمد جمال حجازي