مَجازِرُ كُلُّ تاريخي … مَجازِرْ **** وَدَمْعاتُ الْيَتامى وَالْحَرائِرْ
وَما خافَ الْفِلَسْطينِيُّ خَصْمًا *** وَلكِنْ غَدْرَ مَنْ باعوا الضَّمائِرْ
سِهامُ الْعُرْبِ في ظَهْري وَجَنْبي *** وَخاصِرَتي تَئِنُّ مِنَ الْخَناجِرْ
بِـ(تَلِّ الزَّعْتَرِ) الْمَنْكوبِ حُبْلى *** شَكَتْ لِلهِ مَنْ لِلْبَطْنِ باقِرْ
فَـ(جَيْشُ الرَّدْعِ) لَمْ يَرْدَعْ سِوانا *** وكان مُخَيَّمي ظُلْمًا يُحاصِرْ
وَلا ذَنْبٌ لَنا إِلّا فَخارٌ *** بِمَجْدٍ لَمْ يُحَصِّلْهُ الْأَصاغِرْ
فما زِلْنا جَبابِرَةً وَكُنا *** طَوالَ الدَّهْرِ في الشّامِ الْأَكابِرْ
وَ(صَبْرا) أُخْتُ (شاتِلّا) وِسامٌ *** عَلى صَدْرِ الَّذي ارْتَكَبَ الْمَجازِرْ
غَدَرْتُمْ وَالْوَفا مِنْكُمْ بَراءٌ *** وَكَيْفَ يَفي الَّذي بِدِمَشْقَ غادِرْ
أَيا أَذْنابَ أَبْناءِ الْأَفاعي *** وَخُدّامَ الْحَقودِ وَكُلِّ داعِرْ
غَدَرْتُمْ بِالْمُخَيَّمِ بَعْدَ عَهْدٍ *** وَغَدْرُكُمُ كَوَجْهِ اللَّيْلِ سافِرْ!!
وَ(رابِعَةٌ) كَما عَذْراءَ فَضَّتْ *** بَكارَتَها مَعَ الْفَجْرِ الْعَساكِرْ
وَنادَتْ وَالدِّماءُ تَسيلُ نَهْرًا *** وَقَدْ قَصَّ الْخَنا أَحْلى ضَفائِرْ
أَيا مَنْ يَسْتَخِفُّ بِهِ ظَلومٌ *** صِغارُ ذُنوبِهِ شَرُّ الْكَبائِرْ
أَيا شَعْبًا أَبِيًّا صارَ رَهْنًا *** لِمَنْ تَأْتيهِ مِنْ خَصْمي الْأَوامِرْ
عَلامَ الصَّمْتُ في بَلَدٍ جَميلٍ *** مَلايينٌ بِهِ سَكَنوا الْمَقابِرْ؟!
وَغَزَّةُ هاشِمٍ كالشِّعْبِ أَمْسَتْ *** يُحاصِرُها الَّذي قَطَعَ الْأَواصِرْ
إِذا ما أَغْلَقَ الْأَعداءُ دَرْبًا *** يُغَلِّقُ إِخْوَتي كُلَّ الْمَعابِرْ
وَنادَتْ وَالدُّموعُ تَبُلُّ نَحْري *** مَساجِدُنا غَدَتْ ظُلْمًا مَناحِرْ
وَكَمْ مِنْ عابِدٍ أَشْلاءَ أَمْسى *** وَحَرَّقَ مَنْ بَغى فيها الْمَنابِرْ
وَهَدَّمَها حَقودٌ دونَ ذَنْبٍ *** وَحَرَّقَها قُبَيْلَ الْفَجْرِ فاجِرْ
تَخِرُّ لِهَوْلِ ما نَلْقى جِبالٌ *** وَتَهْبِطُ لَوْ رَأَتْ قُبْحَ الْمَناظِرْ
أَلا يا نيلُ ذي الْآياتُ تَتْرا *** أَتَتْ وَبدَتْ لِكُلِّ ذَوي الْبَصائِرْ
وَما فينا نَبِيٌّ مِثْلُ موسى *** وَلكِنْ شَعْبُنا حُرٌّ وَطاهِرْ
عَصا الزِّنْديقِ تَلْدَغُ كُلَّ حُرٍّ *** عَلَيْها دَمُّ ثائِرَةٍ وَثائِرْ
وَسَوْداءً بَدَتْ يَدٌّ لِعَبْدٍ *** وَما هذا لَعَمْرُكَ سِحْرَ ساحِرْ
وَفي مُسْتَنْقَعٍ نَتِنٍ بَغيضٍ *** نَقيقُ ضَفادِعِ (الْبَثِّ الْمُباشِرْ)
وَقوتُ الشَّعْبِ يَأْكُلُهِ جَرادٌ *** وَجُلُّ الشَّعْبِ مَظْلومٌ وَصابِرْ
وَأَوْدَتْ بِالْفَقيرِ سِنينُ قَحْطٍ *** وَلَيْسَ لِعَثْرَةِ الْأَجْوادِ جابِرْ
وَطوفانٌ مِنَ الشُّبّانِ أَضْحَوْا *** بِلا عَمَلٍ وَلا تَبْدو بَشائِرْ
وَقَمْلٌ في الْعَمائِمِ باتَ يَرْعى *** وَأَصْبَحَ لِلنِّفاقِ هُنا شَعائِرْ
مُقامَرَةٌ جِهادُكُمُ وَأَفْتى *** لَنا الْمُفْتي: الْمُجاهِدُ كَالْمُقامِرْ!!
