18 أغسطس, 2016 يا حاديَ الحلم
يا حادي الحلم أنت المبتلى فينا
أجهدتَ نفسك في دنيا أمانينا
بنيتَ صرحاً من الآمالِ من ذهبٍ
حتى استوى فغدا من سعينا طينا
و كنتَ تأملُ أنّ الحلمَ يسعدنا
و ما علمتَ بأن السعدَ يشقينا
أنخْ رحالكَ في صحراء حاضرنا
و اتلُ التعاويذَ فالأشباحُ تضنينا
و اجلبْ نداكَ فقد جفَّت مرابعنا
و اليوم عادت كما كانت بوادينا
و كل أوس بكتْ من ظلم خزرجها
ولا نبيٌ يؤاخي بينهم دينا
و نحن في السرح أنعام مقيدة
أدمتْ معاصمَنا أغلالُ حادينا
و قام فينا كبيرُ القومِ يخطبنا
و النار في يده تكوي نواصينا
بقيةٌ من رؤى التابوت تحملها
ملائكُ العصرِ من آثار ماضينا
اليوم عادت و فيها صرتُ سيدَكم
تقضي بقتل الذي يأبى و يعصينا
و أنكم مبتلونَ اليومَ في نَهَرٍ
من الدماء فمَن وافاه يرضينا
لأننا سطوةٌ في الحكمِ قابضةٌ
و الكلُّ عُبٌْد لنا فلترغبواا فينا
رحماكَ ربي فهلْ صارَ الشرابُ دما
أينَ السكينةُ في التابوتِ تحمينا
و أيُّ علمٍ تجلَّى في فخامتهِ
بلْ أينَ طالوتُ للثوراتِ يُصلينا
تغيَّرت سَُننُ الماضين وا أسفاً
على زمانٍ توارى ذكرُه فينا
يا حادي الحلمِ كفُّ الخيرِ قد يبست
و استحوذَ الشرُّ عرشاً في نواصينا
و أظلمَ الكونُ في أرواحنا أبداً
فليس يُشرقُ في فارانَ أو سينا
أدِرْ كؤوسَ المنايا و اروِ أفئدةً
رغمَ الحياة ترى في موتها لينا
و لا تُحدِّثْ عن الأيامِ في زمنٍ
كنَّا به سادةً والكلُّ يُطرينا
فقد سَلونا عناقيداً مذللةً
وقاصراتٍ يُمَتِّعْنَ الرؤى عينا
أيامَ كان نبيُّ اللِه رائدَنا
و صحبهُ أنجماً كنّا الميامينا
لما هصرنا ستارَ الشمسِ مشرقةً
أنارت العالمَ الغربيَّ و الصينا
أيامَ كُنا وعينُ القَطرِ في يدنا
نُسبُِّح اللَه إجلالًا فيعطينا
و نركبُ الريحَ إعصاراً لغايتنا
ونعصرُ الصخر إن شحَّت غوادينا
أيامَ بدْرٍ و يَرموكٍ و قادسةٍ
لمَّا ظهرنا و كنا جُندَ حِطينا
نُثيبُ سعيَ الذي يرقى بأعيننا
و نُعملُ العدْلَ في حقِّ المُسيئينا
و نحملُ الهمَّ عن أكتافِ صاحبه
و نكظمُ الغيظَ إكراماً لبارينا
نُصيبُ من فرحِ الدنيا بلا مرحٍ
و إنْ يُحَمَّ الردى كنا قرابينا
يا حادي الحلم أيُّ الحلمِ يُسعفنا
بعدَ الجراح التي أدمت مآقينا
لا يأسَنُ الماءُ إلا في تكدُّره
و ليسَ يأْفلُ نجمٌ كانَ عِرْنينا
مجد ابوراس