يا حادي الحلم أنت المبتلى فينا 
أجهدتَ نفسك في دنيا أمانينا 
بنيتَ صرحاً من الآمالِ من ذهبٍ 
حتى استوى فغدا من سعينا طينا 
و كنتَ تأملُ أنّ الحلمَ يسعدنا 
و ما علمتَ بأن السعدَ يشقينا 
أنخْ رحالكَ في صحراء حاضرنا 
و اتلُ التعاويذَ فالأشباحُ تضنينا 
و اجلبْ نداكَ فقد جفَّت مرابعنا 
و اليوم عادت كما كانت بوادينا 
و كل أوس بكتْ من ظلم خزرجها 
ولا نبيٌ يؤاخي بينهم دينا 
و نحن في السرح أنعام مقيدة 
أدمتْ معاصمَنا أغلالُ حادينا 
و قام فينا كبيرُ القومِ يخطبنا 
و النار في يده تكوي نواصينا 
بقيةٌ من رؤى التابوت تحملها 
ملائكُ العصرِ من آثار ماضينا 
اليوم عادت و فيها صرتُ سيدَكم
تقضي بقتل الذي يأبى و يعصينا 
و أنكم مبتلونَ اليومَ في نَهَرٍ 
من الدماء فمَن وافاه يرضينا 
لأننا سطوةٌ في الحكمِ قابضةٌ 
و الكلُّ عُبٌْد لنا فلترغبواا فينا 
رحماكَ ربي فهلْ صارَ الشرابُ دما 
أينَ السكينةُ في التابوتِ تحمينا 
و أيُّ علمٍ تجلَّى في فخامتهِ 
بلْ أينَ طالوتُ للثوراتِ يُصلينا 
تغيَّرت سَُننُ الماضين وا أسفاً 
على زمانٍ توارى ذكرُه فينا 
يا حادي الحلمِ كفُّ الخيرِ قد يبست 
و استحوذَ الشرُّ عرشاً في نواصينا 
و أظلمَ الكونُ في أرواحنا أبداً 
فليس يُشرقُ في فارانَ أو سينا 
أدِرْ كؤوسَ المنايا و اروِ أفئدةً 
رغمَ الحياة ترى في موتها لينا 
و لا تُحدِّثْ عن الأيامِ في زمنٍ 
كنَّا به سادةً والكلُّ يُطرينا 
فقد سَلونا عناقيداً مذللةً 
وقاصراتٍ يُمَتِّعْنَ الرؤى عينا 
أيامَ كان نبيُّ اللِه رائدَنا 
و صحبهُ أنجماً كنّا الميامينا 
لما هصرنا ستارَ الشمسِ مشرقةً 
أنارت العالمَ الغربيَّ و الصينا 
أيامَ كُنا وعينُ القَطرِ في يدنا 
نُسبُِّح اللَه إجلالًا فيعطينا 
و نركبُ الريحَ إعصاراً لغايتنا 
ونعصرُ الصخر إن شحَّت غوادينا 
أيامَ بدْرٍ و يَرموكٍ و قادسةٍ 
لمَّا ظهرنا و كنا جُندَ حِطينا 
نُثيبُ سعيَ الذي يرقى بأعيننا 
و نُعملُ العدْلَ في حقِّ المُسيئينا 
و نحملُ الهمَّ عن أكتافِ صاحبه 
و نكظمُ الغيظَ إكراماً لبارينا 
نُصيبُ من فرحِ الدنيا بلا مرحٍ 
و إنْ يُحَمَّ الردى كنا قرابينا 
يا حادي الحلم أيُّ الحلمِ يُسعفنا 
بعدَ الجراح التي أدمت مآقينا 
لا يأسَنُ الماءُ إلا في تكدُّره 
و ليسَ يأْفلُ نجمٌ كانَ عِرْنينا 
 مجد ابوراس