مُغامَرَةٌ ولم يَحْسِبْ حِسابًا *** لَها في غَزَّةٍ شَعْبٌ مُغامِرْ!!
لآياتِ الْجِهادِ صَلاةُ ظُهْرٍ *** وَعَصْرٍ وَاحْذَرَنْ جَرْحَ الْمَشاعِرْ
فَلا تَجْهَرْ بِآياتٍ تَوالَتْ *** بِها فُرِضَ الْجِهادُ لِكُلِّ كافِرْ
أَلا يا أَيُّها الْأَعْرابُ تِهْتُمْ *** بِصَحْراء الْجَهالة كَالْمُسافِرْ
بِلا زادٍ وَلا ماءٍ وَصِرْتُمْ *** لِكُلِّ النّاسِ يا وَيْحي مَساخِرْ
يَكيدُ لِبَعْضِكُمْ بَعْضٌ بِلَيْلٍ *** كَما كادَتْ، لِغَيْرَتِها، الضَّرائِرْ
بِما أَعْلَنْتُمُ رَبّي عَليمٌ *** وَيَدْري اللهُ ما تُخْفي السَّرائِرْ
فَمِنْ صَمْتِ الْقُبورِ إلى نَعيقٍ *** لِإِعْلامٍ يَدورُ مَعَ الدَّوائِرْ
صُروفُ الدَّهْرِ كَمْ أَجْرَتْ دُموعي *** وَصِرْتُ بِفَضْلِها (مَشْروعَ شاعِرْ)
وَكُنْتُ حَرَقْتُ ديواناً بَديعًا *** لِأَنّي لَمْ أَجِدْ لِلشِّعْرِ ناشِرْ
وَكَمْ نَشَروا لِمَنْ نَهَقوا طَويلًا *** دَواوينًا غَدَتْ مِثْلَ الْغَرائِرْ (
وَيَنْصَحُني أَخو جَهْلٍ مَقيتٍ *** سَيَخْسَرُ مَنْ يُصَرِّحُ بِالْمَشاعِرْ
تَحَرَّ الصَّمْتَ، لا تَجْهَرْ بِعِشْقٍ *** لِأَرْضِكَ، عاشِقُ الْأَوْطانِ تاجِرْ!!
وَخَفِّفْ وَطْأَ نَعْلِكَ في الْبَراري *** فَإِنَّ الرَّمْلَ في الصَّحْراءِ غادِرْ
وَقُلْ شِعْرًا حَداثِيًّا جَديداً *** بِفِكْرِ الْغَرْبِ وَالْأَغْرابِ زاخِرْ
وَزِدْ فيهِ طلَاسِمَ مَنْ تَغابى *** بِفَكِّ رُموزِها ذو اللُّبِّ حائِرْ
فَقُلْتُ لَهُ: كَفَرْتُ بِكُلِّ مَسْخٍ *** وَشُعْرورٍ لِروحِ الشِّعْرِ قاهِرْ
وَلا أَخْشى مِنَ الظُّلّامِ، إِنّي *** كَفَرْتُ بِكُلِّ خَوّانٍ وَجائِرْ
سَأَصْدَعُ بِالْحَقيقَةِ لَسْتُ أَخْشى *** سِوى رَبٍّ يُجَنِّبُني الْمَخاطِرْ
سَأَشْدو كَالْبَلابِلِ بِالْأغاني *** أُعَلِّلُ بِالْقَصائِدِ كُلَّ سامِرْ
وَأُعْلِنُها: هُنا شَعْبٌ عَظيمٌ *** سَيَدْحَرُ كُلَّ خَوّانٍ وَعابِر
 جواد يونس