تَــبْـكـي عَــلــى شَـبـابِـنـا الْــمَـآذِنُ
فَــقَــدْ سَــبــى رُؤاهُـــمُ الـصَّـهـايِنُ
جــاسَـتْ خِــلالَ قُـدْسِـنا ضِـبـاعُهُمْ
وَعَــــنْ شَــــذاهُ أُبْــعِــدَ الْــمُـواطِـنُ
فَــالْـقُـدْسُ لَــيْــسَ عِـنْـدَنـا مَـديـنَـةً
وَإِنْ تَــمَــنَّـتْ حُــسْــنَـهُ الْــمَــدائِـنُ
الْـقُدْسُ جَـنَّةٌ وَلَيْسَتْ مِثْلَها
في الْكَوْنِ فِرْدَوْسٌ وَلا جَنائِنُ
كَـــــمِ جِـئْـتُـهـا وَفُــتِّـحَـتْ أَبْــوابُـهـا
فَــمـا عَـلَـيْـها غَـيْـرَ شَـوْقـي خــازِنُ
مُـــقَــدَّسٌ: مُــطَــهَّـرٌ مِــــنَ الْــخَـنـا
وَعــابِــرٌ مَــــنْ صــيـدَهـا يُــشـاحِـنُ
أَحْــجـارُهُ خَــضْـراءُ مَـهْـمـا خُـضِـبَـتْ
بِــدَمِّــنــا …. وِدْيـــانُـــهُ شَـــواجِــنُ
زَيْــتــونُــهُ مُـــبـــارَكٌ مـــــا حَـــوْلَــهُ
فَــنِــعْـمَ مَــــنْ أَحْــــرارَهُ يُــسـاكِـنُ
خَــلَــعْـتُ نَــعْـلَـيْ قَــلَـمـي بِــبـابِـهِ
فَــــمــــا بِــقُــدْسِــيَّـتِـهِ أَمــــاكِـــنُ
وَكُــلَّــمـا وَطِـــئْــتُ تُــرْبَــهُ سَــــرَتْ
كَــرِعْــدَةٍ فـــي نَـفْـسِـيَ الْـكَـوامِـنُ
فَــكَـمْ نَــبِـيٍّ وَطِـــئَ الــثَّـرى هُــنـا
فَــأَزْهَـرَتْ مِـــنْ طُــهْـرِهِ الـسَّـواسِنُ
وَالْـقُـدْسُ مَـسْـرى مَـنْ أَتـى مُـبايِعًا
إِمــــامَــــهُ وَحُـــسْـــنَــهُ يُـــعــايِــنُ
وَالْــقُـدْسُ بــابٌ لِـلـسَّمواتِ الْـعُـلى
وَمــــا كَــمِـعْـراجِ الْــهُـدى سَـفـائِـنُ
جُــدْرانُـهُ كُــتْـبٌ … عَـلَـيْها نَـقَـشَتْ
تــاريـخَـهـا الْأَشْــــرافُ وَالْأَحــاسِــنُ
لـــكِــنَّــهُ لِـــكُـــلِّ غــــــازٍ مُــعْــتَــدٍ
قَـــدْ جـــاءَهُ، مِـــنْ جَـهْـلِهِ، مَـدافِـنُ
===
أَتَـيْـتُـه مِـــنْ بَــعْـدِ عِـشْـرينَ هَــوَتْ
فـيـها عَـلى زَيْـتونَتي الْـمَسافِنَ (1)
وَأَنْـشَـبَـتْ أَظْـفـارَهـا الْـغُـرْبَـةُ فـــي
روحــــي وَأَدْمَـــتْ قَـلْـبِـيَ الْـبَـراثِـنُ
فَـــإِذْ بَــنـو الْأَفْــعـى عَــلـى أَبْـوابِـهِ
وَلِــــلْأُســـودِ فُــخِّــخَــتْ كَــمــائِــنُ
وَقـيل لـي: ارْجِعْ، لَسْتَ مِنْ سُكّانِهِ
وَمــا دَرَوْا مَــنْ فــي الْـفُـؤادِ سـاكِنُ
فَــقُــلْـتُ: لا … وَاللهِ لَــــنْ يَــرُدَّنــي
عَـــــنِ الِّــلـقـاءِ بِـالْـحَـبـيبِ خــائِــنُ
أَسْــرى بِـيَ الْـحَنينُ لِـلْأَقْصى وَمَـنْ
يُـــسْــرِ بِـــــهِ الْـحَـنـيـنُ لا يُــــوازِنُ
أَقْـدَمْتُ رُغْـمَ جُـنْدِهِمْ، فَالْقُدْسُ لي
وَفَـــنَّــدَتْ زَعْــمَــهُـمُ الــدَّفـائِـنُ (2)
لَـوْ كـانَ فـي الْقُدْسِ الشَّريفِ هَيْكَلٌ
لــكـانَ صَــرْحًـا لَــيْـسَ فـيـهِ كـاهِـنُ
فـي هَـيْكَلِ الْأَشْـواقِ روحـي ناسِكٌ
وَلِـلْـهُـدى قَـلْـبـي الـرَّهـيفُ ســادِنُ
فَـالـدّيـنُ حُــبٌّ عِـنْـدَ أَتْـبـاعِ الْـهُـدى
وَلَــيْــسَ يَــتْـبَـعُ الْـعَـفـيـفَ مــاجِــنُ
قَـبَّـلْـتُ خَــدَّ الْـقِـبْلَةِ الْأولــى فَـفـي
قَــلْـبـي الْــهُـيـامُ بِـالـطَّـهورِ مــاكِـنُ
قَـبَّـلْـتُـها فــــي سَــجْـدَةٍ أَوْدَعْـتُـهـا
شَـوْقًـا لَـكَمْ بـاحَتْ بِـهِ الْـعَواهِنُ (3)
