مبتعثْ
إنّه اسمي أخيراً قدْ ظهرْ
بعد خوف ٍ وانتظارْ
بعدما أيقنتُ أن الرّكب سارْ
ها هو الاسم تجلّى كالقمرْ
معلناً هذا الخبرْ
في سماء الأهل والأصحاب ِ
أنّي مبتعثْ
عندما نصبحُ في
شهر صفرْ
سوف أمضي لأوربّا
تاركاً كلّ الأحبّه
ليس كرهاً
بل لكي أجني لهم
أحلى ثمرْ
يا إلهي
قد دنا وقت السفرْ
بقيت ستّة أيّامْ
وأنا من حرّ شوقي
لا أنامْ
صار ليلي كنهاري
سهرٌ حتى السحرْ


يا أبي حان ذهابي
أين أمّي
أين شمسي وسحابي
هل على بُعدي
دموعاً ذرفتْ
رحلتي اليوم إلى
إسبانِيا قد أزفتْ
أمّي أمّي أين أنت ِ
أين كنت ِ
هل ذرفت ِ الدمعَ
من أجل غيابي
إنّني أعلم أنّ القلبَ
يُصلى بالوادعْ
كيف بالقلب الحنونْ
حينما يمضي البنونْ
فاصبري ثمّ اصبري
واجعلي الصبرَ
رفيقاً صالحاً
حتّى إيابي


أدرس الآن بمدريدْ
وأنا أبدو حزيناً وسعيدْ
غربة ٌ أمست كغابه
أوقعتني في كآبه
فأنا فيها وحيدْ
وشعورٌ أنّني
أطلب نصراً بجهادي
أطلب العلم لكي
تسمو بلادي
بعمادي
فيزول الهمّ عنّي
ويصير الحزن عيدْ


في فناء الجامعات ِ
يلتقي طلابها بالطالبات ِ
وأنا في عزلتي
عانقت أوراق الكتابْ
لا أبالي بلقاءات ٍ
أراها كالسرابْ
لم يكن همّي جمال الفاتنات ِ
أو شراب المسكرات ِ
إنّما همّي رجوعٌ بشهاده
تجعل المسلمَ
أهلاً للسياده
علّني أو علّ غيري
يُوقظ التعليمَ
من هذا السبات ِ
لكن الواقع حولي
غارقٌ بالمشكلات ِ
فالتلاميذ الصغارْ
أضرموا في الحلم نارْ
بإختصارْ
لم تكن أخلاقهم
تدعو لفعل الصالحات ِ
أو لترك المنكرات ِ


ها أنا صرتُ غريباً مبتعثْ
في بلاد الأندلسْ
بعد أن كانتْ
بأيدي المسلمينْ
تنشر العلمَ
كعطر الياسمينْ
بعد أن كانت لمن يسعى
إلى المجد فرسْ
بعد أن كانت شموعْ
في ظلام الجهل ِ
تأتيها الجموعْ
بعد أن كانت نجوماً
في الغلسْ
في زمان ٍ كان هذا الغربُ
في عصر الظلامْ
انتهت تلك الحضاره
من علوم ٍ وعماره
واستدار الوضع دهراً
وانعكسْ
فاختفى الإسلام فيها
وأتيتُ اليوم من جهلي
إليها
لأرى زرعاً بأيدينا انغرسْ
إنّه الإسلام من أحيا
بلاد الأندلسْ
فتركناه فهنّا وخرجنا
ثم جئتُ اليوم مشتاقاً إليها
لستُ مجتاحاً
ولكن مبتعثْ

شعر:محمد فرحان