قَـبَّلْتُها وَلَسْتُ أَدْري: أَيُّنا الْمَحْضونُ؟
أَوْ مَـــــــنِ الْــحَــبــيـبَ حـــاضِـــنُ؟
وَســـالَ دَمْـــعُ الْـقَـلْـبِ حـيـنَما رَأَتْ
عَـيْـني الَّــذي لَـمْ تُـخْفِهِ الْـمَحاسِنُ
فَـــحــائِــطُ الْــــبُـــراقِ وَالْــقِــبْــلِـيُّ
وَالــصَّـخْـرَةُ عِــنْــدَ سِـفْـلَـةٍ رَهــائِـنُ
وَبــاتَ أَهْـلُ الْـقُدْسِ أَسْـرى رُعْـبِهِمْ
كَـــأَنَّــمــا حـــاراتُــهُــا مـــســاجِــنُ
وَدَنَّــسَـتْ أَقْــصـى الْـبَـها ضِـبـاعُهُمْ
وَعَــرْبَـدَتْ فـــي ســوحِـهِ الْـمَـواجِنُ
وَبُـــــدِّلَ الــزَّيْــتـونُ غَــرْقَــدَ الْــخَـنـا
وَبُــــدِّلَـــتْ قُـــــــرودًا الــــشَّـــوادِنُ
====
وَالْـيَـوْمَ، فــي وُجـوهِـنا، قَـدْ غَـلَّقَتْ
أَبْــــوابَـــهُ الْأَحْـــقـــادُ وَالــضَّــغـائِـنُ
وَلَـــمْ يُــبـالِ الْـمُـسْـلِمونَ إِذْ بَــكَـتْ
مَـــنـــارَةٌ مِــنْــهــا الْأَذانُ ظـــاعِـــنُ
عُـدْنـا إِلــى عَـصْـرِ الـطَّـوائِفِ الَّــذي
كَـــمْ ضُـيِّـعَتْ فــي عَـتْـمِهِ مَـواطِـنُ
وَالـنُّـخْـبَـةُ الَّــتــي ادَّعَــــتْ رِيــــادَةً
جَــهْــلًا طَــواحـيـنَ الْــهَـوا تُـطـاعِـنُ
كَــمْ مُـشْـهِدٍ وَسْــطَ الـنِّـقاشِ رَبْـعَهُ
وَالْـقِـرْدُ فــي عَـيْـنِ الــرَّؤومِ شـادِنُ!
يـــا أَلْـــفَ مِـلْـيـونٍ وَلَــمّـا يُـسْـرِجوا
فــي الْـقُـدْسِ قِـنْـديلًا لِـكَيْ يُـعاوِنوا
لَنْ يَنْصُرَ الْأَقْصى الَّذي أَقْصى الْمُنى
لَـــدَيْـــهِ أَنْ لا تُــنْــقَــصَ الْــخَــزائِـنُ
وَالْــعُـرْبُ: عَــصْـرُ الـجـاهِلَيَّةِ ارْتَـمَـوْا
فــــي نــــارِهِ … تَـحُـفُّـها الْـمَـفـاتِنُ
فَـمِـنْـهُمُ مَـــنْ قَـــدْ أَضَــلَّـهُ الْـهَـوى
وَمِــنْـهُـمُ مَــــنْ أَلْــهَــتِ الـطَّـواجِـنُ
قَــدْ عــادَتِ الْـغَـبْراءُ تُـقْصي داحِـسًا
وَلَــيْــسَ فــيـهِـمْ لِــلـدِّمـاءِ حــاقِــنُ
لَـمْ يَـنْصُروا الْـقُدْسَ الَّـتي كَـمِ ادَّعَوْا
وَصْــلًا بِـهـا … وَكَــمْ دَعِــيٍّ مـائِـنُ!
كَــــمْ أَثْــخَـنَـتْ رِمـاحُـهُـمْ ظُـهـورَنـا
فَــلَــمْ يَــظَــلَّ لِــلْـمُـدى مَـطـاعِـنُ!
=====
لــكِـنَّ فــي الْـقُـدْسِ وَفــي أَكْـنـافِهِ
طــائِــفَــةً مـــــا ضَـــرَّهــا مُــبــايِـنْ
ظـــاهِــرَةً عَـــلــى عَـــدُوِّهــا فَــــلا
يَـضـيرُها مَــنْ فــي الْـخَـفاءِ طـاعِـنُ
رِجـالُـها الْآســادُ فـي سـاحِ الْـوَغى
وَبِــالــرِّبـاطِ بـــاهَــتِ الْـهَـجـائِـنُ (4)
لَــمْ يَـجْـنَحوا لِـلـذُّلِّ، بَـلْ قَـدْ قـاوَموا
بِـما اسْـتَطاعوا … النَّصْرَ رَبّي ضامِنُ
تَـيَـمَّـمـوا بِـطُـهْـرِ تُـــرْبِ الْــقُـدْسِ إِذْ
مـــا فــي بِـحـارِ الْـعُـرْبِ إِلّا الْآسِــنُ
وَراهَــنــوا عَــلــى كِـــرامِ شَـعْـبِـهِمْ
بِـئْـسَ الَّــذي عَـلـى الْـعِدى يُـراهِنُ
نــيـرانُ صُـهْـيـونَ لَـنـا قَــدْ كَـشَـفَتْ
مَــعْــدِنَـهُـمْ إِذِ الْــــــوَرى مَـــعـــادِنُ
مـيثاقُهُمْ فـي سـاحَةِ الْأَقْـصى، وَقَدْ
وَفَـــوْا بِـــهِ: لَـــنْ تَـسْـكُـتَ الْـمَـآذِنُ
_____________
جواد يونس